تحرير- عبد الباسط عياش: عادات الزواج لا تمثل ساعات من السعادة والفرح يقضيها أصحاب العرس وحسب، بل تشكل جزءًا من ثقافة المجتمع، كما تقدم صورًا صادقة عن حياة الناس ومعتقداتهم وطقوسهم، وهي مع ذلك كثيرة التنوع والطرافة. في مطروح تتشابه بعض العادات والطقوس مع غيرها من المجتمعات كالصعيد والنوبة، وتصل حد التطابق في مجتمعات بدوية مشابهة ك"سيناء" مثلًا. والواقع أن الاحتفالات المتماثلة والمتشابهة بين المجتمعات لا يعبر بالضرورة عن آراء مماثلة، هذا فضلًا عما مرت به تلك الاحتفالات والطقوس من تغيرات وما أضيف إليها من طقوس على مر الوقت وتغير الأجيال. ويرجع أصل بعض عادات المجتمعات ا إلى طقوس تجنب الأرواح الشريرة، والأخرى لحلول البركة، بحسب المعتقد الذي كان سائدًا في فترة زمنية ثم توارثته الأجيال، وبعضها لا أساس له إلا مجرد إدخال الفرحة والسعادة على العروسين، بطليّ تلك الليلة. "محدش يدي خيره لغيره" الزواج كان يعبر عنه بمفهوم الأخذ، فعندما يتزوج رجل امرأة يُقال أخذ ابنة فلان، وكقاعدة عامة كان أكثر الرجال والنساء في المجتمعات القبلية قديما يتزوجون في سن مبكرة تجنبا للغواية. والزواج في المجتمعات القبلية لا يربط بين الأفراد وحسب، بل يربط بين الأسر، كما أن أكثر حالات الزواج في المجتمعات القبلية لا ينبغي أن تتم بعيدًا عن القبيلة، عملًا بمثل "محدش يدي خيره لغيره". المشاورة والسياج وتبدأ مرحلة الارتباط بالمشاورة وهي التي تسبق الخطبة، وفيها يذهب والد العريس لأهل العروس، على أن يأتي الرد بعد أسبوع بالرفض أو الموافقة، وفي هذا الأسبوع على والد الفتاة أن يستشير أبناء عمومتها، وبعد الموافقة يكون على العريس تقديم السياج. والسياج هو هدية يقدمها أهل العريس إلى والد العروس، وتكون عبارة عن خرفان ودقيق وسكر وشاي وفاكهة ومشروبات، وفي الصباح ترسل إلى بيت العروس مصحوبة بالطبل والزغاريد. القرض مقابل النقوط قبل إتمام الزواج يدفع أهل بيت العريس لابنهم مقابلًا ماليًا، كل على حسب استطاعته، تحت مسمى "القرض"وهو يقابل "النقوط" في أماكن أخرى، ويتكفل العريس بردها في مناسبة مشابهة، أما الأفراد من خارج بيت العريس فلايقبل منهم "القرض" على شكل نقود، بل يعد ذلك من العار، إنما تقدم مساعدات على هيئة ذبائح. عزيزة فرج، واحدة من بدو مطروح، تقول يبدأ الاحتفال بالزواج بالخطبة إلى الحنة وهي ليلة تسبق "الزفة"، وليلة "الحنة" عند البدو ليلة نسائية خالصة، وتبدأ من الساعة السابعة صباحا وحتى منتصف الليل، ومن بعد العصر تبدأ النساء تجهيز العشاء، ويكون عبارة عن أرز ولحم، وفي الصباح يجهزن الطعام للضيوف. وعلى أصوات الطبل والغناوي والشتاوي "الأغاني البدوية الخالية من الموسيقى"، التي تصف مدى حب العروس لزوجها، تحتفل النساء. الحنة وقديما كانت نساء البدو يضعت عجينة الحنة في إناء دائري ثم يشعلن الشموع بها، لتحملها أم العروس وتمر بها على النساء لتوزع عليهن قطع عجين الحنة مع كيس صغير به بخور عربي وكحل أسود، وبعد انتهاء التوزيع على الجميع يتاح لهن السلام على العروس والدعاء لها وللعريس. ومن العادات القديمة أن تضع العروس الحنة قبل ليلة الزفاف بيوم، مع إضافة الليمون إليها لتكون شديدة الاحمرار، أما الآن فقد تغير الأمر قليلًا وأصبحت العروس تستعمل الحنة شديدة السواد،بنقوشها المختلفة. ويندر أن يذهب العريس لإحضار عروسه من بيت أبيها، ولا يمكن أن يتم ذلك دون موافقة الأب والأخ، بل يبدأ الاحتفال في بيت العريس عقب الظهيرة حتى المساء، وقبل الغروب تذهب العروس إلى بيت زوجها في زفة، وتجلس في "شادر" أعد لها خصيصًا.