سعر الذهب اليوم السبت 4-5-2024 في مصر.. الآن عيار 21 بالمصنعية بعد الارتفاع الأخير    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    بعد إعلان موعد فتح باب التقديم.. اعرف هتدفع كام للتصالح في مخالفات البناء    وانتصرت إرادة الطلبة، جامعات أمريكية تخضع لمطالب المحتجين الداعمين لفلسطين    حسين هريدي: نتنياهو ينتظر للانتخابات الأمريكية ويراهن على عودة ترامب    حزب الله يستهدف جنود الاحتلال الاسرائيلي داخل موقع بيّاض بليدا    روسيا ترد على اتهامات أمريكا بشأن تورط موسكو في هجمات إلكترونية ضد دول أوروبية    صلاح سليمان يعلن رحيله عن قناة النهار بسبب هجوم إبراهيم سعيد على شيكابالا    مفاجآت بالجملة في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواء.. هل خلقت من ضلع آدم؟
نشر في صباح الخير يوم 07 - 06 - 2016

التجديد فى الخطاب الدينى هو أمل هذه الأمة، ولن ينصلح حالنا إلا إذا أمعنا النظر فى تراثنا ونحاول أن نستنبط منه ما نستطيع أن ننطلق إلى عالم المستقبل الرحب.
وفى هذه الصفحات، تفرد «صباح الخير» خطب واحد من هؤلاء المحاولين لتجديد الخطاب الدينى.. إنه الدكتور عدنان إبراهيم المفكر الإسلامى الفلسطينى.
وخلال أعداد شهر رمضان سنعرض خطبه ونختار منها.. فهى تستحق القراءة إذا لم تكن قد استمعت لها.
هذه واحدة من خطب الدكتور عدنان.. وهى عن حواء.. وهل خلقت من ضلع آدم؟ يفند الدكتور عدنان هذه المقولة.. من خلال القرآن والسنة.. وإليكم نص الخطبة.
يستهل د. عدنان خطبته بالحمد والتسبيح والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم يشرع فى موضوعها الأساسى بآية قرآنية حسب ما يفعل فى معظم خطبه غالبا، يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم «الم • تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ • أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ • اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ • يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ • ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ • الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ • ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِين ٍ•».
صدق الله العظيم، وبلّغ رسوله الكريم، ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الفاضلات..
«الإنسان» حيثما ذُكر فى كتاب الله تبارك وتعالى ينطبق على وينصرف إلى النوعين جميعًا الذكر والأنثى، ولا مشاحة (لاَ مُنَاقَشَةَ وَلاَ مُمَاحَكَةَ فِيهِ. إِنَّهَا وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ) فى تقرير هذا المعنى ولا جدال، فإذا قال سبحانه وتعالى «وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولا..» فهذا الأمر لا يتعلق بآدم وحده، أو بالذكر من بنى آدم وحده، وإنّما أيضًا يشهد ويضم حواء أو الإناث جميعا، وإذا قال سبحانه وتعالى «خُلق الإنسان من عجل..» يعنى الذكر والأنثى جميعًا آدم وحواء، إذا عدنا إلى أصل النشأة وإلى أصل التكوين، «إن الإنسان خُلق هلوعًا..» الذكر والأنثى، «يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم..» إلى آخر هذه الآيات وهى كثيرة فى كتاب الله تبارك وتعالى.
والمراد أنّه سبحانه وتعالى حين قال فى هذه الآية الجليلة من سورة السجدة «وبدأ خلق الإنسان من طين..»، فحتمًا أنّ الإنسان هنا على ما جرت به عادة النظم الكريم والذكر الحكيم تشمل وتضم النوعين جميعًا، بدأ خلق آدم وخلق حواء من طين، إذًا حواء مخلوقة من طين كما أنّ آدم مخلوق من طين، فهذا ما تعطيه ظاهر هذه الآية التى توشك أن تكون نصًّا فى الموضوع، ولكن سنتواضع ونقول ظاهر الآية بلغة الأصوليين يقول إنّ حواء مخلوقة من طين، وابتدأ خلقها كما ابتدأ خلق آدم زوجها من طين.
وهنا قد يعترض معترض ويقول هذا كلام غير صحيح، لأنّه مخالف لما شاع بين أهل الملل لدى اليهود والنصارى والمسلمين أيضًا، أنّ حواء مخلوقة من آدم، من جزء من أجزاء آدم، مخلوقة من ضلع آدم، والنبى هو الذى قال هذا فى أحاديث صحّت عنه عليه الصلاة وأفضل السلام، فقد روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم «استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإنّ أعوج ما فى الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته ظّل أعوج فاستوصوا بالنساء».. وهذا لفظ البخارى، وفى رواية الأعرج عن أبى هريرة فى صحيح مسلم: «فإن ذهبت تقيمها» الضمير يعود على المرأة «كسرتها وكسرها طلاقها».. وأخذ هذا المعنى الشاعر فقال بيتين مشهورين:
هى الضلع العوجاء لست تقيمها.. ألا إنّ قيام الضلوع انكسارها
جمعت ضعفًا واقتدارًا على الفتى ... أليس عجيبًا ضعفها واقتدارها
هذا المعنى شائع فى أدبيات المسلمين وأيضًا فى أدبيات أهل الكتاب الأول، ولكن قد يُردّ هذا أو يُردّ عليه بالقول إن النبى عليه الصلاة وأفضل السلام لم يقل إنها خُلقت من ضلع آدم، إنما قال خُلقت من ضلع على سبيل الاستعارة والتشبيه، يريد أن يقول إنها خُلقت من طبيعة عوجاء كالضلع ولم يصرّح، بدليل ما رواه البخارى فى صحيحه، لكن هذه المرّة فى كتاب النكاح وليس فى كتاب أحاديث الأنبياء عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم: «المرأة كالضلع».. ولم يقل خُلقت من ضلع، والمراد هو التشبيه وليس القطع بقضية نشوئية، ولو قطع بها النبى لاتبعناه بدون كلام، لأنّ هذا من مقتضيات الإيمان، لكنه قال المرأة كالضلع، وأخرجه مسلم فى صحيحه على التشبيه هكذا «المرأة كالضلع».
• من التوراة
لماذا ينبغى أن نعقد خطبة برأسها حول هذا الموضوع، سواء خلقت من طين أو خُلقت من ضلع آدم؟ كلّه سيان أمام قدرة الله تبارك وتعالى.. ولكن المسألة لها آفاق أبعد وأكثر تعقيدًا مما قد يبدو بادئ الرأى.
أوّلاً: كون أمّنا حواء خُلقت من ضلع آدم هى قضية واردة فى التوراة فى أوّل إصحاحات سفر التكوين، فالمسألة لها أصل إسرائيلى، فهل يمكن أن يقال إنّ هذا تسرّب إلى المسلمين عن طريق هذه الإسرائيليات، وخاصّة أنّ أبا هريرة ممّن أكثر النقل عن بنى إسرائيل، وقد كان مولعًا بأحاديث بنى إسرائيل وبإسرائيلياتهم حتى ذكر الذهبى فى «تذكرة الحفّاظ» أنّ كعب الأحبار، وهو اليهودى اليمنى الذى جاء إلى المدينة المنوّرة فى خلافة الفاروق عمر وأعلن إسلامه هناك، وكان من أحبار اليهود ومن علمائهم الكبار المشاهير، وكان أبو هريرة يجلس إليه كثيرًا وأخذ عنه كثيرًا طائلًا حتى قال كعب الأحبار مرّة «ما رأيت أحدًا لم يقرأ التوراة هو أعلم بما فيها من أبى هريرة، فقد كان يكاد يحفظها».
وطبعًا أبو هريرة لم يتفرّد بالأخذ عن بنى إسرائيل للأسف، فيا ليته ما فعل، ويا ليت سائر الصحابة ما فعلوا، لأنّ هذا أضّر كثيرًا بينابيع معرفتنا وأثّر كثيرًا فى تصوراتنا المعرفية والاجتماعية والفلسفية والعقائدية فاختلطت الحقائق بالأساطير، واختلط الصواب بالخطأ والحق بالباطل، وعبد الله بن عباس نفس الشىء أخذ كثيرًا عن بنى إسرائيل، وعبد الله بن سلام الصحابى الجليل حدّث كثيرًا من موروث الإسرائيلى، وفى المقدمة يأتى كعب الأحبار ووهب بن منبّه، وعبد الله بن عمر أخذ عنهم، وعبد الله بن عمرو أخذ عنهم أيضًا، ولكن أبو هريرة يتصدّر هؤلاء، فهو أكثر كثيرًا عن بنى إسرائيل.
فالمسألة لها أصلها الإسرائيلى، وطبعًا الدراسة المستقصية والبحث الجاد سوف يوصل فى النهاية إلى استخلاص نتيجة أن جزءاً أو شطرًا لا يستهان به ولا يُستخّف به من تراثنا إنّما هو ذو أصل إسرائيلى، وتسرّب هذا إلى كتب الحديث، إلى كتب التفسير، إلى كتب التاريخ خاصة، وأحيانًا تسرّب حتى إلى الدراسات الفقهية للأسف الشديد وقد أضّر بنا كثيرًا.. هذه مسألة.
المسألة الثانية، كون المرأة خُلقت استقلالًا من طين، ابتدأ الله خلقها من طين الأرض كما ابتدأ خلق آدم، فهذا يكرّس ويدعم نموذجًا فى التفكير سيكون له ما بعده، سيختلف ضمن هذا الإطار تناول سائر قضايا المرأة عمّا لو تناولناها من منظور إطارى مختلف، يمكن أن نسمّيه نموذج أو إطار الاستتباع فيه المرأة كذيل أو ملحق للرجل وبالرجل، لأنّها مخلوقة من جزء منه، من ضلع من أضلاع الرجل، وقد روى العلامة محمد بن إسحاق فى كتاب «المبتدأ» عن عبد الله بن عبّاس رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين، قال: وهذا ليس من كلام النبى بل من كلام مولاه ابن عباس، وقد أخذ ابن عبّاس أيضًا كثيرًا عن بنى إسرائيل، قال عبد الله بن عباس: خلق الله تبارك وتعالى حواء من ضلع آدم الأيسر وهو نائم، وروى ابن أبى حاتم هذا عنه، كما رواه عنه مجاهد، قال مجاهد: خلقها عليها السلام من قُصيرة آدم، والقُصيرة هى الضلع التى تكون دون الشاكلة وهى آخر ضلع، والتى دونها تسمّى القُصيرة، وفى رواية «اليسرى»، وفى رواية «وهو نائم، فأخذها ثم ملأ مكانها لحمًا ثم خلق حواء منها»، وهذا بالضبط ما قالته التوراة، وهذا ما قاله مجاهد والضحّاك ومقاتل وأخرج كل هذه الروايات ابن أبى حاتم فى تفسيره، وكلّها استنساخ طبق الأصل عن رواية التوراة.
التوراة تقول، واسمعوا هذه الرواية المنكرة التجسيمية التشبيهية والعياذ بالله، فكم يضّر هذا بديننا! تقول الرواية: قال الرّب الإله سنخلق إنسانًا على صورتنا أستغفر الله العظيم والذين ذهبوا إلى الفاتيكان أو حتّى يتابعون الأعمال الفنية عبر الكتب المختصّة فى «معبد سيستيان» لوحة شهيرة جدًّا مكث مايكل أنجلو أربع سنوات وهو يرسمها بالجص على سقف معبد سيستيان بالفاتيكان فى بداية القرن السادس عشر، واسم اللوحة خلق آدم، وأستغفر الله العظيم مصوّر الله اللهم غفرًا فى شكل رجل قوى شديد ملتحٍ ذى عضلات بارزة يمدّ طرف إصبعه إلى طرف إصبع آدم المخلوق بهذه الطريقة وآدم متكئ هكذا على صخرة محاطة بالأعشاب إلاّ أنه حليق، فهذا شيخ كبير وهذا رجل شاب حليق.. ولا نستطيع أن نعتب على مايكل أنجلو لأنه أخذها من التوراة.
ثم يأتينا بعد ذلك أبو هريرة رضى الله تعالى عنه وأرضاه، ليروى عنه البخارى ومسلم فى الصحيحين، قال: قال - صلى الله عليه وسلم: خلق الله آدم على صورته...، وليس فى الصحيحين فقط، وسأقولها وربّما بعض الناس يكفرّونى على هذا، ولو كان فى ألف صحيح لن نقبل هذا، لأنّ الله يقول «ليس كمثله شىء..»، «قل هو الله أحد... ولم يكن له كفوًا أحد»، فأن يقول لنا خلق الله آدم على صورته، فهذا فى التوراة وسفر التكوين، وليس قول محمد، فمحمد برىء من هذه الأكاذيب، وإن تسرّبت إلى الصحيح وغير الصحيح.
• لماذا أبو هريرة؟
ستقولون ما القضية مع البخارى ومسلم؟ القضية كما روى مسلم نفسه، روى مسلم قال عن أحد التابعين يحذّر من الرواية عن أبى هريرة مع أنه كان من تلاميذ أبى هريرة من غير تثبّت، فهو لا يكذّب أبا هريرة رضى الله عنه وأرضاه، وإنما يقول أبو هريرة كان يجلس ونجلس إليه فيحدّثنا عن رسول الله ويحدثنا عن بنى إسرائيل، ويا ليته لم يشب السنة المحمدية المصطفوية بخرافات وأساطير بنى إسرائيل، يا ليته ما فعل لا هو ولا غيره فكان أفضل بكثير، ولذلك كان النبى أحيانًا يشمئز من هذه الطريقة، فمرّة عمر بن الخطاب ضرب أبا هريرة وأدمى رأسه، وقال له: لتدعّن الحديث عن الأُول.. اترك الحديث عن بنى إسرائيل، وامتنع أبو هريرة إلى آخر خلافة عثمان بن عفان، وكان يقول إنّى لأحدّث الآن بأحاديث لو تحدّثت بها فى زمان عمر لشجّ رأسى.. طبعًا وحُقّ لعمر أن يفعل رضى الله عنه وأرضاه، لقد أفسدوا علينا ديننا، أفسدوا علينا عقائدنا.
اليوم توجد فرقة من المسلمين ألّفوا كتبًا، وهم قطعًا سيغضبون من خطبتى هذه لأنهم ألّفوا كتبًا عشرات الصفحات وأحيانًا مئات لتصحيح حديث أنّ الله خلق آدم على صورة الرحمن، يصحّحون الحديث ويشمئزّون ممن ينكره، لأنّه فى الصحيح... فهذا من الإسرائيليات، وسوف نفهم الآن لماذا هو من الإسرائيليات... فهمنا أنّ التوراة قالت هذا «نخلق الإنسان على صورتنا..» ويصوّره مايكل أنجلو، وهو ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.. الله أكبر! هكذا فسد توحيدنا واختلط توحيدنا بالنزعة التشبيهية وهى نزعة وثنية كتابية نحن منها براء إلى يوم الدين.
على كل حال، قال التابعى: كان يحدّثنا أبو هريرة عن رسول الله ويحدّثنا عن بنى إسرائيل، فكان يعمل بعضنا خطئًا، لأنّ الذاكرة تخون، وأبو هريرة لم يكن كاتبًا بل كان أميًا لا يكتب ولا يقرأ، فهو يحفظ عشرات الآلاف من الأحاديث والإسرائيليات فى ذاكرته، وله فى دواوين المسلمين أكثر من خمسة آلاف حديث.. وأبو هريرة كم سنة عاش مع الرسول، هل أكثر من عمر وأبى بكر وعلى؟ كلاّ، بالإجماع هو أسلم سنة خيبر أى فى السنة السابعة للهجرة فى شهر صفر، ثم بعثه الرسول فى عمل له فى البحرين فى ذى القعدة من السنة الثامنة، أى مكث مع الرسول بحسب هذه الرواية سنة وتسعة أشهر، وهل عاد بعد ذلك أو لم يعد؟ مسألة فيها خلاف وأخذ ورد بين العلماء، ولو تنازلنا وقلنا إنه عاد بعد سنة أو أقل من سنة، أى فى أحسن الفروض يكون مكث مع الرسول أقل من ثلاث سنوات، زهاء سنتين ونصف فقط، فمن أين أتت هذه الآلاف من الأحاديث، والنبى لم يكن مكثارًا ولا مهزارًا، النبى صح عنه من رواية ابن مسعود أنه يتقوّل الصحابة بالموعظة، ويحب ألا يكثر الحديث والوعظ، وكان كلامه مقتضبًا، وكان كلامه لو شاء العاد أن يعدّه لعدّه، فهو كلام قليل مرتّب حتى يُحفظ وما يُنسى، فلماذا ينفرد أبو هريرة برواية أحاديث غريبة عجيبة، أو يُنسب إليه رواية هذه الأحاديث؟!
وفى الحقيقة قد نقول إنّ أبا هريرة أُكثر عليه، دُسّ عليه وانطلت الحيلة، وهل هناك من أنكر على أبى هريرة هذا من الصحابة غير عمر؟ جمهور الصحابة باعتراف أبى هريرة كما فى الصحيح، يقول أبو هريرة: إنّكم لتقولون، وفى رواية، إنهم يقولون أكثر أبو هريرة أى من الحديث عن رسول الله، والله المولى.. أى الله يحكم بيننا، والصحابة استنكروا هذا من أين له، ولماذا هذا الإكثار والأحاديث الكثيرة جدًا، والتابعون استكثروا هذا باعتراف أبى هريرة فى البخارى.
يقول خلق الله آدم على صورة الرحمن.. أستغفر الله العظيم، كيف أترك القرآن القطعى الذى يقول «ليس كمثله شىء» وأقتنع بحديث تشبيهى تجسيمى وثنيًا، وللأسف هذا ما فعله قطاع من الأمّة تهوكوا باسم احترام الصحيح، وضحّوا بنقاء وصفاء العقيدة.. كيف يقول أبو هريرة فى صحيح مسلم: أخذ رسول الله بيدى وقال لى يا أبا هريرة خلق الله تبارك وتعالى التربة يوم السبت، وأرسى الجبال يوم الأحد، وخلق الأشجار والنبت يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ دواب الأرض بها يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة فى آخر ساعة من بعد عصر الجمعة بين العصر والليل، أى سبعة أيام، والله يقول فى ستة أيام.
• كتاب الله
وجاء الإمام البخارى نفسه رحمة الله عليه فى التاريخ الكبير، قال هذا الحديث ليس من كلام رسول الله، وهو من الإسرائيليات لأنّه يخالف «فى ستة أيام..»، فلا يمكن أن أترك كتاب الله المتواتر الذى يحفظه الملايين عن الملايين عن الملايين، عن عشرات الآلاف، وعن الآلاف من الصحابة لأعتقد بحديث وإن أخرجه مسلم فى صحيحه، فهذا خطأ مسلم، ومسلم ليس معصومًا، والبخارى ليس معصومًا، وأبو هريرة ليس معصومًا.
أبو هريرة مكث مع رسول الله أقل من ثلاث سنوات، فما هو الكم الذى حصّله من الحديث، ويعيش مع بنى إسرائيل؛ مع ابن سلام، ومع كعب الأحبار سبعا وأربعين سنة يتلقّى الإسرائيليات، فاختلط هذا بهذا، والذاكرة تخون كما فى صحيح مسلم بإشارة التابعى الجليل أنّ ذاكرة الرّواة عن أبى هريرة كانت تخونهم، وكانوا يخلطون بين ما قاله أبو هريرة عن رسول الله وما قال عن كعب وغير كعب، وكذلك أنا أقول ذاكرة أبى هريرة ستخونه أيضًا لأنّها ثقافة شفهية روائية، والرجل لم يكن يكتب ولا يكتم كما قال الذهبى، فهو لا يكتم العلم ولكن لم يكن ليكتبه إذًا سينسى وقطعًا سينسى، والرسول نفسه كان ينسي؛ الرسول صلى صلاة الظهر أو العصر ركعتين وهو كان متأكّدا أنه لم ينس، ولكن لمّا أجمع الحضور على أنّه نسى، قال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت ذكّرونى، فلماذا يكون لأبى هريرة ضمانة مطلقة، بل هو ينسى ويخلط أيضًا شأنه شأن أى بشر واحد منا، فعلينا أن ننتبه فى هذه القضايا ونعتصم دائمًا بكتاب الله تبارك وتعالى وخاصة هذه قاعدة علمية منهجية إذا وافق ما ينقله أبو هريرة ما فى الكتاب الأول، ولم يوافق ما فى الكتاب الآخر الغض الطرى ولم يسقط فيه ولم يسقط منه شىء بحمد الله تبارك وتعالى «وإنا له لحافظون..».
طبعًا، لا يعنينا من أين جاء الخطأ ومن أين جاء حتى الدّس، سواء من أبى هريرة أو من بعده هو الذى سها وأخطأ، كل ما يعنينا أنّ هذا يخالف كتابنا، يخالف المتواتر فضلًا عن أنه يخالف القوانين العلمية الضرورية والحقائق القطعية المقطوع بها، فلا يمكن أن نضحّى بعقولنا وبالحقائق من أجل حديث آحاد وإن كان فى الصحيح، فهذا خطأ كبير سيحمل أحرار الفكر والمتنوّرين على نبوة محمد، فهذا يُنسب إلى رسول الله فيقولون هذا كلام فارغ ودين أسطورى مثله مثل سائر الأديان الأخرى، والكتاب المعصوم بحمد الله تبارك وتعالى ليس فيه من هذا شىء، وهذا فعلاً لأنه كتاب الله أولاً وآخرًا، ومن أوّله حتى آخره بفضل الله تبارك وتعالى.
الآن، قد يخرج واحد ليقول: ولكن يا أخى، أبو هريرة فى هذا الحديث الذى أخرجه فى الصحيحين لم يأت بجديد لأنّ القرآن قرّر حقيقة أنّ حواء مخلوقة من آدم، وهى جزء من آدم، وجماهير المفسّرين على هذا.. صحيح، فهل هم مخطئون؟ والرأى هو فى أول النساء «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً..» الآية واضحة.. ما هى أول نفس خلقها الله؟ آدم، وخلق منها زوجها حواء، وهذا قول جمهرة المفسرين وليس بصحيح وهم مخطئون.
• انتبهوا
قد تقولون الآن، ما أجرأك أيها الرجل، ما أشدّ جرأتك! لا أريد لا الجسارة ولا الجراءة ولا أن يقال إنه خالف فعُرف، ولا أن أعلن وأستعلن بهذا اللقب، وإنّما هو التحقيق فانتبهوا! «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها..» كلمة «زوج» فى القرآن وفى اللغة العربية تُطلق على النوعين؛ على الذكر وعلى الأنثى «اسكن أنت وزوجك الجنة» أنت الذكر وزوجك الأنثى، وكلمة زوجة غير واردة فى كتاب الله، وهى لغة رديئة، واللغة الفصيحة القويمة هى «زوج» الذكر زوج وهى زوج، وهذا يُعرف من السياق، وأنتم ستقولون إن ما فى الآية قطعًا «خلقكم من نفس واحدة» هو آدم وليست حواء، «وخلق منها زوجها» هى حواء، وأنا سأصدمك الآن وسأصدم تقريبًا كلّ المفسرين لأقول: الذى أستروح إليه وأستكين إليه وأبخع له أن النفس الواحدة هى حواء والزوج هو آدم، ولم يبق متعلّق لأحد بهذه الآية حتى يقول نصحح حديث أبى هريرة فى الصحيح خُلقت حواء من ضلع آدم.. أتعلمون لماذا؟
لسببين اثنين: فهذه هى القراءة الموضوعية لكتاب الله تبارك وتعالى، وعلينا أن نتعلّمها ونمهر فيها ونحذقها، أولاً: حيثما وردت كلمة نفس فى كتاب الله وردت مؤنّثة، وستقول لأن اللفظة مؤنّثة، وفى لغة العرب قد تكون اللفظة مؤنثة ومصداقها مذكّر، فيصّح تذكيرها اعتبارًا بالمصداق، ويصّح تأنيثها دورانًا مع اللفظ وهذه اللغة معروفة جدًا، فأحيانًا يقول ما نفهم منه أنّ القوم يعامل معاملة المفرد، لأنّه كلفظة مفردة، وأحيانًا يُعامل معاملة الجمع لأنّ مصداقه أناس كثيرون وهذا جائز جدًا، وفى قضية الضلع هذه فى رواية فى الصحيحين «فإن ذهبت تقيمه..» وفى رواية «إن ذهبت تقيمها..» ولها تأويلات كثيرة.
وهنا فى قضية النفس، فالنفس حيثما وردت ترد مؤنثة باستمرار، فلا توجد شبهة أن نقول وردت مذكّرة، لأنّ مصداقها آدم مذكّر، وحيثما تأمّلنا كتاب الله صحّت لنا هذه القاعدة، والآن الزوج كما أردفنا قبل قليل يمكن أن يكون الذكر ويمكن أن يكون الأنثى «اسكن أنت وزوجك..» واضح أنه الأنثى، ولكن هنا «خلق منها زوجها..» الذكر أو الأنثى؟! هذا يعتمد، ولنعود إلى القرآن فخير ما يُفسر به القرآن هو القرآن، فالقرآن خير ما يفسر نفسه، ولنقرأ فى سورة الأعراف «هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها..» فالزوج هنا واضح أنّه الذكر، وآية الأعراف هى آية النساء ذاتها ليس هناك فرق بينهما، ولا نعرف كيف غفل المفسرون عن التقاط هذه الإشارة القرآنية «خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها»، «خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها»، فقطعًا النفس الواحدة فى الأول هى المؤنث وهى حواء، والزوج المذكر هو آدم.
قال «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِه» الأعراف (189)، إلى آخر الآية وما يليها من آيات كريمات، وبذلك أصبحت القضية واضحة جدًّا بفضل الله واستقامت على صراطها.. إذًا الأرجح فى آية النساء أن يُراد بالنفس الواحدة حواء، وبالزوج هو آدم، فهل آدم خُلق من حواء وهو جزء منها؟ غير صحيح طبعًا، ولم يقل أحد هذا، ولكن هذا لأنّ القار (بمعنى الثابت) فى أذهاننا جميعًا أن واحدًا منهما خُلق من الآخر، وهذه قضية غير صحيحة، فالله يقول «وبدأ خلق الإنسان من طين..»، فكما خُلق آدم من طين، خُلقت هى من طين، وقد تقولون فما موضع «من» هنا إذًا «خلق منها..»؟ هذه ليست للتبعيض، فقد تكون «من» نشوئية ابتدائية، وقد تكون تبعيضية، وقد تكون بيانية، وقد تكون لغير ذلك، أما هنا ف«من» ليست تبعيضية، فقط على الرواية، وعلى رأى من يرى أن حواء خُلقت من ضلع آدم، أى خُلقت من جزء من أجزاء آدم، فيقولون «من» هنا تبعيضية وهذا غير صحيح، وضعيف جدًا، وسنقول لماذا وسننوّر المقام.
إذًا.. إذا كانت «من» غير تبعيضية، وللأسف أقول بين قوسين هناك من الأئمة الذين أحترمهم وأجلّهم الشيخ «ابن عاشور»، وقد رجّح هذا الرأى مع سائر الجمهور أنّ «من» هنا تبعيضية، وهو يتأيّد بما ورد فى الحديث أن الله تبارك وتعالى خلق المرأة من ضلع آدم، وهذا لم يُصرّح به لا فى البخارى ولا فى مسلم، إنما صُرّح به فى روايات عن الضحّاك ومقاتل ومجاهد عند أبى حاتم وغيره وعند ابن إسحاق فى المبتدأ.
قال الشيخ ابن عاشور يؤيّد رأيه الذى هو رأى الجماهير وهو ليس جديدًا، قال: أما قول من قال «خلق منها زوجها» بحيث تكون «من» للبيان، أى خلق زوجًا من جنسها، من نوعها وهو نوع الإنسان، من نفس النوع الإنسانى، فلم تكن هذه الزوجة أو الزوج تنتمى إلى نوع حيوانى آخر أو ملائكى أو شيطانى، وإنما من نوع إنسانى، قال الشيخ ابن عاشور: من قال هذا لم يأت بطائل.. ونقول.. لا يا مولانا بالعكس، الطائل كبير وكبير جدًا، الطائل أنّ العرب فى الجاهلية كانوا يعتقدون أن الإناث النساء لسن مخلوقات للآلهة، بل هنّ مخلوقات للشياطين، وطبعًا ليس كلّ العرب كان يؤمن بذلك، بل فقط من كانوا يئدون البنات، فهم يعتقدون أنّ البنات مخلوقات مدنّسات لذلك يئدون البنات، وكثير من الحضارات كانت فى شك وعماية فى شأن الأنثى، وهل روحها شيطانية أو آدمية إنسانية، وبعضهم قطع: ذات روح شيطانية، والشاعر العربى كأنّه يستهدى هذا الموروث الأسطورى الأحفورى ويقول: إن النساء شياطين خُلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين، ويُنسب إلى الإمام على أنّه قال: المرأة شرّ لا بد منها.
فى تاريخ الكنيسة المسيحية، ظلّ الشك قرونًا متواصلة حتى القرن السادس الميلادى، وعقد مؤتمرات ليبحثوا هل المرأة لها روح أصلًا أو ليس لها روح، لأنّ الشائع أنها كانت بروح حيوانية والبعض قال إنّ لا روح لها أصلًا، وتنازل هؤلاء وقالوا يبدو أنّ لها روحًا ولكن دون روح الرجل، وهى مخلوقة لخدمته وتكون ذنبًا له، ذيلًا له، هو الرأس وهى البدن، هو السيد وهى العبد، وهذا اسمه النموذج الاستتباعى وهو نموذج خطير جدًا، فأنت حين تقول إنّها فعلًا جزء منه، فهذا يُكرّس النموذج الاستتباعى ليسىء إلى ملف حقوق المرأة بالكامل بعد ذلك، وسيؤثّر عليه شئت أم أبيت.
إذًا «خلق منها زوجها..» جعل منها زوجها ليس المراد البتّة، ولا يخطر هذا على بال من يعرف فعلًا قراءة القرآن موضوعيًا أن تكون «من» تبعيضية على أنه استلّ جزءًا منها فأنشأه خلقا آخر.. أبدا! إنما «من» بيانية، أى خلق من جنسها، من نوعها زوجًا لها، وهذا هو الطائل الذى لم يجده الشيخ الإمام ابن عاشور، ولايزال هذا الطائل يلحّ بتقريره إلى اليوم ونحن محتاجون إليه.
قضية ثانية: الإمام المفسّر أبو مسلم الأصفهانى وهو أحد الأئمة المعتزلة، وهو صاحب الرأى الشهير فى إنكار النسخ فى القرآن الكريم، وهو إمام جليل وأنا أرتاح له جدًا، وهو له رأى تفرّد به من بين سائر المفسرين فى زمانه، وقال «من» هنا بيانية كما نقول نحن اليوم، وقد فسّر «النفس الواحدة» بآدم والزوج هى حواء، وهذا ليس ظاهرًا ولكن لا بأس، قال المعنى هنا أنّ الله خلق من نوعها زوجًا تأنس به.. لماذا؟ لأنّ الإنسان لمّا يكون ينتمى إلى نوع واحد هى أدعى إلى المؤانسة والتضان «لتسكنوا إليها..»، «هن لباس لكم وأنت لباس لهن..» فلا بد من تقرير هذه الحقيقة، وهذه الحقيقة موجودة فى سائر الأنواع، ففى كلّ الأنواع إنّما تكون الأنثى من نوع الذكر، وهذا معروف ومقرّر بأنّ هذا أدعى إلى التآلف والتساكن والملابسة والتضان كما قال العلماء والمفسّرون.
قال أبو مسلم الأصفهانى رحمة الله عليه: وفى مساق هذا الآية قوله تبارك وتعالى «والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا..» وزوجتى ليست مخلوقًا منى، ليست بضعًا منّى، فما ينطبق على هذه الآية ينطبق على آية النساء نفس الشىء، وإلاّ كيف خلق الله زوجتى منى، هل استلّها منى؟ مستحيل، خلق لكم أى جعل لكم من أنفسكم أزواجًا كما فى سورة الشورى أيضًا «جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ» بمعنى خلقهن من نفس النوع للتجانس والمماثلة.
• الشيخ محمد عبده أيضًا
نفس الشىء قال الإمام محمد عبده مفتى مصر فى وقته رحمة الله عليه رحمة واسعة، وهو يؤيّد هذا الرأى تمامًا، وأطال النفس بطريقة عبقرية فى تأييده، قال ليس المراد أنّ الله خلق آدم من حواء، وإنّما المراد من نوعها، وقال: فمن فسّر آية النساء بالمعنى الذى ذهب إليه جمهرة المفسرين فقد أخرج الآية عن سبيل مثيلاتها ونظائرها بدون حجّة، والقرآن مملوء من هذا «هو الذى بعث فى الأميين رسولا من أنفسهم..» فكيف رسول الله منّى، هل هو مخلوق منى؟ أبدًا، نحن عرب وهو عربى، نحن بشر وهو بشر، والمراد هنا من الأمّة الأمية، من العرب، ولهذا ذهب أبو بكر القفّال الشيخ الكبير والمفسّر الذى له آراء عريضة فى التفسير، قال: «من نفس واحدة وخلق منها زوجها..»، هى قصى من كلاب والمراد قريش، والخطاب لقريش، وهو رأى ولكن عموم الآية وظاهرها هو أبعد من هذا.
نعود مرة أخرى لنقول.. إذًا ليس فى القرآن آية واحدة، ولا شطر آية يمكن أن يتعلّق به من ذهب إلى أن حواء مستلّة من آدم، إنما خُلقت خلقًا مستقلاً «وبدأ خلق الإنسان من طين..» كما خُلق آدم.
من حسن الحظ أن إخواننا الشيعة الإمامية فى تفاسيرهم متعاطفون جدًّا قديمًا وحديثًا مع هذا الرأى، ولم يأخذوا قط برأى أنّ حواء جزء من آدم، وفى كتاب الفرقان للشيخ الصدوق، قال صلى الله عليه وسلم: أخذ الله تبارك وتعالى قبضة من طين الأرض فعجنها فخلق منها آدم، ومن فضلتها وبقيتها خلق الله حواء، وقد ذكر هذا المعنى الشيخ الإمام ابن عاشور منكرًا له، أنّ بعض العلماء قالوا إن الله خلق حواء بحيالها أى برأسها على حدة من فضلة أو بقية طينة آدم، وهذا مروى عن أهل البيت فى تفاسير الإمامية، ويروى أيضًا عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أبو جعفر الصادق، قال: حدثنى أو أخبرنى أبى عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم:خلط الله تبارك وتعالى طينة آدم بيمينه، وكلتا يديه يمين.. وهذا وارد فى أحاديث السنة، ليس كمثله شىء، فإذا ورد يمين الرحمن، فلا نستطيع أن نقول إنّ له يسار أستغفر الله العظيم، ومباشرة تقع فى التشبيهية.. لماذا؟ لأنّ إذا كان له يمين تقابلها يسار إذًا هو متحيّز، ومحكوم بالجهات وبالنسب، والنبى يحب أن يفهمنا أن الله لا يُدرك بالقياس ولا يقاس بالناس «ليس كمثله شىء»، فما أعظم هذا الاحتراز، وهكذا يسمى فى البلاغة.
قال: بيمينه، وكلتا يديه يمين، إلى أن قال، وخلق من بقيته أى من فضلة طينة آدم حواء، فهى مخلوقة من بقية طينة آدم، ومما بقى منه، من طينة واحدة، وعلى كل حال ظاهر الآية عجيب ويحتاج إلى إعادة بحث مطوّل فى آية الأعراف وآية النساء، وفى النساء أول آية استهلالية افتتاحية، فإن أصررنا على أن المراد النشأة التكوينية أو البداية النشوئية أى آدم وحواء، فالقضية خطيرة كأنّها تقول لنا إن البداية كانت مع حواء وليس مع آدم، ولكن لماذا خصّ القرآن آدم بالذكر وأخبر الملائكة عن شأنه؟ لأنّ لله شأنًا به وشأنًا معه وهو الاستخلاف، وإسجاد الملائكة له.. القضية خطيرة وتحتاج إلى إعادة نظر.
بعض النظريات العلمية تؤكّد أن الأنثى أملك لنفسها وأكثر استقلالًا من الذكر كأنّها هى البداية، وهذا يحتاج إلى بحث طبعًا، وهناك كائنات تلحق فيها الأنثى نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى ذكر، وتستطيع أن تأتى بمجموعة من البطون من غير ذكر، فهى أملك بنفسها، وظاهر آية الأعراف وظاهر آية النساء إن أصررنا على أنّها تتحدّث عن البداية النشوئية أنّ البداية، كانت مع الأنثى ثم خُلق الذكر من جنسها ونوعها وهو آدم فانتبهوا! «فجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها...» الآية فى سورة الأعراف، ويبقى السؤال مفتوحًا على جواب ليس حاضرًا، إنما يستدعى التحفيز والتوثّب والبحث العلمى والفكرى والجدلى.
نعود مرة أخرى، إذًا هما نموذجان فى التفكير والتعاطي؛ نموذج الاستقلال والمساواة، ونموذج الاستتباع والاستلحاق غير المتكافئ، فهل القرآن الكريم منحاز إلى النموذج الأول أو إلى النموذج الثانى؟ هناك نظرية أحبّ أن أقولها: فى القرآن الكريم، ولأنّ القرآن هو كلام الله، والكون كلّه والخلق كلّه هو صنعة الله، ويستحيل إلاّ أن يتكامل القول مع الفعل، والخبر مع الصنعة، وهذه طريقة جديدة تفتح منهجًا جديدًا للاجتهاد، فعلى المجتهد أن يراعى ضمن مراعاته لآليات الاجتهاد التقليدية، مع احترامنا الشديد والإقرار بعبقريتها، ولكنها غير كافية، فعليه أن يراعى حين يجتهد فى انتزاع أو استنباط أو الاستدلال على حكم معين، يراعى التناظر والتناغم بين الشرعى والقدرى، فلو صدق حقًا وكانت حواء جزءاً صغيرًا جدًا من آدم، هذا الجزء الأعوج البسيط، فهذا هذا هو الجانب القدرى النشوئى التكوينى، فينبغى أن تعرف المنظومة التشريعية هذه الحقيقة النشوئية، فتأتى المرأة متأخّرة مستتبعة ملحقة باستمرار بالرجل.
بعض الناس أثّر عليهم هذا التصور غير المبرر قرآنيًا، ففسروا آيات من مثل «إنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِى ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ» قالوا «أزواجهم» أى زوجاتهم.. لماذا؟ هذا يتأيّد ويؤيّد نموذج الاستتباع، فقد نجا الرجل فتنجو المرأة.. وسيقول أيّ واحد إن هذا كلام فارغ، وهو طبعًا كلام فارغ، ولكن هذا الكلام موجود فى تفسيرات معاصرة مطبوعة وقامت بها لجان علمية متخصّصة، وفسّرت بها الآية بهذه الطريقة، فلا دخل لزوجاتهم فى القضية «وهم وأزاوجهم..» أى هم وأشكالهم؛ المتّقون مع المتّقين، المقرّبون مع المقرّبين، الأبرار مع الأبرار، المحسنون مع المحسنين، الصدّيقون مع الصدّيقين، كل شكل مع شكله، «احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون» وأزواجهم من كان مثلهم فى الظلم، وهذا هو الصحيح، ولكن نموذج الاستتباع يوحى إلينا أن المراد زوجاتهم مع أن القرآن طافح مملوء بمثل قوله «كل نفس بما كسبت رهينة»، «لا تزر وازرة وزر أخرى».. ليس هناك أى علاقة، ولكن نموذج الاستتباع، فإذا هو نجا تنجو هى أيضًا، لأنّها ملحقة وهذا غير صحيح.
لو أتينا إلى المنظومة التشريعية فى القرآن والسّنة سنشهد أن المرأة مخاطبة على السواء كما يخاطب الرجل إلاّ فيما لا تستطيعه رحمة بها، وأيضًا هى تخاطب بأشياء الرجل غير مؤهّل لها رحمة بها، فهذه قضية مراعاة التكوين، والتناغم التشريعى مع التكوينى، وقد قال الله تبارك وتعالى «هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ..» قال أنا أعرف، وأعرف كيف أشرّع لكم بما يتناغم مع المهاد التكوينى والنشوئى الطبيعى رحمة.
المرأة مخاطبة كما يخاطب الرجل، والمرأة مكلّفة فى باب العبادات والأخلاق والمعاملات والقيم كما هو الرجل تمامًا، والمرأة تحاسب وتجازى فى الدنيا والآخرة حتّى على الجرائم وإن أبى العرب ذلك، فجريمة الشرف إن أتى بها الذكر تعتبر أحيانًا مفخرة للقبيلة وترفع رأسها، فهو فحل ابن فحل.. هتك أعراض الحرم وتقولون عنه فحل هذا الزنديق! لكن إن فعلتها البنت أو المرأة وحتى البنت البكر تُقتل مباشرة، وهذا كفر صريح بتشريعه تبارك وتعالى، وهذا كفر صريح بشرع الله مهما حاولت التقاليد البالية أن تبرّره، هو تشطيب بالقلم الأسود أو الأحمر على شرع الله تبارك وتعالى، والقرآن يقول «الزانية والزانى فاجلدوهما..» نفس العقاب «السارق والسارقة فاقطعوا..» نفس العقاب، وفى كل شىء عقابها تتلقاه، وجزاؤها تتلقاه على قدم مساواة «إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.. فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض» نفس الشىء ولا خلاف، وهو نموذج المساواة والمماثلة.
وقال «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..» تبادل المودة والرحمة من الجنسين على قدم سواء، وقال «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن..»، المرأة ليست أحبولة الشيطان، المرأة ليست مغوية الرجل، فهى تغوى كما يغوى هو، وتتلقّى جزاءها كما ينتظر هو جزاءه، لكن التوراة تخبرنا فى التكوين مرة أخرى بغير هذا، تقول: الذى زلّ وأخطأ وأزلّ آدم هى حواء، فقط جاءت الحية الخبيثة فأغرت حواء فصدّقت حواء فأكلت ثم قالت لآدم هاأنا ذا أكلت فلم تضرّنى، فأخذ منها آدم وأكل فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الشجر وهذا بتعبير الكتاب العزيز.
وفى سفر التكوين، بعد ذلك سمعا آدم وحواء صوت الرّب الإله ماشى.. أستغفر الله العظيم الرب يمشى وله صوت.. سمعا صوت الإله يمشى فى الجنة أين أنتما فاستحييا منه وسأله الله تبارك وتعالى، فقال هى أضلّتنى، هى أكلت وأغرتنى بالأكل، فقال تكفيرًا أكثر أتعاب الحبل، أى تحبلين بالتعب وتلدين بالتعب، وأدميك مرتين أى بالحيض، والتفت إلى الحيّة وقال ملعونة أنت من جميع هوام ودواب الأرض.. وهذا كلّه كلام فارغ، وفى كتاب الله «فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم..» آدم هو البداية، آدم هو الذى ضلّ وأضلّ زوجه المسكينة، ولم تضل هى وجاءت تغويه.
ولكن يا للعجب هذا هو الإمام الطبرى والإمام ابن أبى حاتم يرويان عن عبد الله بن عباس وغيره الرواية الكتابية فى تفسير الآية القرآنية بشكل واضح، فتقرأ أنّ حواء هى التى أكلت، ويقول عبد الله بن عباس وهذا ليس مرفوعًا وموقوف عليه، وهو ممّن أخذه عن بنى إسرائيل، قال: ولما سأله الله تبارك وتعالى أعتل أى بدأ يبحث عن العلل والمعاذير فقال يا رب هى أغوتنى، فقال الله لها كذا وكذا وأدميتك مرتين.. هذا إن صحّ عنه، فهذا من بنى إسرائيل ويخالف ما فى كتاب الله، فكيف نترك كتاب الله لهذه الأساطير والخرافات؟!
وطبعًا العقلية الذكورية والنموذج الاستتباعى غير المتكافئ فى التعامل مع المرأة يفرح كثيرًا بهذه الروايات ويملأ بها بطون التفاسير معرضًا عن صريح كتاب الله تبارك وتعالى الذى يجعل الملام على آدم فحواء طبعًا، ولذلك قال «أزلهما الشيطان...» الاثنان وقعًا فى الزلل، والاثنان تلقّيا العقوبة معًا جميعًا آدم وحواء، وهذا هو القرآن.
إذًا المنظومة التشريعية فى القرآن الكريم منظومة تعكس النشوء والتكوين، تعكس الطبيعة والفطرة، وتؤيّد ماذا؟ نموذج الاستتباع أم نموذج الاستقلال والمماثلة والاستقلال؟ قطعًا النموذج الثانى الذى صرّح به النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وأخرجه البزّار من حديث أنس، أخرجه الأوّلون من حديث عائشة، وأخرجه البزّار من حديث أنس، قال صلى الله عليه وسلم: إنّما النساء شقائق الرجال.. معنى شقائق جمع شقيقة، هى نصف وهو نصف، أو هى أخت له، والواضع التكوينى كل يوم يطرح عشرات آلاف الحالات، الرحم ذاتها والصلب ذاته يخرجان مرّة ذكرًا ومرّة أخرى أختًا له أنثى.. إذًا هناك وحدة واحدة، من نفس الصلب، من نفس الرحم، ونفس البداية «وبدأ خلق الإنسان من طين»، «أنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى» فى وحدة تكوينية بإزاء الوحدة الربوبية؛ ربّ واحد وتكوين واحد، نوع واحد وإنسان واحد.. أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم فاستغفروه. •
من هو الداعية عدنان إبراهيم؟
صفه موقع ويكيبيديا بأنه مفكر إسلامى فلسطينى من مواليد مدينة غزة عام 1966. وهو من الخطباء المسلمين البارزين فى النمسا، ويعد من رواد الخطاب الدينى المستنير، له دراية بالفلسفة والتربية والأدب. ويجيد اللغات العربية والإنجليزية والألمانية والصربو كرواتية.. كما أنه خطيب مسجد الشورى بالعاصمة النمساوية فيينا، ورئيس جمعية لقاء الحضارات فيها، ويلقى الدروس الدينية والعلمية فى المسجد. لديه العديد من الأفكار والنظريات والأطروحات المثيرة للجدل.. اشْتُهر عدنان إبراهيم بتنقيبه فى كتب السيرة والبحث عما يعتبرها أخطاءً ارتكبها بعض الصحابة، كما عُرف بحديثه عن الإلحاد والأسباب التى تؤدى إليه لدى بعض المسلمين، ما جعله يلقى بدروس ومحاضرات بقصد الإجابة العلمية والرد على من يشككون فى وجود الله، وقد اشتغل كذلك بالنسق الفلسفى على القضايا الدينية.
نشأته وحياته
ولد عدنان لعائلة فقيرة فى مخيم النصيرات فى قطاع غزة، وبه تلقّى تعليمه الابتدائى والإعدادى والثانوى فى مدارس الأونُروا، ليغادر إلى يوغسلافيا حيث درس الطب فى جامعاتها، وبسبب ظروف الحرب الأهليّة فى البلقان انتقل إلى العاصمة النمساوية فيينا أوائل التسعينيات، حيث واصل دراسة الطب هناك.
كذلك يوصف بأنه كان من رواد المساجد وحلقات ودروس الذكر منذ صغره. حفظ القرآن الكريم صغيرا، وكان شديد الشغف بالقراءة والمطالعة. اهتم إلى جانب اهتمامه بالعلوم الشرعية بالفلسفة وعلوم الاجتماع وعلم النفس والفيزياء والتاريخ وعلم الأديان المقارن. يقيم عدنان إبراهيم فى فيينا ويحاضر فى جامعتها. متزوّج من فلسطينية وأب لسبعة أبناء، خمس بنات وولدين.•
من هو الداعية عدنان إبراهيم؟
الحياة العلمية
حصل على درجة الدكتوراه فى حريّة الاعتقاد ومعترضاته فى القرآن الكريم.
بالإضافة إلى الطب البشرى، كما أنه حاصل على البكالوريوس فى الدراسات الشرعية من كلية الإمام الأوزاعى فى لبنان، التى تخرّج فيها مع مرتبة الشّرف، كما أتم دراساته العليا فى النمسا، وحصل على درجتيّ الماجستير والدكتوراه من جامعة فيينا. تناولت رسالته للماجستير عُمْر أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - عندما بنى بها الرسول.
الحياة المهنية
كان عضوا فى هيئة التدريس بالأكاديمية الإسلامية فى فيينا، التى عمل أستاذا بها حيث درّس علم مصطلح الحديث وعلوم القرآن والتفسير والفقه وأصول الفقه على المذهبين الشافعى والحنفى، بالإضافة إلى علوم العقيدة.
أسّس مع بعض زملائه جمعية لقاء الحضارات بالنمسا سنة 2000، وهو يرأسها منذ ذلك الحين، وعنها انبثق مسجد الشورى حيث يَخطب ويدرّس. يُذكر أنه أُقصى من مسجد الهداية الذى مكث فيه زهاء 10 سنوات من عام 1991 وحتى 2000، وقد ذَكر عدنان فى أحد دروسه أن مسئولى المسجد ذكروا للناس أن سبب الإقصاء يعود لأسباب سياسية، كونه يحرّض الشعوب على الاستيقاظ والخروج من الوهم.•
من هو الداعية عدنان إبراهيم؟
فكره
يؤمن عدنان إبراهيم أن الإسلام غير متناقض مع العقل. ويعارض عدنان التعصب الدينى واستخدام الدين كمبرر للعنف. كما يرى أن الإسلام قد اختُطف حكرًا من قبل شيوخ وتيارات متحجرة تتناقض مع مبادئ الدين الإسلامى.
له من المحاضرات الكثير، منها: «الرسول صلى الله عليه وسلم والسيف»، حيث يبيّن موقف الإسلام من الديانات والحضارات الأخرى وماهيّة الجهاد؛ إضافة إلى محاضرة ألقاها فى ختان الإناث، حيث يضمّ صوته لأصوات العلماء الذين يدينونه.
ومن محاضراته أيضا: بين الحسين ويزيد، الدجّال.. تدجيل أم تغفيل؟ هل يخرج عصاة المسلمين من نار جهنم؟ نعم للطوائف لا للطائفية، الأوطان.. إيمانٌ أم كفران؟ إلحاد المؤمنين، لا رجم فى الإسلام، لا نسخ فى القرآن، مشكلتى مع البخارى! رمضان سبيلا إلى الله.
له الكثير من السلاسل العلمية «كالبحث فى مفاهيم الفلسفة» و«مطرقة البرهان وزجاج الإلحاد»، كما قدم سلسلة بمناسبة مرور 900 سنة على وفاة الإمام أبىحامد الغزالى بعنوان: «الغزالى.. الباحث عن الحقيقة». يعتمد النقد العلميّ الفلسفيّ فى مسائل عدّة، لعلّ من أهمّها الإلحاد، سواء كان ذلك الإلحاد العامّى أو الإلحاد الفلسفى على طريقة فريدرك نيتشه وكانط وغيرهما. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.