عقد صالون ابن رشد الثقافى مؤخرا حلقة نقاشية استثنائية لتأبين الدكتور على مبروك، الذى رحل عن عالمنا فى هدوء. وكان مبروك أحد أبرز رموز التنوير المعاصرين فى مصر فى القرنين الماضى والحالى، وتحت عنوان «وداعا على مبروك» كان الحوار بين عدد من المثقفين وزملاء وتلاميذ أستاذ الفلسفة الإسلامية على مبروك عن دوره فى قضية تحرير الخطاب الدينى مما شابه من الثقافة البدوية ودوره فى نشر فكر التنوير إلى الشارع المصرى. وشارك كمتحدث رئيسى كل من الصحفى والباحث فى الدراسات الإسلامية حسام الحداد والمفكر الإسلامى بالمهجر جمال عمر وأيضا د.مدحت صفوت.. وأدار النقاش الأستاذ أشرف راضى الكاتب والمحلل السياسى واتفق الجميع على أن الدكتور على مبروك لم يكن أستاذاً للدراسات الفلسفية أو باحثاً بالفكر الإسلامى فحسب بل كان مشروعاً تنويرياً لم يكتمل بعد. • التراث والحياة المعاصرة واستهل الحديث حسام الحداد قائلا: إن دور على مبروك فى قضية التراث وارتباطها بالحياة اليومية للمسلم له أثر كبير فى تحرير الخطاب الدينى من اللغط السائد نتيجة للثقافة البدوية العالقة بالتراث الدينى الأصولى التى تؤثر على الحياة المعاصرة للفرد المسلم على عكس النص القرآنى الذى يحتمل أوجه مختلفة من القراءات، وأكد حداد أن رفاعة الطهطاوى هو أول من نادى بحركة التنوير الإسلامى وكشف عن تأثير الثقافة البدوية على التراث الإسلامى وأن أصحاب الحضارات القديمة مثل العراق ومصر كانت لهم قراءات مختلفة لفهم النص القرآنى آخذين بالسياق الاجتماعى والثقافى والتاريخى. وحول إشكالية هل يجب طرح التراث الإسلامى جانبا فكان رأى على مبروك هو قتل القديم بحثا وهو النهج الذى سار عليه أيضا نصر حامد أبو زيد ومن قبلهم الشيخ أمين الخولى وكان لمبروك إنتاج بحثى كبير منشور اعتمد فيه على نقض النص وتعدد القراءات المختلفة للنص القرآنى. • التوفيق بين التراث والتحديث وقد أكد الباحث والمفكر الإسلامى جمال عمر أن على مبروك هو أحد رموز فترة التنوير عبر القرنين الماضى والحالى وأن أهم إسهاماته هى التوفيق بين التراث والتحديث الأوروبى وأنه أحد تلاميذ الدكتور حسن حنفى، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وأحد أبرز المفكرين قى مصر والعالم العربى، لكنه ليس على شاكلته وهذا يرجع فى تميزه عن أستاذه وأستاذ نصر حامد أبوزيد.. وأنتج مبروك 12 كتابا، ثمانية كتب منها خصصها لنقض الخطاب الأشعرى. • فيلسوف الشارع وحول إشكالية كيفية وصول الخطاب التنويرى لمستحقيه تكلم د.مدحت صفوت، وهو واحد من تلامذة على مبروك عن أهم ميزاته وهى قدرته على التواصل مع العامة وعبر وسائل التواصل العامة أو الشعبية على حد تعبيره، حيث أكد مدحت أن مبروك نزل بقضايا التراث إلى رجل الشارع من خلال البرامج الحوارية والندوات والمقالات بالجرائد اليومية وقد استطاع أن يمرر أفكاره عبر الأجيال الأحدث سنا، ولذلك أطلق عليه مريدوه لقب فيلسوف الشارع غير أن الشعبوية سيف ذو حدين وكما تؤثر أنت فى الجماهير، عليك الحذر من تأثيرهم عليك ويرى مدحت أن مبروك قد تأثر برأى الجماهير فى العامين السابقين لرحيله، حيث إنه انحاز لرأى الشارع ودافع عن ممارسات السلطة التى طالما رفضها وكانت قضيته متأثرا بحركة الجماهير فى الدفاع عن الدولة وتماسكها، وأنهى الدكتور مدحت صفوت حديثه بالتساؤل حول كيفية استكمال مشروع على مبروك التنويرى والحفاظ على استمرارية التواصل مع العامة دون الانزلاق بالتأثر بهم؟! وتحدث فيما بعد الناشر وائل الملا الذى نشر معظم كتب على مبروك حيث أكد أن مبروك كان كاتبا فريدا من نوعه فقد كان حريصاً على المشروع فى أفضل صورة من أجل وصولها للقراء ودون أى اعتبار لحسابات أخرى ولذلك تجربة التعامل معه كانت ثراء للدار. •