مئات الآلاف من الأطنان مخزنة داخل مصانع وشركات السكر المصرية بحاجة إلى النزول إلى الأسواق، ولكن الكميات المستوردة أزاحتها من الطريق لتتكدس فوق بعضها البعض فى الوقت الذى غابت فيه الضوابط الاستيرادية . ما يقرب من 1.2 مليون طن من السكر فى المصانع والشركات المصرية داخل المخازن والتى يعمل فيها أكثر من 20 ألف عامل وموظف يعولون أسرهم يمكن أن يتوقف عملهم وتنهار شركاتهم فى الوقت الذى لجأت فيه هذه الشركات إلى السحب على المكشوف من البنوك. • أرقام كارثية يصل تكلفة طن السكر المحلى إلى 4500 جنيه وذلك بسبب ارتفاع قيمة المادة الخام، حيث إنه من المعروف أن كل عشرة أطنان من القصب تنتج طنًا من السكر وسعر طن القصب المصرى يساوى 400 جنيه تقريبا فى حين أن القصب الأعلى جودة فى العالم تتراوح تكلفته من 200 إلى 250 جنيهًا بينما تصل تكلفة طن البنجر إلى 425 جنيهًا تقريبا للطن المحلى بينما تكلفته فى الخارج حوالى 280 جنيهًا تقريبا ولكى تحصل على طن من سكر البنجر يقابله حوالى سبعة أطنان ونصف الطن من هذا المحصول، وبالتالى فإن سعر طن السكر المستورد يصل إلى 3300 جنيه على أقصى تقدير وذلك دون تحمل لأى جمارك خاصة أن غالبية المستوردين يتجهون إلى أوروبا من أجل الاستفادة من الإعفاء الجمركى والحصول على السكر الأبيض المكرر المعد للاستخدام المباشر.. وتنتج مصر من السكر حوالى 2.6 مليون طن من السكر فيما تحتاج مصر إلى ثلاثة ملايين طن من السكر سنويا وبالتالى فإن العجز فى مصر فقط يصل إلى 400 ألف طن على أقصى تقدير، ومع ذلك فإن عددًا من رجال الأعمال اتجهوا إلى استيراد كميات كبيرة من السكر مما تسبب فى غرق الأسواق وتكدست المنتجات المصرية فى المخازن بسبب عدم وجود منافسة بأى حال من الأحوال . وكان طبيعيا أن تتعثر الدولة فى سداد أموال مزارعى القصب ولكن فى نهاية المطاف جرى منحهم حقوقهم فى الوقت الذى تحملت فيه المصانع والشركات التابعة للدولة لهذه التكاليف فى الوقت الذى جرى السحب على المكشوف من البنوك .. وتتجه إحدى الشركات السعودية العاملة فى مصر إلى استيراد كميات كبيرة من السكر المكرر والمعد للاستخدام من أجل استغلال فارق السعر فيما قام رجل أعمال كبير باستيراد كميات مهولة من السكر وفى الوقت نفسه يشغل منصبًا مهمًا داخل اتحاد الغرف التجارية . • سحب على المكشوف وتمتلك الدولة ثمانية مصانع تابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، هى أبو قرقاص فى المنيا وجرجا فى سوهاج ومصانع نجع حمادى ودشنا وقوص فى محافظة قنا وأرمنت فى الأقصر وإدفو وكومبو فى أسوان، إضافة إلى مصانع التكرير فى الحوامدية ومراكز التعبئة فى القاهرة والجيزة . وسحبت الشركة المصرية للصناعات التكاملية حوالى 1.7 مليار جنيه على المكشوف من البنوك من أجل حل الأزمات التى تعانى منها بشكل مؤقت ودفع الأموال للمزارعين ومستلزمات الإنتاج.. فيما سحبت شركة الدلتا للسكر على المكشوف من البنوك ما قيمته 1.25 مليار جنيه بفوائد شهرية وصلت إلى 12 مليون جنيه ولم تتضح الصورة بشأن تسديد هذه المديونية فى الوقت الذى تتكدس فيه مخازنها بحوالى ربع مليون طن من السكر المعد للاستخدام المباشر للمواطنين فيما حققت الشركة خسائر هذا العام وصلت إلى 100 مليون جنيه بسبب عدم بيع إنتاجها .. فيما وصل السحب على المكشوف من البنوك فى شركة النوبارية للسكر إلى 700 مليون جنيه فى الوقت الذى تملك فيه الشركة مخزونا يصل إلى 140 ألف طن فى حين عجزت عن بيع نصف ما تنتجه وهى خسارة فادحة لها . • حقيقة صادمة أكد حسن كامل رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق أن كميات السكر الموجودة حاليا داخل البلاد تكفى لمدة سنتين ومع ذلك لا يزال باب الاستيراد مفتوحا على مصراعيه مستغلين أن المادة الخام التى يجرى استخدامها فى مصر مرتفعة التكاليف ولا يمكن أن تدخل فى منافسة مع الدول الأخرى لذا فإن الأسعار التى يجرى الاستيراد بها متدنية للغاية مقارنة بسعر الطن المصرى لذا فقد لجأت الشركات المصرية إلى الخارج . وأضاف كامل إن المشكلة لا تكمن فقط فى تدمير الصناعة الوطنية بل ستمتد إلى المزارعين الذين قد يعزفون عن زراعة القصب والبنجر وحينها لا نعلم فى المستقبل ماذا يمكن أن يحدث بالنسبة للسوق العالمية فقد تشهد ارتفاعا كبيرا فى الأسعار وحينها سنتحمل الكثير جدا من أجل شراء السكر . وأوضح كامل أن من يتحدث بشأن حقوق المواطن فى الحصول على سلعة بمقابل مادى مناسب يجب أن يعيد حساباته بشأن الصناعة الوطنية بحيث لا يتحمل المواطن البسيط أى تكلفة ويظل يباع كيلو السكر بخمسة جنيهات ويجرى تحصيل فارق التكلفة بين المنتج المصرى والمستورد على هيئة رسوم تحت أى مسمى، بحيث يجرى تصريف المخزون الهائل من السكر المكدس داخل المخازن وإنقاذ المصانع والشركات من الضياع والإفلاس وحماية العاملين والمزارعين على السواء .. وأشار كامل إلى أن هناك خطابًا مرسلاً من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الوزراء والمجموعة الاقتصادية فى عهد حكومة المهندس إبراهيم محلب من أجل حل أزمة صناعة السكر فى مصر ومع الأسف لم يتحرك أحد لحل الأزمة حتى الآن وفى انتظار ما ستقدمه الحكومة الجديدة من تحركات لإنقاذ المصانع والشركات من الضياع . وحذر كامل من تفاقم الأزمة الخانقة لصناعة السكر، حيث إذا استمرت بهذا الشكل لفترة فإنها ستصل فى نهاية المطاف إلى أحد الأمرين الأول هو إفلاسها والثانى هو توقفها عن شراء القصب والبنجر من المزارعين وفى كلتا الحالتين هناك كارثة ستحدث فى الوقت الذى لجأت فيه الكثير من الشركات للسحب على المكشوف من أجل تلبية احتياجاتها .. وكشف كامل عن أنه تقدم باستقالته إلى وزير التموين الحالى، بعد أن وجد إصرارا من القائمين على الإدارة بالسير فى نفس الاتجاه وتجاهل الاقتراحات التى قدمها إلى وزراء المالية والصناعة والتجارة ومحافظ البنك المركزى، من أجل الخروج من المأزق الكبير الذى تعانى منه الصناعة المحلية بصفة عامة وصناعة السكر بشكل خاص .. واختتم كامل حديثه بأنه من الغريب حالة الصمت الحالية على وضع الشركات والمصانع فى الوقت الذى جرى إنتاج السكر وصرف مستحقات المزارعين ومع ذلك هناك تشجيع على الاستيراد واستنزاف للعملة الصعبة التى تحتاجها مصر بشدة فى المرحلة المقبلة، معربا عن اندهاشه من حالة الإصرار الشديد على التخلص من الموارد التى تملكها الدولة فى ظل المعاناة فى الحصول على النقد الأجنبى بسبب الظروف الاقتصادية التى مرت بها مصر فى الفترة الأخيرة. ومن جهته أكد ممدوح البرديسى الأمين العام للحركة العالمية بمصنع نجع حمادى لإنتاج السكر أن إجمالى مخزون السكر فى المصنع وصل إلى 85 ألف طن لم يجر استخدامها حتى الآن وذلك من واقع الدفاتر الرسمية للمصنع .
وأضاف البرديسى : إن الاعتماد على السكر المستورد فى المرحلة المقبلة سيزيد من الأزمة التى تعانى منها مصانع وشركات إنتاج السكر داخل مصر .. وأوضح البرديسى أن على الدولة حماية الصناعة الوطنية من الضياع والانهيار فى المقابل يجب التوقف عن الاستيراد غير المبرر للسكر بهذا الشكل حتى يمكن للمصانع والشركات التخلص من الأطنان المخزنة لديها عبر الأسواق.•