فى الحظر يحلى السهر وتتألق المزيكا ويعزف الموسيقيون بعزم وهمة فى «مشروع الحظر للموسيقى» الذى تقدمه مؤسسة «مكان» الثقافية طوال أيام الحظر وحكاية المشروع بدأت بعد الحظر بأيام قليلة مشروع «الحظر» للموسيقى هو ورشة موسيقية يقيمها المركز المصرى للثقافة والفنون «مكان»، تبدأ فاعليتها مع بداية ساعات حظر التجوال وتنتهى فى اليوم التالى مع انتهاء ساعات الحظر وتهدف الورشة إلى الإفادة من الساعات التى قد يقضيها الموسيقيون سواء محترفين أو هواة فى بيوتهم أمام التليفزيون أو فى النوم وتحويلها إلى ساعات من العمل والإنتاج الفنى. دكتور أحمد المغربى مدير المركز المصرى للثقافة والفنون «مكان» وصاحب فكرة مشروع «الحظر» للموسيقى .
يقول: إنه بعد عودته من باريس قرر إنشاء مؤسسة ثقافية مستقلة إيمانا منه بأهمية الثقافة المستقلة الموازيةللمنظومة البيروقراطية بل يرى أن الثقافة المستقلة من الممكن بعد عشر سنوات أن تحل محل المنظومة الثقافية البيروقراطية وأنه يستحيل الاعتماد على تلك المنظمة فقط فى نشر الثقافة.
وبسؤاله عن فكرة مشروع «الحظر» للموسيقى بدأ كلامه بأن الأفكار والقرارات تنشأ فى لحظة وكانت حتى تلك اللحظات هى التى قررنا فيها المشاركة فى الثورات المصرية ثم جاء حظر التجوال وشعرت بحالة الاكتئاب والملل التى تصيب البعض نتيجة لتواجدهم لساعات طويلة داخل المنزل أمام التليفزيون أو الفيس بوك أو لجوء البعض للنوم ومن هنا جاءت فكرة الورشة بأن نستغل ظروف الحظر فى زيادة حجم العمل، فتوقف كل شىء أثناء الحظر ليس معناه أن يتوقف أيضا المبدعون ولذلك بدأنا المشروع بعد رابع يوم من الحظر والتزمنا التزاما تاما بمواعيد الحظر فعندما يبدأ فى السابعة مساء نبدأ فى السابعة وعندما يبدأ فى التاسعة نبدأ فى التاسعة ولا نتركالمكان إلا بعد انتهاء ساعات الحظر فى اليوم التالى. وهنا فى الورشة نجد فرصة الإبداع والمشاركة والأكل سويا وسماع الموسيقى، كما أن ظروف الحظر جاءت بفرصة كبيرة لتحقيق رؤية المركز وهى ورش العمل بين الأجيال القديمة والشباب ولذلك لدينا أرشيف نحتفظ فيه بكل أنواع الموسيقى القديمة والتراثية الموجودة بأشكال متعددة فى كل أنحاء مصر بالإضافة إلى إيماننا بقيمة التجديد وبالتالى يجب أن يكون هناك همزة وصل وهذا بالتحديد هو دور المؤسسة «همزة الوصل» ما بين التراث والمأثور القديم والجديد من الموسيقى. فدورنا هنا كيف نحافظ على القديم والتى تقدمه فرق مثل: مزاهر ومواويل والجعافرة والنوبة بالإضافة إلى تقديم الجديد. وشاءت الأقدار أن يتم هذا المشروع أثناء الحظر فنجتمع وحين تبدأ الحياة فى اليوم التالى نكون نحن كمبدعين وفنانين قد أضفنا قيمة جديدة فى المجتمع.
إبراهيم عبد البارى أحد العازفين المشاركين فى الورشة قال أنه يعمل كعازف للساكسفون منذ خمسة وثلاثين عاما وأنه يعزف جميع أنواع الموسيقى الشرقية والغربية وأن حظر التجوال كان له تأثير كبير على عمله لأنه يبدأ فى الليل ولذلك قرر المشاركة فى المشروع لاستغلال الوقت فى إبداع أعمال جديدة خاصة أن الورشة بها موسيقيون يعزفون فى اتجاهات مختلفة من الموسيقى على حد تعبيره: شعبى وخماسى وجعفرى إلى آخره وأنه بدأ المشاركة من بداية الحظر هند مطربة شابة وإحدى المشاركات فى الورشة قالت إنها تغنى فى المركز المصرى للثقافة والفنون «مكان» منذ أربع سنوات وهى عضو فى فرقة مواويل وترى أن فكرة الورشة فكرة عبقرية لأنه بحسب قولها «الواحد مخنوق» نتيجة للظروف الصعبة ولذلك الورشة هى فرصة جيدة للقاء الفرق للترتيب لإقامة حفلات بعد انتهاء الحظر خاصة أن الورشة تضم فرقا تعزف موسيقى تراثية مثل فرقة الجعافرة ومزاهر بالإضافة إلى الفرق التى تعزف الموسيقى المعاصرة.أيضا الورشة هى فرصة جيدة للتعارف بين الموسيقيين المختلفين وبناء علاقات جديدة وتبادل للثقافات، فعلى سبيل المثال أنا أغنى غناءً شعبياً وهناك آخرون يعزفون موسيقى غربية ومع ذلك حدث بيننا اندماج.
أما مديحة فهى إحدى عضوات فرقة مزاهر التى تقدم موسيقى تراثية مثل تلك التى تعزف أثناء الزار وتقدم حفلاتها كل يوم أربعاء فى «مكان» فقالت إن الفكرة دليل على قدرة المصريين على إيجاد طرق للعمل والإبداع فى أى ظروف.. وترى صباح زميلاتها فى نفس الفرقة أن فكرة الاندماج بين أنواع مختلفة من الموسيقى هى بمثابة تجربة ثرية... وأضافت إن الثقافة والحفلات الموسيقية تأثرت فى السنة الماضية بوجه عام نتيجة لتدهور السياحة وقلة عدد السائحين وهم الشريحة الكبرى ممن يقبلون على حضور مثل تلك الحفلات الموسيقية ولكنها متفائلة بعد سقوط النظام.
من بين المتواجدين أيضا فى الورشة مصطفى، وهو ملحن شاب وكان أحد العازفين فى فرق تراثية مثل «منيب باند» و«جميزة» لم يأت للمشاركة ولكن للاستماع ويرى أن أفضل ما فى الفكرة هو أنها أثناء الحظر لأنه وقت طويل ويمكن الإفادة منه بدون كسر القانون فالكل ملتزم بساعات الحظر. وأضاف إنها فرصة للتبادل الثقافى ولإنتاج موسيقى تعتمد على المزج بين القديم والحديث فبينما توجد آلات قديمة توجد أيضا آلات متطورة جدا.
بيكى فتاة نيجيرية تعيش فى القاهرة عرفت عن الورشة عن طريق إحدى صديقاتها المصريات وهى لم تأت للمشاركة بل أتت لحماسها لفكرة الاستماع للموسيقى طوال ساعات الليل وحتى اليوم التالى.. وقالت إنها تستمتع بالسهر فى مصر، وهو ما تفتقده فى بلدها وأنها تعشق الموسيقى وتحب الغناء وأنها استمتعت بأنواع الموسيقى التى استمعت إليها أثناء الورشة.
أما أنا فتركت المكان «مكان» فى السادسة والربع صباحا بعد الاستمتاع بمشروع «الحظر» للموسيقى ويملؤنى الأمل بحيوية الحياة الثقافية فى مصر وقدرة المصريين على الإبداع فى أصعب الظروف.