جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحتفل بتخرج الدفعة 22 من كلية العلاج الطبيعي بحضور قيادات الجامعة (صور)    حركة مؤشر الذهب عالميا بعد تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    75 شهيدا في غزة بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم    البرلمان العربي: تعزيز مشاركة المرأة والشباب في العمل البرلماني ضرورة حتمية    حماس ترفض الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار قبل تحسين الوضع الإنساني في غزة    إدارة ترامب تطالب حكومات محلية بإعادة مساعدات مالية لمكافحة كورونا    نجم الأهلي يتلقى عرضين من السعودية وفرنسا    جيسوس يصدم جواو فيليكس بعد مشاركته الأولى مع النصر.. تصريحات مثيرة    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    محافظ قنا يستقبل مدير الأمن الجديد ويؤكد دعم التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار    طاحونة أبو شاهين في رشيد، معلم أثري يروي حكايات طحن الحبوب في زمن الدواب (فيديو وصور)    بعد ساعات من طرحه.. عمرو دياب وابنته جانا يكتسحان التريند بكليب «خطفوني» (تفاصيل)    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    رئيس مجلس الوزراء يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة «صحح مفاهيمك»    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    وزير الثقافة وأحمد بدير ومحمد محمود يحضرون عزاء شقيق خالد جلال.. صور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة «الخردة».. تطارد قري الغربية والمنوفية والقليوبية

مثل الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية زحفت تجارة الخردة علي قري محافظات مصر، بعدما وجدوا فيها تجارة مربحة، ليهجروا الزراعة - وهي المهنة الازلية عند سكان الريف المصري .
من أشهر القري العاملة في هذا المجال، قرية "مسجد وصيف" بمحافظة الغربية و"ميت برة" بالمنوفية و "دملو" بالقليوبية.
تجارة الخردة رفعت الكثير من أهالي القري من دهاليز الفقر الي شرفات الثراء لكنها تحولت إلي نقمة أيضا في أغلب الأوقات، فالتجار دائما متهمون بأنهم يعملون في البضائع المسروقة، وهم أول من تتوجه اليهم اصابع الاتهام مع حدوث بعض عمليات السرقات، خاصة المتعلقة بالسيارات أو أعمدة الإنارة ومواسير الصرف الصحي وكابلات التليفونات، كما تسرب عدد كبير من أطفال المدارس ليعملوا في "كار" آبائهم حلماً بالثراء السريع.
تجولنا في عدد من قري الخردة، ووجدنا أن بدايات ظهور هذه المهنة مشتركة حيث بدأت من خلال عدد من الاشخاص في كل قرية كانوا يعملون في شراء أواني الطهي القديمة وتصليحها واعادة بيعها من خلال تجولهم بين منازل قرية بوسبلة بواسطة الحمير، وتدريجيا بدأوا يعملون في كل أنواع الخردة القديمة، مثل البلاستيك والألومنيوم والحديد والنحاس وحتي الورق وغير ذلك لينقلوا المهنة الي باقي ابناء قراهم بعدما وجدوا فيها الربح الذي يفوق ربح العمل بالزراعة بكثرة فتحولت الأراضي الزراعية وأسطح المنازل إلي مخازن لتجميع وفرز الخردة، حتي ان الداخل الي اي قرية من هذه القري يشعر وكأنه قد وقع بين جبال من البلاستيك والنحاس والألومنيوم القديم!
الحلم
أول ما لفت انتباهنا في قري الخردة هو زيادة عمالة الأطفال في هذا المجال ومنهم "محمد"- وهو طفل لا يتجاوز عمره العشر سنوات- ولكن ملامحه المكسوة بالشقاء، زادت من عمره سنوات كثيرة، براءته ضاعت وسط مخازن"الخردة"، لا يعرف شيئا عن "المدرسة"، ولم يحلم يوما أن يلتحق بها، ولكنه قال "عايز أبقي زي عبدالغفور البُرعي، وأشتري طيارة "خردة" وأبقي معلم كبير في السوق".. هذا هو حلمه بعدما التقيته وسط أكوام الحديد والنحاس الروبابيكيا التي يعمل بها في قريته "مسجد وصيف" بمحافظة الغربية التي يرث أهلها هذه التجارة منذ عشرات السنين.
مخزن المعلم "أشرف"
أما "أشرف" -9 سنوات- فقد أجبره أبوه علي العمل بأحد مخازن الخردة، وقد اختفت معالمه تماما وراء سواد الحديد والنحاس القديم، ورغم ذلك فقد فاجأني بقوله "أنا بقبض 10 جنيه كل يوم أبويا بياخدها كلها، وساعات كتير وأنا بشتغل الخردة بتقع عليا، بس انا مش عايز أسيب الشغل وعايز لما اكبر أشتري مخزن، وأسميه مخزن "المعلم أشرف".
"أشرف" يقول ذلك رغم أننا شاهدنا صاحب المخزن وهو يضربه بقسوة ويحمّله فوق طاقته من العمل الذي يستمر لمدة 12 ساعة يوميا، ولو حدث وأن أصيب بأي أذي أثناء عمله يتحامل علي نفسه ويستمر فيه خوفا من بطش أبيه.
الزراعة اختفت
التجار شرحوا لنا طبيعة المهنة وأسرارها؛ فعندما التقيت أحدهم ويدعي "فتحي سميح" - تاجر خردة من قرية مسجد وصيف - قال" ورثت هذه المهنة عن ابي -الذي كان اول من عمل بتجارة الخردة في القرية- وبدأها بمخزن صغير بجوار منزلنا، وتدريجياً أصبحنا نمتلك خمسة مخازن قمنا بانشائها علي قطعة الارض الزراعية التي في حوزتنا، بعدما قررنا الاقلاع عن العمل كفلاحين والعمل في تجارة الخردة".
وحول كيفية إدارة العمل يشير إلي أن مخزن الخردة الواحد لا تقل مساحته عن 400 متر مربع، وذلك بالنسبة للتجار الكبار وتصل مساحته الي 100 متر للتاجر عندما تكون حجم تجارته أصغر - والقرية تضم ما يقرب من 1000 مخزن ونحو 5 آلاف تاجر- وصاحب المخزن يمتلك ما لايقل عن 3 سيارات لنقل البضائع وقطاعة ( لزوم تقطيع الخردة وفرزها ) والمخزن الواحد يعمل به من 5 الي 18 عاملاً حسب حجم البضاعة؛ منهم من يعمل في الجمع من خلال التجول بين منازل القري او مصانع المدن الصناعية، كالموجودة بمدينة السادس من اكتوبر لشراء الخردة وتحميلها علي سيارات النقل (وقد يكون العاملون في الجمع من عمال المخزن او من السريحة المتجولين والذين يبيعون ما يجمعونه لأصحاب المخازن ) .
وعندما تصل الخردة للمخزن يتم فرزها وتقطيعها وتشوين (تخزين ) كل صنف علي حدة فالبلاستيك في جانب والحديد في جانب اخر والألومنيوم في جانب ثالث ونفس الشيء بالنسبة للحديد والنحاس والورق وغيرهم.
أسرار المزادات
سوق الخردة رائجة جدا ولها زبائنها من كل مكان.. هذا ما أوضحه لنا "صلاح متولي" - تاجر خردة من قرية ميت برة - قائلا: " نقوم ببيع بضائعنا لأصحاب المصانع لإعادة دخولها في الصناعة وتدويره مرة اخري فنتوجه بها الي مصانع الألومنيوم أو الورق أو غيرها وقد يحضر اصحاب هذه المصانع للشراء من مخازن القرية مباشرة".
ويضيف: "بالنسبة للمزادات التي ندخل بها لشراء الخردة (وعادة تكون خردة الشركات والمصانع التي تكون كميتها كبيرة ) يكون هناك تنسيق مسبق بين التجار وبعضهم بحيث يحصل كل تاجر علي حصة من البضاعة حتي لو وقع المزاد علي تاجر بعينه فيتم توزيعها بنظام الحصص حسب قوة كل تاجر في السوق فمثلاً التاجر الذي يمتلك عدداً اكبر من المخازن تكون حصته اكبر من غيره الذي يمتلك مخزناً واحداً، والتاجر قد يصل ربحه اليومي الي 3 آلاف جنيه".
التجار يضعون قوانين المهنة
التجار هم الذين يضعون ضوابط المهنة فيما بينهم ومن يخالفها يحرم من حصص المزادات او التعامل معه من قبل التجار.. هذا ما يؤكده محمد محروس -أحد تجار ميت برة ، والتي تضم ما يقرب من 700 مخرن للخردة يعمل بها مايقرب من 4 آلاف شخص- فيتم تحديد اسعار البيع والشراء بين التجار، وكذلك هناك نوع من التكامل فالتاجر قد يحصل علي بضاعة - مطلوب شراؤها- من تاجر آخر اذا كانت لا توجد مثيلتها عنده مقابل تسديد ثمنها بعد عملية البيع وجزء من الارباح ايضا .
تسعيرة الخردة يقوم التجار بوضعها دون أي رقابة عليهم وأغلبهم لا يمتلكون سجلات تجارية أو ضريبية.. كما يقول "عصام السيسي" -صاحب مخزن - موضحا أن الخردة مكسبها معقول، فمثلا كيلو الألومنيوم يتم شراؤه من الأهالي بسعر 8 جنيهات وبيعه ب 15 جنيها، والحديد نشتري الكيلو منه بخمسين قرشا وسعر بيعه من المخزن يصل الي جنيه ونصف الجنيه، أما النحاس الأصفر فهو الأعلي سعرا، فنشتري الكيلو من الاهالي بسعر 18 جنيها و«نبيعه بخمسة وعشرين جنيها».
قري بلا بطالة
هذه التجارة جذبت العديد للعمل بها حتي الشباب الجامعي وهو ما جعل القري العاملة في هذا المجال معدومة البطالة.. وذلك ما يشير إليه -"عبدالعزيز حمدي" -أحد الشباب العاملين في المجال- فحلم أي شاب هو ان يمتلك مخزن خردة لأنها اصبحت طريق الثراء السريع، خاصة أن العاملين بها أصبحوا يمتلكون المنازل الفخمة والسيارت الملاكي الفارهة، حتي الكثير من الاطفال يتركون مدارسهم من اجل العمل بالمخازن لتعلم اسرار المهنة منذ الصغر واضعين صورة "عبدالغفور البرعي" ( الشخصية التي جسدها نور الشريف في مسلسل «لن أعيش في جلباب ابي») امام أعينهم ويحلمون أن يسلكوا نفس طريق "البرعي" في الحقيقة .
لصوص الخردة
"إحنا بقي اسمنا الحرامية، وقريتنا أصبحت سيئة السمعة، ويطلق عليها قرية المسروقات".. هكذا بدأ "فؤاد الباجوري" - تاجر خردة من قرية دملو التي تضم 200 مخزن للخردة يعمل بها نحو 3000 شخص - حديثه معنا مشيرا إلي أن هناك عدداً من تجار الخردة أساءوا للمهنة من خلال تعاملهم مع محترفي السرقات وشراء المسروقات منهم وتحويلها إلي خردة مثل كابلات وأسلاك التليفونات وأغطية ومواسير الصرف الصحي وغيرها بغرض الكسب السهل والسريع حيث يشتريها بأسعار زهيدة جدا باعتبارها بضاعة مسروقة وهو ما جعل البعض يطلق علينا تجار المسروقات.
ويلفت إلي أن التاجر عندما يشتري البضاعة من احد يستطيع التمييز جيدا ان كانت مسروقة ام لا، فيعرف أنها مسروقة عندما يلحظ ان صاحبها يريد التخلص منها بأي شكل وبأي سعر حتي لو كانت البضاعة بحالة جيدة، ولذلك يفضل العديد من أصحاب المخازن عدم التعامل مع الباعة السريحة غير المعروفين لديهم حتي لا يتورطوا مع محترفي السرقات.
الخردة فعلا تجارة رائجة من ناحية ووسيلة للقضاء علي البطالة في العديد من القري من ناحية اخري ولكن نقمتها قد تكون اشد ضررا وهو ما يدفعنا الي المطالبة بتنظيمها من قبل الدولة بإنشاء نقابة او رابطة لأصحاب المخازن تنقل مشاكل المهنة للمسئولين وتكون ايضا فرصة للتعرف علي التجار وحصر اعدادهم، وبالتالي يسهل التمييز بين التاجر الأمين، والتاجر الذي يبحث عن الثراء بالخردة المسروقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.