رصد عدد من الخبراء والمهتمين بالشئون الزراعية مخاطر عديدة لقانون البناء الموحد الذي يواصل مجلس الشعب حاليا مناقشته.. من هذه المخاطر: انه سيتيح آلية رسمية للبناء علي الأرض الزراعية وسينشئ أحوزة عمرانية جديدة حول القري والمدن علي حساب المساحات المزروعة وسيسمح بإدخال اجود الأراضي التي يمتلكها الفلاحون ضمن الحيز العمراني!! وبالفعل تم ادخال اكثر من 30 ألف فدان - حسبما أعلن - في الحيز العمراني الجديد لأكثر من 3000 قرية.. واكد الخبراء ان القانون الجديد لم يضع ضمانات كافية تمنع العدوان علي الأرض الزراعية.. ولم يضع آليات تشجع المواطنين الذين لا يعملون في الزراعة والمقيمين في الريف علي الانتقال للمدن الجديدة الصحراوية.. وتوقع الخبراء ان يتجاوز حجم الأراضي في الحيز الجديد ال 200 ألف فدان. اشار الخبراء الي ان مشروع قانون البناء الجديد رغم ما به من أمور في غاية الأهمية تتعلق بتسهيل استخراج التراخيص ووقف تمدد المناطق العشوائية وتحميل المسئولية الكاملة عن سلامة البناء في القري والمدن للمقاولين والمهندسين المشرفين فقط، به ايضا مواد عديدة في حاجة إلي اعادة نظر، لأنها تسمح بشكل أو بآخر بالاعتداء علي الأرض الزراعية.. وتسعي لتقليل المساحات المزروعة حول القري والمدن لحساب التوسعات العمرانية والزيادة السكانية!! التخطيط العمراني وهيئة التخطيط العمراني - حسبما هو معلن - تقوم الآن بإعداد الحيز العمراني الجديد لأكثر من 4600 قرية.. وبالطبع هذا الحيز - كما يقول الخبراء - سيكون علي حساب الأرض الزراعية التي نحن في حاجة ماسة إليها بعد ارتفاع أسعار الغذاء عالميا وسيراعي الحيز العمراني الجديد للقري - حسبما أعلن - الامتدادات العمرانية الحالية والمستقبلية والزيادة السكانية حتي عام 2022 وسيتم تغيير هذا الحيز كل 5 سنوات. لكن ماذا يعني هذا؟! انه يعني ببساطة - كما يقول د.حمدي الشيخ عميد هندسة الازهر السابق - ان أي توسع عمراني مستقبلي سيكون علي حساب الأرض الزراعية.. وأن أي زيادة سكانية في القري لن تسعي للذهاب إلي القري الصحراوية أو للاقامة بالمدن الجديدة الموجودة بالمحافظات مثلما يحدث حاليا في كثير من قري مصر.. وعلي سبيل المثال حاليا بعض سكان القري بمحافظة المنوفية الذين لا يعملون في الزراعة يتركون مساكنهم غير المناسبة ويذهبون لمدينة السادات يقيمون فيها، ويبنون المساكن ويبحثون عن فرص عمل لأولادهم. يضيف د.الشيخ: بعد اقرار القانون الجديد، وانشاء الأحوزة العمرانية الجديدة حول القري، لن يحدث هذا وسيحرص المقيمون في الريف علي البقاء في قراهم، ولن يبحثوا عن مسكن في مدينة جديدة.. لا لشيء إلا لأن الأرض التي تحتاج إليها كل قرية ستكون متاحة للبناء عليها طالما انها داخل الحيز العمراني.. وهنا سيحرص كل المقيمين في الريف من مدرسين ومهندسين وموظفين بالمؤسسات الحكومية علي البقاء في القري بسبب الحيز العمراني الجديد. تساؤلات مهمة وطرح الخبراء ومنهم د.حمدي الشيخ ود.حسن بخيت خبير التشريعات العقارية وعبد المقصود نجم - مستثمر زراعي - العديد من التساؤلات التي مازالت تحتاج إلي اجابة ومنها: لماذا لا يتم التركيز علي النهوض بالقرية وانجاز مشروعات المياه والصرف الصحي بها، بدلا من اضافة آلاف الأفدنة الزراعية للحيز العمراني؟! ولماذا لا تعطي الدولة قروضا بدون فوائد، وبفترات سماح طويلة لاصحاب المساكن الريفية القديمة ليتمكنوا من اعادة بنائها علي عدة طوابق لتسهم في حل مشكلة الاسكان بالقري!! ولماذا لا يتم تشجيع المقيمين في الريف الذين لا يعملون في المجال الزراعي علي الانتقال لقري الظهير الصحراوي، او للمدن الجديدة بالمحافظات؟ ان مجلس الوزراء ذاته قد حدد - حسبما أعلن - لهيئة التخطيط العمراني سقفا لحجم الأراضي التي تدخل ضمن الحيز العمراني الجديد بألا تتجاوز ال 100 ألف فدان علي أقصي تقدير!! وهنا السؤال: ما الذي يضمن عدم تجاوز هذا الرقم عند وضع الحيز العمراني الجديد؟ وكيف سيتم تحديد هذا الحيز علي ارض الواقع؟! وهل ستوضع حدائد ومعالم ثابتة توضح حدود هذا الحيز؟! يضيف الخبراء: الدولة للأسف تتساهل من خلال قانون البناء الجديد.. في اهدار الأراضي الزراعية وتسمح بإضافة آلاف الأفدنة الزراعية للحيز العمراني وكان يجب ان تشجع المقيمين في المحافظات التي لها ظهير صحراوي علي الانتقال للقري الصحراوية، وتشجع ايضا المقيمين في الريف الذين لا يعملون في المجال الزراعي علي الانتقال للمدن الجديدة. وطالب كل من د.أمين منتصر خبير الاقتصاد الزراعي والمهندس الزراعي عبد المنعم عزيز والدكتور أحمد الدميري وكيل بنك الاستثمار القومي واحد المهتمين بتجربة القري الصحراوية بضرورة وضع ضمانات كافية تمنع العدوان علي الأرض الزراعية.. ووضع آليات تشجع علي التوسع في الأرض الصحراوية المجاورة للعمران.. وعمل احلال وتجديد للمباني الريفية القديمة بقروض ميسرة من البنوك الزراعية. طالب الخبراء ايضا بضرورة اقامة المشروعات الصناعية العامة والخاصة بالظهير الصحراوي وذلك للحد من الزحف علي الأراضي الزراعية وتكوين مجتمعات عمرانية جديدة من اجل الحفاظ علي الرقعة الزراعية من أي تعديات. اوضح د.الدميري ان هناك اكثر من 13 محافظة لها ظهير صحراوي منها 3 محافظات في جنوبالوادي و6 محافظات في الدلتا وهذه المحافظات يمكن ان ينشأ بها قري في الأراضي الصحراوية المجاورة للعمران لتتمكن من استيعاب الكثافة السكانية المستقبلية. وبالفعل تم انشاء قرية "بيت خلاف" الجديدة في محافظة سوهاج، وتم توزيع 3 آلاف فدان علي فلاحي القرية الصغيرة وتسلم كل منهم منزلا كامل المرافق. ان قري الظهير الصحراوي - كما يقول د.الدميري الذي أعد دراسة مهمة عن هذه القري - يمكن ان تكون بديلا جديدا للاحوزة العمرانية التي سيتم انشاؤها بالمحافظات التي لها ظهير صحراوي. ويمكن ان تستوعب هذه القري اكثر من 10 ملايين مواطن في فترات محدودة بشرط ان تكون امتدادا للقرية الأم، أو مجاورة للعمران، وان يتم ربطها بالعمران أو بالقرية الأم بطريق اسفلتي مضاء بالكهرباء... مع توفير الخدمات الاساسية من ماء دائم لهذه القري التي يمكن ان يتم التوسع في انشائها في كل من اسوان وقنا وأسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم وباقي المحافظات التي لها ظهير صحراوي.