نفقد 50 الف فدان سنويا من اجود اراضينا الزراعية وخلال سنوات ستتحول مصر الي دولة صحراوية بالكامل.. مؤشرات خطيرة وارقام مقلقة وردت في احدث الدراسات والتقارير المحلية والدولية والتي اكدت اننا في حاجة الي وقفة جادة وعاجلة لحماية الاراضي الزراعية بعد ان فقدنا خلال الاعوام الخمسين الماضية مليون فدان لا يمكن تعويضها بأي شكل من الاشكال. الأخطر من ذلك والذي حذر منه الخبراء هوأن ماتفقده مصر من الاراضي يتم بشكل رسمي ومخطط من الجهات الحكومية والتي تسمح بالتوسع بحوالي 50الف فدان سنويا علي حساب الاراضي الزراعية لاستيعاب الزيادة السكانية وهو مايعد احد اهم اسباب الارتفاع المطرد والمستمر في اسعار الخضراوات والفواكه خلال السنوات القليلة الماضية. وزارة الاسكان اعلنت انها ستنتهي من تخطيط الاحوزة العمرانية لكافة المحافظات بنهاية 2012 من خلال 4 مراحل متتابعة تم الانتهاء من المرحلة الأولي منها وشملت محافظات سوهاج، أسيوط المنوفية، كفر الشيخ، الغربية، القليوبية، بني سويف وستنتهي المرحلة الثانية بنهاية 2010 وتشمل محافظات: "الدقهلية، والاسماعيلية، والبحيرة"، وبها 7 آلاف و324 عزبة وكفرا ونجعا". وسيتم طرح المرحلتين الثالثة والرابعة خلال الأشهر المقبلة وتشمل المرحلة الثالثة محافظات "الشرقية، دمياط، المنيا، الأقصر، الفيوم"، بينما تشمل المرحلة الرابعة محافظات "الإسكندرية، 6 أكتوبر، وحلوان، وقنا، وأسوان". وفي اشارة واضحة لخطورة قضية التعديات اكد امين اباظة وزير الزراعة أن الأرضي الزراعية التي تم البناء عليها خلال الفترة الماضية كان يمكن أن تستوعب ضعف عدد السكان الحالي في حالة تنظيم وتخطيط البناء عليها حيث ثبت أن معدل الفاقد في الأرض الزراعية منذ عام 1973 يتراوح ما بين 50 - 60 ألف فدان سنوياً. وقال أباظة إنه تم تنفيذ ورقة العمل التي قدمتها أمانة السياسات بالحزب الوطني للحفاظ علي الأرض الزراعية من خلال السماح بالبناء علي المتخللات والجيوب داخل حيز 1985. وفي الوقت نفسه حذرت أحدث الدراسات العلمية التي أجراها علماء الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء في مصر من احتمال اختفاء المساحة الكلية للأراضي الزراعية المصرية بعد حوالي 60 عاما ، وذلك إذا استمر التوسع العمراني العشوائي بمعدلاته الحالية المرتفعة الدكتور عباس زغلول رئيس شعبة التطبيقات الهندسية والمياه بالهيئة يؤكد ان أحدث الدراسات التي تمت باستخدام الأقمار الصناعية أثبتت وجود تغيرات في مساحة الأراضي الزراعية في بعض محافظات الجمهورية ، وأضاف أن بعض العلماء توقعوا أنه مع حلول عام 2050 ستخسر مصر حوالي 17٪ من مساحة الدلتا نتيجة الزحف العمراني العشوائي علي الأراضي الزراعية مشيرا إلي أنه لا توجد إحصائية دقيقة حول مساحة الأراضي الزراعية في مصر بالرغم من مشروعات التوسع الزراعي واستصلاح الأراضي ، فالإحصائيات تأخذ في الاعتبار مساحة الأراضي الجديدة وتغفل تحديد المساحات التي تم استقطاعها ،مشيرا إلي أن المساحة الزراعية في محافظة كفر الشيخ مثلا تراجعت بنسبة 20٪ خلال العقدين الماضيين ، وفقدت منطقة شرق الدلتا حوالي 34٪ من مساحة أراضيها الزراعية .
إعادة التخطيط واكد عباس ضرورة إعادة تخطيط وتقسيم الخريطة الإدارية لمحافظات مصر ، بحيث يكون لكل محافظة مساحة من الظهير الصحراوي يسمح لها أن تمتد فيه عمرانيا وتقام فيه مشروعات التنمية الصناعية والأنشطة الأخري الخدمية من مستشفيات ومدارس. واضاف زغلول أن المتابعة التي يجريها علماء الهيئة علي صور الأقمار الصناعية علي فترات زمنية مختلفة توضح انتشار القري والمراكز والمدن بصورة سرطانية تلتهم الأراضي الزراعية وأكد عباس ضرورة إعلان الوادي والدلتا محمية طبيعية يحظر البناء عليها ، وعدم شق طرق مواصلات دائرية حول المدن الكبري في الدلتا ، علي أن يتم تحسين شبكة الطرق الحالية وتوسيعها وزيادة الخدمات عليها بدلا من إهمالها واستقطاع مساحات من الأراضي الزراعية لإنشاء طرق مواصلات جديدة. الدكتور نادر نور الدين الاستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة اكد ان مصر تواجه خطرا كبيرا للغاية يتمثل في فقدها 50 الف فدان سنويا من اراضيها الزراعية بشكل رسمي ومقنن تعتمده السياسات الحكومية حيث تسمح الخطط الحكومية بالتوسع العمراني بمقدار 50 الف فدان سنويا علي الاراضي الزراعية لاستيعاب الزيادة السكانية الحالية وهو امر خطير للغاية واذا استمر الوضع علي هذه الصورة فهذا يعني اننا بنهاية القرن الحالي سنصبح دولة صحراوية تماما وسنفقد كل اراضينا الزراعية وهو ماتشير اليه كل الدراسات التي اجريت في هذا الموضوع. ويؤكد نور الدين ان تقرير البنك الدولي اشار الي ان مصر فقدت خلال الخمسين عاما الماضية مليون فدان من اجود اراضيها الزراعية وانه خلال ال36عاما الماضية فقدنا 750 الف فدان في الوقت الذي نعاني فيه من فجوة غذائية واضحة تحتاج منا الحفاظ علي كل شبر من اراضينا لان اعتمادنا علي سد هذه الفجوة من خلال الاستيراد بات امرا مقلقا لان الوضع العالمي تغير كثيرا فالتغيرات المناخية العالمية ستؤثر بشكل كبير علي الانتاجية العالمية من المحاصيل وقد لانجد دولا نستورد منها كما ان هناك اتجاها عالميا لاستخدام المحاصيل الزراعية في انتاج الوقود الحيوي فضلا عن الزيادة السكانية العالمية التي ستجعل فائض الانتاج اقل بكثير من الوضع الحالي وبالتالي سترتفع الاسعار وسيصبح من الصعب الحصول علي غذائنا وهذا امر مقلق للغاية. ويضيف الدكتور نور الدين انه علي سبيل المثال فواردات مصر من القمح ستزداد بنسبة 137٪ عام 2030وهذا لن يكون متوافرا لان السوق العالمي من القمح الان يستقبل 18٪من الانتاج العالمي او مايعرف بفائض الانتاج لكن عدد سكان العالم الان 6.3مليار نسمة وسيصل الي 9.5مليار نسمة وبالتالي لن يصبح هناك فائض. ويؤكد الدكتور نادر ان هناك ارتباطا واضحا بين الارتفاع الكبير في اسعار الخضراوات والمحاصيل في الفترة الاخيرة والتعدي علي الأراضي الزراعية فتقلص المساحة أدي الي نقصان في انتاجية العديد من المحاصيل وبالتالي ارتفعت الاسعار.. وهو ما يحتم علينا اعتبار الارض محمية طبيعية كما كانت في السابق ويتم تجريم البناء عليها واعتبارها جريمة امن دولة... حذر نور الدين من استغلال موسم الانتخابات البرلمانية الحالية في الاعتداء علي الارض الزراعية مع اعادة النظر في نظام الكردونات والاحوزة العمرانية الحالية حتي نحافظ علي ماتبقي من الارض لاجيالنا القادمة.. ويلفت الأنظار الي أن ما يضيع من الأرض القديمة بالتعديات صعب تعويضه لأن الفدان في الوادي والدلتا يساوي خمسة أفدنة في الأراضي المستصلحة والمعروفة بفقر تربتها الزراعية.