هل توحش الانسان؟..هل اختلت الطبيعة؟ سؤال هما بالفعل سؤال واحد وان حملا علامتين تعجب لابد أن يتبادر الي ذهن كل متأمل فيما يحدث من حولنا..ما كل هذا العنف، حتي الحب أصبح فيه المحبون، يتربص كل طرف بالآخر: كأن ينظر المحب الي حبيبته بنص عين وحاجب مرفوع، متسائلا " ونفسه حبيبته تقوله لأ : بتحبيني يا عسل؟ فان قالت مشاغبة ومداعبة : بصراحة لأ.. يخلع الحبيب ذراعه الذي يتأبط ذراعها، ثم يهرع قائلا: بصي ها اوريكي حاجة، ملقيا بنفسه في أقرب فرع للنيل، أو الترعة .. أيهما توفر! وليس هذا الكلام بسبب حادث بعينه، ولكنه مرتبط بعشرات الحالات، التي تحدث هنا وهناك، وهي حوادث بعضها محير، وكثير منها مقلق، ومع شديد احترامي لعلمائنا الأفاضل، فانني وبطبيعة عملي أعد من المتابعين عن قرب، والمناقشين عن سعي مخلص للفهم ، لا تشبع رغبتي في الفهم، عندما استمع الي رأي أحدهم ولهم كل التقدير والمودة يرجع هذه التغيرات المجتمعية الخطيرة لانتشار أجهزة الريسيفر والدش وامتلاء السماء بقنوات فضائية تبث أفلام العنف والاثارة..وهذا يا سادتي تبسيط هدفه ازاحة الضمير ومنعه عن التفكير.. العنف مرض عالمي، ولكنه بالنسبة لمصر فهو مرض عابر حاد، غير متوطن، أما الدراما فهي بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب؛ وفي تاريخ السينما المصرية العريق، أفلام أشد عنفا واثارة ( راجعوا أفلاما مثل: المجرم، ريا وسكينة، أمير الانتقام، رصيف نمرة خمسة، وصولا الي افلام السبعينيات والثمانينيات مثل دائرة الانتقام وأفلام يوسف منصور ومن النوع المستورد جاءتنا أفلام الفك المفترس وجيمس بوند وبروس لي)، هذه الأفلام لا تقل عنفا عن الموجود بالسوق حاليا عبر الريسيفر والدش، بل إن بعض علماء النفس يرون في هذه النوعية من الأفلام، تنفيسا عن الطاقات الكامنة داخل النفس البشرية، وفي السياق أشير الي صديق يعمل عملا شاقا، لا يستطيع النوم الا اذا شاهد ثلاثة أفلام من النوع الأكشن..يعني.. طاخ..دش..أووأة، وهو في عمله هادئ جدا، لم يضرب في حياته رئيسا ولا مرءوسا! وعودة الي ما يحدث من حولنا، لم أقرأ حتي الآن أن عالم نفس فاضلاً أو اجتماع موقراً طلب مقابلة سفاح شركة المقاولون العرب، الذي فتح النار علي زملائه في سيارة الشركة، قابضا لأرواح عدد لا يقل عن عدد ضحايا أكبر الحوادث الارهابية، ومن الغريب أن تاريخه النفسي والاجتماعي لا ينبأ عن النهاية الإجرامية، المأساوية التي تسبب فيها لنفسه و للآخرين..فأي سبب هذا الذي يؤدي الي هذه النتيجة الملعونة..الملغومة..أترك الاجابة لعلماء مصر الأجلاء. صراع الجبابرة الطريف أن الوحوش أيضا مازالت مستمرة في صراعها الأزلي الابدي، وفقا لنظرية "البقاء للأقوي" هي حرة.. ده قانونها، ولا عجب في ذلك، قانون شريعة الغاب، ولكنه مع الجديد أن الوحوش أصبحت أكثر وحشية، أكثر دموية، وهو أمر بات يتفق مع بطش هذا العصر.. هذا ما جاءت به دقات " التيكرز " الذي تبثه وكالات الأنباء، ويحمل ايقاعا معينا عند بثها خبرا مهما، ومفاد الخبر أن احدي المحميات، قد شهدت صراعا غريبا، مختلفا، يستهوي الانسان متابعته في برامج عالم الحيوان، نتابعه بغرابة، وأحيانا باستهجان، في حين أن بداخلنا اعجابا به، ورغبة عارمة في التقليد؛ أليس الشقيق يمص دم شقيقه في حين تستهجن ذلك بعض انواع الحيوانات؟ أليست الام المنحلة تخنق رضيعها لأنه يصدر صوتا يقلقها أثناء اجتماعها بالعشيق؟..أليست هذه كلها مظاهر عنف منزوع الرحمة؟ ونعود للواقعة التي شهدتها احدي المحميات في ولاية فلوريدا الأمريكية، حيث وقع صراعاً ساخناً بين أفعي عملاقة طولها أربعة أمتار، وتمساح ضخم طوله متران، وانتهي الصراع بموت الاثنين! في البداية حاول الثعبان، وهو من نوع الأصلة البورمية، ابتلاع غريمه التمساح ابتلاعا كاملا شقاوة واختبار لجبروت نفسه وهي عادة عند هذا النوع من الثعابين، غير أن التمساح "اتحشر بداخل أمعائه"، الطريف والدرس الذي نتعلمه من التمساح الوحش، أنه لم يستسلم، حتي وهو في ظلمات الجب، فاستخدم أظافره في تقطيع جدار المعدة من الداخل، وهذا ما نتعلمه يا اخواني من التمساح المغلوب علي امره المقاومة حتي النهاية.. وعلي طريقة مذيعات برامج الاطفال أقول: مانخليش حد ياكلنا دون أن نتعبه ونوريه شغله.. هذا وقد تم العثور علي بقايا الثعبان وذيل التمساح الذي تمكن من الخروج..ولكن ما أحار العلماء اللي راحوا يدرسوا بجد اللي حصل أن رأس الثعبان اختفت! مين اللي أكل راس الثعبان؟.. اتصل أو ابعت sms