مازالت ردود الفعل المتباينة للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة بإصدار تصريح بالزواج الثاني، تزداد يوما بعد الآخر، لاسيما بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس المحكمة وأوضح فيه أسباب الحكم. والذي تلاه عقد جلسة طارئة للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم الثلاثاء الماضي، برئاسة البابا شنودة لبحث تداعيات هذا الحكم، والتي قرر فيها المجمع رفض تطبيق أي قرارات تمس صلب العقيدة، وتتعارض مع ما جاء بالكتاب المقدس، مؤكدا أن الزواج والطلاق في المسيحية يتم من خلال ما جاء بالكتاب المقدس وتعاليم السيد المسيح، باعتبار أنه أحد أسرار الكنيسة التي هي صلب الإيمان المسيحي الأرثوذكسي. الموضوع أثار جدلا كبيرا في الشارع المصري بصفة عامة والمسيحي بصفة خاصة، لا سيما بعد أن أثار ضجة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام، تباينت ما بين أغلبية عظمي رافضة للقرار وأقلية يهمها تفعيل القرار لصالحها. بعيد عن هذا وذاك، فهناك العديد من الملاحظات التي استطيع رصدها في هذا الموضوع: 1- هل في حالة صدور أي حكم من قبل المحكمة الادارية العليا يحتاج لعقد مؤتمر صحفي يتم فيه مناقشة حيثيات الحكم؟ في الغالب لا، ليبقي السؤال لماذا عقدت المحكمة مؤتمرا صحفيا اكدت فيه ضرورة تنفيذ البابا للحكم، وإلا وبحسب ما جاء علي لسان سيادة المستشار محمد عبد الحليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة أنه من حق المتضررين إقامة جنح مباشرة لعزل البابا وحبسه باعتباره موظفًا عاما، في حين أن محكمة الجنح سبق وأكدت في العديد من أحكامها أن البابا ليس موظفا عاما!! وعلي فكرة يا سيادة المستشار هناك آلاف الأحكام الصادرة من متضررين ضد موظفين عموميين يشغلون مناصب رفيعة ولم يتم تنفيذها!! 2- طبقا للدستور المصري الذي أكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وطبقاً لما جاء بسورة المائدة «وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون»، فقد جاء في الكتاب المقدس إن من طلق امرأته إلا لعلة الزني يجعلها تزني ومن تزوج بمطلقة فإنه يزني (متي 5: 32) وهذا هو السبب الرئيسي في المشكلة بين أوساط العامة، فمنظومة الحكم يؤكد أنه استند إلي القانون وإلي ما جاء بلائحة الأحوال الشخصية لغير المسلمين التي صدرت عام 1938م، والتي اعترضت عليها الكنيسة فيما بعد وادخلت عليها العديد من التعديلات، حتي قدمت إلي وزارة العدل لائحة جديدة اقرتها ولأول مرة جميع الطوائف المسيحية، والتي لم تر النور حتي تاريخه!! في حين تري الكنيسة أن الحكم خالف الدستور لأنه لم يستند إلي ما جاء بالشريعة الإسلامية، وبالتالي الكتاب المقدس. 3- اعتبر الحكم أن الكنيسة هيئة عامة، وبالتالي فهي ملزمة بتنفيذ الحكم مهما تعارض مع نظامها، واعتقد أنه استند لحكم سابق صدر من محكمة القضاء الإداري عام 1984م يقضي باختصاص المحكمة الإدارية العليا في النظر في احدي القضايا المرفوعة من شخص ينتمي إلي الكنيسة الانجيلية بسبب فصله من عضوية الكنيسة التابع لها. وهناك فارق كبير ما بين الحكمين وأثرهما علي الكنيسة. 4- جاء في حيثيات الحكم إن الحق في تكوين أسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات، وإن المحكمة إذ تحترم المشاعر الدينية غير أنها تحكم وفقا لما قرره القانون، وأن القاضي لا مفر امامه إلا تنفيذ ما نص عليه القانون وقواعده. ونحن نتفق جميعا مع الحكم ونحترمه، لكنني أتساءل ما هي الاعتبارات التي يعلو فوقها هذا الحق، وهل هي هدم بعض ثوابت العقائد الدينية؟ وهل نص القانون يتعارض ونصوص الدستور؟ 5- بعض الصحف والمواقع الالكترونية التي تبحث عن إثارة الفتنة هاجمت الكنيسة علي موقفها، وبدأت تردد نفس النغمة وهي أن الكنيسة تحاول أن تصبح دولة داخل الدولة، وأنها تستقوي بالخارج وبأقباط المهجر.. إلخ كل هذه المهاترات تؤدي إلي زيادة الاحتقان بين ابناء الوطن. فالكنيسة جزء لا يتجزأ من المجتمع، والأقباط جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، فهل عندما يبحث المواطن عن حقوقه التي لا تتعارض مع حقوق الآخرين يصبح شاذا؟ في النهاية أتمني أن نجد الحل المناسب لهذه المشكلة بما يحفظ احترام الأحكام القضائية، والثوابت الدينية، وهيبة الدولة، وإنسانية الإنسان. تلغرافات: الموقع الالكتروني «المصريون»، وفي سياق متابعته المستمرة لتداعيات الحكم «بأسلوبه الخاص»، ذكر أن البابا شنودة موظف عام بالدولة، يتقاضي منها راتبا شهريا يعادل راتب رئيس الوزراء، وبالطبع هذا الكلام لا يمت للحقيقة بصلة فالبابا كما سبق وأوضحنا ليس موظفا عاما، ولا يتقاضي أي رواتب سواء من الدولة أو الكنيسة بحكم أنه راهب «البطريرك أو الأسقف أو الراهب لا يتقاضون أي رواتب مالية» فقط يعامل بطريرك الأقباط الأرثوذكس طبقا للبروتوكول كرئيس وزراء شأنه شأن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ويأتي من بعد رئيس الوزراء - شيخ الأزهر. الفنان الوزير فاروق حسني أعلن مؤخرًا وفي لقاء مع نخبة من المثقفين بأن دوره في الوزارة انتهي، ودعا هذه النخبة إلي وضع خطة عمل للوزير الجديد.. الموضوع يحتاج لتوضيح يا سيادة الوزير. انتخابات مجلس الشوري الأخيرة أفرزت عن اكتساح الحزب الوطني، ودخول 4 مستقلين، و4 من أحزاب المعارضة، و3 أقباط النتيجة بروفة جيدة لانتخابات مجلس الشعب المقبلة.