من أسس إعلاء الشفافية والمساواة وتعزيز الثقة ما بين الحكومة والمواطنين وترسيخ شعورهم بالانتماء للوطن ومصلحة العمل الالتزام بنظم واضحة وعادلة لشغل الوظائف القيادية يقوم علي الوضوح والتنافس وموضوعية إتخاذ القرار ونشر المعلومات عن الوظائف المتاحة أو التي ستخلو وكذا معايير الاختيار حتي يمكن اختيار الأفضل والأصلح لها. مع ضرورة الإعلام عن كيفية اتخاذ القرارات وتيسير الحصول علي المعلومات وترويج استخدام ممارسات عادلة. ونحو ذلك الاتجاه وبناء علي عرض من وزير التنمية الإدارية صدر قرار ئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010 بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 ويعمل به من 25 مارس 2010. ونص علي أن تعلن كل جهة عن شغل الوظائف القيادية الخالية بها أو المتوقع خلوها خلال ستة أشهر من جريدتين يوميتين وعلي الموقع الإلكتروني للجهة إن وجد أو علي موقع الحكومة المصرية علي الإنترنت لاحظ النشر في الصحف أيضاً فضلاً عن الموقع الإلكتروني معاً وليس أي منهما. ويتضمن الإعلان مسميات الوظيفة ودرجتها المالية ووصف موجز لها وشروط شغلها والقدرات اللازمة لشغلها والمدة المحددة لتلقي الطلبات والجهة التي تقدم إليها ويتقدم للإعلان العاملون بالوحدة وغيرهم أيضاً. ويشترط فيمن يتقدم أن يكون مستوفياً لشروط شغل الوظيفة وأن يحدد موقفه بالنسبة للمهارات والقدرات المطلوبة لشغلها مصحوباً بالدليل علي ذلك. وبخصوص المفاضلة ما بين المتقدمين فتم النص علي أنه يتم تقييم المتقدمين بناء علي أربع مجموعات من المعايير والقدرات وذلك مع باقي واشتراطات شغل الوظيفة. ومن هذه المعايير التاريخ الوظيفي وتقارير الكفاية والإنجازات وتحدد لذلك 30 درجة، ومنها المهارات القيادية وتشمل القدرة علي اتخاذ القرارات في التوقيت المناسب والقدرة علي التجديد والابتكار وتحدد لهذه المجموعة 30 درجة. أما القدرات العلمية والعملية والمؤهلات وإجادة لغات أجنبية والإلمام بعلوم الحاسب وسابقة العمل بمنظمات دولية وإقليمية والاشتراك في مؤتمرات وإعداد البحوث فحدد لها 30 درجة. بينما حدد 10 درجات للسمات الشخصية التي تكشف عنها المقابلة من مظهر لائق والقدرة علي التخاطب. وورد بالقرار أنه تشكل بكل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة لجنة دائمة من الخبراء في مجال التخصص وإدارة الموارد البشري والحاسب الآلي واللغات برئاسة الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة ويجوز ضم خبراء لعضويتها. ومن المفترض النظر في أمر المرشحين لشغل وظيفة ما علي أساس الحصول علي أعلي درجات وفقاً للتقييم النسبي السابق وايفادهم للتدريب اللازم لشغل هذه الوظائف. لكن يلاحظ، كما يقول بعض المخضرمين والخبثاء أن أية قانون أو تعديل لا يمكن أن يتغلب علي الوساطة والمحسوبية والتفضيل والانتقاء والتعيين بالهوي وكأنها عزبة خاصة. بل إن بعض الممارسات تؤكد هذا السلوك المعيب. وعليه فقد جاء القرار كمحاولة لتفادي بعض هذه العيوب. ونحن في انتظار صدور قرارات أخري بآليات أخري لملافاة باقي العيوب. فالموضوع ليس إجراءات ونشر إليكتروني فحسب بل يلزم ضرورة معالجة ما تأصل في نفوس البعض من تنطع وممارسات غير سوية أحياناً وتغليب مصالح شخصية أو قبلية أو جبر الخواطر أو تصفية حسابات أو تبادل مصالح أو خوف من غريم أو تفضيل صديق أو تقريب ضعيف أو مطبلاتي. وطالما أن ذلك لا يخضع للمحاسبة والرقابة فسيستمر الأمر وسيتدهور الإنجاز ومستوي الخدمات الحكومية وفاعليات الوظائف القيادية ولا عزاء للمواطن أو المصلحة العامة. ويذكرني ذلك بإعلان رسمي سبق أن تم عن منصب خبير ومستشار مهم وتقدم كثير من المؤهلين وفجأة وخلسة تم اختيار أدناهم كفاءة لأنه صهر أحد المسئولين وعلق أحد الفاهمين أنه وإن كان الشخص المختار لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة فيكفي أن قريبه يتمتع بأعلي كفاءة في جميع المجالات. وجدير بالذكر أنه في نفس الإطار الشفافية الصحيح سبق صدور قرار رئيس الوزراء رقم 33 لسنة 2010 بشأن النشر الإلكتروني عن المناقصات والمزايدات الحكومية في الجهات المختلفة ويلزم القرار وحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وهيئات عامة بنشر صور كاملة من كراسات الشروط والمواصفات الخاصة بالمناقصات والممارسات العامة والمحدودة والمحلية علي موقع بوابة المشتريات الحكومية وعنوانه www.etenders.gov.eg اعتباراً من أول يناير 2010 وذلك دون الإخلال بوجوب الإعلان عنها بالطرق الأخري. بل ويسأل تأديباً الموظف المتسبب في النشر المخالف. وتأكيداً لفاعلية القرار الحالي نري أنه يلزم التأكد من التزام الجهات المعنية بتطبيقه ومراجعة المواقع الحكومية بصفة دائمة والتأكد من دوام إمدادها بالبيانات المحدثة اللازمة حتي يحقق القرار الغرض منه وإلا سيصبح حبراً علي ورق كما يلزم تحديد عقوبات رادعة للجهات التي تمتنع عن تنفيذه. بل هل تعلم الجهات الملزمة بالقرار يقيناً وهل تلتزم أو التزمت به بالفعل؟ وما عدد الجهات التي التزمت وهل هناك متابعة للتنفيذ الفعلي أم سينتهي الأمر بصدور القرار. وما تم بالفعل من إصدار القرار الوزاري بالإعلان أمر محمود وفي الاتجاه السديد خاصة لو حسن التطبيق وتمت المتابعة وتعزيز للشفافية والمنفعة العامة ولكن إصلاح النفوس والممارسات المعوجة يحتاج إلي مجهودات أكثر ووقت أطول ولهذا مجال أخر.