كعادته، يبدأ دكتور نبيل لوقا بباوي رده علي رواية "عزازيل" ببشارة معتدلة، تبدو مدافعة عن منطق الرواية، ويري الضجة حولها مفتعلة لا داعي لها، حيث يقول في كتابه "الرد علي عزازيل.. هل بها مساس بالعقيدة المسيحية" متسائلا: "هل آراء نسطور وغيره من المهرطقين ومحكامتهم وحرمانهم ونفيهم وردت في الكثير من الكتب المسيحية أم لا؟"، ويجيب بنفسه في صيغة سؤال استنكاري: "إذا كانت موجودة في الكتب المسيحية وخاصة المجامع المسكونية التي حرمتهم ونفتهم، لماذا الغضب إذن؟". يؤكد د. بباوي أنه لا يمكن لعقيدته المسيحية الأرثوذكسية أن تهتز لمجرد أنه قرأ فكرا آخر يناقض ما يؤمن به، وأن الأسلوب الحضاري الذي تقره الديانات هو الرد علي أي فكر شاذ أو متطرف بفكر صحيح بلا أي تجريح أو تدن أو غمز ولمز في عقيدة الآخر. وفق د. بباوي فإن رواية يوسف زيدان استندت علي التاريخ كجزء من خلفية شخوص الرواية، وعليه فمن حقه أن يتلاعب ويلون في الأحداث لأن التاريخ غير مقدس وقابل للتفسير والتأويل، أما المقدس فهي النصوص السماوية سواء في الإنجيل أو القرآن، وهنا تبدأ الخطوط الحمراء في الظهور معلنة عن أمور من القيم الدينية والموروث الديني لا يمكن تجاوزها. من هنا يري نبيل لوقا بباوي أن ما حدث بعد صدور رواية "عزازيل" هو اختبار للمسيحية والإسلام معا، فهو مقتنع بأن الطريق إلي شهرة عمل ما المطالبة بمصادرته وإلغائه، ولذلك فإن ما تقوم به بعض الجماعات المتعصبة من المسلمين أو المسيحيين لا يخدم الديانة الإسلامية ولا المسيحية في شيء، أي أن خصوم زيدان لم يكسبوا غير أنهم زادوا الرواية شهرة وانتشارا علي شهرتها وانتشارها، مع أنه كان يجب في النهاية النظر إلي رواية "عزازيل" علي أساس أنها عمل فني وليس تفضيل مبدأ لاهوتي علي آخر، لأن ذلك كما يؤكد بباوي لم يحدث في الرواية ويدعو بباوي عامة المسلمين والأقباط في مصر إلي الاعتبار من قصة عزازيل وأن يتمسكوا بثقافة أن الأديان حجة علي تصرفات أتباعها وليس العكس، فمثلا تصرفات أسامة بن لادن ليست حجة علي الإسلام، وكذلك الحال بالمثل، فإن تصرفات الراهب في الرواية ليست حجة علي المسيحية ككل، بل هي آثام وجرائم ترجع إلي أصحابها. فيما عدا ذلك انصب رد د. بباوي علي نقطة واحدة فقط هي الخلاف بين المذاهب المسيحية حول طبيعة السيد المسيح، وهل هي طبيعة واحدة، كونه إلهاً، أم طبيعة ثنائية، إنسان وإله، وينتهي إلي أن الإنجيل صريح في أن السيد المسيح له طبيعة واحدة، وأن ما جاء بالرواية من خلافات في اللاهوت، هو بعيد عن رؤية السيد المسيح لنشر المسيحية الواحدة، لكنه تاريخ حدث بالفعل.