في جريدة روزاليوسف، نشر يوم الأحد الماضي 7 مارس خبر في موقع مميز بالصفحة الخامسة، وبمساحة كبيرة نسبيا ثلاثة أعمدة * 12 سم، وتم إبراز الخبر بوضع عنوانه علي سطرين باللون الأسود الغليظ.. وكان نص العنوان محرر في روزاليوسف يعتصم في نقابة الصحفيين متهمًا رئيس التحرير بالتعسف.. وفي داخل الخبر إشارة إلي قيام الزميل علي حد تعبير الجريدة) سراج وصفي المحرر الفني بمكتب روزاليوسف بالإسكندرية اعتصاما مفتوحا بمقر نقابة الصحفيين احتجاجا علي ما قال إنه قرار تعسفي أصدره رئيس التحرير عبدالله كمال.. ثم يورد الخبر كثيرا من التفاصيل عن الموضوع علي لسان المحرر صاحب الشكوي، وموقف نقابة الصحفيين من هذه الشكوي، وتعليق موجز لرئيس التحرير حول هذا الموضوع. وبداية أود الإشارة إلي أن هذه قد تكون المرة الأولي في الصحافة المصرية التي يتم نشر فيها مثل هذا الخبر بكل تفاصيله وبكل دلالاته.. وهو ما عكس تطورًا في مفهوم الصحافة من ناحية، وفي طبيعة الحوار بين رئيس التحرير ومحرريه من ناحية أخري. وقد لفت نظري في هذا الخبر عدة أشياء، أولها وجوده نفسه.. فمن غير المألوف في الممارسات الصحفية المصرية أن يتم عرض الخلاف والمشكلات الداخلية للمؤسسة أو للمطبوعة، وتناول أبعادها المختلفة بهذا الوضوح وتلك الشفافية، خاصة إذا كان رئيس التحرير طرفًا في الموضوع، أو له علاقة بالخلاف.. فالمألوف أن يتم تجاهل الموضوع برمته، أو دفنه في الصحفات الداخلية أو نشره بحجم صغير.. ولا شك أن السماح بنشر مثل هذا الخبر يعكس ثقة بالنفس لدي المؤسسة، واحترافية في أداء رئيسها. ثانيا: اللغة الودودة التي تم استخدامها في صياغة الخبر وفي عرض وجهات النظر المختلفة بشأن الموضوع، فقد تم استخدام مفردات مثل الزميل في أكثر من موضع، سواء علي لسان رئيس التحرير أو بواسطة محرر الخبر، وعلي الرغم من أن الصراع هو بين قمة العمل الصحفي رئيس التحرير، وأحد المحررين، فإن صياغة الخبر أظهرته وكأنه خلاف في وجهات النظر بين زميلين أو محررين، وهو جانب إنساني مهم في علم إدارة المؤسسات الصحفية. ثالثًا: إن المساحة الممنوحة لعرض وجهة نظر المحرر المتظلم كانت أكثر بمقدار الضعف تقريبا عن المساحة المخصصة لرد رئيس التحرير، وأكثر من المساحة التي تم عرض وجهة نظر نقيب الصحفيين في المشكلة.. وفي عرض وجهة نظر المحرر المتظلم تم استخدام الكلمات التي استخدمها مثل قرار تعسفي، ورفض التسوية.. وهو ما يعكس الموضوعية في عرض الخبر من ناحية، والتوازن من ناحية أخري. رابعا: فإن نشر هذا الخبر، وبهذه الكيفية، قد يكون وسيلة لحل الخلاف، ولإنهاء المشكلة.. فعندما تعرض جميع الآراء بموضوعية، وباحترام متبادل، وبلغة راقية.. وعندما يكون الخلاف علي أساس مهني بعيدا عن التجريحات الشخصية، وبعيدا عن الاتهامات المرسلة، يكون الحل سهلا، والخلاف مقبولا. إن هذا الخبر المنشور في جريدة روزاليوسف يعكس نموذجا لصحافة محترفة نتمني تعميمه في معالجة كثير من قضايا ومشكلاتنا.