رسميًا.. البنك المركزي يكشف موعد عودة البنوك للعمل بعد عيد الأضحى 2025    هدوء عالمي ومحلي.. سعر الذهب اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 بمنتصف تعاملات الصاغة    هيئة البث الإسرائيلية تعلن اعتقال نشطاء السفينة مادلين بميناء أشدود    ياسر إبراهيم: نمتلك ذكريات رائعة بكأس العالم.. وهدفنا الفوز على إنتر ميامي    حالة الطقس اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 في القاهرة والمحافظات.. القاهرة تسجل 36 درجة    «أهل مصر» يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة «سائق الشجاعة» (تعرف عليها)    غدًا.. بدء أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    تامر حسني في مواجهة كريم عبدالعزيز ب السينمات السعودية.. مَن يتفوق؟    «تاريخ ساحر مليء بالأسرار».. إطلاق الفيديو الترويجي الأول للمتحف الكبير قبل الافتتاح الرسمي    القاهرة الإخبارية: 27 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    بدعم من الموساد، تقرير جديد للوكالة الذرية يتهم إيران بالسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل    بسبب أزمة الحريديم.. حزب "شاس" يلوح بحل الكنيست    الخارجية الإيرانية بشأن العقوبات الأمريكية الجديدة: الادعاءات المطروحة غير صحيحة    وزير الزراعة ومحافظ سوهاج يزوران موظفا أصيب خلال حملة إزالة تعديات على الأراضي الزراعية بقرية ونينة الشرقية    تقارير: ميلان يتوصل لاتفاق مع مودريتش    9 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم 9 يونيو 2025    رفع 930 طن مخلفات وتكثيف حملات النظافة فى مراكز وأحياء أسيوط    إصابة 8 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بالقليوبية    140 حديقة ومتنزه يستقبلون المواطنين والأفواج السياحية خلال عيد الأضحى    ثالث أيام التشريق.. الحجاج غير المتعجلين يكملون رمي الجمرات في «مني»    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    شاهد لحظة تعثر ترامب أثناء صعوده سلم طائرته الرئاسية.. صور    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    مهرجان موازين يوضح موقفه من استخدام صورة وصوت عبد الحليم حافظ بتقنية الهولوغرام    فرق التأمين الطبي بالإسكندرية تنتشر في أماكن التجمعات خلال عيد الأضحى    فحص 3 ملايين و600 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «المقبلين على الزواج»    رئيس وزراء ماليزيا يأمر بفتح تحقيق في حادث سير تسبب فى مصرع وإصابة 43 شخصا    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    بعد عودته من الحج.. أحمد سعد يشعل حفله في الساحل الشمالي (صور)    فعاليات فنية تُبهج الجمهور في شرم الشيخ وطور سيناء أبو زنيمة    وزير الري يوجه باستمرار متابعة المناسيب بالمصارف الزراعية    عائلات أسرى إسرائيل تتظاهر للمطالبة بإعادة ذويهم وإنهاء الحرب: أعيدوهم جميعا واخرجوا من غزة    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 9-6-2025    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    براتب 9400 ..إعلان 135 وظيفة شاغرة في قطاع الصيدلة و تسويق الأدوية    ياسمين صبري: لا ألتفت للمنافسة.. و"ضل حيطة" قصة تمس واقع الكثير من الفتيات    ليفاندوفسكي: لن ألعب لمنتخب بولندا تحت قيادة المدرب الحالي    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    نقابة الأطباء بعد واقعة طبيب عيادة قوص: نؤكد احترامنا الكامل للمرضى    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    اتحاد العمال: مصر فرضت حضورها في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    أوربان يتعهد بالاحتفال حال انتخاب لوبان رئيسة لفرنسا    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    البرتغال تتفوق على إسبانيا بركلات الترجيح وتتوج بلقب دوري الأمم الأوروبية    مكونات بسيطة تخلصك من رائحة الأضاحي داخل منزلك.. متوفرة لدى العطار    وكيل صحة سوهاج: تقديم الخدمة الطبية ل8 آلاف و866 مواطنا مؤخرًا بمستشفيات المحافظة    فضيلة الإمام الأكبر    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكتور بريليوز بين الرومانسية المفرطة وصدمة القالب الموسيقية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 29 - 07 - 2020

يعتبر الصراع الكبير الذى نشأ فى الموسيقى بعد الحقبة الكلاسيكية مباشرة والتى انتهت بوفاة بيتهوفن هو صراع تكنيكى يعبر عن الصدام بين الصنعة والإلهام، أو بمعنى أكثر دقة بين موسيقى البرنامج وموسيقى التدفق الطبيعى والإلهام الذاتى وبشكل بسيط يعتبر صراعا أيضا بين الموسيقى التى تحاول أن تنتهج التعبيرية من خلال برنامج مسبق معتمد على نص أدبى درامى أو شعرى وبين الموسيقى التى تتخذ الموسيقى ذاتها إلهاما وتدفقا طبيعيا يأتى من الذات دون برنامج مسبق وهذه هى أزمة الموسيقى الفرنسى الكبير والذى ينتمى إلى المدرسة الرومانسية فى بدايتها «هكتور بريليوز» والذى ثار حوله جدل نقدى ضخم لربما أكبر من موسيقاه نفسها والتى تعتبر إلى حد ما متنازعة بين النقاد بشكل كبير، حيث انقسم النقاد لأكثر من فئة بعضها مؤيد لبريليوز ومعترف بعبقريته وبعضا ناكر لذلك وناعته بالتكلف وفريقا آخر يعتبر بريليوز موسيقى موهوب لكنه له سقطاته التى كانت نابعة من مثاليته الرومانسية، ومن ثم لا نستطيع أن نسير على هدى فئة واحدة من هؤلاء النقاد حتى ندخل لعالم بريليوز بشكل صحيح، ومن ثم علينا أن نعرض لهؤلاء جميعا بشيء من التفصيل حتى نستطيع تذوق المزاج الموسيقى لهكتور بريليوز .
علينا فى البداية أن نفرق بين محاولات بريليوز فى تحويل الموسيقى من شكلها المعهود والذى يعتمد على صنعة تخرج من ارتباط الآلات ودمجها بشكل موسيقى بحت حتى نخرج بالشكل الموسيقى الممتع والمثالى إلى موسيقى تنطلق من خلال وضع برنامج مسبق فيما يعرف بالتجسيدية النغمية أو تحويل الأفكار الأدبية والشخصيات لموتيفة موسيقية داخل العمل الموسيقى على سبيل المثال. وعلينا أن نفرق بين محاولاته تلك وبين محاولات الألمانى ريتشارد فاجنر والذى كان معاصرا لبريليوز أيضا حيث كانت محاولات فاجنر أكثر قبولا وأكثر نجاحا من وجهة نظر كثير من النقاد لسببين أولهما: أن فاجنر أنغمس بشكل كبير فى الإشكالية الدرامية الموسيقية وركز على الجراند أوبرا من وجهة نظره هو وكان يتمتع فى ذلك بحماسة أضعاف حماسة بريليوز وثقافة موسيقية فاقت بالطبع ثقافة وتعليم بريليوز، والسبب الثانى أن فاجنر عبر عن الذوق الألمانى الصارخ والذى تميز باندفاع فى المسائل البطولية والانغماس فى أساطير الأدب الشعبى البطولية الألمانية حتى أن فاجنر أصبح فيما بعد الرمز الحقيقى لعظمة الرايخ الثالث إبان الفترة النازية على الرغم أنه كان قد رحل عن عالمنا بنصف قرن تقريبا قبل تأسيس الرايخ الثالث .
لكن على الرغم من وجاهة ما يشاع عن تفوق فاجنر على بريليوز فى مسألة موسيقى البرنامج المسبق ونجاحه من الناحية الدرامية إلا أن الكثيرين من المولعين بفاجنر كانو حذرين بدرجة كبيرة بل واكتشف حتى محبى فاجنر أنه كان يستلهم أو حتى يقتبس من موسيقيين سبقوه سواء فى فترة الباروك أو فى الفترة الكلاسيكية، وهذا أيضا هو نفسه ما حدث مع بريليوز والذى وجد أيضا مشجعين وعشاق لموسيقاه لكن بشكل كبير من الحذر ربما بدرجة أكبر من الحذر مع فاجنر .
تمثل سيمفونيات بريلوز صراعا مؤثرا بين العقل والغريزه وكانت مقاصده الموسيقية فيها تفشل بشكل غريب أو تتحول للدنو بسبب عجزه عن التخلص من الصيغ الموسيقية الموروثة التى كانت تعتبر غير مقبولة فى عصره، والسبب فى ذلك هو أنه كان يحاول فرض أفكار درامية أو شاعرية على البناء الشكلى المحكم للموسيقى، وكانت النتيجة أنه لم يحالفه الحظ فى أغلب الأحيان وكان أيضا فى خلال ذلك يرتد بأساليبه الموسيقية إلا ما قبل الكلاسيكية وخصوصا فى السيمفونيات والسوناتات حتى أنه أحيانا اقتبس الأسلوب القديم لمدرسة مانهايم .
ودعنا نشرح شكل أبسط كيف كان أسلوب بريليوز الذى قيد من خلاله طاقات موسيقية كبيرة كان يستطيع أطلاقها ، كان بريليوز يحدد عنوان عملة الموسيقى سابقا كأن يسميه مثلا – الطرواديات – ومن ثم يجبر نفسه بشكل كبير أثناء تأليفه العمل الموسيقى على محاولة تخيل الشخصيات الدرامية وصفاتها وحركاتها وكيف تتصرف حتى ولم يكن العمل دراميا (مثل أوبرا أو مشهد مسرحى مثلا) وكان هذا بالطبع يجبره على ارتدادات موسيقية خالفت قواعد وقوالب موسيقية مما أضعف الانطلاق الهارمونى عنده، ومع ذلك وكى نكون منصفين فأن هناك أجزاء فى أعماله أو أعمالا كاملة تعتبر آية فى الجمال الموسيقى وتعبر عن جمال النغم فى ذاته والأمثلة كثيرة منها مثلا (سبت الساحرات) و(مارش الأعدام) فى السيمفوينة الفانتازيه كذلك مقطع (الملكه معاب) فى روميو وجوليت كذلك معظم ما قدم فى عملة الشهير (لعنة فاوست) لقد رفعته هذه الإبداعات إلى مصاف الموسيقيين النابهين رغم أضطراب الفكرة الموسيقية عنده .
أن الصراع الرومانتيكى داخل شخصية بريليوز قد أثر موسيقاه على بشكل كبير أحيانا على نحو سلبى وأحيانا على نحو إيجابى لكن بشكل عام كان هذا الصراع الرومانتيكى ينبع من داخل نفسه وظروف حياته التى تماثلت على نحو رومانتيكى أكثر من اللازم وربما نستطيع أن نطلق عليها – االامعقول الرومانتيكى – أو المثالية الرومانتيكية التى أصتدمت فى كل لحظه فى حياته بصخور الواقع الصلبة والمريرة وهناك مواقف كثيرة تثبت لنا أن موسيقى هيكتور بريليوز كانت انعكاسا للصدام بين رومانسيته المثالية وبين واقعه الصعب فلم يكن هذا الطفل الذى ولد فى جنوب فرنسا وتأثر كثيرا بالأدب الرومانسى وخصوصا بأدباء حقبته مثل فكتور هوجو الروائى الفرنسى الكبير لم يكن يستطيع أن يصبح هو نفسه هوجو الموسيقى كما هوجو هو الرومانسى الأكبر فى الأدب ولعل ولع بريليوز بالأدب الرومانسى كان سلاحا ذو حدين، حيث قاده للنجاح فى أعمال موسيقية بعينها وقاده أيضا للفشل فى أعمال أكثر من ذلك، كانت حياته أيضا فى ذلك الإطار فلقد وقع وهو صغير فى حب فتاه تكبره سبعة أعوام حبا من طرف واحد ومن مسافة بعيدة حيث التقى بها مره واحدة فى فصل موسيقى وقادته هذه اللعنة الرومانسية أن يحيا هذا الحب مرة أخرى فى سنوات حياته الأخيرة.
مرة أخرى تتبع بريليوز هذه اللعنه الرومانسية حينما يقع فى حب ممثلة انجليزية تدعى هاريت سامبثون تقوم بدور جولييت فى مسرحية روميو وجوليت لشكسبير ودور أوفيليا فى مسرحية هاملت، وكانت تعمل فى فرقه انجليزية جاءت لباريس لعرض المسرحية وظل يهيم بحبها أربع سنوات دون أن تعلم حتى انتهى هذا الحب بالزواج فى نهاية الأمر لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ لقد فشل زواجهما فشلا ذريعا وظلت مصدرا لآلامه طيلة فترة زواجهما وكان السبب فى ذلك أنها عشق فيها المثال وليس الواقع فكان يتخيلها جوليت أو أوفيليا فى الواقع، وهذا أمر مستحيل بالطبع فهى فتاة عادية وربما أقل من العادية وهكذا أصابت بريليوز عقدة الصدام بين المثالية والواقع أو ما يعرف بأزمة بجماليون وأن كانت أزمة بجماليون قد لازمته فى حياته العاطفية فلقد لازمته بشكل أكبر فى حياته الموسيقية وحامت حول إبداعاته.
تعتبر السيمفونية الفانتازية أو ما يسمى بالسيمفونى فانتاستيك أهم أعمال بريليوز والتى تجلت فيها نظرية بريليوز الموسيقية بنجاح، وقد قام بيرليوز بكتابتها عام 1830 لأوركسترا كبيرة الحجم بعد أن استوحى فكرتها من أحداث حقيقية فى حياته، حيث يصف فيها قصة حبه للممثلة الإيرلندية هارييت سميثسون، ويعبر فيها عن اليأس وفقدان الأمل من أن تبادله هارييت الشعور نفسه، وذلك عن طريق خلقه لشخصية فنان رمزية تمثل شخصية بيرليوز الداخلية وخيالاته.
قضى بريليوز الخمس عشر سنة الأخيرة من حياته منعزلا ومتوقفا عن التأليف الموسيقى يعانى من اكتئاب وهواجس نفسية حتى توفى عام 1869 عن عمر ناهز السادسة والستون عاما .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.