قيمة فنية كبيرة ربما لا يعرفه الكثيرون رغم أهميته كمؤلف موسيقي وقائد أوركسترا بل وعازف بيانو ماهر يعتبره الباحثون أفضل عازف بيانو علي الإطلاق. حيث كانت أصابع البيانو تنطق ولعا وعشقا لذا أطلق عليه ملك البيانو وشيطانه فهو شخصية استثنائية ورمز من رموز الموسيقي الكلاسيكية في أوروبا وأحد عباقرتها الموسيقيين خلال القرن التاسع عشر..وقد ولد فرانز ليست في مدينة رايدينج المجرية في الثاني والعشرين من أكتوبر عام1811, وظهرت موهبته في سن صغيرة وتلقي دروسه الأولي علي يد والده هاوي الموسيقي, وبعد ذلك توجه إلي فيينا عاصمة الفن وهو في العاشرة من عمره ثم باريس وتعلم الموسيقي بشكل احترافي علي يد تشيرني وسالياري ورايخا, كما تنبأ بيتهوفن بهذه الموهبة الفذة وهو فتي في الثانية عشرة من عمره وتوقع أن يكون له شأن كبير في عالم الموسيقي وبالفعل تحققت نبوءته وأصبح موسيقيا مرموقا كعازف ومؤلف حيث كانت أولي محاولاته في التأليف وهو ابن الرابعة عشر بأوبرا دون سانسن.. وعرف عن ليست حسن المظهر ولطف المعشر وسعة الخلق فكان دائما ذو شخصية مرحة وقوية مما جعله فارس أحلام البنات في عصره, ووصل هذا إلي حد إطلاق مصطلح ليستومانيا عليهن والتي تعني الولع بليست,; ولذا كانت علاقاته العاطفية كثيرة ومتعددة. واستطاع أن يكون صداقات مع أعلام الأدب والفن في زمانه أمثال فيكتور هوجو وجورج صاند وألفريد دومسيه وشوبان وبرليوز وباجانيني وفاجنر وغيرهم. ولشخصية ليست تأثير ساحر علي معاصريه فكان يتحلي بكاريزما وحضور طاغ ساعد كل من حوله علي التعلق به في أي مكان.. وقدم ليست فنه في معظم العواصم الأوربية خلال أسفاره المتعددة, ورغم أنه مجري إلا أن اسمه مازال مرتبطا بمدينة فايمار الألمانية نظرا لعمله هناك فترة كمدير للبلاط قدم خلالها مجموعة كبيرة من الحفلات, كما توافدت المواهب الشابة لتتعلم علي يديه من جميع أنحاء العالم, ولذا تعد فايمار واحدة من أهم المراكز الموسيقية في أوروبا إلي الآن. وعرف عن شيطان البيانو أعماله الخيرية المتعددة كتبرعاته لمنكوبي فيضان عام1838 وحريق هامبورج عام1842, وأيضا عطاؤه المستمر بسخاء لصالح بناء نظام تعليم موسيقي مميز في المجر وصل لحد إنشائه كونسيرفتوار بودابست في أواخر حياته.. وبخبرته الطويلة كان دائم الدعم للموسيقيين الذين تبعوه أمثال فاجنر وبرامز وتلاميذه مثل هانز فون بيلوف الذي حصل علي شهرة واسعة. وتميزت أعمال ليست الموسيقية ببراعة في التوزيع الأوركسترالي واللغة الهارمونية الحديثة, وكان أسلوبه المتجدد بداية لظهور التأثيرية عند موريس رافيل وكلود ديبوسي في فرنسا, كما كانت الجرأة الصوتية في مؤلفاته سابقة لعصره وتحمل النواة الحقيقية للاتجاهات الموسيقية الحديثة في القرن العشرين.. بالإضافة لقدرته الفائقة في تحويل التيمات اللحنية إلي أعمال كبيرة وتوظيفه الجيد للمهارات وخاصة في تقنيات العزف علي آلة البيانو بسرعات هائلة, واستخدامه فيما يقرب من مائة عمل للبيانو الأسلوب المقامي الذي تتبعه جماعة التزيجان أو الغجر بالمجر في موسيقاهم الشعبية, كما كان للقصيد السيمفوني الذي ابتدعه أثر كبير في حداثة الموسيقي الرومانتيكية, ويرجع له كذلك تكريسه مبدأ الحفلات الموسيقية الرسيتال وأيضا خروج البيانو من البلاطات والكنائس إلي الشوارع وساحات. كما تحوي موسيقاه فلسفته في الحياة التي تجسد الصراع الإنساني بين الخير والشر.. ومن أشهر مؤلفاته الثلاثة عشر قصيدة سيمفونية والاثني كونشيرتو للبيانو, وسيمفونيتا فاوست ودانتي, وعمل الجندول الحزين التي كتبها بعد وفاة فاجنر والرابسوديات المجرية وهي الأغنيات القصيرة الخفيفة الطابع والتي استطاع بها أن يخرج آلة البيانو من البلاطات والكنائس إلي الشوارع وحانات الغجر.. هذا وأصبح ليست قسيسا في منتصف عمره وكتب العديد من الأعمال الدينية كالاوراتوريو والكانتاتا والموتيت.