كشف عدد من خبراء الاقتصاد أن الحكومة المصرية ومحدودى الدخل هم من يسددون فاتورة دعم المليارديرات والتى تصل إلى 30 مليار جنيه سنويًا من إجمالى 100 مليار جنيه مخصصات الدعم فى الموازنة ويحصل عليها رجال الأعمال على هذا الدعم تحت بند حوافز الاستثمار ومنها دعم فى الطاقة وكذلك دعم الصادرات مطالبين بضرورة الإسراع فى التوجه لإلغاء الدعم لاسيما مع الازمات الاقتصادية التى تحاصر مصر وفى ضوء تزايد عجز الموازنة العامة الذى سجل رقمًا قياسيًا. ورغم إعلان الحكومة عن خطة لتحرير أسعار الطاقة للمصانع خاصة كثيفة الاستهلاك إلا أنها تسير ببطء وتواجه ضغوطاً كبيرة من المليارديرات الذين يستولون على حوالى 30 مليار جنيه سنويًا من إجمالى 100 مليار جنيه مخصصات دعم الطاقة والصادرات فى الموازنة الحالية. وأكد الخبراء أن الشركات الاجنبية والمستثمرين يتحصلون على دعم الطاقة والاعفاءات الضريبية والأراضى بأسعار زهيدة وغيرها من حوافز الاستثمار فى الوقت الذى يحقق فيه المستثمرون أرباحًا مرتفعة للغاية وتسويق منتجاتهم محليًا بأسعار تتجاوز الأسعار العالمية فضلًا عن حجم الدعم الممنوح للصادرات إلى جانب تحويل كامل أرباحهم بالدولار إلى الخارج. ونفى الخبراء لجوء المستثمرين للتخارج من السوق المصرية فى حال تطبيق برنامج إلغاء الدعم لصالح الموازنة وذلك لكون أن السوق المصرية يحقق أعلى ربحية للمستثمرين فى العالم وهناك قطاعات كالأسمنت تصل الأرباح فيها إلى 500% . من جانبه أكد د. مجدى عبد الفتاح الخبير الاقتصادى والمصرفى، ضرورة الإسراع فى إلغاء دعم رجال الأعمال تحت مسمى حوافز الاستثمار لاسيما مع ارتفاع عجز الموازنة وتحمل الدولة و المواطنين سداد فاتورة هذاالدعم فالأرباح لاتدخل الا جيوب رجال الأعمال بل إن هناك آثارا سلبية تتعلق بالمستثمرين الاجانب حال تحويل ارباحهم التى تتجاوز 100% فى عديد من القطاعات إلى الخارج بالعملة الصعبة إلى جانب بيع منتجاتهم بأسعار تتعدى الأسعار العالمية مؤكدًا انه ليس من المعقول استمرار هذا الدعم فى ظل الازمات التى يمر بها الاقتصاد القومى. وطالب بضرورة إلغاء الدعم الموجه لرجال الأعمال وتخصيص الدعم الحكومى إلى أغراض اقتصادية واجتماعية والتى من أهمها رفع معدل الاجور وتوفير الخدمات العامة فى الصحة والتعليم والبنية التحتية وتوظيف الشباب العاطل عن العمل. وشدد على ضرورة وجود جهاز قوى لضبط المنافسة فى السوق ومنع تحقيق الأرباح الاحتكارية التى تضر بالاقتصاد المصرى. وأكد د. عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية ان شركات ومصانع رجال الأعمال لا تعبأ بالمواطن البسيط فالعديد منها قام بتسريح عمالة خلال ال4 سنوات الماضية فى حين تتحصل تلك الشركات على الدعم الذى من المفترض توجيهه للفقراء ولسد عجز الموازنة. أشار إلى أن أى دولة فى العالم لا تقدم دعمًا مثل مصر وتسمح ببيع المنتجات محليًا بالأسعار التى تتعدى الاسعار العالمية، مؤكدًا ان إلغاء الدعم للمصانع يعد تصويبا لآلية التسعير فى مصر، فالاسواق الجيدة هى التى تقوم على الأسعار الحقيقية، وهذه الأسواق هى التى تضع التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية فى المجتمع وتحقق الكفاءة فى استخدام هذه الموارد. وأضاف أن استمرار تقديم دعم الطاقة للمصانع يشوه عمل منظومة التسعير ويشجع على تحقيق مكاسب على حساب التميز الإنتاجى خاصة ونحن دولة فقيرة فى مواردها وفى موازنتها العامة. فيما قال الدكتور هشام إبراهيم الخبير الاقتصادى: إن الدعم فى حاجة لإعادة هيكلة تحقيقا للعدالة الاجتماعية مشيرا إلى أنه لا يعقل أن تدعم الدولة رجل أعمال يكسب مليارات الجنيهات فى وقت يعجز فيه المواطن الفقير عن إيجاد قوت يومه. وفى السياق نفسه نجحت ضغوط رجال الأعمال فى الضغط على الحكومة لزيادة مخصصات الدعم التصديرى إلى 3.7 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة بدلا من 2.6 مليار جنيه يأتى ذلك فى ضوء استغلال المليارديرات تراجع الصادرات إلى مستوى كبير خلال العام الجارى واتساع فجوة الاستيراد. ورغم إعلان الحكومات السابقة عن نيتها لتقليص دعم الصادرات إلا أنه على مايبدو أن بطون رجال الأعمال لم تمتلئ بعد. فوفقا لتقرير صندوق دعم الصادرات فإن إجمالى ما حصل عليه رجال الأعمال فى 12 عاما منذ إطلاق البرنامج فى عام 2012-1-2013 بلغ حوالى 25 مليار جنيه. وأوضحت التقارير الصادرة عن صندوق دعم الصادرات أن عدد رجال الأعمال المستفيدين من الدعم وصل إلى حوالى 2000 رجل اعمال فى مختلف القطاعات الصناعية منها الغذائية والهندسية والكيماوية والغزل والنسيج والملابس الجاهزة والحاصلات الزراعية ومواد البناء. وتشير التقارير إلى أن أكبر القطاعات المستفيدة من الدعم هى الصناعات النسيجية ثم الحاصلات الزراعية والغذائية. ووفقًا لتقرير قطاع التجارة الخارجية فإن حجم تجارة مصر بلغت حوالى 100 مليار دولار فى نهاية العام الماضى منها 20 مليار دولار صادرات سلعية وبترولية و 80 مليار دولار واردات ليصل بذلك العجز فى الميزان التجارى إلى 60 مليار دولار. وأرجع التقرير هذا العجز الكبير فى الميزان التجارى إلى زيادة فاتورة الاستيراد من الخارج خاصة السلع الغذائية الاستراتيجية مثل القمح والزيوت واللحوم والألبان فضلًا عن زيادة مستلزمات الإنتاج الصناعى ولجوء الشركات إلى استيرادها من الخارج. ومن جانبه حمل رجل الأعمال عادل العزبى نائب رئيس شعبة المستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية السياسات الخاطئة للدعم التصديرى مسئولية زيادة الاستيراد من الخارج مشيرًا إلى ان الدعم يصرف على أساس 8 دولارات لكل 100 دولار تصدير فى حالة الاعتماد على مستلزمات مستوردة فى حين يمنح رجل الأعمال الذى يعتمد على الخامات المحلية الصنع على 10 دولارات فقط لكل 100 دولار تصدير وهو الأمر الذى دفع عددًا كبيرًا من رجال الأعمال الكبار خاصة العاملين فى مجال الصناعات النسيجية إلى الاستيراد بشراهة من دول جنوب شرق آسيا وهو مايعنى أن الدعم يصل إلى جيوب منتجى دول شرق آسيا فى الوقت الذى كان يفترض أن يتم تعديل تلك المنظومة بحيث يمنح الدعم على اساس القيمة المضافة لتعميق التصنيع المحلى وتشجيع الاستثمار فى إنتاج الخامات التى نستوردها من الخارج. وأشار إلى أن الحكومة تحركت مؤخرًا لتمنح الدعم على اساس القيمة المضافة بعد خراب مالطة. وأكد العزبى أن الدعم ليس بدعة ولكن تطبقه معظم الدول لزيادة تنافسية منتجاتها فى الاسواق العالمية ولكن يجب التأكد من أنه يصل إلى الطريق الصحيح وألا يكون سببًا فى زيادة فاتورة العجز فى الميزان التجارى.