رغم قرار المجلس الأعلى للطرق الصوفية بتعديل موعد الليلة الختامية لمولد القطب الصوفي سيدي أبوالحسن الشاذلي إلى الجمعة الأخيرة من شهر شوال، إلا أن الاحتفالات الشعبية انطلقت بالفعل في منطقة حميثرة جنوب غرب مرسى علم، وفق الموعد التقليدي الذي اعتاد عليه المريدون والزوار منذ أكثر من 700 عام، وذلك في الفترة من الأول إلى العاشر من شهر ذو الحجة من كل عام، وتنتهي ب«الليلة الكبيرة» في يوم وقفة عرفة مئات من المريدين من مختلف المحافظات المصرية أكدوا تمسكهم بالتوقيت القديم، مشيرين إلى أنهم توارثوا هذه العادة أبًا عن جد، وأنهم سيظلون يحتفلون بالمولد في الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة، حتى وإن خالفت قرارات الطرق الصوفية الرسميةوإنهم باقون في حميثرة حتى صباح العيد، حيث يذبحون الأضاحي التي اصطحبوها معهم أو اشتروها من أهالي المنطقة، ويحرصون على الصعود لجبل حميثرة صباح يوم عرفة، كما جرت العادة. ومنذ صباح امس الجمعة بدأت عشرات السيارات والشاحنات المغطاة بالتوافد على المنطقة، تقل الزائرين والمحبين وسط أصوات الأناشيد والابتهالات التي تنبعث من مكبرات الصوت. وتتواصل الفعاليات من حلقات الذكر والمدائح الدينية والصعود إلى الجبل، على أن تشهد المنطقة ذروتها في الليلة الختامية مساء الخميس المقبل. من جانبها، أعلنت مديرية أوقاف البحر الأحمر ومجلس مدينة مرسى علم متابعتهما للاحتفالات الشعبية، للتأكد من عدم وجود أي تجاوزات دينية. وأكدت الجهات الرسمية أنها لا تمنع أي زائر من التوجه لزيارة مقام ومسجد الإمام الشاذلي في أي وقت من العام، مشددة على أن الزيارة متاحة طوال أيام السنة، وليس فقط في مواسم المولد. يقع مقام ومسجد الإمام أبوالحسن الشاذلي في قلب صحراء حميثرة، وتحول هذا الوادي المعزول ببركة المدفون فيه إلى بقعة عامرة بالحياة والأنوار، خاصة بعد إعادة بناء المسجد الذي أصبح تحفة معمارية متكاملة، تتماشى مع بيئة المكان، وتتلألأ مآذنه الأربع بنور خاص يشع في الصحراء الشرقية. ويُعد الشاذلي إمام شيوخ الصوفية في مصر والعالم العربي، وقطبًا صوفيًا فريدًا في زمانه، اسمه الكامل: سيدي تقى الدين أبوالحسن على بن عبدالله، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم أسس الطريقة الشاذلية التي تميزت بشارتها الصفراء، رمزًا لعلوم الأسماء الإلهية، ويتبع طريقته اليوم الآلاف من المريدين في مصر وخارجها يُقام المسجد على مساحة 7 آلاف متر مربع، تحيط به العديد من الساحات والزوايا، أشهرها: ساحة الحاجة زكية، الأحمدية، الأشراف، الرفاعية، المرغنية، السلمانية، والبرهامية الشاذلية، حيث تقام حلقات الذكر والإنشاد. ومن أبرز الشخصيات التي زارت مقام الشاذلي في السنوات الماضية الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الحالي والدكتور على جمعة المفتي السابق، والدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والحبيب على الجفري والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق. ولد أبوالحسن الشاذلي في بلاد المغرب عام 571 ه، وانتقل صغيرًا إلى تونس، حيث تتلمذ على يد الإمام عبدالسلام بن مشيش، ثم اعتكف في جبل زغوان، قبل أن يهاجر إلى مصر ويستقر بالإسكندرية، حيث أنجب أبناءه وتوسع أتباعه، ليصبح أحد أقطاب التصوف الإسلامي، ومصدر إلهام لملايين من المريدين والباحثين عن النور والمعرفة الروحية.