ردود فعل متباينة بعد قرار الحكومة بإعادة فتح ملف دعم الطاقة والذى يوجه إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك مثل الحديد والأسمنت والسيراميك.. إلخ، حيث تدخل الطاقة كمكون أساسى فى صناعتها، فالحكومة ترغب فى إلغاء فاتورة دعم الطاقة تدريجيا بهدف تلبية مصاريف بنود أخرى سواء فى التعليم أو الصحة .. الخ، وبما يحقق مزيدا من العدالة الاجتماعية. فهذه المطالب طالما طال انتظارها، ومع أن تنفيذها أتى متأخرا فقد يكون أفضل بكثير من عدم تنفيذها. لكن الحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن فاتورة دعم الطاقة تصل إلى 99 مليار جنيه والتى لا تعود على المواطن البسيط بأى عائد بالاستمرار، مما يتطلب تخفيض الدعم عن هذه الصناعات، خصوصا مع شعور المواطن أن أسعار بيع المنتج الأخير له لا تتماشى مع ما يحصل عليه هؤلاء من دعم مباشر من الدولة. فلقد شهد حجم دعم الطاقة زيادة بنسبة 45% فى الموازنة، ليصل إلى 99 مليار جنيه فى مشروع الموازنة 2011 -2012، مما تسبب فى زيادة حجم العجز بصورة كبيرة واستثنائية هذا العام، الأمر الذى جعل من إلغاء دعم الطاقة ضرورة ملحة. «فنحن حقا فى وقت أزمة» ونحتاج إلى توفير النفقات من أجل تلبية احتياجاتنا الأساسية واستعادة النشاط الاقتصادى. والأهم من ذلك أن فكرة إلغاء هذا النوع من الدعم ليست جديدة، ناهيك عن أن المصانع لن تتأثر بالفعل بمثل هذا القرار. فهى تحقق من الأرباح ما يمكنها من تحمل تكلفة الطاقة دون دعم». حيث تبلغ فاتورة دعم الطاقة فى مشروع الموازنة الجديد 99 مليار جنيه،. وهذه فاتورة ثقيلة، خاصة أن الجزء الأكبر من هذا الدعم يتوجه إلى طبقات المجتمع القادرة والغنية. فوفقا لدراسة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية صادرة فى نهاية 2010 بعنوان «أثر إلغاء دعم الطاقة على المواد البترولية»، ثبت أن الطبقات الغنية تستحوذ على 33% من الدعم الموجه للطاقة، بينما لا تستفيد الطبقات الفقيرة إلا بنسبة 8,3%. «الحكومة تنفق المليارات على دعم المواد البترولية، والفقراء لا يحققون أى استفادة. ويقول الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن الصناعات كثيفة الاستهلاك يقصد بها التى تستخدم طاقة أكثر من غيرها مثل الأسمنت والحديد والمواد الكيماوية، حيث تحتاج إلى قدر كبير من الطاقة فى مكونات إنتاجها حتى يتم استخراج المنتج لافتا إلى أن الدولة كانت تدعمها حتى لايرتفع سعر المنتج النهائى وأن يستطيع أن يتنافس خارجيا فى حالة التصدير لافتا إلى أن الدولة اكتشفت أنها تدعم ب 99 مليار جنيه، وهذا رقم كبير جدا وللأسف فإنه لايذهب إلى مستحقيه مع أن الدعم بالمعنى الاقتصادى يعنى مساندة الفئات الفقيرة موضحاً أن الحكومة تريد أن تلغى دعم الطاقة بهدف مواجهة عجز الموازنة والذى بلغ 143 مليار جنيه ناهيك عن الدين الداخلى والذى يقترب من 99 مليارا، أى أن إجمالى العجز يصل إلى 233 مليار جنيه. وقال د. رشاد: إنه فى حال رفع دعم الطاقة على تلك الصناعات فنجد أنه فى المقابل أن المستهلك هو الحلقة الوحيدة التى تتحمل فرق الدعم لأن صاحب المصنع سوف يقوم بالبيع بسعر مرتفع كما هو المتوقع. لأن الطلب عادة يكون أعلى من المعروض. بالتالى فإن القطاع الخاص سوف يقوم برفع أسعار منتجاته فى السوق والمستهلك هو الضحية وفى هذه الحالة سوف تكون الحكومة حققت المراد ولكن من سيدفع الفاتورة ؟! وأكد رشاد أن الحكومة ليس لها أى دور فى تحديد الأسعار لأنه متصور أن السوق الحر تعنى أن المنتج يبيع بالسعر الذى يرغب فيه والمستهلك من حقه ألا يشترى لافتا إلى أن الحكومة لم تتصد قبل ذلك فى النتائج المترتبة على القرارات الاقتصادية التى تتخذها فما بالنا بهذه الحكومة الانتقالية! ولعل وجهة نظر الصناع مغايرة فيقول أسامة فوزى مدير شركة وادى النيل للأسمنت: إن أى قرارات مفاجئة على الصناعة فإنها بلاشك تؤثر بشكل سلبى على خطوط الإنتاج والأسعار، موضحا أنه من الممكن تنفيذ قرار رفع دعم الطاقة بشكل تدريجى لمدة لا تقل عن سنتين، بهدف منح فرصة للمصانع من أجل توفيق أوضاعها المالية مع الوضع الجديد. وأكد فوزى أن رفع دعم الطاقة عن صناعة الأسمنت يؤدى إلى تقليص هامش الربح من 60% إلى 40 أو 30%، وذلك بسبب زيادة العرض عن الطلب فى السوق. موضحا أن سعر دعم الطن الواحد يصل حاليا إلى 50 جنيها، متوقعا ارتفاع تكلفة الطاقة للطن الواحد، بعد رفع الدعم إلى 100 جنيه. وعن إمكانية رفع سعر الصناعات الثقيلة بعد رفع دعم الطاقة عنها، استبعد فوزى هذا الأمر قائلا: إنه لايمكن أن يقابل قرار رفع دعم الطاقة زيادة فى الأسعار، معللا ذلك بأن الشركات تلجأ إلى خفض هامش الربح ليتم بيع المنتجات للمستهلك بنفس الأسعار المتداولة حاليا، لأن رفع الأسعار سيؤدى إلى حالة من الركود فى الأسواق. ومن ناحية أخرى أكد أحمد أبو هشيمة رئيس مجلس إدارة حديد المصريين أنه لابد من وضع ضوابط للأسعار قبل تنفيذ القرار، بأن يتم ربط دعم الطاقة بسعر المنتج عن طريق تطبيق رفع دعم الطاقة لكل صناعة على حدة. وأضاف: إنه لابد أن يتم إنشاء حوار مفتوح مع المجتمع الصناعى قبل تنفيذ القرار وأن تضع الحكومة نتيجة تأثير القرار على الاستثمارات الخارجية فى الحسبان، وأكد أن جذب الاستثمار يتوقف على الامتيازات التى تقرها الدولة للمستثمرين. الخبير البترولى إبراهيم زهران قال: إنه بدلا من الحديث عن رفع كامل لدعم الطاقة عن الصناعات الثقيلة أن يقتصر على المنتجات التى يتم تصديرها للخارج، فيتم حساب الفارق بين سعر الطاقة الذى حصلت عليه هذه المنتجات وسعره العالمى وتحصيله كرسم على الصادرات. هذا فى الوقت الذى أكد حازم الببلاوى وزير المالية ونائب رئيس الوزراء فى تصريحات سابقة له أن الحكومة بصدد إجراء دراسة حالية لبدء إلغاء الدعم الذى تحصل عليه المصانع، وبصفة أساسية الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة مثل السيراميك والأسمنت والحديد. ولم يتم بعد تحديد موعد لبدء تنفيذ هذه الخطة. كما أعلنت د. فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى أن الحكومة انتهت بعد سلسلة من الاجتماعات من وضع نظام جديد لدعم الطاقة سيتم الإعلان عنه قريبا لإلغاء دعم الطاقة عن الصناعات كثيفة الاستهلاك، ومن ثم إلغاء الدعم نهائيا عن جميع الصناعات تدريجيا. وأكدت أن الحكومة قررت مساندة تحويل المصانع للاعتماد على الغاز الطبيعى.