شهدت مصر خلال العقد الأخير تحولات سياسية واجتماعية كبرى كان من أبرزها التوسع الملحوظ فى تمكين المرأة سياسيًا ونيابيًا، والذى لم يكن مجرد شعار بل أصبح جزءًا من توجه واضح للدولة المصرية، تجسد فى سياسات وتشريعات ومبادرات تحققت على أرض الواقع، فقد نص الدستور صراحة على التزام الدولة بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة فى جميع الحقوق المدنية والسياسية، وفتح الباب أمام تخصيص نسبة محددة من مقاعد البرلمان للنساء، وهو ما تُرجم إلى تمثيل غير مسبوق فى البرلمان، كما كثفت المؤسسات والمجالس الداعمة، مثل المجلس القومى للمرأة جهودها فى تدريب وتأهيل السيدات للمشاركة فى الحياة السياسية، إلى جانب ذلك أطلقت الدولة «الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، التى وضعت التمكين السياسى كأحد محاورها الرئيسية، مستهدفة زيادة تمثيل المرأة فى المناصب القيادية والتنفيذية، ودعمها فى الانتخابات المحلية والنيابية. أكدت د. راندا مصطفى أمينة المرأة المركزية بحزب حماة الوطن أنه منذ عام 2011 شهدت مصر حراكًا واسعًا نحو تمكين المرأة سياسيًا، واجه خلاله المجتمع العديد من التحديات، وبفضل إرادة سياسية واضحة وإيمان حقيقى من القيادة السياسية بدور النساء، أصبحت المرأة المصرية رقمًا فاعلًا فى الحياة النيابية والتنفيذية، فلم تعد المشاركة النسائية مجرد حضور رمزى، بل تحولت إلى قوة مؤثرة ومساهمة فى صنع القرار على مختلف المستويات. اقرأ أيضًا | «القومي للمرأة» ينظم ورشتين حول الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 كما أرسى الدستور المصرى دعائم هذا التمكين حين أقر كوتة للمرأة فى المجالس النيابية، ما أتاح لها فرصة حقيقية لإثبات ذاتها، لاسيما أن الأداء البرلمانى للسيدات فى مجلسى النواب والشيوخ اتسم بالجدية والمهنية، وأوضحت أن الأمر لم يتوقف عند المقاعد النيابية، بل امتد ليشمل المناصب التنفيذية إذ أصبح من الطبيعى رؤية نساء فى النيابة العامة، ومجلس الدولة، وهى مواقع كانت محرّمة على النساء لسنوات طويلة، وهذا التحول لم يكن فقط تقنينًا لحقوق، بل تقديرًا لدور المرأة ومشاركتها فى النهوض بالوطن، وقد لعب البرلمان بغرفتيه دورًا مهمًا جدًا فى مناقشة قضايا المرأة، معبرةً عن أملها فى أن يشهد البرلمان القادم اهتمامًا أكبر، خاصة بقضايا مثل المواريث، والأحوال الشخصية، التى تمس ملايين النساء فى المجتمع، وترى أمينة الأمانة المركزية للمرأة بحزب حماة الوطن أن الواقع قد تغيّر تمامًا فيما يخص انخراط النساء فى العمل الحزبى، وتشير إلى «إقبال شديد جدًا» فى أمانات المرأة على مستوى المحافظات، أما عن استعدادات حزب حماة الوطن للانتخابات البرلمانية المقبلة فأشارت إلى أن التحضير لها بدأ منذ أكثر من عامين، عبر برامج تدريبية للمرأة حول الترشح، وصياغة البرامج الانتخابية، وآليات التواصل مع الناخبين، إلى جانب حملات لتثقيف الشارع بحقوقه السياسية وواجباته. ضرورة تنموية فيما أوضحت د. ريم قطان القائم بأعمال أمينة المرأة بحزب الإصلاح والنهضة أن المرأة المصرية استطاعت أن تتحول إلى رقم حقيقى فى معادلة التأثير وصناعة القرار، بفضل سعى متواصل، ووعى مجتمعى متصاعد، ودعم سياسى وتشريعى بدأ يترجم على الأرض، لتصبح المرأة ممثلة فى البرلمان، والحكومة، وفى مواقع قيادة حزبية، ما يعنى أن المرأة باتت شريكًا أصيلًا لا غائبًا صامتًا، وقد اتخذت الدولة موقفًا واضحًا فى دعم المرأة، ليس فقط كحق دستورى، بل كضرورة تنموية، وهذا التوجه تُرجم فى كوتة دستورية واضحة، وزيادة نسب التمثيل فى البرلمان، وتعيينات فى مناصب وزارية ومحافظين ونوابهم، والنتيجة أننا نشهد اليوم نماذج نسائية ناجحة فى أعلى هياكل الدولة، وهذا يعزز الثقة المجتمعية فى قدرة المرأة على القيادة، كما أن الاهتمام السياسى العام بالمرأة ألقى بظلاله الإيجابية على الأحزاب، فبدأ كثير من الكيانات الحزبية، ومنها حزب الإصلاح والنهضة، فى إعادة النظر فى بنيتها الداخلية لفتح المجال أمام الكوادر النسائية، سواء فى العضوية أو فى المواقع التنظيمية، وأضافت د. ريم قطان أن البرلمان شهد تحسنًا ملموسًا فى تناول قضايا المرأة، خاصة بعد وجود تمثيل نسائى قوى داخل اللجان النوعية، حيث تم إصدار قوانين مهمة لحماية المرأة من العنف، ودعمها فى العمل، وإعادة تنظيم بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأشارت إلى وجود تحديات ثقافية واجتماعية فى بعض المحافظات تؤثر على انضمام النساء للأحزاب حيث يُنظر للسياسة على أنها مجال «ذكورى» أو يتطلب تفرغًا لا تستطيع المرأة توفيره فى ظل مسئوليات الأسرة، وللتغلب على ذلك، نحن بحاجة إلى إعادة صياغة الخطاب السياسى الموجه للمرأة، وتقديم مرونة تنظيمية، وبناء كوادر حزبية قريبة من هموم الشارع النسائى، مع توفير مسارات حقيقية للتأهيل والدعم داخل الأحزاب، وقالت «قطان» إن أمانة المرأة المركزية بحزب الإصلاح والنهضة تستعد بخطة واضحة للاستحقاق الانتخابى القادم تشمل اختيار كوادر نسائية مؤهلة لخوض الانتخابات، وإدارة الحملات الانتخابية، وتوسيع القاعدة التنظيمية النسائية للحزب فى المحافظات، وإدماج القضايا النسائية فى البرنامج الانتخابى للحزب كأولوية وطنية، واستعدادنا للانتخابات ليس فقط بخطاب، بل بكوادر جاهزة للتأثير والفعل تحت قبة البرلمان. تدريب على القيادة من جانبها أشارت د. نهاد صبيح أمينة المرأة المركزية بحزب المؤتمر إلى أن مصر تشهد حاليًا عصرًا ذهبيًا لتمكين المرأة بفضل الإرادة السياسية القوية، والدعم المباشر بفتح الأبواب أمام المرأة لتولى المناصب القيادية والمشاركة الفعالة فى الحياة العامة والسياسية، فأصبح للمرأة دور بارز فى العمل السياسى والمجتمعى، بعد أن كانت مشاركتها محصورة فى نطاق محدود، موضحة أن تمكين المرأة لم يقتصر على الجانب السياسى فقط، بل شمل أيضًا التمكين الاقتصادى، من خلال تعريف النساء بأساسيات العمل المجتمعى وتدريبهن على القيادة والمواطنة الفاعلة، وأضافت أمينة المرأة المركزية بحزب المؤتمر أنه لايزال هناك بعض المعوقات التى لا تزال تواجه المرأة فى بعض المناطق الريفية والمحافظات للانضمام للأحزاب نتيجة الموروثات القبلية والنظرة التقليدية، ولن نتخلص من هذه العقبات إلا بالاستمرار فى رفع الوعى، وتحسين التعليم، وتكثيف العمل التثقيفى والنزول إلى الناس، وأوضحت «صبيح» أن حزب المؤتمر يستعد للانتخابات المقبلة ويعمل على إعادة تقييم دوائره الانتخابية واختيار ممثليه بعناية، إلى جانب عقد ورش عمل وتقديم التوعية للناخبين حول قضايا مهمة، مثل قانون الإيجار القديم، الذى يشغل الرأى العام الآن. عنصر فاعل وأوضحت د. جيهان بيومى أمينة المرأة المركزية بحزب الحرية المصرى أن التغيرات السياسية والاجتماعية التى شهدتها مصر خلال العقد الأخير خلقت بيئة جديدة مكّنت المرأة من أن تتحول من عنصر هامشى فى المعادلة السياسية إلى «رقم صحيح» ومؤثر، سواء من خلال مشاركتها فى الاستحقاقات الانتخابية، أو تواجدها فى المشهد السياسى والنيابى أثبتت أنها عنصر فاعل لا يمكن تجاهله، كما أن اهتمام الدولة بالمرأة والذى تجسد فى إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، ترجم نفسه إلى خطوات فعلية أصبحنا نرى المرأة تحتل مناصب قيادية، سواء فى مجلس الوزراء أو فى الهيئات القضائية أو على مستوى المحافظين ونوابهم، كما تم تعديل التشريعات بما يضمن تمثيلاً عادلاً للمرأة، مثل تخصيص نسبة 25% من مقاعد المجالس المحلية للنساء، وارتفاع نسبتهن فى مجلس النواب إلى أكثر من 27%، وهى نسبة غير مسبوقة فى التاريخ السياسى المصرى، كذلك نرى أن البرلمان أظهر اهتماماً متزايداً بقضايا المرأة من خلال التشريعات والمبادرات، حيث تم سنّ قوانين مهمة فى مجالات مثل تجريم التحرش والعنف، ودعم حقوق المرأة العاملة، وتمكين المرأة اقتصادياً، وأضافت «د. جيهان» أن الأحزاب السياسية تدرك أن دعم المرأة لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة ولذلك أصبحنا نرى تواجدًا نسائيًا متزايدًا فى أمانات المرأة بالمحافظات، وفيما يتعلق بالاستعداد لانتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمة أوضحت أن أمانة المرأة فى حزب الحرية المصرى تعمل على أكثر من محور منها إعداد وتأهيل الكوادر النسائية من خلال ورش عمل ودورات تدريبية فى العمل البرلمانى والإدارى، وبناء شبكة تواصل فعالة مع قواعد نسائية فى المحافظات لضمان وصول الرسالة الحزبية بشكل فعال، والاهتمام بالمشاركة الفعالة فى وضع المرشحات على القوائم الحزبية، ليس فقط كأرقام بل كعناصر قادرة على المنافسة.