في ظل ما يتردد بين أوساط رجال الصناعة حول نية الحكومة لزيادة أسعار المنتجات البترولية المستخدمة في الصناعة خاصة الغاز الطبيعي تباينت آراء الخبراء ورجال الصناعة ومنظمات رجال الأعمال حول هذا التوجه وتوقيته. حيث أبدي البعض موافقتهم علي مبدأ زيادة الأسعار مبررين ذلك بأنه لا يجوز دعم صناعات تصدر إنتاجها إلي الخارج أو تبيعه بالسوق المحلية بأسعار تفوق الأسعار العالمية. وأكدوا أيضا أن هناك مجالات أولي بالدعم خاصة أن أسعار هذه المنتجات بالسوق المحلية لم تعكس حصولها علي الطاقة بأسعار مدعومة. وعلي الجانب الآخر رفض البعض الآخر الاقتراب من أسعار الطاقة للصناعة مرجعين ذلك إلي الخوف من رفع أسعار المنتجات النهائية نظرا لزيادة تكلفة الإنتاج علاوة علي عدم مناسبة الوقت الحالي لتلك الزيادة حيث تعاني الأسواق من ركود واضطراب. الأهرام المسائي رصد القضية مع أطرافها المختلفة. رجال الصناعة: جدول زمني للتنفيذ وربط الزيادة بالأسعار العالمية كتب:شريف محمد أكد د. وليد هلال رئيس المجلس التصديري أن هناك غبنا يقع علي الحكومة المصرية لاستمرار توريد الغاز لمصانع الأسمدة بأسعار متدنية في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الأسمدة لتصل إلي حوالي550 دولارا للطن علي الرغم من أن تكلفة إنتاج طن الأسمدة لا يتعدي150 دولارا. وأوضح أنه ليس من العدل أن شركات إنتاج الأسمدة التي يتم توجيه كامل إنتاجها للسوق المحلية تحصل علي الغاز بنفس أسعار الشركات الاستثمارية المقامة بالمناطق الحرة والمخصص كامل إنتاجها للتصدير. وأضاف أن تحليل بيانات صادرات بعض شركات الأسمدة يثير العديد من التساؤلات حيث أنه في الوقت الذي تبلغ فيه صادرات شركات الإسكندرية للأسمدة خلال الفترة الأخيرة ما قيمته836 مليون جنيه في وقت يبلغ إنتاجها السنوي حوالي600 ألف طن بينما صادرات الشركات المصرية للأسمدة خلال نفس الفترة يبلغ831 مليون جنيه من إنتاجها السنوي الذي يقدر بحوالي1,2 مليون طن. موضحا أن شركة حلوان للأسمدة والتي يمتلك بنك التنمية والائتمان الزراعي17% من أسهمها تقضي رخصة إنتاجها علي قيامها بتوريد50% من إنتاجها للسوق المحلية بينما لا يتم إلزام الشركات الأخري بنفس البند في الرخصة التي يتم تقديمها حيث تحصل جميع الشركات الأخري غير التابعة للدولة علي الغاز بنفس أسعار الشركات الحكومية التابعة للدول. ومن جانبه أكد د. عبد المنعم السيد عضو الجمعية المصرية لشباب الأعمال الرئيس التنفيذي لمؤسسة المحاسبون أنه بالنظر إلي موضوع دعم الطاقة للمصانع نجد أن إجمالي قيمة دعم الطاقة في مصر هو97 مليار جنيه مصري. وتساءل إذا كانت الحكومة تقوم بدعم هذه المصانع بما يتجاوز ال60 مليار جنيه سنويا حتي تصل السلعة بالأسعار الاجتماعية للمواطن المصري فيكون السؤال وماذا عن التصدير؟ حيث تقوم هذه المصانع بتصدير ما يتجاوز ال40% من إجمالي الكمية المنتجة وتتم المحاسبة عليها بالسعر العالمي والآن لماذا لا تتم محاسبة هذه المصانع علي الكمية التي يتم تصديرها للخارج علي بند مدخلات الطاقة بالسعر العالمي أيضا وفي هذه الحالة نجد أن دعم الطاقة للمصانع لن يتجاوز ال28 مليار جنيه. وأشار إلي أن قيمة دعم الطاقة تدخل جيوب أصحاب المصانع ولا تدخل للمشترين للسلعة, وفي هذه الحالة يمكن دعم بنود أخري في الموازنة العامة للدولة مثل التعليم والصحة وبنزين80 و90 الشعبي. ومن جانبه حذر فاروق مصطفي العضو المنتدب لشركة مصر بني سويف للأسمنت من أن ارتفاع أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة سيزيد أسعار تكلفة الإنتاج. وأضاف أن أسعار الأسمنت انخفضت خلال الفترة الماضية حوالي20% حيث انخفض سعر طن الأسمنت من550 إلي450 وذلك حسب تكلفة النقل, مشيرا إلي أن ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي سيؤدي إلي العديد من المشكلات خاصة وأن سوق الأسمنت المحلية تتعرض لركود. ومن جانبه طالب د. شريف الجبلي رئيس غرفة صناعة الكيماويات باتحاد الصناعات ربط سعر الغاز بسعر الأسمدة وهذه المعادلة يحكمها حد أدني لسعر الغاز والسماد. كما طالب بضرورة وضع جدول زمني لتحريك أسعار الطاقة في مصر مشيرا إلي أن ارتفاع أسعار الطاقة فجأة يربك العديد من المصانع خاصة في الوقت الراهن. مواد البناء: لن تؤثر علي سعر المنتجات بالأسواق المحلية كتب:شروق حسين طالبت الشعبة العامة لمواد البناء باتحاد الغرف التجارية برفع دعم الطاقة بالكامل عن الصناعة في مختلف المجالات سواء في الصناعات الكثيفة أو الصناعات الخفيفة باستثناء الصناعات المنتجة للسلع المدعمة كالخبز. وأكدت الشعبة أن رفع الدعم عن مصانع الحديد والأسمنت لن يؤثر علي الأسعار في السوق المحلية خاصة أن السوق تحكمها سياسة العرض والطلب, بالإضافة إلي أن أسعار السلع تباع بأكثر من الأسعار العالمية وبالتالي لابد من رفع الدعم عن الصناعة ومنحه لمستحقيه من أبناء الشعب المصري. وقال أحمد الزيني رئيس الشعبة العامة لمواد البناء إنه من المفترض إلغاء دعم الطاقة عن الصناعات المختلفة باستثناء الصناعات التي تمس السلع المدعمة, خاصة أن المصنعين والمنتجين يقومون ببيع السلع بأسعار مرتفعة وفقا لما يتراءي لهم فالدعم لا يعمل في تلك الحالة علي خفض الأسعار ومن ثم فإنه لا جدوي له, مشيرا إلي أن دعم المصانع يؤدي لدعم المصنعين الأجانب علي حساب الشعب. واستنكر استمرار تقديم التسهيلات للمنتجين من خلال دعم الطاقة, مشيرا إلي أن هذا الدعم مخصص للشعب وبالتالي لابد من رفعه وتقديمه للشعب في صورة خدمات أفضل لكي يستفيد منها المواطن خاصة أن مصنعي الأسمنت والحديد يحصلون علي الدعم ويبيعون السلع بأسعار أغلي من الأسعار العالمية, مشيرا إلي أنه بالرغم من عدم دعم الطاقة في الدول الأخري إلا أن أسعار الأسمنت والحديد العالمية تعتبر أقل من الأسعار المحلية. وأشار إلي أن الأسمنت يباع في السوق المحلية بأكثر من السعر العالمي بنحو30 دولارا, كما أن الحديد يباع بزيادة علي السعر العالمي بنحو100 دولار وبالتالي فإن الدعم لا يحد من ارتفاع الأسعار, مشيرا إلي أن رفع الدعم لن يؤدي لارتفاع الأسعار نظرا لأن السوق يحكمها سياسات العرض والطلب. وأوضح أنه في حالة تلاعب الشركات المنتجة بالأسعار بحجة رفع دعم الطاقة عنها سيتم استيراد الحديد والأسمنت من الخارج وبالتالي ستضطر الشركات المحلية إلي البيع بأسعار مناسبة, مؤكدا أن رفع الدعم عن الصناعة لن يؤدي لارتفاع الأسعار. وأوضح أن الحكومة حتي الآن تعمل بذات السياسات الخاصة بالنظام البائد فمازالت سوق مواد البناء تعاني من الممارسات الاحتكارية في سلعتي الأسمنت والحديد من قبل المصنعين. خبراء الاقتصاد: الزيادة ضرورية لعلاج تشوهات الدعم كتب:أحمد المهدي أكد خبراء الاقتصاد أن الصناعات الكثيفة الاستهلاك لن تتأثر بارتفاع أسعار الطاقة نتيجة استخدام مستلزمات الصناعة بأسعار محلية وبيعها بأسعار عالمية. وقال الدكتور عبد الرحمن العليان إن زيادة أسعار الطاقة للمصانع المصرية لن تؤثر علي أسعار منتجات المصانع ذات الاستهلاك الكثيف, لأنها لا تمثل أكثر من25% من تكاليف الإنتاج في كل مجالات الصناعة. وأوضح أن زيادة أسعار الطاقة لن تؤثر علي المستثمرين ورجال الصناعة نتيجة تحقيق مكاسب خيالية خلال الفترة السابقة بسبب استخدام جميع مدخلات الصناعة بأسعار محلية يقابلها بيع المنتج بالأسعار العالمية مما يحقق لهم مكاسب كبيرة. وطالب بوضع قواعد وضوابط علي الأسعار خوفا من تحمل المستهلكين تلك الزيادة نتيجة جشع بعض رجال الصناعة, مشيرا إلي أن ظروف السوق هي المتحكمة في طرق تنفيذ تلك الزيادة سواء علي مراحل أو دفعة واحدة. وأوضح أن الفترة الماضية كان يتردد فيها زيادة أسعار الطاقة دون اتخاذ خطوات نتيجة تحكم طبقة معينة لتحقيق مصالح خاصة. وقال الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد إن ارتفاع أسعار الطاقة إلي4,7 دولار تعد زيادة معقولة وخطوة جيدة نحو مساواة الأسعار المحلية للطاقة بالأسعار العالمية. وأشار إلي أن ذلك الارتفاع يؤكد انخفاض دعم الطاقة البالغ90 مليار جنيه بنسبة15%, منوها بأن ذلك سوف يؤدي إلي إعادة توزيع الدعم بالموازنة العامة إلي القطاعات التي تحتاج إلي دعم أكبر يلمسه المواطن البسيط.