«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس لجنة الطاقة فى الحزب الوطنى: الغاز صار قضية أمن قومى ولا يجب التفريط فيما لدينا من مصادر الطاقة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2010

هو وزير الكهرباء والصناعة الأسبق، على فهمى الصعيدى، الرئيس الحالى للجنة الطاقة فى الحزب الوطنى، وعضو اللجنة الاستشارية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعضو الحالى فى مجلس إدارة بنك القاهرة. مؤهلاته وخبراته متعددة فى مجال الطاقة، بالإضافة إلى عمله لمدة 6 سنوات فى الحكومة.
فى لحظة عاد فيها الغاز وكمياته وحجم احتياطياته، واحتمالات نفاده فى مصر إلى مقدمة المشهد من الصناعة إلى استهلاك الكهرباء فى البيوت تحاوره «الشروق» عن استيراد الغاز من الخارج بعد أن كنا من أكبر مصدريه وعن السياسة والطاقة وعن البديل الذى تتطلع له مصر: الطاقة النووية.
• دائما ما أكدت وزارة البترول أنه لا توجد مشكلة حقيقية فى كميات الغاز الموجودة لديها، ولكن جاءت أزمة الكهرباء لترفع النقاب عن نقص خطير يهدد مستقبل الطاقة فى مصر. ولكن وزير البترول، سامح فهمى، عاد ليؤكد أنه لا توجد مشكلة غاز وإنما المسألة تتعلق بالأولويات، ثم سمحت الحكومة له بالاستيراد من الخارج. أين المشكلة بالضبط؟
فى 2002/2003، لم تكن هناك مشاكل فى كميات الغاز، فكانت وزارة البترول على سبيل المثال تورد إلى محطات الكهرباء كل الكميات التى تحتاجها بأكملها، ما عدا محطتى العريش وأسيوط، وهما مصممتان على استخدام المازوت. لكن فى السنوات الأخيرة، زاد الاستهلاك نتيجة زيادة محطات الكهرباء المعتمدة على الغاز، وزيادة الاستهلاك المنزلى للكهرباء بسبب نمو السكان والتغيرات المناخية. والأهم من ذلك التزايد الكبير فى استخدام الغاز فى الصناعة.
ويجب أن نعلم أن العالم حديث عهد باستخدام الغاز كمصدر للطاقة. فالغاز لم يحظ بهذا الاهتمام الكبير إلا مع بداية العقدين الأخيرين من القرن الماضى، ولذلك فهو حتى الآن لا تتم إدارته عالميا بنفس أسلوب خام البترول، فهو على سبيل المثال ليس له منظمة تتحكم فى تصديره مثل البترول ومنظمة OPEC، لكن التجارة فيه تحكمها اتفاقيات ثنائية.
وقد بدأ الاعتماد على الغاز فى مصر بصورة مبشرة فى أواخر الثمانينيات، قبل ذلك كان البترول هو مصدر الطاقة الأساسى. ولكن فى السنوات الأخيرة بات الغاز يمثل نصف مصادر الطاقة البترولية فى مصر، أى أنه مصدر كبير وأساسى بالنسبة لنا، كما أنه المولد الأساسى للكهرباء فى مصر. من هنا باتت قضية الطاقة بصفة عامة، والغاز بصفة خاصة، قضية أمن قومى، خاصة أن كل برامج التنمية فى مصر، الاقتصادية، والاجتماعية، والصناعية، تعتمد على الطاقة.
هذا الاستهلاك المتزايد أنار للحكومة ضوءًا أحمر، فيما يتعلق بموارد الغاز المصرية، ولذلك كان عليها أن تفكر فى عدم استنزاف الثروات التى نمتلكها، وأن تفتح الباب للاستيراد، لكى تمد أجل ما لدينا من مصادر.
فالطاقة لها صور متعددة، طبيعية ومخلقة، (أى صناعية)، الأولى نستخدمها كما هى، والثانية نستخدمها من خلال توليد نوع آخر من الطاقة كالكهرباء ونستفيد منها. ولذلك كلما كانت مصادر الطاقة ذاتية، أى متوافرة لدى الدولة، كان ذلك أفضل، ومن هنا لا يجب التفريط فيما لدينا من مصادر.
• إذن أنت مع فكرة استيراد الغاز؟
إذا كان الغاز له هذه الأهمية، فهل نستنزف ما لدينا منه؟ بالطبع لا، بل يجب علينا أن نستخدمه بالطريقة المثلى، وذلك لكى يطول عمره فى البلد بأكبر صورة ممكنة. ولكن كيف يتم ذلك؟ من خلال ترشيد الاستخدام، والأهم من ذلك عدم الإسراف فى استخداماته المستقبلية. لذلك قررت الحكومة السماح باستيراد الغاز. فنحن موجودون بمنطقة هى بطبيعتها مصدر كبير للطاقة بأنواعها وخاصة الغاز، من بينها قطر وإيران والعراق، والتى لديها كميات كبيرة من الغاز تصدرها إلى دول العالم. فإذا كان الغاز متوافرا من هذه المصادر وبأسعار مناسبة، ماذا يمنع أن أستورد كميات إضافية منه؟
نعم، لقد آن الأوان أن نفتح السوق لاستيراد الغاز، فنحن لسنا الأوائل فى القيام بذلك. كبرى دول العالم تنتج، وتستورد الغاز. ولقد قامت وزارة البترول، خاصة بعد أزمة الكهرباء الأخيرة، بمراجعة أولوياتها بشأن تخصيص موارد الغاز الموجودة لديها. وقبل ذلك اضطرت نتيجة هذه الزيادة فى الاستهلاك التى ذكرناها إلى تخفيض كميات الغاز الموردة للمحطات الكهربائية، مما قلل من كفاءتها لأنها مصممة على العمل بالغاز.
وزيادة الاستهلاك فى الغاز أعلى بكثير من معدل الزيادة فى الإنتاج والاحتياطى، ولقد عشنا فى قلب هذه الأزمة على مدار شهور الصيف هذا العام، ولذلك ليس عيبا أن تحدد الوزارة أولوياتها عند توزيع الغاز، لأنها بالفعل لا تملك الفائض الذى يمكنها من تلبية جميع الطلبات. لماذا تقوم بتوريد الطاقة إلى مصانع إضافية فى حين أن الأولويات تحكم أن تشبع الاحتياجات الأساسية أولا.
• وكيف يتسنى للحكومة أن تقوم بذلك؟
يجب أن يكون هناك تخطيط سليم للطاقة. وهذا يقتضى أن يبدأ من أعلى الهرم وليس من أسفله، وليس العكس مثلما يحدث الآن. فإذا كانت الدولة على سبيل المثال تخطط لتحقيق معدل نمو سنوى 7%، فيجب أن أحدد نصيب كل قطاع من هذا النمو ولكن بعد أن أدرس احتياجات هذه المعدلات من الطاقة، وإذا كان لدى الإمكانات لتوفيرها أم لا. فليس من الصحيح مثلا أن أحدد نمو القطاع الصناعى ب10%، وأنا لا أستطيع توفير كميات الطاقة اللازمة له.
• وهل من الطبيعى أن تقوم الحكومة بتصدير الغاز فى الوقت الذى تسعى فيه إلى استيراده لسد فجوة الطلب المتزايدة فى السوق المحلية؟
نعم، فالتصدير ليس عيبا والاستيراد أيضا ليس عيبا، وكل منهما ضرورى ولا يتعارضان. التصدير ضرورى لتوفير عملة أجنبية للدولة تمكننا من شراء حصة الشريك الأجنبى. من ناحية أخرى، ليس من السهل إلغاء عقود التصدير لأن بها التزامات دولية وغرامات تحول دون ذلك.
والأهم من ذلك أن تصدير الغاز له بعد سياسى، فالطاقة، كما قلت عنصر من عناصر الأمن القومى فى أى بلد، إذن فالدول التى تستورد منك الطاقة، ترتبط بك لأنك مصدر الطاقة لها، وهذا الارتباط ليس مثل أى ارتباط تجارى أو اقتصادى آخر، بل هو أقوى بكثير.
السياسة وتصدير الغاز لإسرائيل
• كيف انعكست السياسة إذن فى تصدير الغاز لإسرائيل، وهل هناك ضغوط أمريكية مثلا لإبرام مثل هذه العقود؟
بالطبع. ماذا سيحدث لو أن مصر، لم تصدر الغاز لإسرائيل، فى الوقت الذى تعتمد فيه إسرائيل على هذه الموارد؟. هذه نقطة إسرائيل قد تأخذها فى الاعتبار. بالإضافة إلى ذلك نحن نعلم أن هناك اتفاقية السلام كامب ديفيد، وشق الطاقة موجود بها بصفة أساسية. هذه الأسباب هى الأساس وراء إبرام عقود تصدير إلى إسرائيل، والأمر لا يتعلق بأى ضغوط أمريكية نهائيا.
• كيف لا نستنزف ثرواتنا إذا كنا نصدر الغاز بأسعار منخفضة جدا؟
هذه المقولة غير سليمة، فالذى يحدد السعر هو الوقت الذى يتم فيه إبرام العقد، وبما أن الطاقة مثلما قلنا قضية أمن قومى، وبما أن الغاز لم يكن متوافرا فى العالم بقدر كبير، فلابد عند توقيع العقد من طمأنة المستورد من خلال عقد طويل الأجل، لكى نعطى له فرصة لأن يكون عنده استقرار. أى مشروع يعتمد على الغاز يكون طويل الأمد، ولم يكن أحد يعرف أن سعر الغاز سيرتفع بهذه السرعة.
• لكن مصر وقعت بعض الاتفاقيات الطويلة الأجل بسعر رخيص فى وقت كانت كل المؤشرات تؤكد استمرار ارتفاع أسعار البترول؟
ألم أقل إن هناك شقا سياسيا فى هذه الاتفاقيات، وهذا الشق هو الذى يدفع إلى الارتباط بسعر محدد لمدة طويلة خاصة أنه ليس أقل بكثير من المستويات العالمية. فى الوقت نفسه، قامت وزارة البترول بانتهاج سياسة لمراجعة بعض العقود الخاصة بالتصدير مما أسهم فى تحصيلها فارقا يصل إلى نحو 10 مليارات دولار. لذلك لا يجب ألا نحكم على الأمور بشكل فيه تعميمات، خاصة إن كنا لسنا على دراية بالظروف الكاملة لتوقيع العقد.
الدولة والاستيراد
• بعض الخبراء أكدوا أن فرص الاستيراد محدودة أمام مصر؟
هذا غير صحيح، فنحن نستطيع الاستيراد من قطر والعراق، وهى مصادر على البحر لذلك فالمهمة سهلة.
• من أفضل للقيام بالاستيراد.. الدولة أم القطاع الخاص؟
إذا اتفقنا على الاستيراد، فمما لاشك فيه أنه من الأفضل أن تدخل الدولة كمستورد، فلا يوجد أى ضرر من أن تقوم الشركات الحكومية باستيراد الطاقة وأن تبيعها للقطاع الخاص. فهى من جهة ستحقق ربحا، ومن جهة أخرى ستحكم العملية، حتى لا تحدث مفارقات فى السعر، خاصة أنه لا يوجد أى مرفق أو جهاز تنظيمى للإشراف على سعر الطاقة. وإذا كانت الدولة لا تنوى أن تتدخل فى العملية، فعليها أن تقوم بإنشاء جهاز تنظيمى للبترول والغاز على غرار مرفقى تنظيم الاتصالات والكهرباء.
تحرير السوق المحلية للطاقة
• ألن يؤدى استيراد الطاقة، مع وجود دعم لها فى السوق المحلية، إلى مفارقات فى السعر؟
لابد أن يتوافق الاستيراد مع تحرير الطاقة فى مصر، أى إلغاء الدعم للمستهلك الكبير، لأنه ليس من الطبيعى إيجاد مصدرين للطاقة فى السوق بسعرين مختلفين، فهذا يحدث خللا وتضاربا فى التسعير. لكن، لا توجد مشكلة فى ذلك، فاستيراد الطاقة يصعب أن يتم بأى شكل من الأشكال قبل 2015.
والعملية ليست سهلة، فنحن لن نستورد غازا فى يوم وليلة، والقطاع الخاص يحتاج إلى إنشاء محطات تغيير (لتحويل الغاز من سائل إلى غاز)، وهذا يستغرق وقتا، ولن يتم الانتهاء من ذلك قبل 2015.
• هل ذلك يعنى أن المشاريع ستظل معلقة حتى 2015؟
بالطبع لا. القطاع الخاص يفكر فى شراء مركب عليها محطة تغيير ليقوم بنقل الغاز بعد ذلك على شبكة الخطوط المصرية ليكسب وقتا. وفى هذه الحالة، سيكون اختيار المستثمر أن يدفع سعرا أعلى من أجل الحصول على ما يريده من غاز وهذا طبيعى ويطبق أصلا فى السوق المصرية. فكبرى الشركات الصناعية تشترى احتياجاتها من الغاز بالأسعار العالمية لضمان الحصول على ما تريده من كميات الغاز.
•وهذا لن يكون له أثر سلبى على الاستثمار إذا أخذنا فى الاعتبار فروق الأسعار العالمية والمحلية؟
الطاقة هى العائق الوحيد لانطلاق الاستثمار فى مصر فى الفترة الأخيرة، ولذلك تم فتح باب الاستيراد، ولكن كما قلت من سيسرع بالأمر سيكون على استعداد لدفع ثمن أعلى للطاقة مقابل حصوله على ما يريد من غاز. ولكن مما لا شك فيه أنه ستتم الاستفادة بشكل أكبر من الاستيراد عقب تحرير الطاقة فى مصر. ولقد بدأت الدولة فى اتخاذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه ومن المتوقع تحرير الطاقة بحلول عام 2015.
• إلى أى حد الانتخابات وخوف الحكومة من المعارضة الشعبية سبب فى تأخير تحرير الطاقة؟
أولا، نحن لم نتحدث أبدا عن إلغاء أى دعم يمس الشرائح الفقيرة من المجتمع، بل عن طاقة تستخدمها المصانع التى تحقق أرباحا طائلة، ومقولة أن أى ارتفاع فى سعر الطاقة التى تحصل عليها هذه المصانع سيتسبب بدوره فى رفع سعر المنتج النهائى غير صحيحة.
فمنذ متى أخذت مصانع الأسمنت على سبيل المثال فى الاعتبار عند تحديد أسعارها حصولها على طاقة مدعمة؟ هذا لم يحدث أبدا. الأسعار، دائما ما كانت تحدد وفقا للأسعار العالمية، وقد ارتفعت إلى مستويات قياسية فى كثير من الأحيان دفعت الحكومة إلى التدخل.
• أكدت وزارة البترول مرارا أن لديها احتياطيات كبيرة تغطى الاستهلاك لمدة تصل إلى 30 عاما؟ وطالما استنكر الخبراء هذا الرقم مؤكدين أن الاحتياطى الموجود فى الأراضى المصرية سيتم استنفاده على الأكثر بحلول 2020... أيهما كلامه أصح؟
منذ ظهور الغاز فى مصر، زادت اكتشافاته باستمرار، وكما هو معلن يتراوح احتياطى الغاز فى مصر ما بين 76 و78 تريليون قدم مكعب، ولكن هذا الرقم غير مفهوم للمواطن أو القارئ العادى، ولذلك فهو يثير اعتراضات كثيرة.
فهذا الرقم، بصورة مبسطة، يحدد عمر ما يمكن أن نستخرجه وننتجه حسب معدلات هذه الأيام، أى هو يحدد إجمالى ما نملكه من ثروات غاز فى الأراضى المصرية، ولكن ليس كل الاحتياطى نستطيع أن نستخرجه. فبعضه يكون استخراجه مكلفا نتيجة لوجوده فى أعماق بعيدة فى الأرض، وبعض آخر يوجد فى عمق البحر، فلا نستطيع أيضا أن نستخرجه بسهولة. وهذا ما يتسبب فى هذا التضارب. الفيصل فى تحديد الاحتياطى هو ما أستطيع أن استخرجه بسعر اقتصادى.
الطاقة النووية ضرورة ملحة
• لقد تأخرت مصر فى اقتحام مجال الطاقة النووية، كيف يمكن أن تحل مشكلة نقص الغاز والبترول؟
لقد تأخرت مصر كثيرا قبل أن تطرق هذا المجال، ولكن الآن الطاقة النووية أصبحت ضرورة ملحة لا محالة، خاصة أن الدولة فى ظل أزمة الطاقة وزيادة الطلب عليها، يجب أن تدخل فى أنواع الطاقة الأخرى، لأن ما لديها من بترول وغاز محدود، ومصادر الطاقة الأخرى لم تظهر بعد فى الصورة. فالمبادرات فى مجال طاقة الرياح على سبيل المثال مشجعة، ولكنها ليست كما نأمل. فى الوقت نفسه، الطاقة الشمسية مازالت تحتاج إلى وقت طويل للاستفادة منها. ولا تستطيع أى دولة الاعتماد بصورة كلية على طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، فلابد من وجود محطات توليد تقليدية، كبدائل فى حالة عدم توافر الشمس أو الرياح. إذن البديل الأهم والآمن والأرخص الآن هو الطاقة النووية.
• لكن الاستثمار فى الطاقة النووية مرتفع التكلفة. ألا تخشى الحكومة من إحجام المستثمرين عنه؟
الطاقة النووية توفر كميات كبيرة من الطاقة، كما أنها تعمل بالحمل القاعدى (أى لمدة من 18 إلى 24 شهرا متواصلا)، وتعتمد على اليورانيوم، ولدينا شواهد جيدة بالنسبة لهذه الخامة فى مصر، فلذلك يجب ألا أن نتردد أن نقتحم هذا المجال. والأهم من ذلك، أن المحطة النووية عمرها ستون سنة فى المتوسط، كما أن نسبة الوقود بها لا تمثل إلا 7% من تكلفة المنتج، بينما لا يتجاوز عمر أى توربين بخارى (محطة كهربائية) أكثر من 35 سنة، ويستحوذ الوقود على ما يقرب من 75% من تكلفة المنتج وهو الكهرباء، ولذلك إذا كان سعر المحطة النووية أعلى فإن عمرها الأطول وانخفاض تكلفة الطاقة يعوض ذلك.
• وماذا عن تمويل هذه المحطات؟ هل البنوك المحلية قادرة عليه؟
التمويل فى حد ذاته ليس مشكلة، خاصة أن من يستثمر فى هذه المحطات، يعلم أن عمرها أطول من غيرها من المحطات، فهى مثل السيارة، سعرها يرتبط بنوعها وبحجم استهلاكها للبنزين. ومع التخوفات التى ارتبطت بالطاقة النووية، فمتطلبات الأمان بها عالية جدا وهو ما يزيد من تكاليفها. هذه العوامل تساعد على توافر الشروط الاقتصادية السليمة التى تجعل أى بنك لا يتردد فى المشاركة فى التمويل.
ولكن يبقى السؤال: هل البنوك المحلية لديها من السيولة ما يمكنها من التمويل؟ بالطبع لا، ولذلك فهى ستكتفى بتمويل الجزء المحلى منها، والتى لا تتعدى نسبة ال20%.
ولكن هذا لا يدعو للقلق، خاصة أنه جرى العرف أن الدول المصدرة لمكونات هذه المحطات، تضمن تمويلها، كما أن هناك اتصالات مع أكثر من مؤسسة عربية للمشاركة فى التمويل مثل الصندوق العربى، والكويتى، وبنكى التنمية الإسلامى والأفريقى. لم نسمع عن أى من الدول واجهت مشكلة فى تمويل إنشاء محطة نووية. فقد بادرت العديد من الدول المجاورة بإنشاء مفاعلات نووية مثل الإمارات، وتركيا، وحصلت على التمويل اللازم.
من جهة أخرى، نحن فى اللجنة الاستشارية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوصينا بأن نجرى مفاوضات مع البنك الدولى، والذى لا يمول إنشاء المحطات النووية، فى محاولة لإقناعه، أن يمول الجزء غير النووى من المحطة.
•إلى أى مدى مارس تضرر رجال الأعمال من اختيار الضبعة لتنفيذ المشروع ضغطا على الحكومة عند اتخاذها القرار؟
مادام ارتضى رجال الأعمال الاحتكام إلى الفنيين والمتخصصين فى الموضوع، ليرتضوا أيضا بقرارهم. وهذه المرة القضية تتعلق بأمن قومى، ومن ثم لم يكن هناك فرصة للانصياع وراء هذه المصالح والصراعات، خاصة أن اختيار الضبعة ليست فكرة وليدة اليوم، بل هذه المنطقة مرشحة منذ الثمانينيات. ولكن بعض رجال الأعمال لم يتوقعوا أن يتم تجاهل اعتراضاتهم بهذا الشكل، فهم لم يعتادوا على ذلك.
التعميق الصناعى يفتقر إلى إستراتيجية محددة
• طرحت أهمية تحقيق تعميق صناعى منذ وجودك فى وزارة الصناعة أى منذ 2001، وحتى الآن لم يحدث أى تطور ملموس.. ما السبب فى ذلك؟
فكرة تعميق الصناعة ليست جديدة. فقد اعتمد رئيس الوزراء حينئذ هذا التوجه أثناء وجودى فى وزارة الصناعة، وأنشأ لجنة للتصنيع المحلى ألزمت جميع الجهات الحكومية حينئذ بالحصول على موافقة منها قبل استيراد أى منتج من الخارج، للتأكد من عدم وجود مثيل له فى السوق المحلية، ولكن بشرط أن يكون مستوى جودة السوق المحلية مماثلا للسلعة المستوردة. فمن العيب أن أصرف على عامل فى الخارج بدلا من عامل فى مصر.
لكن هذه الفكرة سرعان ما تاهت وسط توجه الدول إلى تطبيق سياسة السوق الحرة، وفتح باب الاستيراد على مصراعيه، مما كان له آثار سلبية على السوق المصرية، حيث اجتاحت كثير من السلع، وللأسف الكثير منها ليس بالجودة المطلوبة، السوق المصرية.
ومع الأزمة العالمية، والكساد العالمى الذى شهدته الدول الصناعية الكبرى، واحتدام المنافسة بين الدول على كعكة الصادرات التى أصبحت أصغر على خلفية الأزمة من جهة، والاعتماد على السوق المحلية بشكل أكبر، عاودت الحكومة الاهتمام بتعميق الصناعة مرة أخرى واتخذت وزارة الصناعة العديد من الخطوات لزيادة نسبة المكون المحلى. ولقد أنجزنا خطوات ملموسة فى هذا المجال، فمصر تصدر السلع المعمرة والمنتجات المنزلية والأدوية والأسمدة وغيرها إلى الخارج وهى مصنعة بالكامل فى مصر. فى الوقت نفسه، نحن ننتج فى قطاع الكهرباء كل متطلبات التوزيع والنقل حتى 220 كيلو فولت، والكابلات والمحولات. ولكننا لم نكمل المشوار بعد.
• لماذا؟
لكى نكمل المشوار لابد من صياغة إستراتيجية قومية، بخطوات معينة، وجدول زمنى محدد، مثلما فعلنا فى قطاع الكهرباء، ولكن الأمر لم يتم بهذا الشكل فى الصناعة. فقد ركزت الحكومة على مجالات معينة دون غيرها، ولم تطبق إستراتيجية موحدة على القطاع بأكمله.
وبرغم كل المبادرات التى اتخذتها الحكومة لتفعيل دور القطاع الخاص فى الاستثمارات، إلا أنه لايزال محدودا للغاية. وذلك لأننا فاتحون السوق المصرية على مصراعيها بدون قواعد، فكيف للمستثمر أن يتشجع ويبدأ نشاطه إذا كان يعلم أن المستورد، والذى لن يكون بالضرورة فى نفس مستوى الجودة، ينافسه فى السوق المحلية، بدون أى ضوابط.
فهو فى مثل هذه الحالة لا يستطيع أن يقدر حجم مبيعاته أو أرباحه، كل شىء يكون غير مضمون. وإذا استمر الوضع على ذلك، سيزداد الأمر سوءا.
ولذلك يجب على الدولة تهيئة المناخ المحلى للمصنعين، فأنا لا أستطيع كدولة، نتيجة للالتزامات الدولية أن أوقف الاستيراد، ولكنى أستطيع كحكومة أن أوفر له مشتريا ومستهلكا مضمونا، وهو الحكومة، أى أنها يجب أن تقوم بشراء جميع المنتج المحلى، بشرط أن يكون بنفس الجودة. هذا ما سيوفر منافسة عادلة تدفع بهم إلى المشاركة بصورة أكبر فى الاستثمارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.