"كن جميلًا تر الوجود جميلًا" وحرمة التعدي على الجار، موضوعات خطبة الجمعة القادمة    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    استقرار سعر الريال السعودي في ختام التعاملات اليوم 15 نوفمبر 2025    ارتفاع أسعار اللحوم المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية بنحو 55 جنيها    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    برلمانى: الصفقات الاستثمارية رفعت محفظة القطاع السياحي لأكثر من 70 مليار دولار    الأونروا: آلاف الخيام في غزة مهددة مع سقوط الأمطار    إعلام دارفور: المواقف الدولية بعد مجزرة الفاشر أيقظت ضمير العالم    موندو: برشلونة يراقب ثنائي الدوري الألماني لتدعيم الدفاع    الزمالك يقرر ضم نجلي محمد صبري من السكة الحديد    ضبط المتهمين بقيادة مركبات «الاسكوتر» بطريقة خطرة ببني سويف| فيديو    القبض على أنصار نائب لقيامهم بإطلاق النار احتفالا بفوزه في الانتخابات    آخر تطورات حالة أحمد سعد على لسان شقيقه سامح    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    20 مصابا بانفجار في منطقة صناعية بمدينة إيزيزا الأرجنتينية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    تعرض الفنان هاني مهنى لوعكة صحية شديدة.. اعرف التفاصيل    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة وزراعة الكبد    بعد قلق أولياء الأمور.. استشاري أمراض صدرية تكشف حقيقة انتشار الفيروس المخلوي    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب لقناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    أبو الغيط يبدأ زيارة رسمية إلى الصين لتعزيز الحوار العربي الصيني    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    تقرير: مدرب شبيبة القبائل يستعد لإجراء تغييرات كثيرة أمام الأهلي    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    البط والأرانب بكام؟.. أسعار الطيور البلدى اليوم فى أسواق الإسكندرية    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس لجنة الطاقة فى الحزب الوطنى: الغاز صار قضية أمن قومى ولا يجب التفريط فيما لدينا من مصادر الطاقة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2010

هو وزير الكهرباء والصناعة الأسبق، على فهمى الصعيدى، الرئيس الحالى للجنة الطاقة فى الحزب الوطنى، وعضو اللجنة الاستشارية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعضو الحالى فى مجلس إدارة بنك القاهرة. مؤهلاته وخبراته متعددة فى مجال الطاقة، بالإضافة إلى عمله لمدة 6 سنوات فى الحكومة.
فى لحظة عاد فيها الغاز وكمياته وحجم احتياطياته، واحتمالات نفاده فى مصر إلى مقدمة المشهد من الصناعة إلى استهلاك الكهرباء فى البيوت تحاوره «الشروق» عن استيراد الغاز من الخارج بعد أن كنا من أكبر مصدريه وعن السياسة والطاقة وعن البديل الذى تتطلع له مصر: الطاقة النووية.
• دائما ما أكدت وزارة البترول أنه لا توجد مشكلة حقيقية فى كميات الغاز الموجودة لديها، ولكن جاءت أزمة الكهرباء لترفع النقاب عن نقص خطير يهدد مستقبل الطاقة فى مصر. ولكن وزير البترول، سامح فهمى، عاد ليؤكد أنه لا توجد مشكلة غاز وإنما المسألة تتعلق بالأولويات، ثم سمحت الحكومة له بالاستيراد من الخارج. أين المشكلة بالضبط؟
فى 2002/2003، لم تكن هناك مشاكل فى كميات الغاز، فكانت وزارة البترول على سبيل المثال تورد إلى محطات الكهرباء كل الكميات التى تحتاجها بأكملها، ما عدا محطتى العريش وأسيوط، وهما مصممتان على استخدام المازوت. لكن فى السنوات الأخيرة، زاد الاستهلاك نتيجة زيادة محطات الكهرباء المعتمدة على الغاز، وزيادة الاستهلاك المنزلى للكهرباء بسبب نمو السكان والتغيرات المناخية. والأهم من ذلك التزايد الكبير فى استخدام الغاز فى الصناعة.
ويجب أن نعلم أن العالم حديث عهد باستخدام الغاز كمصدر للطاقة. فالغاز لم يحظ بهذا الاهتمام الكبير إلا مع بداية العقدين الأخيرين من القرن الماضى، ولذلك فهو حتى الآن لا تتم إدارته عالميا بنفس أسلوب خام البترول، فهو على سبيل المثال ليس له منظمة تتحكم فى تصديره مثل البترول ومنظمة OPEC، لكن التجارة فيه تحكمها اتفاقيات ثنائية.
وقد بدأ الاعتماد على الغاز فى مصر بصورة مبشرة فى أواخر الثمانينيات، قبل ذلك كان البترول هو مصدر الطاقة الأساسى. ولكن فى السنوات الأخيرة بات الغاز يمثل نصف مصادر الطاقة البترولية فى مصر، أى أنه مصدر كبير وأساسى بالنسبة لنا، كما أنه المولد الأساسى للكهرباء فى مصر. من هنا باتت قضية الطاقة بصفة عامة، والغاز بصفة خاصة، قضية أمن قومى، خاصة أن كل برامج التنمية فى مصر، الاقتصادية، والاجتماعية، والصناعية، تعتمد على الطاقة.
هذا الاستهلاك المتزايد أنار للحكومة ضوءًا أحمر، فيما يتعلق بموارد الغاز المصرية، ولذلك كان عليها أن تفكر فى عدم استنزاف الثروات التى نمتلكها، وأن تفتح الباب للاستيراد، لكى تمد أجل ما لدينا من مصادر.
فالطاقة لها صور متعددة، طبيعية ومخلقة، (أى صناعية)، الأولى نستخدمها كما هى، والثانية نستخدمها من خلال توليد نوع آخر من الطاقة كالكهرباء ونستفيد منها. ولذلك كلما كانت مصادر الطاقة ذاتية، أى متوافرة لدى الدولة، كان ذلك أفضل، ومن هنا لا يجب التفريط فيما لدينا من مصادر.
• إذن أنت مع فكرة استيراد الغاز؟
إذا كان الغاز له هذه الأهمية، فهل نستنزف ما لدينا منه؟ بالطبع لا، بل يجب علينا أن نستخدمه بالطريقة المثلى، وذلك لكى يطول عمره فى البلد بأكبر صورة ممكنة. ولكن كيف يتم ذلك؟ من خلال ترشيد الاستخدام، والأهم من ذلك عدم الإسراف فى استخداماته المستقبلية. لذلك قررت الحكومة السماح باستيراد الغاز. فنحن موجودون بمنطقة هى بطبيعتها مصدر كبير للطاقة بأنواعها وخاصة الغاز، من بينها قطر وإيران والعراق، والتى لديها كميات كبيرة من الغاز تصدرها إلى دول العالم. فإذا كان الغاز متوافرا من هذه المصادر وبأسعار مناسبة، ماذا يمنع أن أستورد كميات إضافية منه؟
نعم، لقد آن الأوان أن نفتح السوق لاستيراد الغاز، فنحن لسنا الأوائل فى القيام بذلك. كبرى دول العالم تنتج، وتستورد الغاز. ولقد قامت وزارة البترول، خاصة بعد أزمة الكهرباء الأخيرة، بمراجعة أولوياتها بشأن تخصيص موارد الغاز الموجودة لديها. وقبل ذلك اضطرت نتيجة هذه الزيادة فى الاستهلاك التى ذكرناها إلى تخفيض كميات الغاز الموردة للمحطات الكهربائية، مما قلل من كفاءتها لأنها مصممة على العمل بالغاز.
وزيادة الاستهلاك فى الغاز أعلى بكثير من معدل الزيادة فى الإنتاج والاحتياطى، ولقد عشنا فى قلب هذه الأزمة على مدار شهور الصيف هذا العام، ولذلك ليس عيبا أن تحدد الوزارة أولوياتها عند توزيع الغاز، لأنها بالفعل لا تملك الفائض الذى يمكنها من تلبية جميع الطلبات. لماذا تقوم بتوريد الطاقة إلى مصانع إضافية فى حين أن الأولويات تحكم أن تشبع الاحتياجات الأساسية أولا.
• وكيف يتسنى للحكومة أن تقوم بذلك؟
يجب أن يكون هناك تخطيط سليم للطاقة. وهذا يقتضى أن يبدأ من أعلى الهرم وليس من أسفله، وليس العكس مثلما يحدث الآن. فإذا كانت الدولة على سبيل المثال تخطط لتحقيق معدل نمو سنوى 7%، فيجب أن أحدد نصيب كل قطاع من هذا النمو ولكن بعد أن أدرس احتياجات هذه المعدلات من الطاقة، وإذا كان لدى الإمكانات لتوفيرها أم لا. فليس من الصحيح مثلا أن أحدد نمو القطاع الصناعى ب10%، وأنا لا أستطيع توفير كميات الطاقة اللازمة له.
• وهل من الطبيعى أن تقوم الحكومة بتصدير الغاز فى الوقت الذى تسعى فيه إلى استيراده لسد فجوة الطلب المتزايدة فى السوق المحلية؟
نعم، فالتصدير ليس عيبا والاستيراد أيضا ليس عيبا، وكل منهما ضرورى ولا يتعارضان. التصدير ضرورى لتوفير عملة أجنبية للدولة تمكننا من شراء حصة الشريك الأجنبى. من ناحية أخرى، ليس من السهل إلغاء عقود التصدير لأن بها التزامات دولية وغرامات تحول دون ذلك.
والأهم من ذلك أن تصدير الغاز له بعد سياسى، فالطاقة، كما قلت عنصر من عناصر الأمن القومى فى أى بلد، إذن فالدول التى تستورد منك الطاقة، ترتبط بك لأنك مصدر الطاقة لها، وهذا الارتباط ليس مثل أى ارتباط تجارى أو اقتصادى آخر، بل هو أقوى بكثير.
السياسة وتصدير الغاز لإسرائيل
• كيف انعكست السياسة إذن فى تصدير الغاز لإسرائيل، وهل هناك ضغوط أمريكية مثلا لإبرام مثل هذه العقود؟
بالطبع. ماذا سيحدث لو أن مصر، لم تصدر الغاز لإسرائيل، فى الوقت الذى تعتمد فيه إسرائيل على هذه الموارد؟. هذه نقطة إسرائيل قد تأخذها فى الاعتبار. بالإضافة إلى ذلك نحن نعلم أن هناك اتفاقية السلام كامب ديفيد، وشق الطاقة موجود بها بصفة أساسية. هذه الأسباب هى الأساس وراء إبرام عقود تصدير إلى إسرائيل، والأمر لا يتعلق بأى ضغوط أمريكية نهائيا.
• كيف لا نستنزف ثرواتنا إذا كنا نصدر الغاز بأسعار منخفضة جدا؟
هذه المقولة غير سليمة، فالذى يحدد السعر هو الوقت الذى يتم فيه إبرام العقد، وبما أن الطاقة مثلما قلنا قضية أمن قومى، وبما أن الغاز لم يكن متوافرا فى العالم بقدر كبير، فلابد عند توقيع العقد من طمأنة المستورد من خلال عقد طويل الأجل، لكى نعطى له فرصة لأن يكون عنده استقرار. أى مشروع يعتمد على الغاز يكون طويل الأمد، ولم يكن أحد يعرف أن سعر الغاز سيرتفع بهذه السرعة.
• لكن مصر وقعت بعض الاتفاقيات الطويلة الأجل بسعر رخيص فى وقت كانت كل المؤشرات تؤكد استمرار ارتفاع أسعار البترول؟
ألم أقل إن هناك شقا سياسيا فى هذه الاتفاقيات، وهذا الشق هو الذى يدفع إلى الارتباط بسعر محدد لمدة طويلة خاصة أنه ليس أقل بكثير من المستويات العالمية. فى الوقت نفسه، قامت وزارة البترول بانتهاج سياسة لمراجعة بعض العقود الخاصة بالتصدير مما أسهم فى تحصيلها فارقا يصل إلى نحو 10 مليارات دولار. لذلك لا يجب ألا نحكم على الأمور بشكل فيه تعميمات، خاصة إن كنا لسنا على دراية بالظروف الكاملة لتوقيع العقد.
الدولة والاستيراد
• بعض الخبراء أكدوا أن فرص الاستيراد محدودة أمام مصر؟
هذا غير صحيح، فنحن نستطيع الاستيراد من قطر والعراق، وهى مصادر على البحر لذلك فالمهمة سهلة.
• من أفضل للقيام بالاستيراد.. الدولة أم القطاع الخاص؟
إذا اتفقنا على الاستيراد، فمما لاشك فيه أنه من الأفضل أن تدخل الدولة كمستورد، فلا يوجد أى ضرر من أن تقوم الشركات الحكومية باستيراد الطاقة وأن تبيعها للقطاع الخاص. فهى من جهة ستحقق ربحا، ومن جهة أخرى ستحكم العملية، حتى لا تحدث مفارقات فى السعر، خاصة أنه لا يوجد أى مرفق أو جهاز تنظيمى للإشراف على سعر الطاقة. وإذا كانت الدولة لا تنوى أن تتدخل فى العملية، فعليها أن تقوم بإنشاء جهاز تنظيمى للبترول والغاز على غرار مرفقى تنظيم الاتصالات والكهرباء.
تحرير السوق المحلية للطاقة
• ألن يؤدى استيراد الطاقة، مع وجود دعم لها فى السوق المحلية، إلى مفارقات فى السعر؟
لابد أن يتوافق الاستيراد مع تحرير الطاقة فى مصر، أى إلغاء الدعم للمستهلك الكبير، لأنه ليس من الطبيعى إيجاد مصدرين للطاقة فى السوق بسعرين مختلفين، فهذا يحدث خللا وتضاربا فى التسعير. لكن، لا توجد مشكلة فى ذلك، فاستيراد الطاقة يصعب أن يتم بأى شكل من الأشكال قبل 2015.
والعملية ليست سهلة، فنحن لن نستورد غازا فى يوم وليلة، والقطاع الخاص يحتاج إلى إنشاء محطات تغيير (لتحويل الغاز من سائل إلى غاز)، وهذا يستغرق وقتا، ولن يتم الانتهاء من ذلك قبل 2015.
• هل ذلك يعنى أن المشاريع ستظل معلقة حتى 2015؟
بالطبع لا. القطاع الخاص يفكر فى شراء مركب عليها محطة تغيير ليقوم بنقل الغاز بعد ذلك على شبكة الخطوط المصرية ليكسب وقتا. وفى هذه الحالة، سيكون اختيار المستثمر أن يدفع سعرا أعلى من أجل الحصول على ما يريده من غاز وهذا طبيعى ويطبق أصلا فى السوق المصرية. فكبرى الشركات الصناعية تشترى احتياجاتها من الغاز بالأسعار العالمية لضمان الحصول على ما تريده من كميات الغاز.
•وهذا لن يكون له أثر سلبى على الاستثمار إذا أخذنا فى الاعتبار فروق الأسعار العالمية والمحلية؟
الطاقة هى العائق الوحيد لانطلاق الاستثمار فى مصر فى الفترة الأخيرة، ولذلك تم فتح باب الاستيراد، ولكن كما قلت من سيسرع بالأمر سيكون على استعداد لدفع ثمن أعلى للطاقة مقابل حصوله على ما يريد من غاز. ولكن مما لا شك فيه أنه ستتم الاستفادة بشكل أكبر من الاستيراد عقب تحرير الطاقة فى مصر. ولقد بدأت الدولة فى اتخاذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه ومن المتوقع تحرير الطاقة بحلول عام 2015.
• إلى أى حد الانتخابات وخوف الحكومة من المعارضة الشعبية سبب فى تأخير تحرير الطاقة؟
أولا، نحن لم نتحدث أبدا عن إلغاء أى دعم يمس الشرائح الفقيرة من المجتمع، بل عن طاقة تستخدمها المصانع التى تحقق أرباحا طائلة، ومقولة أن أى ارتفاع فى سعر الطاقة التى تحصل عليها هذه المصانع سيتسبب بدوره فى رفع سعر المنتج النهائى غير صحيحة.
فمنذ متى أخذت مصانع الأسمنت على سبيل المثال فى الاعتبار عند تحديد أسعارها حصولها على طاقة مدعمة؟ هذا لم يحدث أبدا. الأسعار، دائما ما كانت تحدد وفقا للأسعار العالمية، وقد ارتفعت إلى مستويات قياسية فى كثير من الأحيان دفعت الحكومة إلى التدخل.
• أكدت وزارة البترول مرارا أن لديها احتياطيات كبيرة تغطى الاستهلاك لمدة تصل إلى 30 عاما؟ وطالما استنكر الخبراء هذا الرقم مؤكدين أن الاحتياطى الموجود فى الأراضى المصرية سيتم استنفاده على الأكثر بحلول 2020... أيهما كلامه أصح؟
منذ ظهور الغاز فى مصر، زادت اكتشافاته باستمرار، وكما هو معلن يتراوح احتياطى الغاز فى مصر ما بين 76 و78 تريليون قدم مكعب، ولكن هذا الرقم غير مفهوم للمواطن أو القارئ العادى، ولذلك فهو يثير اعتراضات كثيرة.
فهذا الرقم، بصورة مبسطة، يحدد عمر ما يمكن أن نستخرجه وننتجه حسب معدلات هذه الأيام، أى هو يحدد إجمالى ما نملكه من ثروات غاز فى الأراضى المصرية، ولكن ليس كل الاحتياطى نستطيع أن نستخرجه. فبعضه يكون استخراجه مكلفا نتيجة لوجوده فى أعماق بعيدة فى الأرض، وبعض آخر يوجد فى عمق البحر، فلا نستطيع أيضا أن نستخرجه بسهولة. وهذا ما يتسبب فى هذا التضارب. الفيصل فى تحديد الاحتياطى هو ما أستطيع أن استخرجه بسعر اقتصادى.
الطاقة النووية ضرورة ملحة
• لقد تأخرت مصر فى اقتحام مجال الطاقة النووية، كيف يمكن أن تحل مشكلة نقص الغاز والبترول؟
لقد تأخرت مصر كثيرا قبل أن تطرق هذا المجال، ولكن الآن الطاقة النووية أصبحت ضرورة ملحة لا محالة، خاصة أن الدولة فى ظل أزمة الطاقة وزيادة الطلب عليها، يجب أن تدخل فى أنواع الطاقة الأخرى، لأن ما لديها من بترول وغاز محدود، ومصادر الطاقة الأخرى لم تظهر بعد فى الصورة. فالمبادرات فى مجال طاقة الرياح على سبيل المثال مشجعة، ولكنها ليست كما نأمل. فى الوقت نفسه، الطاقة الشمسية مازالت تحتاج إلى وقت طويل للاستفادة منها. ولا تستطيع أى دولة الاعتماد بصورة كلية على طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، فلابد من وجود محطات توليد تقليدية، كبدائل فى حالة عدم توافر الشمس أو الرياح. إذن البديل الأهم والآمن والأرخص الآن هو الطاقة النووية.
• لكن الاستثمار فى الطاقة النووية مرتفع التكلفة. ألا تخشى الحكومة من إحجام المستثمرين عنه؟
الطاقة النووية توفر كميات كبيرة من الطاقة، كما أنها تعمل بالحمل القاعدى (أى لمدة من 18 إلى 24 شهرا متواصلا)، وتعتمد على اليورانيوم، ولدينا شواهد جيدة بالنسبة لهذه الخامة فى مصر، فلذلك يجب ألا أن نتردد أن نقتحم هذا المجال. والأهم من ذلك، أن المحطة النووية عمرها ستون سنة فى المتوسط، كما أن نسبة الوقود بها لا تمثل إلا 7% من تكلفة المنتج، بينما لا يتجاوز عمر أى توربين بخارى (محطة كهربائية) أكثر من 35 سنة، ويستحوذ الوقود على ما يقرب من 75% من تكلفة المنتج وهو الكهرباء، ولذلك إذا كان سعر المحطة النووية أعلى فإن عمرها الأطول وانخفاض تكلفة الطاقة يعوض ذلك.
• وماذا عن تمويل هذه المحطات؟ هل البنوك المحلية قادرة عليه؟
التمويل فى حد ذاته ليس مشكلة، خاصة أن من يستثمر فى هذه المحطات، يعلم أن عمرها أطول من غيرها من المحطات، فهى مثل السيارة، سعرها يرتبط بنوعها وبحجم استهلاكها للبنزين. ومع التخوفات التى ارتبطت بالطاقة النووية، فمتطلبات الأمان بها عالية جدا وهو ما يزيد من تكاليفها. هذه العوامل تساعد على توافر الشروط الاقتصادية السليمة التى تجعل أى بنك لا يتردد فى المشاركة فى التمويل.
ولكن يبقى السؤال: هل البنوك المحلية لديها من السيولة ما يمكنها من التمويل؟ بالطبع لا، ولذلك فهى ستكتفى بتمويل الجزء المحلى منها، والتى لا تتعدى نسبة ال20%.
ولكن هذا لا يدعو للقلق، خاصة أنه جرى العرف أن الدول المصدرة لمكونات هذه المحطات، تضمن تمويلها، كما أن هناك اتصالات مع أكثر من مؤسسة عربية للمشاركة فى التمويل مثل الصندوق العربى، والكويتى، وبنكى التنمية الإسلامى والأفريقى. لم نسمع عن أى من الدول واجهت مشكلة فى تمويل إنشاء محطة نووية. فقد بادرت العديد من الدول المجاورة بإنشاء مفاعلات نووية مثل الإمارات، وتركيا، وحصلت على التمويل اللازم.
من جهة أخرى، نحن فى اللجنة الاستشارية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوصينا بأن نجرى مفاوضات مع البنك الدولى، والذى لا يمول إنشاء المحطات النووية، فى محاولة لإقناعه، أن يمول الجزء غير النووى من المحطة.
•إلى أى مدى مارس تضرر رجال الأعمال من اختيار الضبعة لتنفيذ المشروع ضغطا على الحكومة عند اتخاذها القرار؟
مادام ارتضى رجال الأعمال الاحتكام إلى الفنيين والمتخصصين فى الموضوع، ليرتضوا أيضا بقرارهم. وهذه المرة القضية تتعلق بأمن قومى، ومن ثم لم يكن هناك فرصة للانصياع وراء هذه المصالح والصراعات، خاصة أن اختيار الضبعة ليست فكرة وليدة اليوم، بل هذه المنطقة مرشحة منذ الثمانينيات. ولكن بعض رجال الأعمال لم يتوقعوا أن يتم تجاهل اعتراضاتهم بهذا الشكل، فهم لم يعتادوا على ذلك.
التعميق الصناعى يفتقر إلى إستراتيجية محددة
• طرحت أهمية تحقيق تعميق صناعى منذ وجودك فى وزارة الصناعة أى منذ 2001، وحتى الآن لم يحدث أى تطور ملموس.. ما السبب فى ذلك؟
فكرة تعميق الصناعة ليست جديدة. فقد اعتمد رئيس الوزراء حينئذ هذا التوجه أثناء وجودى فى وزارة الصناعة، وأنشأ لجنة للتصنيع المحلى ألزمت جميع الجهات الحكومية حينئذ بالحصول على موافقة منها قبل استيراد أى منتج من الخارج، للتأكد من عدم وجود مثيل له فى السوق المحلية، ولكن بشرط أن يكون مستوى جودة السوق المحلية مماثلا للسلعة المستوردة. فمن العيب أن أصرف على عامل فى الخارج بدلا من عامل فى مصر.
لكن هذه الفكرة سرعان ما تاهت وسط توجه الدول إلى تطبيق سياسة السوق الحرة، وفتح باب الاستيراد على مصراعيه، مما كان له آثار سلبية على السوق المصرية، حيث اجتاحت كثير من السلع، وللأسف الكثير منها ليس بالجودة المطلوبة، السوق المصرية.
ومع الأزمة العالمية، والكساد العالمى الذى شهدته الدول الصناعية الكبرى، واحتدام المنافسة بين الدول على كعكة الصادرات التى أصبحت أصغر على خلفية الأزمة من جهة، والاعتماد على السوق المحلية بشكل أكبر، عاودت الحكومة الاهتمام بتعميق الصناعة مرة أخرى واتخذت وزارة الصناعة العديد من الخطوات لزيادة نسبة المكون المحلى. ولقد أنجزنا خطوات ملموسة فى هذا المجال، فمصر تصدر السلع المعمرة والمنتجات المنزلية والأدوية والأسمدة وغيرها إلى الخارج وهى مصنعة بالكامل فى مصر. فى الوقت نفسه، نحن ننتج فى قطاع الكهرباء كل متطلبات التوزيع والنقل حتى 220 كيلو فولت، والكابلات والمحولات. ولكننا لم نكمل المشوار بعد.
• لماذا؟
لكى نكمل المشوار لابد من صياغة إستراتيجية قومية، بخطوات معينة، وجدول زمنى محدد، مثلما فعلنا فى قطاع الكهرباء، ولكن الأمر لم يتم بهذا الشكل فى الصناعة. فقد ركزت الحكومة على مجالات معينة دون غيرها، ولم تطبق إستراتيجية موحدة على القطاع بأكمله.
وبرغم كل المبادرات التى اتخذتها الحكومة لتفعيل دور القطاع الخاص فى الاستثمارات، إلا أنه لايزال محدودا للغاية. وذلك لأننا فاتحون السوق المصرية على مصراعيها بدون قواعد، فكيف للمستثمر أن يتشجع ويبدأ نشاطه إذا كان يعلم أن المستورد، والذى لن يكون بالضرورة فى نفس مستوى الجودة، ينافسه فى السوق المحلية، بدون أى ضوابط.
فهو فى مثل هذه الحالة لا يستطيع أن يقدر حجم مبيعاته أو أرباحه، كل شىء يكون غير مضمون. وإذا استمر الوضع على ذلك، سيزداد الأمر سوءا.
ولذلك يجب على الدولة تهيئة المناخ المحلى للمصنعين، فأنا لا أستطيع كدولة، نتيجة للالتزامات الدولية أن أوقف الاستيراد، ولكنى أستطيع كحكومة أن أوفر له مشتريا ومستهلكا مضمونا، وهو الحكومة، أى أنها يجب أن تقوم بشراء جميع المنتج المحلى، بشرط أن يكون بنفس الجودة. هذا ما سيوفر منافسة عادلة تدفع بهم إلى المشاركة بصورة أكبر فى الاستثمارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.