قبل أن يطير إلى فيينا لحضور المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التقت «الشروق» الدكتور عبدالمجيد المحجوب، مدير الهيئة العربية للطاقة الذرية قبل سفره بساعات لمعرفة ما سيثيره فى هذا المؤتمر بشأن استخدامات النووى فى المنطقة وخصوصا مسألة السلاح النووى الإسرائيلى، وكذلك ناقشنا معه طبيعة البرامج النووية العربية التى أعلن عنها أخيرا وخصوصا فى مصر ومدى جدواها والمعوقات التى تقابلها، ومدى جدية الدول العربية فى التعاون لإنشاء مشروع نووى مشترك، وفكرة استعمار الأجانب لنا بخبراتهم النووية مقابل تعليمنا كيفية إنشاء وإدارة المحطات. أخيرا كثر الحديث فى الوطن العربى عن الدخول فى برامج نووية..فهل الأمر دخل حيز التنفيذ فعلا أم أنه كلام للتماشى مع الموجة العالمية؟ هو بالفعل تماشى مع الموجة، والموجة هى ارتفاع أسعار البترول والمحروقات التى تنتج الطاقة بشكل غير عادى مما جعل العالم كله يفكر فى بدائل أخرى للطاقة ووجدت أن استخدام الطاقة النووية يحقق نجاحا كبيرا فى توليد الطاقة وخصوصا الكهرباء وبأسعار أرخص بكثير، والمثال أكثر وضوحا هى فرنسا التى تنتج 80% من الكهرباء باستخدام الطاقة النووية، وهذا جعل الدول العربية تفكر فى ركوب نفس الموجة، وأخذت أغلب البلدان العربية قرارات بإدخال الطاقة النووية لاستخدامها فى المجالات السلمية ومنها إنتاج الكهرباء والطاقة. ولكن لماذا نشعر بأن الأمر فى الوطن العربى كلام أكثر من الفعل؟ حقيقى، نشعر بأن الأمر عندنا كلام أكثر من الفعل أو التنفيذ ولكن لابد أن نعرف أننا لأول مرة فى الوطن العربى نفكر فى برامج نووية بها إنشاء محطات وتشغيلها، وهذا يأخذ وقتا طويلا، والبرنامج النووى لا يشمل فقط إنشاء المحطة وتشغيلها الذى يتطلب 10 سنوات، بل يشمل البرنامج 80 عاما هى فترة حياة المحطة التى تتوقف بعدها عن العمل، ومن ثم فالبلدان العربية مقبلة على برامج طويلة المدى لم تعتد عليها، ولذا خرج المسئولون بالوطن العربى بتصريحات متسارعة ومتتالية فى حين أن النتائج التى يعدون شعوبهم بها لن يروها فى الوقت الحالى، وبالتالى نرى التصريحات غير متماشية مع التطبيق، ولكن هذا طبيعى لأن البرامج النووية تتطلب دراسات وخبرات وتجارب تأخذ وقتا طويلا، ومن البرامج الناجحة التى تسير بخطى سريعة وثابتة برنامج الإمارات النووى وكذلك برنامج الأردن وبرنامج مصر. فى مصر..متى نشعر بنتائج البرنامج النووى؟ جار العمل حاليا على إنشاء أول محطة وبعد قرابة 13 سنة تبدأ فى إنتاج الكهرباء وبمردود عال، ودعنا نوضح شيئا مهما، وهو أن الدول العربية دخلت استخدام التطبيقات النووية منذ زمن بعيد فى الزراعة والصناعة والصحة، والجديد هو إنشاء محطة نووية لإنتاج الطاقة. كما قلت إن الدول العربية استخدمت التطبيقات النووية فى المجال الزراعى.. ولكن لماذا نجد الزراعة تراجعت فى الوطن العربى؟ بالعكس فى كل البلدان العربية نجد أن المجال الزراعى تطور بشكل كبير جدا، سواء بتطبيقات النووى أم لا. العبرة بالنتيجة.. والنتيجة أننا حاليا فى مصر على سبيل المثال نستورد القمح من الخارج؟ المشكلة أن التطور الذى وصلنا إليه فى الوطن العربى غير كاف لنعتمد عن أنفسنا، ولا يوجد انضباط فى الالتزام بتطبيقات النووى فى المجال الزراعى، فنحن حتى الآن فى كل الدول العربية لا نعطى أهمية للمهندس الزراعى ونصائحه فى الفلاحة، مع أن نصائحه مهمة بجانب التطبيقات النووية، لأنه عالم فى مجاله الزراعى وسنشعر بنتيجة التكنولوجيا حينما تقدر الدول العربية علماءها. فى البرامج النووية العربية هل سنتسلم المحطات النووية«على المفتاح» بعد إنشائها بأياد أجنبية أم سنطلب المساعدة فى الإنشاء فقط؟ ليس عيبا أن نستعين بالخبرات الأجنبية، فللأسف العرب متأخرون فى المجال النووى ولا يملكون الخبرات به، وليس هناك ما يمنع أن نأخذ من خبرات الدول المتقدمة ونستفيد بتجاربها وما وصلت إليه، ولكن هذا لا يعنى أنه ليس لدينا خبرات على الإطلاق، فهناك خبرات موجودة، ولكن ما نطلبه من الخارج هو خبرات تتعلق بأشياء دقيقة فى تنظيم المحطات وإدارتها ومتابعتها، فهذا هو ما ينقص العالم العربى، فمن الناحية العلمية نحن نتساوى مع الدول المتقدمة، فمصر مثلا تعاقدت مع مكاتب استشارية أجنبية مهمتها تنظيم وإدارة وضبط البرنامج النووى، والعلماء الأجانب دورهم فى البرنامج النووى المصرى مثل سائق السيارة يقودها ويوجهها إلى الطريق الصحيح، وخلال ذلك يتعلم منه المصريون القيادة. قلت إننا نملك خبرات فى المجال النووى.. فهل تلك الخبرات بحثية فقط بينما الخارج خبراته تطبيقية وتنفيذية؟ فى العالم المتقدم أجروا الأبحاث النووية وطبقوها، بل طوروها وطوروا تطبيقاتها، بينما نحن فى برامجنا النووية سنقوم فقط بتطبيق ما توصل إليه علماء العالم المتقدم، وما توصل إليه علماؤهم لا يقدر على تسييره فى البداية سوى هم، وبإدماج خبراتهم مع خبراتنا تسير العملية بشكل متوازن وناجح. ما هى بالضبط الخبرة التى لدينا كى ندمجها مع خبراتهم؟ فى مصر توجد مفاعلات بحثية نووية وكذلك فى المغرب وليبيا والجزائر وعدد من البلدان العربية الأخرى، والعلماء العرب لديهم الخبرة فى إدارة وتشغيل الإلكترونيات الموجودة بتلك المفاعلات، وتلك المفاعلات البحثية هى أساس إنشاء وإدارة المحطات النووية لإنتاج الطاقة، وأمريكا نفسها بدأت بالمفاعلات البحثية حتى وصلت لما هى فيه من قوة نووية. ما حدود الدول العربية فى برامجها النووية حتى لا تصطدم مع الدول الكبرى؟ الحدود بصفة عامة هى الاستعمال السلمى للطاقة النووية، حيث إنه فى الوقت الحاضر لا يسمح لأى بلد عربى أو أى بلد آخر بالدخول فى أى ميدان النووى العسكرى، وهذا هو الحد الوحيد، أما ما عدا ذلك فهو مفتوح أمامنا فى النووى، ولكن هناك تطبيقات تستخدم سلميا وكذلك عسكريا، وهذا هو محور قلق الدول الكبرى حاليا وهو كيفية الضمان لأن تستخدم تلك التطبيقات النووية فى المجال السلمى وليس العسكرى. وما هى الضمانات أو التطمينات التى قدمتها الدول العربية للدول الكبرى حتى لا تعوق برامجنا النووية؟ لا توجد ضمانات أو تطمينات، ولكن توجد اتفاقيات دولية يلتزم بها جميع الدول بما فيها الدول العربية والدول الكبرى نفسها، وتلك الاتفاقيات هى التى تحدد مدى استعمال الطاقة النووية، والدول العربية كلها موافقة على عدم انتشار الأسلحة النووية، وبشكل دورى يأتى مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من عدم استخدام الطاقة النووية عسكريا فى البلاد العربية وأن استخدامها فقط فى المجال السلمى. حينما تنوى دولة عربية إنشاء برنامج لإنتاج الطاقة باستخدام النووى ما الأوراق التى تطلب منها فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وهل تقدم خطتها النووية للدول الكبرى كى تحصل على موافقتها؟ لا توجد أوراق يتم تقديمها، فكل دولة تصرح بأنها تنوى إنتاج الطاقة نوويا، تتحرك الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من التزام تلك الدولة بجميع الاتفاقيات التى تحدد استخدام النووى، والهيئة العربية للطاقة الذرية ليس لها أى دخل بالبرامج النووية فى الدول العربية وهذا أمر سيادى شأن كل دولة وحدها، وكل دولة لها تعامل مباشر مع الوكالة الدولية،كما أنه ليس هناك دخل للدول الكبرى وتحصل على تطميناتها من الوكالة الدولية وتقاريرها عن برامج الدول العربية، بينما الهيئة العربية تعطى النصيحة فقط فى المجال النووى للدول العربية إذا طلب منها ذلك، ونحن مهمتنا فقط تنسيق العمل العربى فى المجال النووى العربى من خلال عقد اجتماعات بين الخبراء العرب وتقديم معلومات. فكرة التلوث النووى.. هل بيئة الاستخدام النووى آمنة أم أنه لايزال شبح انفجار مفاعل تشرنوبل يهددنا فى هذا المجال؟ لابد أن نكون واضحين فى أن إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية ليس من المجالات الملوثة للبيئة على الإطلاق، لأنه ليست هناك غازات ملوثة للبيئة تنبعث من خلال ذلك، ويبقى أن نقول إن مخلفات النووى وضع لها برامج صارمة وتقنيات عالية من قبل الوكالة الدولية للتعامل مع تلك المخلفات بحيث لا تضر بالبيئة، والوكالة الدولية فرضت على كل بلد إنشاء هيئة مستقلة للأمان النووى قراراتها مستقلة ولا تخضع إلا لمجلس الشعب ورئيس الجمهورية، للتحقق من الأمان فى الاستخدام النووى. بماذا ترد على اتهام إسرائيل وبعض الدول للدكتور محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه متساهل مع الدول العربية فى مجال التفتيش والمراقبة على الاستخدامات النووية؟ بحكم خبرتى وبحكم عملى سنوات طويلة فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أقول إن قسم الضمانات فى الوكالة وهو المسئول عن التفتيش على استخدامات الدول للنووى له مدير غير عربى ومن الدول المتقدمة وهذا يدحض الاتهام تماما، ولا أتصور أن قسم الضمانات تساهل مع دولة دون أخرى، فكل البلدان سواسية، وفى قسم الضمانات هناك مفتشون عرب يراقبون استخدام النووى فى الدول الأوربية وهناك مفتشون أجانب يراقبون ذلك فى الدول العربية، والمسئول عنهم جميعا مدير قسم الضمانات ويرفع تقريره النهائى للبرادعى. ألا يمكن أن يتساهل مدير قسم الضمانات مع الدول العربية مجامله للبرادعى رئيسه؟ لا أتصور ذلك لان الوكالة لديها أنظمة صارمة، والمسئوليات محددة، وهناك مراقبة لكل مدير وحتى للبرادعى نفسه. هل وجدت من خلال عملك بالوكالة الدولية للطاقة الذرية مفتشين عربا ذهبوا للتفتيش على النووى فى أمريكا؟ هذا موجود بالفعل وليس على أمريكا فقط بل على كل الدول الغربية، وللتوضيح فإن الوكالة ترسل لكل دولة قائمة بالمفتشين الذين ترغب فى إرسالهم إليها وكذلك جنسياتهم والدولة توافق أو ترفض، وهذا سائد فى كل الدول ما عدا إسرائيل لأنها لم توقع على اتفاقيات الضمانات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية. موضوع أن إسرائيل لا تخضع لاتفاقيات الضمان النووى الدولية كيف تثيرونه لدى المختصين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ هذا موضوع دائم ويتم طرحه فى كل مؤتمرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومؤتمر هذا العام يبدأ اليوم الاثنين وينتهى الأربعاء فى فيينا، وسنثير به عدة موضوعات منها عدم انضمام إسرائيل لاتفاقيات ضمانات استخدام النووى على الرغم من أن إسرائيل عضو فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بعد أن أثرتم وتثيرون وستثيرون مسألة أن إسرائيل لا تخضع لاتفاقيات منع انتشار السلاح النووى...هل يحدث تغيير؟ صحيح أنه لم يحدث تغيرا من قبل إسرائيل، ولكن التغير فى الاتجاه العالمى، وقال رئيس الولاياتالمتحدة الجديد باراك أوباما أن هناك اتجاها عالميا لمنع انتشار السلاح النووى والمناقشات بدأت بين روسيا وأمريكا لتخفيض هذا السلاح النووى وبالفعل هناك بوادر إيجابية وربما ينتهى المطاف بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووى فى يوم من الأيام، وهذا مطلب من الدول العربية أن تكون المنطقة خالية من السلاح النووى وبذلك ستستجيب إسرائيل للمطالب الدولية بالتخلى عن السلاح النووى. الرئيس الأمريكى أوباما هو نفسه الذى قال علاقة بلاده بإسرائيل قوية ولن تنكسر فهل تأمل مع هذا أن يتم الضغط على إسرائيل للتخلى عن السلاح النووى؟ هذا هو شغل الدبلوماسية الأمريكية، وبالفعل نزع السلاح النووى الإسرائيلى مسألة صعبة، لأن الأمر تحول إلى أن إسرائيل هى التى تضغط على أمريكا وليس العكس. لو عدنا للبرامج النووية العربية هل هناك تعاون فعلى بين الدول العربية أم أن المؤتمرات والاتفاقات تعقد للتصوير الإعلامى فقط؟ التعاون موجود بالفعل فى إطار اجتماعات الخبراء، ومؤتمر علمى كل عامين يحضره العلماء العرب ويتبادلون عرض الأوراق العلمية. ما قصدته هو التعاون فى العمق من ناحية التنفيذ والدخول فى مشروعات مشتركة على أرض الواقع؟ التعاون الوحيد الموجود حاليا بين الدول العربية هو البرنامج الخليجى، فهم الذى صرحوا بوضع برنامج نووى مشترك تنتفع منه كل دول الخليج، بينما باقى الدول العربية فكل دولة لديها برنامج قومى خاص بها، لأن البرامج النووية حساسة وكل دولة تعتبره منطقة سيادية لا تريد مشاركة دولة أخرى فيها، كما أن الدول العربية أسيرة رصيد تاريخى من العراك والصراع مع بعضها يعوق أى تعاون فعلى فى برامج مشتركة، وفى الوقت الحاضر ليس هناك برنامج نووى جماعى مشترك ولكن هناك استراتيجية عربية وضعت خطواتها ودونت ويمكن أن تنفذ فيما بعد. لا يوجد تعاون بين العرب فيما بينهم واقعيا بينما هناك تعاون بين دول عربية وأجنبية فى إنشاء المحطات؟ هذا تعاون فى سبيل نقل الخبرة الأجنبية من الدولة الأجنبية للدولة العربية، فهو اتفاق اقتصادى أكثر من كونه تعاونا، حيث تنشئ الدول الأجنبية محطات لنا مقابل مبالغ مالية تحصل عليها. الدول الأجنبية التى تنشئ لنا المحطات النووية هل تعتقد أنها ستنقل لنا الخبرة التى تجعلنا نعتمد على أنفسنا أم أنها ستجعلنا طوال الوقت نعتمد عليها؟ تلك مسألة تخص كل دولة، فإذا كانت تريد الدولة محطة جاهزة تديرها أياد أجنبية وتستفيد منها الدولة العربية فقط فهذا قرارها، أما إذا أرادت أن تنشئ محطة بمساهمة أجنبية ومع الوقت تدار بخبرة وطنية فهذا قرارها أيضا، وبالنسبة لمصر فالخبرات متوافرة بشكل جيد، ولا أتصور أنها ستجعل محطاتها تنشأ من الألف إلى الياء بأياد أجنبية، أو تتسلم محطة جاهزة على المفتاح، ولكن هذا قد يحدث فى دول عربية أخرى ليس لها نفس الخبرة المصرية، ولكن بشكل عام على الدول العربية أن تهتم بإعداد كوادر وطنية، لأن المحطة النووية عمرها 80 عاما أى تعيش عمر 3 أجيال، وإذا كان الجيل الأول غير موجود فلابد أن نعد من الآن للجيل الثانى الذى يتسلم إدارة المحطة من الأجانب. ألا يوجد قلق من فكرة أن تستعمرنا الدول المتقدمة نوويا من خلال خبراتها؟ فى الواقع سواء أحببنا أو كرهنا فنحن تأخرنا فى هذا المجال، ومادمنا تأخرنا فلن نخترع التكنولوجيا النووية من جديد ولابد أن نعتمد على ما توصلت إليه الدول المتقدمة لنربح الوقت، وإذا ربحنا الوقت وكونا كوادرنا فلا قلق من هذا، وصحيح سيكون هناك استعمار نووى لنا من قبل الدول المتقدمة فى الجيل الحالى ولكن على الأجيال المقبلة أن تتحرر من هذا الاستعمار كما تحررت كل بلدان العالم من الاستعمار الأجنبى. الهيئة العربية للطاقة الذرية تتبع جامعة الدول العربية فكيف تنجح فى تحقيق الاتفاق النووى بين العرب فى حين أن الجامعة تفشل دائما فى تحقيق اتفاق سياسى بينهم؟ فى الهيئة مهمتنا علمية وفنية بحتة، ولا شأن لنا بالسياسة وعلى هذا الأساس يلتقى العلماء العرب فى أى وقت وأى مكان فى دولة عربية، والدول العربية كلها تفتح أبوابها أمام نشاط الهيئة. رئيس الهيئة الأسبق محمود بركات صرح بأن السوق السوداء للتكنولوجيا النووية أصبحت رائجة.. فكيف نحمى البرامج النووية العربية من خطر السوق السوداء؟ هذا كلام صحيح، ولكن السوق السوداء هذه تقريبا قضى عليها تماما بالقضاء على محورها الأساسى فى باكستان، وبذلك وبالاستعانة بالوكالة الدولية فالسوق السوداء فى العالم كله تضاءلت وتبقى سوق سوداء إجرامية ووقتية، حيث إن هناك من يسرق أجهزة نووية ويبيعها، ولا توجد سوق سوداء منظمة بحيث نخاف منها، والسوق السوداء هذه هى التى زودت معظم بلدان العالم بالأجهزة والتكنولوجيا النووية من خلال السرقات التى كانت تتم للمفاعلات، ولابد أن نوضح أن السوق السوداء تواجه صعوبة أن البرامج النووية كلها سرية تتم بشكل مخبأ فى اتفاقاتها بين ناقل الخبرة ومستقبلها. هل يمكن أن يدخل القطاع الخاص فى مجال إنشاء محطات نووية لإنتاج الطاقة فى الوطن العربى؟ القطاع الخاص لا يدخل فى مجال إلا إذا كان ربحه سريعا، ومجال إنشاء المحطات النووية يتكلف أموالا كثيرة وعائده لا يأتى إلا بعد عمر طويل، ولا أتصور أن القطاع الخاص يدخل فى مجال إنشاء المحطات النووية. نفهم من كل كلامك أن النووى فى الفترة الحالية سيكون أجنبى الصناعة وعربى الاستخدام فمتى يكون عربى الصناعة والاستخدام؟ لابد أن نوضح أن الصورة ليست سوداء وقاتمة لأن المحطات النووية ليست كلها نووى، فهناك قسم صغير يهتم بالمواد النووية والأجهزة النووية، ولكن هناك أشياء ضخمة خصوصا ببناء الحوائط والخرسانات والأساسات وتحضير التجهيزات وهذا هو ما ستقوم به الخبرات الوطنية العربية بينما الجزء النووى يتولاه الأجانب، ولابد أن نتعلم فى الوقت الحالى، وكى نعتمد على أنفسنا لابد أن تنشأ محطة أولى ويتم تركيزها ويمكن فى المرحلة التالية تركيز محطة بخبرة وطنية عربية. خلال حضورك المؤتمر الدولى للوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع إذا وجدت إسرائيل وأمريكا ترددان مطالبهما بضرورة تخلى إيران عن السلاح النووى..ماذا سيكون ردك؟ الرد سيكون أنه لابد أن تتخلى إيران وجميع الدول عن استخدام النووى فى المجالات العسكرية، وكما قال الدكتور البرادعى لابد أن توضح إيران موقفها حتى تقطع الشك باليقين.