«أوكازيون» أو «تخفيضات» الكلمة التى يبحث عنها المصريون عند نزولهم للأسواق أو المحلات لشراء ما يلزمهم خاصة فى المواسم والأعياد التى يكثر بها التخفيضات، لكن فى الفترة الأخيرة ظهرت موضة الأوكازيونات طوال العام، وأصبح المواطنون يتهافتون على المعروضات بشغف رغم عدم حاجتهم فى الكثير من الأوقات لتلك المنتجات، وانعكس ذلك على حركة البيع والشراء. لكن المستفيد من هذه الحركة ليس المشترى فالتاجر أكثر المستفيدين من وراء ذلك ويحقق من وراء تلك التخفيضات مكاسب خيالية، فيكفى أن تقول كلمة «تخفيض»، ورغم أن كثيرا من التخفيضات تكون وهمية إلا أن المصريين فى أكثر الأحيان ينخدعون وراء تلك الكلمة والتى باتت كلمة السر فى جلب الزبائن أو كما يقال بالبلدى «جر رجل». فى البداية يؤكد «أحمد يحيى» رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، أن التخفيضات ترتبط بالمكان المتوافر به السلع المختلفة تتنوع حسب المكان وطبيعته فالتخفيضات فى المحلات الصغيرة تختلف عن الهايبرات ولكن فى معظم الأوقات تكون التخفيضات نتيجة قرار من الحكومة لرفع المعاناة عن المواطنتين فتقدم سلعًا مخفضة فى المجمعات الاستهلاكية لسد احتياجات المستهلك بسعر مناسب لدخله الشهرى. أما بالنسبة لتخفيضات المراكز التجارية الكبرى فيتم من خلال الاتفاق مع الشركة الموردة على سلع معينة بأسعار خاصة وتكثر التخفيضات فى المحلات الكبرى لأنها تكون نوعا من الاعلان والدعاية عن المكان نفسه من خلال السلع الغذائية المختلفة، والموقف يختلف كثيرًا فى المحلات الصغيرة حيث يلجأ التاجر الى التخفيضات حتى يسد التزاماته الضرورية سواء من دفع إيجار أو كهرباء أو غيره من الالتزامات المادية وفى هذه الحالة يتحمل التاجر جزءا من الخسارة المادية ويتنازل عن الربح مقابل أنه يزود نسبة المبيعات ويروج للسلع الخاصة بالمحل الخاص به، ويكون الهدف من التخفيضات فى المحلات الصغيرة هو المنافسة، كما أن التخفيضات غالبًا ما تكون على السلع سريعة الدوران التى يتم استهلاكها بشكل أسرع من غيرها. بالنسبة للمستهلك فى حين معرفته بالتخفيضات حتى ولو كان فى غنى عنها يقبل على المنتج خاصة أن السعر يكون مغريا ورخيصا وفى هذه الحالة السلعة هى اللى بتتكلم عن نفسها وتروج لبيعها دون تدخل من البائع نفسه، ويحدث هذا فى الهايبرات الكبيرة لان السلع تكون معروضة وعليها التخفيضات.. الأمر الذى يجعلها تجذب نظر المستهلك لشرائها على عكس المحلات الصغيرة حيث يقع العائق والمجهود الاكبر على البائع الذى يحتاج لبذل المجهود لاقناع المستهلك بشراء السلع وفى النهاية المستهلك من يتحكم فى أن اقتناءه للسلع الضرورية أو غير الضرورية. ويضيف «يحيى كساب» رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالجيزة وشعبة البقالة والمواد الغذائية، أن التخفيضات على السلع المختلفة تصب فى صالح المستهلك حتى أن نتجت عنها سلوك تبنى للسلع غير الضرورية فهو باستهلاكه لهذه السلع قادر على ان يجعلها ضرورية وتناسب احتياجاته فالمستهلك هو من يتحكم فى السلعة ويسخرها لسد احتياجاته المختلفة وليست السلع هى التى تحتم طبيعة استخدامها. التخفيضات تساعد عددا من المستهلكين فى سد احتياجاتهم من المواد التى لايستطيعون اقتناءها فى الأيام العادية، وفى النهاية الحكومة تهدف لتحقيق راحة المواطن ورفاهيته من خلال توفير السلع المختلفة له وباسعار مناسبة. ويقول الخبير الاقتصادى «إسماعيل شلبى» إن انتشار التخفيضات على السلع المختلفة يزيد من حركة البيع بشكل مباشر ويعمل على تخفيض ظاهرة الركود الاقتصادى الذى يعانى منه بعض المنتجات لتصنيفها من المنتجات المكملة وأنها ليست من الضروريات وهنا لا نستطيع أن نلوم على البائع أو المنتج الذى يعرض التخفيضات من اجل الترويج لسلعة فمن حقه أن يروج لسلعه بالشكل الذى يراه مناسبًا ومحققًا للربح الذى يريده. التخفيضات المختلفة تفيد المنتج والاقتصاد ولكنها تضر بالمستهلك الذى يهرول وراء السلع الرخيصة لمجرد انها فى متناوله ولعلاج هذا الخلل فى معادلة البيع والشراء فلابد من ندوات تثقيفية للمستهلك تزيد من وعيه على شراء كل ماهو فى حاجة له وليس لمجرد السعر يشترى المنتج ولابد من توعية المستهلك أن السبب الرئيسى وراء اقتناء السلع المختلفة هو مدى احتياجه لها وليس السعر هو الفيصل فى عملية البيع والشراء أما بالنسبة للمنتج فلابد ان نوجه اهتمامه نحو انتاج سلع ضرورية، وفى نفس الوقت بسعر مناسب مما يجعل المستهلك يفى باحتياجاته الضرورية وفى نفس الوقت بالسعر الذى يناسب دخله الشهرى. وعملية الرقابة على السلع المخفضة لاتحد من انتشارها لأن فى النهاية هى سلع جيدة ولايعيبها غير سوء استخدام المشترى لها واقتنائه لها بدون سبب أو أهمية ولكن توعية المستهلك الجيدة التى تقنعه وليست ترغمه على تبنى سلوك معين هى التى تجعل تصرفه نابعا عن اقتناعه وتجعله قادرا على إحداث تأثير فى من حوله بالسلوك الجديد الذى تبناه، وفى النهاية فالمستهلكون لابد ان يبحثوا عن احتياجاتهم من السلع وبأسعار تتناسب مع حجم جودة المنتج الذى يضع نقوده فيه ولابد أن ناخذ فى اعتبارنا القيمة الجوهرية للسلع التى نقتنيها. والمستهلك المصرى يعى جيدًا ما الذى ينفعه وما الذى لايضيف له أى فائدة من الشراء ولكن دخله المحدود يحكمه ويجعل السعر هو العامل الأساسى وراء شراء أى منتج، لذا فالمسئولية الكبيرة تقع على عاتق المنتج الذى لابد أن يراعى احتياجات المستهلك المصرى وفى نفس الوقت يراعى دخله المتوسط. ويؤكد الدكتور «هادى عبد الفتاح» مدرس التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، أن التخفيضات على السلع المتباينة لاعلاقة لها بانتعاش الاقتصاد المصرى فالسلع التى لها رواج فى السوق الأجنبية هى الوحيدة التى لها القدرة على تحسين الاقتصاد المصرى وزيادة مبيعاته وليست السلع المحلية التى يستهلكها المصرى هى التى ستنعش الاقتصاد. مشيرًا إلى أن السلع غير الضرورية لابد من توصيفها واستغلالها بشكل يجعلها ذات فائدة ونفع للمستهلك الذى يحرص على اقتنائها وأن السلع مرتبطة بالزمن الذى تتواجد فيه فهناك سلع كانت غير ضرورية فى وقت مضى ولكن فى وقتنا هذا أصبحت من الاساسيات والضروريات الحياتية التى لايمكن الاستغناء عنها وأيضًا هناك سلع كانت ضرورية فى وقت مضى ولكن الان أصبحت لا تشكل أى فائدة من اقتنائها فلما البحث عنها من البداية. وأكد أن ضرورية السلع تنبع من داخل المستهلك نفسه فهو الذى يعطى أهمية لسلعة ما عن سلعة أخرى ومن ثم يأتى تصنيف السلع على أنها مكملة أم رفاهية والمواطن المصرى حساس جدا تجاة السعر بمجرد أن يرى السعر منخفضا يناسبه يسرع بالشراء دون التفكير ونلحظ هذا بوضوح فى المنتجات التى تتراوح أسعارها ما بين جنيه الى عشرة جنيهات نراها من اسرع السلع التى يتم استهلاكها والإقبال عليها حتى وان كانت غير مجدية ولا تنفعه فى استهلاكه فالمهم لديه هو أن يشتريها مادامت تناسب دخله ومستواه المادى. مضيفًا أن المنتج الوطنى ضمن المنتجات التى لها تأثير إيجابى على انتعاش الاقتصاد ولكن لابد أن يكون منتجا حيويا قادرا على الوفاء باحتياجات المستهلك فالتخفيضات على المنتجات الوطنية لها تأثير كبير لايمكن اغفاله ولكن لايتم الاهتمام بانتاج وترويج مثل هذه للمنتجات الوطنية. وأكبر دليل على أن المنتج الوطنى ينعش الاقتصاد الصين فلديهم خطة انتاجية تجعلهم قادرين على الترويج للمنتجات الوطنية حتى فى الأسواق الأجنبية فتجدهم حريصين على انتاج السبح وسجاد الصلاة والترويج له فى البلاد العربية وبالفعل تعود بالنفع على اقتصاد بلدهم فالتخطيط الانتاجى هو نواة الانتعاش الاقتصادى فهم نجحوا فى تحريك رغبة المستهلك لشراء سلع ليس فى حاجة لها لمجرد سعرها البسيط، وعلينا أن نضع تجربتهم الانتاجية نصب أعيننا حتى ننهض بالاقتصاد المصرى من جديد.. وفى النهاية كل المنتجات القديمة ليس لها مكان فى السوق العصرية الحديثة ولابد من الاهتمام بالتطور العصرى الذى نعيشه وانتاج منتجات تتناسب مع احتياجتنا الزمنية وان ندرك العلاقة الوثيقة بين الفترة التى نعيشها وبين المنتجات التى ننتجها وأيضًا التى نحرص على اقتنائها. ولابد أن نهتم بالسلع الأجنبية التى تعودعلينا بالدخل الكبير وتسهم فى زيادة الدخل القومى وانتعاش الاقتصاد الذى نرغب فى تطويره جميعًا وعلى المستهلك المصرى تشجيع الصناعة المصرية وعدم الالتفات للسلع الأجنبية الرخيصة لأن فى النهاية شراءه للسلع المصرية يعود بشكل غير مباشر بفائدة له ولبلده. وتقول «عبير محمد»: أنا فعلًا لما بلاقى المنتجات عليها عرض أو رخيصة عن العادة بشتريها على طول وحتى لو أنا مش محتاجها وبقول ممكن استخدمها بعدين وبخاف من أن الحاجات تغلى بعد كده بس مشكلة المنتجات الرخيصة ان ممكن تكون فيها تلفيات أو حاجات مش متقفلة كويس بس أنا مش بقدر أقاوم الأسعار الرخيصة وده طبعًا بيخلينى أجى على آخر الشهر وابقى مضغوطة ومش معايا مصروف أكمل بيه وبضطر أنى استنى بداية الشهر علشان أشترى حاجة لزمانى وضرورية وفى البيت بيضايقوا جدا من العادة دى بس أنا شايفة أن الأسعار الرخيصة بتمشى الدنيا وبتخلى الناس اللى مش قادرة تشترى حاجات معينة تشترى الحاجات الرخيصة وكمان فى منتجات بتبقى غالية جدا بتلاقى زيها متقلد وبسعر رخيص وده بيلبى رغبات العديد من الناس اللى يهمها انها تحصل على المنتج حتى إن كان مقلدًا أو غير أصلى وفى الفترة الأخيرة الدنيا بقت غلا على الآخر والرواتب ثابتة مش بتزيد والعروض والتخفيضات اللى بتنزل الأيام دى بتعمل حالة توازن بين الأسعار فعلى سبيل المثال انا بنوع ممكن اشترى حاجة من الغالية وقدمها بشترى كام منتج من اللى عليهم العرض علشان الدنيا تمشى وأقدر أكمل باقى الشهر، وأحسن حاجة أن التخفيضات كمان بقت على السلع الغذائية على العكس زمان كنت تلاقى التخفيضات على الملابس أو الأجهزة الكهربائية فقط لكن دلوقتى السلع الغذائية دخلت ضمن التخفيضات وده بيصب فى صالح المواطن محدود الدخل. ويضيف «شريف خيرى»: العروض اللى بتنزل على الأجهزة الكهربائية والمنتجات الحديثة زى التابلت والموبايلات الحديثة خلقت نوعا من الرفاهية الزائدة عند عدد كبير من الناس فممكن تلاقى مواطن بسيط جدًا ودخله محدود بس حريص إنه يشترى الموبايل الحديث وغيره من الأجهزة التى كنا نعتبرها فى الماضى من الكماليات وبفعل التخفيضات والأسعار الرخيصة أصبحت ضرورية، على الرغم من أننا ممكن نستغنى عنها عادى وحياتنا مش هتقف عليها يعنى لكن هذا السلوك جديد على مجتمعنا المصرى وللأسف أصبح آفة يعانى منها الكثير، وبالأخص الشباب والجيل الجديد الذى يضغط على أهله أن يلبى رغباته بشراء التابلت وغيره من الأجهزة التى لاهم لها سوى إضاعة الوقت والنقود، ولابد من حملات توعية تعمل على تعديل سلوكيات الأفراد واتجاهاتهم فى تبنى مواقف معينة من الاقتناء غير الضرورى وأيضًا على الأسرة أن تنصح الأبناء بشراء ما يلزمهم فقط دون الانجراف وراء السعر الرخيص والدعاية الكاذبة التى تعمل على الترويج للمنتجات دون وعى بأضرارها المستقبلية أو حتى عيوبها التى يتم اخفاؤها عن المشترى. وتقول «مروة محمد» الصين هى السبب وراء رخص المنتجات بالشكل ده وهما طبعا هدفهم الأساسى الترويج لمنتجاتهم وقدروا يدركوا أن المصريين بيهتموا بالسعر ومن هنا ابتدوا انهم ينتجوا كل ما يحتاجه المصريون وبأسعار رخيصة مع الحفاظ على الجودة المطلوبة وده أثر على المنتجات المصرية بشكل سلبى لأن المستهلك يتجاهل صناعة بلده ويبحث عن الصناعات الرخيصة التى يتم استيرادها من الدول المختلفة وعلشان نتلاشى الخلل الذى حدث فى الفترة الأخيرة لابد أن نبدأ من أنفسنا ونحرص على تشجيع المنتجات الوطنية والمصرية لأنه فى النهاية بيعود علينا بالنفع وعلى زيادة الدخل القومى لبلدنا وكله فى الآخر لمصلحتنا. وتختم منى أنور: التخفيضات المبالغ فيها انتشرت فى الفترة الأخيرة جعلت الحاجات غير الضرورية يبقى لها فايدة وغيرت فى السلوك المتبنى وأثرت على العادات غير السليمة لدى المصريين وانتشر الكثير من السلوكيات الخاطئة التى لاتتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وأصبحنا بلاهوية تميزنا، فقط نبحث على التقليد واقتناء السلع التى نحن فى غنى عنها وفى المقابل الاستغناء عن السلع الضرورية التى نحتاجها ومثال للسلوكيات التى تم ابتداعها فى الفترة الأخيرة السبحة الإليكترونية منذ متى ونحن نحتاج إلى مثل هذه المنتجات التى لايمكن وصفها سوى بالتافهة فهى لاتحقق أى فائدة على مستخدمها سوى الضحك على القول واستغلال جهل وعدم وعى كثير من المصريين لابد أن نقف أمام هذه الظاهرة ونحد منها ومن انتشارها بهذا الشكل المرعب.