أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض جماعي    ساهم ب7 أهداف.. "النحاس" يُعيد" بريق وسام أبو علي في الأهلي (فيديو)    السعودية ترفع حالة الجاهزية القصوى لموسم حج استثنائي في ظل ظروف دقيقة    سقوط طائرة الحجاج الموريتانية.. اعرف التفاصيل الكاملة    ترامب: ربما يتم التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال أسابيع قليلة    سلطات الاحتلال الإسرائيلي تشرع في إجراءات ترحيل وسحب الجنسية من «عرب 48»    «الوفد»: 200 عضو أبدوا رغبتهم الترشح في الانتخابات المقبلة.. وسندخل في تحالفات مع حزب الأغلبية    عاجل.. الزمالك يطلب السعة الكاملة لمباراة بيراميدز في نهائي كأس مصر    أموريم: أشعر بالذنب بعد كل خسارة لمانشستر يونايتد.. ولا توجد أخبار عن كونيا    رئيس الوزراء يستعرض مقترحات خفض معدلات الدَين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي    رئيس مصنع أبو زعبل: الدولة تهتم بالإنتاج الحربى ونحقق أرباحا مع تطوير الصناعات    مدبولي يكشف تطورات مرشح مصر لمنصب مدير «اليونسكو»    غدًا الأوبرا تستضيف معرض "عاشق الطبيعة.. حلم جديد" للفنان وليد السقا    حسن الرداد وإيمي سمير غانم يرزقان بمولودتها الثانية    دانا أبو شمسية: اتهامات حادة لنتنياهو بالفشل فى استعادة المحتجزين داخل الكنيست    عالم أزهري: الأيام العشر من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لاجتماع أمهات العبادة فيها    حكم صلاة العيد يوم الجمعة.. أحمد كريمة يوضح    نائب وزير الصحة يشيد بأداء عدد من المنشآت الصحية بقنا.. ويحدد مهلة لتلافي السلبيات    إغلاق 5 مراكز تعليمية غير مرخصة في الإسكندرية -صور    محافظ الغربية: الجامعة الأهلية خطوة استراتيجية نحو تعليم متطور    رئيس وزراء كندا يؤكد سعي بلاده لإبرام اتفاق ثنائي جديد مع أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية    "جائزة الدانة للدراما 2025" تعلن قائمة الأعمال الدرامية والفنانين المرشحين للفوز بالجائزة في نسختها الثانية    مسؤولة أممية: المدنيون بغزة يتعرضون للاستهداف المباشر    المتهم بقتل طفلته في البانيو للمحكمة: والنبي إدوني إعدام.. والمحكمة تصدر قرارها    دعاء الإفطار في اليوم الأول من ذي الحجة 2025    رئيس الوزراء: مشروعات البنية التحتية سبب إقبال المستثمرين على مصر    طارق عكاشة يعلن 25% من سكان العالم يعيشون فى أماكن بها حروب    اتحاد الصناعات يبحث مع سفير بيلاروسيا التعاون بالصناعات الثقيلة والدوائية    عقوبة في الزمالك.. غيابات الأهلي.. تأجيل موقف السعيد.. واعتذار بسبب ميدو| نشرة الرياضة ½ اليوم    عطل مفاجئ في صفقة انتقال عمرو الجزار من غزل المحلة إلى الأهلى    «زي النهارده» في 28 مايو 2010.. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة    حسن الرداد وإيمي سمير غانم يرزقان ب «فادية»    الاصلاح والنهضة توصي بتأهيل المرأة سياسيًا وتفعيل دور الأحزاب    الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لنصب مستوصف ميداني جنوب سوريا ل "دعم سكان المنطقة"    مدير «جنيف للدراسات»: تزاحم أوروبي أمريكي للاستثمار في سوريا    مواقيت الصلاة بمحافظات الجمهورية غدًا.. وأفضل أدعية العشر الأوائل (رددها قبل المغرب)    الفيوم تحصد مراكز متقدمة في مسابقتي المبتكر الصغير والرائد المثالي    إيلون ماسك ينتقد مشروع قانون في أجندة ترامب التشريعية    13 شركة صينية تبحث الاستثمار فى مصر بمجالات السياحة ومعدات الزراعة والطاقة    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في بني سويف    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    حرام شرعًا وغير أخلاقي.. «الإفتاء» توضح حكم التصوير مع المتوفى أو المحتضر    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات توصيات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    صحة أسيوط تفحص 53 ألف مواطن للكشف عن الرمد الحبيبي المؤدي للعمى (صور)    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالناصر وإحسان والبنات والصيف!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 18 - 01 - 2015

ليس سرا أن الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» كان من قراء الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» قبل ثورة 23 يوليو أو بعدها!
وما كان أكثر المرات التى كان يتردد فيها البكباشى «جمال عبد الناصر» وزملاؤه من الضباط الأحرار على دار «روزاليوسف» وزيارة «إحسان عبد القدوس»، لقد التقت أفكار «إحسان» الثورية والتقدمية مع أفكار هؤلاء الشباب من الضباط الأحرار.
كان عبدالناصر يؤمن بوطنية «إحسان عبد القدوس» وكان إحسان يناديه دائما بيا «جيمى»، لكن ذلك كله لم يمنع من اعتقاله عندما كتب مقاله الشيهر «الجمعية السرية التى تحكم مصر» فى مارس سنة 1954 وطالب فيه بإنشاء حزب يمثل حزب الثورة ويضم المدنيين فقط من أفراد الشعب، وإذا أراد أحد من القادة أو من الضباط أن ينضم إليه فيجب أن يستقيل أولا من الجيش.
وفى نفس المقال طالب «إحسان» بإنهاء الثورة قائلا: ليس هناك بلد يستطيع أن يعيش فى نظام ثورى إلى الأبد ولا حتى عام أو عامين، إنما الثورة تقوم لتقضى على نظام فاسد وتضع نظاما آخر بدلا عنه وفورا، نظاما آخر طبيعيا تستقر عليه البلاد ويحقق الأهداف التى قامت من أجلها الثورة، وإذا حدث هذا تحقق الاستقرار وتوفرت الثقة بين الحاكم والمحكوم.
ويقول «إحسان»: قرأ جمال عبد الناصر المقال وعلق عليه - كما سمعت بعد ذلك من البعض - وعلى رأسهم «أنور السادات» بقوله: والله إحسان عنده حق!
لكن لتصارع القوى وقتها وتداخل الاختصاصات وطبيعة الأجهزة الحاكمة فى تلك الفترة تقرر القبض علىّ.
وفى الزنزانة رقم 19 أمضى إحسان فترة اعتقاله من 28 إبريل حتى 3 يوليو سنة 1954 أى نحو ثلاثة أشهر، وأثناء فترة اعتقاله فوجئ إحسان بمدير السجن يطلبه إلى مكتبه ليتحدث فى التليفون، ولدهشته كان المتحدث هو «جمال عبد الناصر» ثم المشير «عبد الحكيم عامر» وأبديا اعتذارا له، وبعد الإفراج عنه اتصل به عبد الناصر تليفونيا ودعاه لتناول العشاء.
فيما بعد روى إحسان للأستاذ الكبير «محمود مراد» يقول: أذكر جيدا عندما وصلت إلى بيته جاء لاستقبالى ثم دعانى للدخول إلى حجرة الصالون قائلا: اتفصل يا إحسان! لكى أتقدمه فى الدخول من الباب باعتبارى ضيفا لكنى تسمرت وقلت له: العفو يا أفندم.. اتفضل سيادتك!
وكانت إجابتى مفاجئة له إذا كنت أناديه من قبل يا «جيمى» فقال لى:
- جرى ايه يا إحسان أنت اتغيرت خالص!
وكررت: اتفضل سيادتك يا أفندم!
المهم إننا جلسنا نتحدث ثم تعشينا وهو يحدثنى فى كل الموضوعات ولما لاحظ تغيرى دعانى لتناول العشاء معه فى اليوم التالى وقال لى:
- مش معقول أنت اتغيرت خالص.. أنا لازم أعالجك نفسيا! وضحك!
لقد قصد إذابة الجليد الذى أفرزه السجن حتى أعود إلى طبيعة علاقتنا فاستمر بدعوتى للعشاء يوميا لشهر كامل، نتحدث ونتعشى ونتفرج على السينما، لكنى أبدا لم أتغير «تعلمت - وهذا أثر ما حدث - أن أضع حاجزا ما بينى وبين من أعرف وصار حاكما، إن مسئولية الحكم تفرض نمطا معينا على من يتولى السلطة وبالتالى على تصرفاته وتصرفات المتعاملين معه».
وفيما بعد كشف إحسان عبد القدوس عن رسالة مهمة كان قد كتبها إلى جمال عبد الناصر سنة 1955 - أى منذ ستين سنة - يوضح فيها موقفه من اتهام فظيع حول «روزاليوسف»، وكانت التهمة هى الجنس والإلحاد ويقول فى ملابسات كتابة الخطاب لعبد الناصر:
كانت لقاءاتى الشخصية بعبد الناصر قد تباعدت كما تتباعد دائما مع أى رجل مسئول لأنى غالبا لا أستطيع أن أساهم فى تغطية مطالب المسئولين وأصبحت أراؤه الخاصة فيما ينشر ب«روزاليوسف» تصلنى إما عن طريق الرقابة أو عن طريق أصدقاء مشتركين!
وعبد الناصر رغم ما كان عليه من تفتح فكرى كان فى أحيان كثيرة يبدو متحفظا إلى حد التزمت فى اختيار الكلمة التى تقال والموضوع الذى يبحث حتى خارج مجال السياسة، ولذلك فعندما تعمدت إهمال السياسة والتفرغ للأدب لم أسلم من تزمت عبد الناصر، لقد اعترض على كلمة «الحب» عندما كنت أكررها فى الإذاعة قائلا فى نهاية كل حديث: تصبحون على خير.. تصبحون على حب، وعرض على أن استبدلها بكلمة محبة أى أقول «تصبحون على محبة» لكنى اعتذرت وقلت له - لعبدالناصر - إننى أحاول أن أفرض استعمال كلمة «حُب» بمعناها الصحيح، وتوقفت أيامها عن حديث الإذاعة وإلى اليوم، وعبدالناصر بدأ يستعمل كلمة حُب!
ويبدو أن عبد الناصر أيامها كان يقرأ قصص «البنات والصيف» التى كنت أنشرها فى «روزاليوسف»، فأرسل لى عدم موافقته على ما ينشر أو على الأقل عدم رضائه، وفى الوقت نفسه كنت قد فتحت فى «روزاليوسف» صفحات للأبحاث الدينية، وكان زميلى الدكتور «مصطفى محمود» فى مرحلة معينة من مراحل فكره الدينى وكان ينشر دراسات دينية اعترض عليها أيضا «جمال عبد الناصر» ولعلى عندما أبلغت بهذه الاعتراضات رأيت أن أرد عليها برسالة بدلا من الاعتماد على نقل الكلام عن طريق الأصدقاء!
تقول الحكمة الشعبية «البعيد عن السلطان.. سلطان» وهو ما يعبر عنه «إحسان عبد القدوس» بقوله: كنت قبل الثورة وبعدها قريبا من الحكم، لقد عرض علىّ منصب الوزارة فى وقت مبكر جدا بعد الثورة (1952) واعتذرت عن القبول، وبعده فى السبعينيات واعتذرت أيضا، إن رفضى لم يكن تعففا، إن الصحافة هى المهنة الوحيدة التى أجيدها، والمكان الوحيد الذى أستريح فيه، أعبر دائما عن رأيى عن شخصيتى لا عن رأى الحاكم وعن شخصيته وهذا ما جعلنى بعيدًا عن الحاكم حتى لو كان الحاكم من أصدقائى.
إن إحسان عبدالقدوس بهذه السطور إنما يستعيد موقفه من والدته سيدة الصحافة المصرية «فاطمة اليوسف» عندما تم سجنه فقررت أن تتجاهل المجلة كل أخبار قادة الثورة ثم رفضت أن تذهب لزيارة جمال عبد الناصر فى مجلس قيادة الثورة وقالت لصاحب هذا الاقتراح بحسم وحزم:
إن كان يطلبنى كحاكم، ف«روزاليوسف» لا تسعى إلى الحكام لا عن رغبة ولا عن رهبة، وإن كان يطلبنى لنتحدث حديث الأصدقاء، فعلى أصغر الأصدقاء سنا أن يسعى لأكبرهم، خاصة إذا كان مكان اللقاء مجلة طالما سعد بالذهاب إليها والسهر فيها مع شباب ثائر مثله.
لكن ما كتبه إحسان لعبد الناصر يستحق القراءة والتأمل أيضا وتلك حكاية أخرى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.