أحدثت بالسعودية هيئة للترفيه لتنظيم نشاطات وفعاليات ترفيهية، لكن هذه النشاطات التي تقام تحت رعاية الدولة لم تلق استحسان العديدين لسماحها بما وصف ب"الاختلاط" بين الجنسين، لتصبح هذه الفعاليات موضوعاً جدلياً داخل المملكة.لم يمض أسبوعٌ على اختتام فعالية "كوميك كون" في السعودية، حيث استضافة المملكة أهم حدث في العالم للقصص المصورة وأفلام ومسلسلات الأبطال الخارقين، وبحضور نجوم عالميين، حتى سارعت هيئة الترفيه في السعودية التي نظمت الحدث، إلى تنظيم فعاليةٍ أخرى تحت عنوان "طلعة الفروسية"، وهي فعالية لاستعراض مهارات الفروسية، بحضور نخبة من فرسان الخيل السعوديين والعالميين، كما شهدت عروضاً حية وفنية على المسرح، ونشاطات للأطفال. النشاط المنظم من قبل هيئة الترفيه، وهي هيئة مستحدثة مهمتها تنظيم نشاطات وفعاليات ترفيهية في المدن السعودية تشجيعاً للسياحة وتحسيناً لحياة المواطنين السعوديين، لم يلق ترحيباً عند العديد من السعوديين حيث تمت مهاجمة الحدث، ومهاجمة الهيئة بحد ذاتها، واعتبارها تعمل على إفساد السعوديين بحسب تعبير العديد من المغردين على تويتر، والذين رد عليهم سعوديون آخرون منبهين إلى أن هذه الفعاليات هي مسائل حضارية الناس بحاجة لها، ليتصدر وسم (هاشتاغ) #كارثه_جديده_للترفيه_بالرياض، وليتجاوز ثمانية عشر مليون تداول بين مؤيد ومعارض للهيئة في السعودية على موقع تويتر. الغناء حرام وداعش حلال؟! الناشطون تداولوا صوراً من الفعالية لتظهر للناس انه لم يكن هناك أي ممارساتٍ خاطئة فيها، في حين غرد الملايين يدافعون عن هذه النشاطات، كذلك الأمر عبر موقع فيسبوك، داعين السعوديين الآخرين لعدم الوقوف بوجه مثل هذه النشاطات، والالتزام بمنازلهم في حال لم تعجبهم، فغرد أحد المواطنين "كمية نفاق فظيعه.. يسون الحضيض بره ويجي عندنا ملاك ويدخل ف نواينا ويفسرها بكيفه.. بعد اذاموعاجبك انطق ف بيتك". في حين اعتبر العديدون أن محاربة مثل هذه النشاطات هو محاولة لنشر "النكد" في المجتمع، بينما تساءل آخرون هل "الغناء حرام وتصرفات داعش عادية ومقبولة؟". في حين علقت مغردة بأن المسألة تتعلق بحرية المرأة وموضوع الاختلاط وهذا ما أزعج البعض فكتبت "كارثتهم ان البنات مبسوطين ومتجمعين سوا ويصوروا يعني حرام البنت تخرج وتنبسط اما الشباب عادي". في حين ردت مغردة على من هاجم فعاليات هيئة الترفيه بأنها تسمح بالاختلاط بين الجنسين بصورة توضح جلوس الرجال بمكان بعيد عن أماكن جلوس النساء. المحافظون تمت مهاجمتهم أيضاً، إذ كتب أحد السعوديين "الغلاة هم الفئة الوحيدة بالعالم الذين يرون أن في الترفية كارثة"، في حين قالت تغريدة أخرى "تريدون المملكه اسود وابيض بس؟ لماذا تحضرون هذه الفعاليات لتصوروا وتنشروا فقط؟". غياب رد رسمي والرياض تستفتي.. هيئة الترفيه السعودية التزمت الصمت عن كل ما بدر من سجال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين اكتفى الحساب الرسمي لفعاليات الرياض بنشر استفتاء بين الناس حول إذا ما كانوا يرغبون بمتابعة نشاطات الهيئة أم لا. لتختلف ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض: ووسط كل هذا وجد العديد من المغردين في الموضوع مثاراً للسخرية، إذ طالب العديدون الهيئة بصرف حصتهم من التكاليف نقداً. تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف هو السبب الفعالية التي أقيمت بالرياض هوجمت بشدة في حين كان الهجوم اخف وطأة على فعالية "كوميك كون" في جدة، في حين تراوحت شدة الهجوم بين الرافض للفكرة واعتبار أنها ليست أولوية، وصولاً إلى المتطرفين الذي اعتبروا الأمر مجرد تقليدٍ للغرب واستيرادٍ لعادات غير سعودية، فكتب أحدهم "ليش بعض العقول الفاسدة عندها التطور لن يكون إلا باختلاط وسينما ومسرح وأغاني ولم يأخذوا من الغرب إلا الفساد". في حين كان الفيديو الأكثر استفزازاً هو ذلك الذي تناقله مغردون لنساء منقبات ومحجبات يرقصن في الفعالية، واعتبروا ان الأمر ليس من أخلاق السعوديين ولا دينهم. لتفتح القصة من جديد الجدل حول تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي تم تحديد صلاحياتها بعد ارتكابها لعدة تجاوزات من بينها ضرب لنساء وأجانب منتصف نيسان/ أبريل الماضي، فغرد أحد السعوديين "غُيبت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستبدلت بهيئة الكوارث والفساد.. أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير؟". من جانبه إمام الجامع النبوي في المدينة المنور الشيخ حسين آل الشيخ غرد عن الموضوع داعياً السعوديين لمقاطعة فعاليات الهيئة في عدة تغريدات قائلاً: "من العار أن يكون في بلاد التوحيد مثل هذه الفعاليات التي تقوم عليها هيئة رسمية فكيف يحصل النصر ومثل هذه الفعاليات المستهجنة دينا وخلقا تقام!"، وأضاف في تغريدة ثانية " على كل أب وكل مواطن أن يقاطع مثل هذه الفعاليات الغير مسؤولة فكل إنسان مسؤول عن نفسه ورعيته وإذا قاطع الناس الفساد انقطع بنفسه". لتبقى القصة مدار جدلٍ واسع في العالم الافتراضي وسط تخوفاتٍ من ناشطين سعوديين من أن يتم إلغاء نشاطات الهيئة تحت الضغط ما يعني غياب متنفس للشباب السعودي، أو إعادة صلاحيات "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، في الوقت الذي تتجه أنظار النشطاء اليوم إلى المزيد من الحريات المدنية في السعودية.
