وقد كان من أبرز التغطيات الصحفية السياسية التى كانت مجلة أكتوبر سباقة فى سردها وتحليلها سواء الخبر أو تحليله بواسطة أكبر محللين سياسيين فى ذلك الوقت حيث كان يكتب فى أكتوبر فريق من المحللين والمتخصصين على مستوى عالٍ من الإلمام بالشئون الداخلية والخارجية لمصر ومنطقة الشرق الأوسط ولعل القسم الخارجى بمجلة أكتوبر كان له تأثير واضح من حيث سرعة الترجمة والصياغة اللغوية حيث كان يضم مجموعة من أمهر المترجمين فى شتى اللغات وقد تميز القسم العبرى فى أكتوبر وتفوق حتى على كل الأقسام العبرية فى المؤسسات الصحفية الكبرى فى مصر والعالم العربى. ومن أبرز الخبطات الصحفية العالمية لمجلة أكتوبر والتى استمرت سباقة فيه أكثر من ثلاثة أعوام – لم يحدث فى تاريخ الصحافة فى العالم أن تتصدر صحيفة أو مجلة فى تغطية حدث عالمى وهو مفاوضات عملية السلام بين مصر وإسرائيل حيث كانت أكتوبر هى المرجع الوحيد تقريباً لكل وسائل الإعلام فى ذلك الوقت لنقل الأحداث والوقائع عن مجلة أكتوبر- مثلاً كنا نسمع إذاعة ال BBC البريطانية وهى تبدأ نشرتها بعبارة ذكرت مجلة أكتوبر القاهرية شبه الرسمية فى عددها الذى سيصدر غداً أن الرئيس السادات قبل حضور مفاوضات كامب ديفيد . وفى الحقيقة لم تكن أى جريدة أو مجلة أخرى سواء فى مصر أو فى العالم تستطيع الحصول على أخبار عملية مفاوضات السلام قبل مجلة أكتوبر. ونعترف هنا أن وجود الأستاذ الكبير أنيس منصور على رأس المجلة فى ذلك الوقت وقربه الشديد من الرئيس السادات وهو الطرف الفاعل الأول لمفاوضات السلام كان يمثل المصدر الوحيد للحصول على كل جديد فى مسيرة المفاوضات من أجل السلام فكانت أكتوبر وبحق هى المرجع التوثيقى والتاريخى لتسجيل أهم وأخطر منعطفات ودهاليز المفاوضات مع إسرائيل . ولا نكون مبالغين إذا قلنا إن كل الدارسين للحقبة التاريخية التى فعلت فيها معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لا يمكن لأى دارس لتلك الحقبة أن يتم دراسته سواء كانت رسالة ماجستير أو دكتوراه إلا بالرجوع إلى أعداد مجلة أكتوبر التى صدررت فى ذلك الوقت مواكبة لأحداث معاهدة السلام والحقيقة لا يوجد إحصاء دقيق عن عدد رسائل الماجستير والدكتوراه التى اعتمد فيها على مجلة أكتوبر كمرجع أساسى إلا أن هناك عددًا كبيرًا من أصحاب الرسالات الأكاديمية من مصر وخارج مصر كانت أكتوبر بالنسبة لهم وثيقة أساسية مما جعل أعداد مجلة أكتوبر تعتبر مرجعاً تاريخياً بكل ما تعنيه الكلمة للأحداث الهامة سواء فى مصر أو فى الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط. ولما كانت أكتوبر فى عامها الرابع – هذه العبارة مقتبسة من مقال الأستاذ أنيس منصور – ولهذه العبارة قصة قد لا يعرفها البعض فقد أراد الرئيس السادات أن تكون أكتوبر ملحق بجريدة مايو والتى تم تأسيسها لتكون لسان حال حزب الوسط – حزب مصر الذى تحول إلى الحزب الوطنى فيما بعد.. ولكن وقفة الأستاذ أنيس منصور جعلت الرئيس السادات يقتنع بأن أكتوبر مجلة متفردة لا يمكن أن تتحول إلى ملحق مصور حيث إن المجلة قد أصبح لها قراء ومريدين من كافة أرجاء المعمورة وأن بها مجموعة من أمهر الصحفيين فى مصر والعالم العربى وقد اقتنع الرئيس السادات خاصة حينما قال للأستاذ أنيس منصور بالحرف الواحد – أنت نجحت ياأنيس وقدرت تحقق اللى كنت أنا عاوزه – أما الذى كان يريده الرئيس السادات والذى أفصح عنه الأستاذ أنيس منصور هو أن السادات كان يريد مجلة مصرية تنافس مجلة الحوادث اللبنانية والتى كانت لها شنة ورنة فى سبعينيات القرن الماضى أما قصة تفوق مجلة أكتوبر على مجلة الحوادث اللبنانية فكانت وكما قال الأستاذ أنيس أنالكلك الأردنى الراحل حسين قال للسادات أنا الآن أقرأ أكتوبر ولم أعد فى حاجة لقراءة مجلة الحوادث اللبنانية وقد كان ذلك عن حق واقتدار فقد استطاعت مجلة أكتوبر أن تستحوذ على قراء المجلات المنافسة فى الوطن العربى.