كان حينها طالبًا بالدراسات العليا بكلية الإعلام جامعة القاهرة منبهرا بتجربة شابة جديدة فى بلاط صاحبة الجلالة هى مجلة «أكتوبر» ومن موقعه الأكاديمى قرر أن تكون «أكتوبر» هى محور دراسته لينال درجة الماجسيتر ونالها ثم أصبح الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة واحدًا من ضمن مجموعة مميزة من الأساتذة الذين استوقفتهم «أكتوبر» بالدراسة والتحليل.? كيف.. لماذا؟ هذا ما يجيب عنه د. علم الدين فى هذا الحوار ما السبب وراء اختيارك لمجلة أكتوبر لتصبح محور دراسة رسالتك الماجسيتر عام 1981؟ ?? كانت هناك ثلاثة أسباب جعلتنى اهتم بدراسة مجلة «أكتوبر» فى هذا الوقت السبب الأول كان الجانب العلمى، حيث إن المجلات كفن صحفى لم تنال العناية الكافية حينها وكان الاهتمام الأكبر للجرائد اليومية خاصة أنه فى هذا التوقيت عانت المجلات من ظهور التليفزيون الملون وسيطرته على المتلقى مما أوقعها فى كوارث اقتصادية هذا بخلاف أن السوق الصحفية وقتها شهدت العديد من التحديث والتجديد بعد رفع الرقابة عن الصحف عام 1974 بقرار من الرئيس السادات وأيضا ظهور تجرية جديدة وهى مجلة «أكتوبر» وكانت باكورة النظام الإعلامى الجديد عام 1986 لتصبح أول إصدار صحفى جديد بعد حرب أكتوبر قبل ظهور كافة الصحف الحزبية والمستقلة بعد ذلك لترسخ لمرحلة جديدة من الصحافة خاصة أن بعد ثورة يوليو كانت وفيات الصحف أكثر من ولادتها. أما السبب الآخر وشخصى هو إعجابى بشخصية وإنجازات الرئيس الراحل أنور السادات وأيضاً تعلقى واحترامى الشديد للأستاذ أنيس منصور الذى فور انتقاله لقيادة مجلة «أكتوبر» فقد الأخبار 15000 ألف نسخة من توزيعه فى نفس اليوم. هناك أيضا سبب إعلانى ويشمل ظهور تجربة جديدة من حيث الشكل الإخراجى والمضمون الصحفى الذى ينافس نظائره من المطبوعات الأجنبية فأصبح يجذب القراء والمعلن. فجاءت مجلة «أكتوبر» لتحرك الخريطة الصحفية الجامدة منذ تنظيم الصحافة فى الستينيات من القرن العشرين التى لم تشهد جديدًا قبل ولادة مجلة «أكتوبر». يكفى أن مجلة «أكتوبر» شهدت الجمع بين عقلين الأول سياسى مبدع متمثل فى الرئيس السادات اوقد امتهن الصحافة من قبل والثانى عقل مفكر وعبقرى وهو الأستاذ أنيس منصور والتى أحدثت فى بدايتها أرقام توزيع لم تحدث من قبل فى تاريخ المجلات. ? ما أهم ما تناولته فى دراستك لمجلة «أكتوبر» ولفت انتباهك؟ ?? الدراسة حينها قامت على المقارنة الموضوعية بين ثلاث مجلات هى «أكتوبر» والمصور وأيضا آخر ساعة وهذا من حيث السياسة التحريرية وأسلوب الإدارة والتنظيم أيضا الأداء الصحفى بكافة جوانبه هذا بخلاف شخصية رئيس تحرير كل مجلة وكتبت وقتها فى أوراق الدراسة «أن شخصية أنيس منصور الطاغية والمسيطرة تجعله يتدخل فى كافة التفاصيل» وناقشنى أنيس منصور حينها ولكن ربما هذا أحد أسباب نجاح مجلة «أكتوبر» حينها والتى ظهرت شخصية أنيس منصور على جميع أوراقها. أيضا أهم ما تم ملاحظته أثناء دراستى لمجلة «أكتوبر» أنها نجحت فى تحقيق معادلة صعبة حيث غيرت من مفهوم الصحافة القومية وخرجت عن إطار أن تصبح نشرة دورية لأخبار ووجهات نظر الدولة واستطاعت المجلة حينها تحقيق الربح وعائدات مادية أتاحت لصدور إصدار آخر وهو وادى النيل. أيضا أهم ملاحظاتى على ولادة هذه التجربة كانت استعانة أنيس منصور بكتيبة قوية من الكتاب من الأخبار وجرائد أخرى وأى مجموعة من الشباب المميز حينها وهذه العناصر أعطتها الأفضلية فى دراستى والمقارنة بين الإصدارات الأخرى. ? أهم ما تم رصده خلال دراستك «لأكتوبر» وهل كانت المجلة تلعب دور القوى الناعمة فى هذا الوقت خاصة فى العلاقات بين مصر وإسرائيل؟ ?? حظيت «أكتوبر» بعدد كبير من المحررين فى الشئون العربية والدولية وخاصة محررى اللغة العبرية مثل سيد نصار وسيد سلامة ومريم روبين، جميل عارف وغيرهم مما جعل ل «أكتوبر» دورًا فعالًا فى العملية السياسية المصرية فأصبحت واحدة من اذرع الدبلوماسية المصرية فى الخارج واستطاعت بهذا أن تنطلق للعالم وتحدثه بلغته وهذا أخرجها من إطار المحلية والحديث إلى الداخل وهو الأمر الذى يفشل فيه الإعلام الآن والخروج من العزلة المحلية ومجاورة الآخر وهذا يعد إحدى فضائل أنيس منصور حين وضع نصب عينه أن تصبح «أكتوبر» مجلة سياسية عربية ودولية خاصة عندما اقتحم جانبا مظلما كان الجميع يخشى التطرق له هو إسرائيل والذى سلط الضوء عليها فأصبح الذراع الإعلامية والناطقة باسم الرئيس السادات لهذا الكيان خاصة أن الرئيس السادات كان يكتب مقالا ويجرى حوارات للمجلة يخاطب من خلالها إسرائيل بالتحديد. ? فى رأيك ما العوامل الأخرى التى ساهمت فى إنجاح مجلة «أكتوبر» فى هذه الفترة؟ ?? المجلة فى الأساس كانت فكرة الرئيس أنور السادات مما أعطاها ثقلا بالإضافة إلى قيادتها من قبل الأستاذ أنيس منصور والاستعانة بمجموعة كبيرة من الصحفيين المميزين وبالتحديد الشباب حينها هذا بخلاف خروجها عن النمط السائد وقتها للصحافة القومية واستطاعت أن تخرج عن النمط التقليدى مما أعطاها الأفضلية.