عيونها دامعة ذابلة.. قلبها كسير.. قامتها محنية.. أكتافها ناءت بحملها الثقيل.. عندما تقع عيناك عليها ترى هموم الدنيا قد طبعت بصماتها على الجسد النحيل.. آثار المرض تظهر على جسدها.. إنه مرض ليس ككل مرض.. إنه مرض يفتك بصاحبه لا محالة.. مرض يحول الجسد إلى هيكل عظمى.. يحول صاحبه إلى حطام.. إنه المرض اللعين الذى أصابها كما أصاب آلافا.. بل ملايين من البشر الذين طحنهم الفقر وهدهم هذا المرض.. الذى ما أن يدخل البيت لا يخرج منه إلا بعد أن ينهش كل شىء أمامه.. إنه السرطان.. الذى لا يفرق بين صغير وكبير.. غنى أو فقير.. رجل أو سيدة.. هى شابة لم تبلغ الأربعين من عمرها.. تزوجت منذ أربعة عشر عاما رزقها الله بابنها الوحيد.. كانت مقبلة على الحياة.. تحلم أحلاما وردية.. تحلق مع هذه الأحلام والأمانى.. كرست حياتها.. كل ساعات النهار وجزءا من الليل للعناية بالزوج والابن، ولكن أحلامها وأمانيها تبخرت فى الهواء.. جناحاها اللذان كانت تطير بهما كسرا قبل الأوان وسقطت من أعلى لتهوى على الأرض وتتكسر عظامها وتتفتت.. سقطت عاجزة عن الحركة او التحليق مرة أخرى.. كانت تستيقظ صباحا لتعد لزوجها كوب الشاى.. وتعد فطار طفلها.. ثم تبدأ فى ترتيب المنزل والخروج إلى السوق لشراء احتياجات المنزل.. ثم تعود لتبدأ مشوار حياتها اليومية.. ولكن ماذا حدث اليوم؟.. إنها تشعر بآلام فى بطنها.. آلام لم تعطها الفرصة لتنام طوال الليل.. لم تذكر شيئا للزوج حتى لا يشعر بالقلق يخرج فى أمان بحثا عن الرزق.. تحاملت على نفسها وتحاملت المغص ووقفت فى المطبخ تحاول أن تعد الطعام وتعد كوبا من مشروب ساخن ربما يساعدها على تحمل الآلام.. وعند منتصف النهار.. شعرت بأن سكاكين تكاد تقطع معدتها وأصيبت بنوبة قىء وإسهال.. طلبت إحدى جاراتها لتجلس معها.. أرجعت الجارة الأعراض التى أصابتها إلى برد بالمعدة أو ربما تناولت طعاما غير مناسب.. مرت ساعات وهى تعانى حتى وصل الزوج الذى أصر على اصطحابها للطبيب بالرغم من عدم امتلاكه لقيمة الكشف.. وبعد أن فحصها الطبيب وسمع شكواها شخص الحالة بأنها تعانى من دوسنتاريا ووصف لها الدواء وطلب منها أن تعود مرة أخرى بعد ثلاثة أيام.. مر يوم والثانى والحالة كما هى، بل شعرت بأنها تسوء، خاصة بعد إصابتها بنزيف شرجى عادت للطبيب الذى طلب منها إجراء بعض التحاليل والأشعة والتى أظهرت وجود تقرحات بالقولون وصف لها أنواعا جديدة من الأدوية وأكد لها أن هذه الأنواع لها تأثير إيجابى على الحالة المرضية التى تعانى منها.. عادت للمنزل ولكن لم تلبث ساعات إلا وعاودتها الآلام أشد وأقسى لدرجة لا يمكن تحملها.. عاد الزوج من عمله ليسمع آهات الزوجة وهو مازال خارج الشقة.. وعندما دخل وجدها فى حالة يرثى لها.. طلب منها الانتظار حتى الصباح ليذهب بها إلى المستشفى الجامعى فإن حالتها لا يمكن السكوت عنها أو حتى الانتظار يوما واحدا.. وكانت ليلة ليلاء عاش الزوج على أعصابه.. وفى الصباح حملها إلى المستشفى وهناك تم إجراء تحاليل متخصصة وفحص الأطباء الحالة وكانت النهاية، فقد ظهر فى الأشعة أن التقرحات ما هى إلا أورام وطلبوا من الزوج حملها إلى المعهد القومى للأورام، حيث تم إجراء مزيد من الفحوصات وكانت كلها تؤكد أن الزوجة تحتاج إلى جراحة عاجلة لأخذ عينة من القولون وتحديد نوع الورم، وبالفعل دخلت حجرة العمليات تاركة وراءها الزوج والابن.. أخذ الأطباء جزءا من الأورام التى ظهرت بالقولون وظلت بالمعهد حتى ظهرت نتيجة تحليل العينة والتى أكدت أنه ورم سرطانى.. وعندما علم الزوج بكى من قلبه على شريكة عمره وسأل ما الحل؟ وكانت الإجابة استئصال القولون وتحويل مجرى الإخراج إلى فتحة جانبية وستعيش هكذا باقى حياتها.. عندما عرفت ما حدث وما سوف يحدث لطمت خديها، ولكنها فى النهاية استسلمت إلى مشيئة الله، وبالفعل تم إجراء الجراحة وهى الآن تعانى الأمرين.. الزوج دخله لا يتعدى 450 جنيها شهريا وهى فى حاجة إلى مصاريف، بل وفى بعض الأوقات تحتاج إلى علاج وهذا المبلغ لا يكفى الاحتياجات الضرورية للمعيشة.. والزوج يحاول أن يوفر ما تحتاج إليه، ولكن بشق الأنفس، أرسلت تطلب المساعدة، فهل تجد؟ من يرد فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.