طحنتهم الأحوال المادية والاقتصادية السيئة.. كسر عظامهم ونهش لحمهم المرض الذى لا يرحم.. حالات كثيرة تصل إلى عشرات الآلاف سقطوا بين شقى الرحى الأول المرض والثانى الفقر.. إنهم يعانون.. يصرخون.. يتوسلون ويستنجدون.. الكثير منهم يرسل يطلب المساعدة ونحاول ونبذل ما فى وسعنا لعلنا نستطيع أن نقف بجوارهم ونساعدهم، هذا الأسبوع كانت هناك عشرات الرسائل وطلبات المساعدة هاتين الحالتين (المرض والفقر) يجمعهما.. الحالة الأولى لشاب يبلغ من العمر السادسة والعشرين يكسوا الحزن ملامحه.. حطم المرض جسده.. يغمض عيونه ليلا على أقراص الدواء.. ويفتح عينيه صباحا على زجاجات المحلول وحقن الكيماوى.. بعدما كان يمتلئ نشاطا وحيوية.. أصبحت قدماه عاجزتين عن حمله.. ست سنوات مرت منذ بداية المحنة التى يعيشها يمر الوقت كأنه الدهر.. الأم تزرق الدمع كلما تذكرت ما مر بابنها «أحمد» زرع عمرها.. كانت ترى فيه سندها وسند زوجها.. كانت ترى فيه المستقبل.. خرج يعمل عاملا زراعيا منذ اشتد عوده كان يخرج فى أول النهار للعمل ويعود نهاية اليوم منهك القوى ومع ذلك لم يكل ولم يمل.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. بعد الحيوية والنشاط أصابه فجأة الكسل.. داهمته الآلام فى كل جسده.. أصبح غير قادر على حمل الفأس أو حتى المشى والخروج من المنزل ليذهب مع زملائه إلى العمل.. عظام ساقيه لا تحمله.. عظام ذراعيه لا يستطيع تحريكها إلا بصعوبة.. أصيب بارتفاع بدرجة الحرارة.. الآلام تتزايد وهو لا يدرى ماذا أصابه؟.. حاولت الأم أن تخفف من آلامه بأى وصفة شعبية ولكن إحساسه بالألم كل يوم يزيد عن اليوم السابق، طلبت منه الأم الذهاب إلى المستشفى ولكنه رفض وطلب منها أن تنتظر ربما تجدى معه الأعشاب أو الوصفات التى وصفها الجيران والأهل.. ولكن لم يمر يومان إلا وكانت آهاته تشق عنان السماء فهو أصبح غير قادر على تحمل هذه الآلام.. اضطر إلى الخضوع لطلب أمه وذهب إلى المستشفى وصف له الطبيب بعض المسكنات وطلب منه الراحة التامة والعودة مرة أخرى بعد أسبوع ولكنه لم يتحمل وعاد بعد يوم فطلب منه الأطباء إجراء بعض التحاليل وهنا اضطر إلى الاستدانة ليواجه متطلبات المرض ولكن ما سمعه من الأطباء جعله يسقط من طوله.. فقد أظهرت التحاليل إصابته بأورام سرطانية بالعظام وهو يحتاج أن يذهب إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة.. حمل همومه على كتفيه ومشى يترنح من كثرة الآلام وجاء إلى المعهد وفحصه الأطباء وأكدوا بالفعل أنه مصاب بسرطان العظام ويحتاج للخضوع بجلسات علاج كيماوى وإشعاعى وأصبح من المستحيل عليه أن يواصل العمل.. واضطر إلى تقدم طلب مساعدة من وزارة التضامن الاجتماعى وبالفعل تم ربط معاش ضمان 300 جنيه وهذا المبلغ هو كل دخله الذى لا يكفى تغطية احتياجاته ومصاريف سفره من قريته بإحدى محافظات شمال الصعيد إلى القاهرة والعكس.. فهل هناك من يستطيع مساعدة أحمد وأسرته؟.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية. أما الحالة الثانية فهى لشابة لم تبلغ العشرين من عمرها من إحدى محافظات جنوب الصعيد.. دائما ما حلمت هى وأمها أحلام كثيرة وكبيرة.. ولكنها أحلام تبددت وطارت فى الهواء.. لم تكن أبدا تعلم ما تحمله لها الأيام.. كان يوما عصيبا لم تظهر له شمس عندما استيقظت الابنة من النوم وهى واهنة.. ضعيفة.. تكاد تجر قدميها غير قادرة على الوقوف على ساقيها عندما سألتها الأم عما تشعر به؟ كان الجواب إنها تشعر بآلام فى ساقها اليسرى.. تقول أمها حاولت مساعدتها للتغلب على آلامها ولكن مرت الأيام لتعود الآلام مرة أخرى ولكن بشدة لم يفلح معها أى مسكن أو تدفئة.. طلب منى الأب أن أصطحبها إلى الوحدة الصحية.. أكدت الطبيبة أنها مصابة بآلام روماتيزمية ووصف الدواء ولكن لم يمر يوم إلا وازدادت الحالة سوءا.. عدنا للطبيبة مرة ثانية حاولت تغيير الأدوية إلا أنها لم تأت بنتيجة فهى أصبحت غير قادرة على وضع ساقها وقدمها على الأرض أو حتى تحريكها.. كانت تصرخ من الآلام.. هنا طلبت الطبيبة الذهاب بها إلى المستشفى المركزى حتى يتم إجراء أشعة على الساق.. عندما ظهرت النتيجة طلب الأطباء اصطحابها إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة.. كانت رحلة صعبة على النفس.. ركبنا قطار الليل أنا وابنتى وأبوها.. وصلنا فى الصباح واتجهنا مباشرة إلى المعهد وتم فحصها وإجراء أشعة على الساق وعرفنا وياليتنا ما عرفنا فقد أخبرنا الأطباء أنها مصابة بورم سرطانى بالساق اليسرى وتحتاج إلى جلسات علاج كيماوى وإشعاعى.. كانت الدموع هى الملاذ والسلوى.. كنت أتساءل ماذا فعلت فى هذه الدنيا؟.. ولكن هذه مشيئة الله ولا راد لمشيئته.. ثلاثة أعوام لم نرى فيها النوم وتحولت الأحلام إلى كوابيس تفتك بنا كل ليلة وكانت رحلة العلاج رحلة صعبة استنزفت طاقتنا وجاءت على الأخضر واليابس.. صرفنا كل جنيه كنا ندخره من أجلها وأجل أخواتها حتى قراريط الأرض التى كان يمتلكها الأب والتى لا تتعدى أصابع اليدين لا تفى باحتياجاتها واحتياجات الأسرة وأصبحنا نعيش فى ظل ظروف صعبة علينا.. وكما نهش المرض الابنة نجاة.. نهش الفقر وذُل الحاجة الأب والأم.. هذه الأسرة تحتاج إلى من يساعدها ويأخذ بيدها.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.