رقيقة.. ذات وجه يحمل ملامح رقيقة.. جميلة.. ولكنه وجه أصفر وعيون ذائغة.. جسدها يخيل.. ترى علامات المرض واضحة عليها.. واهنة.. ضعيفة.. تحتاج لمن يمسك بيدها ليصل بها إلى بر الأمان.. هى فتاة لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها.. تشعر أنها أكبر من ذلك تمشى مستندة على ذراع أمها أو أختها الأكبر منها.. تشعر من الوهلة الأولى أن قلب أمها يتمزق وأن الحياة انطفأ نورها وأصبحت مظلمة ظلمة حالكة.. بل أنها تتمنى الموت قبل أن ترى زهرة شباب الابنة تذبل وتتساقط أوراقها.. كانت تتمنى أن يظل عودها أخضر نديا.. ولكن ماذا تقول غير قدر الله وماشاء فعل.. نعم هذه إرادة الله . تقول الأم.. «فاطمة» هى زرع عمرى.. هى ابنتى الوسطى بين خمس بنات.. تمنيت كثيرا لها ولأخوتها أن يخرطهن خراط البنات.. حلمت بها شابه جميلة.. عروسا يوم عرسها.. منذ بلغت السادسة والتحقت بالمدرسة وبدأت أعد العدة لزواجها.. كل جنيه استطيع توفيره أقوم بشراء شىء من جهازها.. كان قلبى يزغرد من الفرح عندما بدأ خراط البنات يراها ويمر على جسدها لتظهر بعض ملامحها.. لم أكن أرى إلا هى ولا أحلم إلا بها.. ولكن لم أكن أعلم ما تحمل لنا الأيام.. كان يوما عصيبا عندما عادت ابنتى الحبيبة من المدرسة وهى واهنة.. ضعيفة.. تكاد تجر قدميها.. غير قادرة على حمل حقيبة كتبها.. عندما سألتها عما تشعر به كان الجواب أن ذراعها اليسرى تؤلمها بشدة وهى غير قادرة على استخدامها فى حمل حقيبة المدرسة.. وكان قرصًا مسكنًا وكوب من الشاى هو ما قدمت لها.. ساعات وشعرت أن حالتها تحسنت.. مرت أيام لتعود من المدرسة بنفس الحالة ولكن هذه المرة أشد بكثير ولم يفلح معها لا قرص المسكن ولا كوب الشاى ولا كريمات المسكن الذى وصفها لى الصيدلى.. طلب منى الأب أن اصطحبها إلى الطبيب وقد كان والذى أكد أنها مصابة بآلام روماتيزمية وصف الدواء ولم يمر يوم إلا وزادت الحالة سوءا.. عدنا إليه مرة أخرى حاول تغيير الأدوية إلا أنها لم تأت بنتيجة وهنا طلب الطبيب أجراء تحاليل ثم طلب إجراء أشعة على الذراع اليسرى الذى أصيب ببعض التورم.. وظهرت النتائج ورأيت فى عينه نظرة لن أنساها طوال حياتى كانت نظرة غريبة عرفت معناها فيما بعد.. طلب منى أن اصطحبها إلى المعهد القومى للأورام حتى يتم عرضها على أطباء متخصصين يستطيعون تشخيص الحالة وتقديم المساعدة والعلاج المناسب والمطلوب لها.. كانت رحلة صعبة على النفس.. ذهبنا إلى المعهد ونحن ندعو الله ألا يصيبها مكروه.. تم إجراء التحاليل مرة أخرى وأشعة وعرفنا ويا ليتنا ما عرفنا فقد أخبرنا الأطباء أنها مصابة بورم سرطانى بالذراع وتحتاج إلى جلسات علاج كيماوى وإشعاعى.. كانت دموعى هى سلواى ماذا فعلت فى هذه الدنيا؟ ولكن هذه هى مشيئة الله ولا راد لمشيئتهة سنتان عجاف لم أر فيهما النوم وتحولت أحلامى الجميلة إلى كوابيس تفتك بى كل ليلة.. حاولت أن أخفى حقيقة المرض عن الأهل والجيران حتى لا تصاب بالاكتئاب وحتى تستمر فى دراستها ولكن كل شىء ظهر وعرف من حولنا ما تعانيه وبالرغم من ذلك لم يحاول أحد منهم أن يذكر ذلك أمامها خوفا على مشاعرها.. رحلة المرض والعلاج استنزفت طاقتها وطاقتنا وجاءت على الأخضر واليابس وصرفنا كل جنيه كنا ندخره من أجلها ومن أجل أخواتها وأصبح مرتب أبيها لا يفى باحتياجاتنا وأصبحنا نعيش فى ظل ظروف صعبة جدا وللأسف الحياة صعبة وكما نهشها المرض.. نهشنا الفقر.. فمن يرغب فى مساعدة هذه الأسرة فليتصل بصفحة مواقف إنسانية