لا يوجد أى قدر من التفاؤل، للأسف هذا هو الحال هذه الأيام فى بلدنا الجريح. ولا يوجد أى قدر من التخيل للحياة السياسية القادمة فى مصر، ولا يمكن حتى التنبؤ بشكل الخريطة السياسية، وشكل المجلس النيابى القادم، كل شىء يسير فى مصر بتوقعات خيالية ولا يوجد أى استراتيجية لسنة 2014 التى ستكون مليئة بالتحديات والمخاطر. الواقع السياسى مؤلم، وأعنى بذلك الأحزاب السياسية التى من المنتظر أن تمثل فى البرلمان وتكون ائتلافًا لتشكيل حكومة جديدة، واذا نظرت إلى كوادر الأحزاب تجد أنها غير مؤهلة للنهوض بمسئولية العمل فى الحكومة، هذا بالإضافة إلى أن الأحزاب مشتتة وضعيفة ولا تملك قدرات مالية تستطيع أن تصل بها إلى مشاكل الجماهير، وتعمل معهم على الأرض. قد يكون هناك حزب أو أكثر لديهم بعض القدرات المالية وفى المقابل تجد أنهم يفتقرون إلى الكوادر الفنية والقيادية التى تستطيع أن تشكل بها حكومة جديدة. هذا بالإضافة إلى مناخ غير مستقر، قد يستمر فترة من الزمن ترهق فيها الدولة المصرية اقتصاديًا وسياسيًا. أضف إلى ذلك مجموعة من القناعات السلبية مثل إعادة انتاج نظام الحزب الوطنى أو حتى النظام السابق والتى لن تحدث تحت أى ظرف والأهم من ذلك كله حالة النقد التى اصابت الشعب المصرى، أصبح ينتقد كل شىء ولديه قناعات ثابتة لا يرغب فى أن يغيرها أو يتقبل عكسها. كذلك حالة من التمسك بالرأى والتشرزم الفكرى تنعكس على متخذ القرار، قد يظهر ذلك جليا خلال لقاء السيد الرئيس الأخير مع نخبة السياسة والفكر والإعلام، وكان من المفروض أن نقدم لسيادته يد المساعدة ولكننى اعتقد أنه خرج من اللقاء أكثر حيرة ولن تساعده على اتخاذ القرار الخاص بخارطة المستقبل أو بقانون الانتخابات. أما الأمر الأهم والأكثر غرابة، هو أن البعض يرى فى نفسه أنه يصلح لقيادة هذه الدولة ويتسابق لإعلان ترشحه لمقعد الرئاسة، ولكنه لم يجلس مع نفسه حتى يحكم إذا كان يصلح لهذا المنصب الصعب أو أنه لم يدرس بعد حجم التحديات والمصاعب التى ستواجه مصر خلال الأعوام القادمة. ترهل قيادى وعدم إحساس بخطورة ما يجرى، نحتاج إلى صحوة تخرجنا من حالة الانكفاء والانغلاق، نحتاج أفكارًا خلاقة تخرجنا من دوامة الانتظار والترقب. إما دوامة العنف التى بدأت بإنفجار مديرية الأمن بالمنصورة فمن المتوقع أن تأخذ إبعادا أكبر فى المرحة المقبلة، ومن هنا تنبع أهمية الخروج للمشاركة فى الاستفتاء على الدستور حتى نعيد تأكيد شرعية 30 يونيو والقضاء على كل الدعاوى وانهاء مزاعم خيالية لازالت تعيش فى خيال مجموعة لا تعلم عن الحياة شيئًا غير الحقد والكراهية. نعود إلى واقعنا السياسى خاصة حال الأحزاب فتجد قدرًا كبيرًا من الاستعلاء السياسى اذا تفحصته تجده غير مبرر على الإطلاق، ولكن تتعجب من هذا الاستعلاء الذى يصل إلى حد الغرور، وواقع الأمر يحمل فراغًا كبيرًا يصل إلى حد الصفر. عام جديد من المفروض أن نستقبله ببعض الأمل وأن نحلم بأن نكون أفضل، ولكن كل المعطيات والمؤشرات تحمل فى ثناياها تحديات كبيرة ستتزايد اذا لم نصل إلى السلام داخلنا، وتنقشع حالة الانقسام، وتتبدد غيوم التردى الأخلاقى والاجتماعى. الآن أصبح جليا أننا يجب أن نتوجه إلى الانتخابات الرئاسية أولا، مصلحة الوطن تفوق أى ادعاءات بضرورة الالتزام بترتيب خارطة المستقبل. وأكرر لا نريد هواة أو مشتاقين للمرحلة القادمة، رئاسة مصر كما ذكر الرئيس عدلى منصور ليس بالأمر السهل ولا يوجد فيها أى مغنم، إنها مسئولية وطنية لمجتمع يجب إعادة ترتيبه ووضع اولويات منطقية حتى يستطيع أن يتقدم ويقتحم معركة البناء والتنمية، والتى لن تتحمل الخطب الحماسية والشعارات الجوفاء.