السينما المصرية كانت هى مصدر الدخل الثانى فى مصر بعد القطن ايام الملك فاروق، وتستطيع أن تعود كذلك، لو استطعنا استثمار إمكاناتنا الفنية والحضارية والشىء الوحيد الذى نتفوق به الآن على أقراننا العرب وهو المبدع المصرى، والحضارة والآثار المصرية التى يمكن أن تشكل لنا مصدرًا مهماً للدخل ليس فقط من السياحة التى تعانى بشدة فى الفترة الأخيرة، ولكن أيضًا من صناعة السينما الأجنبية التى تحقق للمغرب مليار دولار سنويًا، بينما لا تحقق لنا واحد على مائة من هذا المبلغ بسبب تعقيدات الروتين والبيروقراطية. والحقيقة أن المشكلة كبيرة جدًا وهناك جهات كثيرة مسئولة عنها، وهى أكبر من أى مؤسسة تتبنى مشروعا جديدا لتغيير النظام الموجود حاليًا، فلابد من إعادة النظر فى مفهوم التعامل الرقابى، خاصة أنه لو لم يتم تصوير أى فيلم أجنبى فى مصر فسوف يتم تصويره فى أى بلد آخر وستكون مصر هى الخاسرة الوحيدة. وأهم المعوقات أمام تدفق الأعمال الأجنبية السينمائية للتصوير فى مصر هى الجمارك التى تصر على تحصيل رسوم ضخمة على المعدات التى يدخل بها فريق العمل فى الفيلم الأجنبى مع أن هذه المعدات والأجهزة ستخرج مرة أخرى، ولن يحل مثل هذه المشكلات ويقضى على تلك المعوقات سوى تدخل السلطة العليا فى الدولة، ففى المغرب على سبيل المثال يوجد اهتمام على أعلى مستوى بهذه الصناعة، والملك شخصيا يباشر بنفسه تذليل أى عقبات، ويلتقى مع النجوم الأجانب من اجل اجتذاب السياحة وبهذا استطاعت المغرب أن تحقق دخلا يقترب من مليار دولار سنويًا، بينما لاتجنى مصر من تلك الصناعة أكثر من مليونى دولار فقط فى العام. والمطلوب هو إنشاء إدارة واحدة تابعة لوزارة الثقافة أو الإعلام تكون مسئولة عن تذليل كل تلك العقبات، ولا سيما مدينة الإنتاج الإعلامى لأنها الجهة الأقرب والأنسب لأن تكون مسئولة عن ذلك. وأول مهام تلك الإدارة هى التعاون مع أى جهة محترمة تريد تصوير أعمالها فى مصر، مع ضرورة التفرقة بين نوعين من المشاريع الفنية الأجنبية، الأول منها يأتى عن طريق شركات الإنتاج الكبيرة والمعروفة والمحترمة، بينما ياتى الثانى عن طريق مغامرين أجانب، ويجب أن تضم تلك الإدارة خبراء يستطيعون التفرقة بين النوعين، حتى لا نفاجأ بتصوير أفلام أجنبية تسئ إلى مصر وصورتها وحضارتها على أرضنا.