عاشق لمصر.. عاش فيها فترة طويلة.. شارك الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 73.. يدرك أهمية التعاون بين مصر والسودان للشعبين وأهمية الوحدة بين شعبى وادى النيل إنه الفريق أول ركن آدم موسى رئيس مجلس الولايات فى السودان.. التقينا به للتعرف على حقيقة بعض القضايا العامة التى كانت على مائدة الحوار بين الرئيسين المصرى والسودانى خلال اللقاء الأخير، بعد أن حاولت بعض وسائل الإعلام إثارة الفتنة حول هذا اللقاء. الفريق أول ركن آدم موسى كشف كافة الملفات بشفافية شديدة وكان لنا معه هذا الحوار خلال السطور القادمة: *متى كانت أول زيارة لك لمصر؟ ** أول زيارة لى لمصر كانت سنة 1973 وشاركت فى حرب أكتوبر فى الجيش الثالث فى العين السخنة، وقد شاركت كتيبتنا الكتيبة السودانية. *ما هى أبرز ذكرياتك عن هذه الفترة الثرية والعظيمة لك ولنا جميعاً؟ ** كنا مع المدفعية المصرية نقوم بنفس الواجبات والتعليمات من القائد إبراهيم العجوز الذى كان يشعرنا بأننا أسرة وعائلة واحدة لا فرق بين السودانى والمصرى.. وكانت حرب أكتوبر تمثل دفاعاً عن العرض. *هل لحرب أكتوبر دلالات سياسية ووطنية لديكم؟ ** حرب أكتوبر من وجهة نظرى بمثابة عبور عزة العرب وحياة جديدة للإنسان العربى والشعب المصرى كله. وكانت لحرب أكتوبر ذكرى جيدة فى أذهان الأمة العربية لأنها من أعظم الحروب التى خاضتها الأمة العربية لأنها كانت من تدبير وتخطيط قيادة مسلحة حكيمة.. وكلها كانت إعجازاً فى إعجاز.. كان كل فرد يقوم بمهامه على أكمل وجه لهذا السبب كانت ناجحة 100% وشاهدنا آليات الخداع الكامل والتضليل الكامل لليهود رغم ما يمتلكون من وسائل الإعلام وأدوات التجسس ومخابراتهم المنتشرة فى كل مكان.. رغم كل هذا فوجئوا بتحقيق النصر. العبور الجديد *هل يحتاج العرب حالياً إلى عبور جديد يستلهم هذه الروح العملية التى شاركت فيها فى حرب 73؟ ** طبعاً. نحن بحاجة إلى هذا.. لأن العرب الآن كلمتهم ليست واحدة وبالتالى لن نستفيد من قدراتنا الاقتصادية ولن نستفيد من قوتنا البشرية وبالتالى فإن النظام العالمى ينتقدنا ويجعلنا جزراً مختلفة، لذا نحن نحتاج إلى وحده عربية وأن نصبح قوة اقتصادية وقوة عسكرية وسياسية مؤثرة فى المنطقة وفى العالم العربى إن شاء الله. *كيف يتحقق مشروع المثلث الذهبى بين مصر والسودان وليبيا؟ ** هذه الفكرة بداية الحلم وهى الخطوة الأولى ويمكن أن يتحقق الآن خاصة فى ظل وجود إرادة سياسة ثلاثية من الدول الثلاثة. الآن فى مصر يوجد تضارب.. وأنا أعتقد إذا مصر بدأت تهدأ. ونحن نأمل أن تخف المعارضة وتتيح المجال للرئيس المنتخب كى ينفذ أفكاره إلى أرض الواقع ويستفيد منها كافة الشعب.. ومن خلال التقارب مع السودان والتقارب والوحدة مع ليبيا فى إطار المثلث الذهبى الذى لو اكتمل سوف نصبح قوة عظمى هذا المثلث، لأن ليبيا تملك المال والسودان تملك الإمكانيات ومصر تملك العقل والأيدى الخبيرة ويمكن أن نحقق الاكتفاء الذاتى فى كل شىء. *هل يتحقق ذلك فى الواقع؟ **أنا واقعى وخبير عسكرى واستراتيجى، وهذا كله يمكن تحقيقه إذا صدقت النوايا مع العلم أن المتآمرين لن يتركوك إلا إذا عزمت على الأمر. *هل ترى أن القيادة السياسية فى الدول الثلاث ترغب فى تلك الوحدة؟ ** أعتقد أن السودان ومصر لديهما أمنية فى إتمام هذه الوحدة ولا شك أن ليبيا أيضاً لن تتراجع عن الانضمام إليها. *وما هى تفاصيل لقاء الرئيس محمد مرسى بالرئيس البشير؟ **الرئيس محمد مرسى إنسان صادق ويحمل هموم الأمة العربية والإسلامية، ويتميز بأنه إنسان متفتح، ويدرك قدر التعاون العربى ودوره فى التأكيد على قوة الوطن العربى، فيمكن التعاون مع بعضنا البعض فنبدأ بالتوأمة بين المحافظات المصرية والسودانية، ومن ثم نبدأ بالتقارب ويتم توفير حرية الحركة وفتح المعابر الجوية والبرية لرفع مستوى التعاون والتفاهم الشعبى، ومن ثم نصل تدريجياً إلى التكامل ووحدة بين الشعبين إن شاء الله. محاور جديدة *هل هذا هو المحور الوحيد للقاء؟ **هناك محاور كثيرة ولكن هذا هو الأساس.. هناك نقطة أثارها الإعلام واختلقها للأسف الشديد.. البعض صدقها وبنى عليها العديد من الأوهام والحكايات المختلفة وهى موضوع حلايب وشلاتين وأعتقد أن الجانبين المصرى والسودانى نفوا ذلك تماماً.. *هل ترى أن الوضع السياسى الحالى فى مصر يتجه إلى الهدوء والاستقرار؟ ** إنه يتجه نحو الاستقرار تماماً عندما أنظر فى عيون الناس فى مختلف ربوع مصر ألاحظ أن الأمن مستقر وقد تجولت فى جميع الشوارع وأحسست بالأمان. هل يمكن للقوى السياسية السودانية بعلاقاتها المتشعبة والمتجذرة مع الأطراف المصرية بما فيها المعارضة أن تلعب دوراً إيجابياً *فى هذا الاتجاه لتهدئة الأوضاع وتحقيق الاستقرار؟ **هناك جهود سودانية لتهدئة الأوضاع داخل مصر وخلال أيام سوف يفتتح الرئيسان البشير ومرسى الطريق البرى. *وهل هناك موعد محدد؟ ** لا أستطيع أن أحدد هذا الموعد.. ولكن إجراءات المشروع جارية ومن ثم افتتاح الطريق البرى ربما فى غضون شهر مايو المقبل. *هل هناك مشروعات مشتركة بالفعل تربط بين الدولتين؟ **هناك مشروعات كثيرة منها مشروع الربط الكهربائى الذى يستمر العمل فيه إضافة إلى كابلات الألياف الضوئية ويجرى حالياً العمل فى ربط الاتصالات بين الدولتين بالإضافة إلى وجود روابط شعبية وروحية أكبر من أى صلات أخرى. وهناك آلاف السودانيين المتزوجين من المصريات وآلاف المصريين المتزوجين من سودانيات هذه العلاقة لا يمكن أن ننكرها، كما يوجد ترابط اقتصادى قوى، كما أن الشعوب ترتبط ببعضها البعض برباط وثيق، وهذا هو سر نجاح الإخوة والمحبة ودافع قوى لكى نتحد معاً. آليات التكامل *كيف نضع آلية وإدارات عملية لتحقيق هذا التكامل من الوحدة؟ **هذا ممكن من خلال التعامل الشعبى العميق الواسع الانتشار فعندما يتم افتتاح الطرق وتزيد التجارة والعمالة معها العلاقات الاجتماعية وإذا تحققت الحريات الأربع سنكمل هذه الوحدة بجدارة لأن المصريين سوف ينتشرون فى السودان الحافل بخيراته، وكذلك المواطن السودانى إذ كان عنده خبرات سوف يأتى إلى مصر.. فهذا التداخل سوف يخلق صداقات ويعزز التجارة فى كل مكان ويمكن لمواطنى البلدين امتلاك الأراضى فى كل مكان. *ماذا عن مستوى العلاقات مع جنوب السودان؟ **للسودان وضع جغرافى وجنوب السودان كنز من الخيرات فعندما فكرنا أن نعطيهم حرية الاختيار وتقرير المصير، وإذا كانت وحدة الحركة الشعبية هى التى أثرت على مواطنى الجنوب.. فإسرائيل كان هدفها فصل الجنوب لكى تتحكم فيه ولكى تضع نفسها على موطىء قدم النيل بهدف تضييق الخناق على مصر لكى تستثمر فى أراضى الجنوب ومن ثم تستولى على الخيرات الكثيرة فى الجنوب.. وبعد أن أعطيناهم حرية الانفصال حدثت مشاكل فى منطقة تجمع النفط.. فالطرف الثالث وهو إسرائيل لن تترك الأوضاع تهدأ كما نتصور ونسعى ونأمل! وإذا لم يعالج جنوب السودان فهو الخاسر. *ما مدى تأثير إسرائيل على جنوب السودان وعلى القيادة الموجودة حالياً؟ ** لها تأثير مباشر فهناك تجانس بينهم ولدى إسرائيل مستشارون فى الجنوب يقومون بالتخطيط العسكرى والسياسى بين الشمال والجنوب. مرحلة مؤقتة *هل يمكن أن نقول إن الهدوء أو الاتفاق بين الشمال والجنوب مرحلة مؤقتة وظاهرية لحين استعداد توجه جنوب السودان لمرحلة أخرى من الصراع؟ ** لا يستبعد هذا ولكن إذا كان جنوب السودان يفكر بعقلانية فمصلحته فى التعاون مع السودان وإذا كان يفكر وفق عواطف أو إملاءات فسيخسر كثيراً.. فهناك مؤثرات كثيرة ولكن هذا يتوقف على من ينفذ، إذا كانت القيادة السياسية الجنوبية واعية فمصلحتها مع السودان.. وإذا كانت تستند للهوى والضغوط فإسرائيل ستنفذ ما بوسعها. *ما مدى تأثير إسرائيل على مياه النيل بشكل عام وعلى جنوب السودان بشكل خاص ؟ **إسرائيل تسعى وفق خطط بعيدة المدى ولديها طموحات واسعة وهى تضخ استثمارات فى الجنوب خاصة فى مجال الزراعة ستحدث شقاق مع دول حوض النيل، وبالتالى سيؤثر على مصر والسودان. *هل سيكون لسد النهضة تأثير على حصة مصر والسودان من مياه النيل؟ ** أثيوبيا ليست بحاجة إلى هذه الكميات الضخمة من المياه ولحسن الحظ النيل الأزرق يجرى من أثيوبيا إلى السودان وأثيوبيا ليست لديها الأراضى الزراعية التى تستوعب هذه الكمية من المياه ومن ثم لا يمكن للأراضى أن تستهلك هذه الكمية من المياه وأنا شخصياً أعتقد أن هذا صحيح لأن مياه النيل الأزرق لا مصرف لها فى الجنوب وهو يسيطر فقط على النيل الأبيض. أثيوبيا تحجزهذه المياه للتوليد الكهربائى، وهذا لن يؤثر بل يحافظ على استمرار خزانات المياه السودان ومصر. مشكلة أشخاص * ما هو الوضع فى دارفور حالياً.. هل استقر الوضع هناك حالياً؟ **مازالت هناك مشاكل.. لأن قضية دارفور هى مشكلة أشخاص يتطلعون إلى مصالح شخصية وليست قضية وطنية.. فأنا من أبناء دارفور وتعلمت هناك وبعد التعليم دخلت الكلية الحربية وتخرجت عام 1969 والتحقت بالجيش على مدى 36 سنة حتى وصلت إلى رتبة الفريق الأول. فأنا مؤمن بدارفور فهى بلدى.. فالقضية فى الأصل قضية عنصرية بحتة بدأت بحركة تحرير السودان التى أنشأها عبد الواحد فقد تعب من الجيش السودانى واشتغل بنظرية شد السودان من الأطراف.. فبداية الحرب بدأت عندما جاء عبد الواحد بالسلاح والمال وأشعلها بدعم من الغرب. وقد جاء عبد الواحد بأبناء صغار كانوا فى الجيش وكانوا يتدربون. وأطلق عليه اسم جيش تحرير دارفور من «الدنس» العربى فدارفور أساساً بها قبائل العرب فأول سكان دارفور اسمه سليمان كان أبوه أحمد المهجور وهو عربى أصيل، ولذلك فإن دارفور كلها مسلمة ولا يوجد بها أى مسيحى على الإطلاق.