المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    روسيا تبدأ تدريبات لزيادة جاهزية الأسلحة النووية التكتيكية في الجنوب    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    أول تعليق من تعليم الجيزة على تسريب امتحان العلوم قبل بدء اللجان    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    طالب إعدادي يصيب 4 أشخاص بطلقات نارية أمام مدرسة في قنا    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    النشرة الصباحية من «المصري اليوم».. أيرلندا تعتزم الاعتراف بفلسطين.. وإطلاله زوجة محمد صلاح    استشهاد 10 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على غزة    نتنياهو: لا نخطط لبناء مستوطنات إسرائيلية في غزة    «ما فعلته مع دونجا واجب يمليه الضمير والإنسانية».. أول رد من ياسين البحيري على رسالة الزمالك    بورصة الدواجن اليوم بعد آخر انخفاض.. أسعار الفراخ والبيض الأربعاء 22مايو 2024 بالأسواق    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 22 مايو 2024    بالصور.. معايشة «البوابة نيوز» في حصاد اللؤلؤ الذهبي.. 500 فدان بقرية العمار الكبرى بالقليوبية يتلألأون بثمار المشمش    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تصل إلى 50%، تخفيضات على سعر تكييف صحراوي وقائمة كاملة بأحدث أسعار التكييفات    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر العلاقات المصرية السودانية يبحث تداعيات استفتاء
تقرير المصير علي الأزمات المختلفة في السودان‏(2‏ 2)‏

كان تأثير استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان المقرر في التاسع من الشهر الحالي هو أحد الموضوعات المطروحة بقوة علي جدول أعمال مؤتمر العلاقات المصرية السودانية الذي عقد مؤخرا بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة‏,
‏ والذي شارك فيه عدد كبير من الباحثين والخبراء والمهتمين في كل من مصر والسودان‏,‏ وقد ناقش المؤتمر تاثير هذا الاستفتاء وتداعياته في حالتي الوحدة أو الانفصال علي الوضع الداخلي وعلي الأزمات السودانية المختلفة‏,‏ وكذلك علي علاقات السودان الخارجية الدولية‏.‏
وقد ذهب الدكتور زكي البحيري أستاذ التاريخ بجامعة المنصورة إلي أن مشكلة جنوب السودان مشكلة مزمنة‏,‏ بدأت مع انتشار حركة التبشير في الجنوب منذ بداية القرن العشرين‏,‏ وتعمقت مع اتباع الإنجليز خلال الحكم الثنائي‏1899‏ 1989‏ لسياسة جنوبية مؤداها خلق كيان جنوبي مختلف عن الشمال من حيث اللغة والثقافة والدين‏,‏ وفرضت السياسة الجنوبية قانون المناطق المقفلة عام‏1922‏ لمنع هجرة أو تواجد الجنوبيين في الشمال أو الشماليين في الجنوب‏,‏ وفي عام‏1930‏ نفذ هارولد ماكمايكل السكرتير الإداري لحكومة السودان الثنائية‏(‏ الإنجليزية في الواقع‏),‏ السياسة البريطانية المخططة لفصل الجنوب عن الشمال بشكل حقيقي‏.‏ وقد اتضح ذلك جليا في مؤتمر جوبا عام‏1947‏ حين أكد الجنوبيون علي وحدة السودان‏,‏ وظل الوضع هكذا تقريبا حتي قبيل استقلال السودان‏,‏ حين أعلنت الكتيبة الاستوائية التمرد في الجنوب عام‏1955.‏
ويقول البحيري‏:‏ وقد ساعد علي تعقد المشكلة إهمال نظام الحكم الثنائي لعمليات التنمية في الجنوب‏,‏ ومما زاد الطين بلة أن الحكومات الوطنية السودانية بعد الاستقلال عام‏1956‏ سواء أكانت حكومات عسكرية أو ليبرالية منتخبة سارت في إهمالها لشئون الجنوب ومتطلبات التنمية والتقدم فيه علي نفس سياسة الحكم الثنائي‏,‏ بسبب تركيزها علي تنمية مثلث الوسط في السودان‏.‏
ومرت حركة التمرد والحرب الأهلية هناك ضد حكومة الخرطوم بظروف متباينة ما بين استعار الحرب أو هدوئها وتوقفها لمدة لا تقل عن عشر سنوات بعد اتفاقية أديس أبابا عام‏1972,‏ واشتدت الحرب بين الشمال والجنوب بالذات بعد إلغاء هذه الاتفاقية‏,‏ وبعد إعلان الحركة الشعبية العصيان والتمرد بزعامة جون جارنج‏1983.‏
ولقد دخلت قوي سياسية متعددة في السودان علي خط التفاهم والتفاوض مع الحركة الشعبية في الجنوب من وراء ظهر الحكومة‏,‏ مما فتت الموقف السياسي في الخرطوم‏,‏ وأضعف موقف الحكومة التي اضطرت أمام استعار الحرب وتهديد الجنوب للخرطوم بشكل واضح بسبب تمكن الجنوب من الحصول علي الأسلحة المتقدمة والدعم خاصة من إسرائيل والولايات المتحدة وغيرها عن طريق أثيوبيا للدخول في مفاوضات مباشرة مع الحركة الشعبية مما ترتب عليه التوصل الي عقد اتفاق ماشاكوس‏2002‏ ثم عقد اتفاق السلام الدائم بين الشمال والجنوب‏2005‏ في مدينة نيفاشا الكينية‏.‏
وقد كان ضمن أهم قرارات اتفاقية السلام الدائم المذكورة حق تقرير المصير للجنوبيين بعد ست سنوات أي في‏9‏ يناير‏2011‏ حيث سيتم إجراء ذلك الاستفتاء لكي يقول الجنوبيون كلمتهم في هل سيظلون متحدين مع الشمال مع حصولهم علي كل حقوقهم كمواطنين سودانيين‏,‏ أم سيقررون الانفصال عن الشمال وإقامة حكومة جنوبية مستقلة ؟ والموضوع الذي سنقدمه هنا هو عن‏'‏ القوي السياسية في السودان وتقرير المصير في الجنوب‏2011'‏ أي موقف القوي والأحزاب السياسية وتأثيرها علي اتجاهات عملية استفتاء الجنوب‏2011.‏
وحول تداعيات الاستفتاء بالجنوب علي أزمة دارفور يقول الدكتور جمال ضلع الأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية‏:‏ ستشهد المرحلة القادمة اللاحقة للاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب المقرر اجراؤه يناير‏2011,‏ والذي تدل العديد من المؤشرات علي أنه ربما سيكون لمصلحة الانفصال‏,‏ وسيكون من مهام الحكومة أن تصل إلي اتفاق مع الحركة الشعبية حول قضايا ما بعد الانفصال وهي‏:‏ مياه النيل‏,‏ عائدات البترول‏,‏ الجنسية‏,‏ العملة‏,‏ القوات المدمجة‏,‏ أصول الحكومة وديونها‏,‏ علاقات الدولتين الخ‏...‏ وهناك مشكلة ترسيم منطقة آبيي وفقا لقرار محكمة لاهاي‏,‏ واستفتاء أهل المنطقة حول انضمامهم لجنوب السودان أم لشماله‏,‏ وغيرها من القضايا والمشكلات ذات الصلة‏.‏ وخصوصا في ظل ترويج العديد من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان لحق تقرير المصير الرامي للانفصال‏.‏
ويعني هذا أن بعض المشكلات الخطيرة ستظل باقية ومهددة للأوضاع الأمنية حتي بعد الاستفتاء‏,‏ ولعل هذا يدعو إلي التحذير من حدوث العديد من المشكلات ومنها خطورة عودة حرب شاملة في السودان بسبب الفشل في الوصول إلي حل نهائي ودائم لمشكلة الجنوب وكذلك الفشل في التوصل إلي تسوية مناسبة ومقبولة لمشكلة دارفور‏,‏ وقد يعرض ذلك السودان للانهيار في حال الفشل في اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذه‏,‏ وما لم يتعزز الدعم الدولي لمساعدة شمال وجنوب السودان للاتفاق علي القواعد الأساسية لمستقبلهما‏,‏ فإن الخشية أن يجر استفتاء‏2011‏ البلاد مرة أخري إلي حرب وفوضي شاملة‏.‏ ومن ثم فإن الخشية من الحرب والفوضي بعد الاستفتاء لا يمكن أن تستبعد في ظل الخلافات الكبيرة والاستقطاب الحاد بين القوي السياسية وعدم القدرة علي معالجة المشكلات العالقة‏.‏
وفي إطار التناول لموضوع الاستفتاء علي حق تقرير مصير الجنوب السوداني‏,‏ سيتم التركيز علي العناصر الرئيسية الآتية‏:‏
مقدمة‏:‏
أولا‏.‏ ملابسات الاستفتاء علي حق تقرير مصير الجنوب السوداني‏:‏
ثانيا‏.‏ النتائج المترتبة علي استفتاء تقرير مصير الجنوب السوداني‏:‏
ثالثا‏.‏ التداعيات المحتملة لاستفتاء تقرير مصير الجنوب السوداني علي أزمة دارفور‏:‏
رابعا‏.‏ رؤية مستقبلية للدولة السودانية علي ضوء استفتاء تقرير مصير الجنوب السوداني‏:‏
خاتمة‏:‏
وحول الدور الأمريكي في إدارة أزمات السودان قبل وبعد الاستفتاء يقول الباحث المصري سامي السيد‏:‏ السودان أصبح علي مفترق طرق في ظل استفتاء تقرير مصير الجنوب المزمع عقده في التاسع من يناير‏2011,‏ وذلك للاختيار بين خيارين لا ثالث لهما‏,‏ إما الوحدة أو الانفصال‏.‏ وتشير معظم التوقعات إلي أن خيار الانفصال هو الخيار الأكثر تفضيلا لدي معظم الجنوبيين‏,‏ وبالتالي فإن المستقبل القريب غالبا ما سيشهد قيام دولتين سودانيتين إحداهما شمالية والأخري جنوبية‏.‏
ورغم قرب حلول موعد إجراء الاستفتاء إلا أنه مازالت هناك قضايا عالقة لم يتم حسمها بعد‏,‏ مثل تعيين الحدود بين الشمال والجنوب بشكل كامل‏,‏ وقضايا المواطنة ووضع الجنوبيين في الشمال والشماليين المقيمين في الجنوب‏,‏ وتوزيع عائدات النفط‏,‏ والديون‏,‏ ومن له حق التصويت في استفتاء أبيي المزمع عقده علي التوازي مع استفتاء الجنوب لمعرفة تبعية المنطقة سواء يتم ضمها للجنوب أو تظل جزءا من الشمال‏,‏ وموقف جنوب السودان من اتفاقية مياه النيل‏,‏ وغيرها من القضايا‏.‏
ويضيف‏:‏ من غير المتوقع معالجة كل هذه القضايا وحسمها في الفترة الزمنية‏-‏ القصيرة نسبيا‏-‏ المتبقية علي إجراء الاستفتاء‏,‏ وبالتالي فإن بعضها سوف يتم تأجيله إلي مرحلة ما بعد الاستفتاء‏,‏ وإذا حدث الانفصال فمن المحتمل أن تكون القضايا الباقية دون حسم سببا في نشوب صراع بين الدولة الجنوبية الوليدة والدولة الشمالية‏,‏ لاسيما إذا أضفنا لهذا الصراع المحتمل بعدا جديدا متمثلا في استمرار الصراع في دارفور وإمكانية قيام الدولة الجنوبية باستخدام المتمردين في دارفور كورقة للضغط علي الشمال‏.‏ وبدون شك فإن نشوب مثل هذا الصراع المحتمل بين الشمال والجنوب والذي نتمني عدم حدوثه‏-‏ سوف تكون له تداعيات إقليمية ودولية‏.‏
ولقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية ولازالت‏-‏ طرفا دوليا فاعلا في الشأن السوداني‏,‏ وتحركت سواء بشكل فردي أو عبر وكلاء إقليميين أو عن طريق الأمم المتحدة من أجل إدارة الصراع الداخلي في السودان علي نحو يتوافق مع المصالح الأمريكية في منطقة القرن الإفريقي الكبير‏,‏ والتي يعتبر السودان إحدي دولها وفقا لمبادرة القرن الإفريقي الكبير التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في عام‏1994.‏
وحول الدور المصري في الحفاظ علي استقرار السودان يقول الباحث السوداني يوسف السيد‏:‏ تقوم مصر ولا تزال بدور هام ومؤثر جدا علي كافة المستويات الإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار السودان‏,‏ وليس أدل علي ذلك من الدور الرائد والقوي الذي لعبته مصر في مؤتمر كمبالا الأخير بدعم وحدة السودان بقوة‏,‏ إضافة لمساهمتها الفاعلة في حل مشكلة دارفور وكذلك الدور المصري الكبير خلال قمة كمبالا من خلال إجماع القادة الأفارقة بطي ملف المحكمة الجنائية‏.‏
ويضيف‏:‏ حظي السودان بأهمية خاصة ومقدرة في عقلية صانع القرار الرسمي في الشقيقة مصر‏,‏ وكانت السياسة المصرية تجاه السودان من بواكير السياسات الخارجية التي رسمها صناع القرار في مصر خلال العصر الحديث حيث إتسمت السياسة المصرية تجاه السودان في السنوات الأخيرة بحرص مصر علي إقامة علاقة متوازنة مع جميع القوي السياسية السودانية هذا الدور مكن الشقيقة مصر بالتدخل الإيجابي والحميد في كثير من القضايا التي يمكن أن تقف حجر عثرة في طريق أمن ووحدة واستقرار السودان خاصة الأزمات السياسية التي مرت بشريكي الحكم في السودان‏(‏ المؤتمر الوطني والحركة الشعبية‏)‏ خاصة فيما يتعلق بتنفيذ بنود إتفاقية‏(‏ نيفاشا‏)‏ السلام الشامل حيث كان لمصر دور فعال ومؤثر جداي في تقريب وجهات نظر الطرفين مما أهلها لأدوار كبيرة في مجال المصالحة الوطنية وعدد من القضايا الأمنية الحساسة مثل مشكلة دارفور وحق تقرير مصير شعب جنوب السودان والمزمع إجراؤه في اليوم التاسع من الشهر الحالي‏.‏
وحول مستقبل دعوات الوحدة بين مصر والسودان يقول الدكتور أسامة زين العابدين بقسم العلوم السياسية بجامعة النيلين بالخرطوم‏:‏ للتاريخ دور فعال في تطوير علاقات الدول والشعوب إيجابا وسلبا‏.‏ وكثير من تلك العلاقات لا تفسر إلا في إطار تاريخي وللتاريخ دور فعال في أوضاع الدول الداخلية ورسم سياساتها الخارجية‏.‏
ووصفتالعلاقات السودانية المصرية بأنها تاريخية وأزلية‏,‏ حيث ارتبط تاريخ البلدين القديم ارتباطا وثيقا‏,‏ وكان الاتصال بين البلدين قائما منذ القدم وعبره انتشرت المجموعات السكانية شمالا وجنوبا‏,‏ وتداخلت وامتزجت الدماء والأعراق منذ عهود سحيقة‏,‏ ومنذ أقدم العصور سكنت علي ضفاف النيل في السودان الشمالي ومصر شعوب انصهرت فيما بينها وأصبحت تنتمي إلي جنس واحد‏,‏ وكان لهذا التمازج والانصهار والاختلاط الأثر الفعال علي مختلف مظاهر الحياة في البلدين‏.‏ ويضيف أنه يحاول في بحثه أن يستقرئ مستقبل العلاقات بين البلدين في إطار ذلك الإرثالتاريخي الضخم لاسيما إذا انفصل جنوب السودان عن شماله بعد الاستفتاء المزمع قيامه في‏9‏ يناير‏2011,‏ والانفصال هو القضية الأساسية التي أسس عليها الباحث ورقته‏,‏ ووزعت مادة هذا البحث علي أربعة محاور‏.‏ يتناول المحور الأول الجغرافيا السياسية للبلدين‏,‏ بينما يتناول المحور الثاني تاريخ العلاقات بين البلدين عبر العصور باختصار‏,‏ ويتناول المحور الثالث نقاط التقارب والابتعاد عبر العصور التاريخية المختلفة باختصار‏,‏ أما المحور الرابع فإن الباحث يحاول فيه رسم صورة العلاقاتالسياسية المشرقة متجاوزا بذلك نقاط الابتعاد وتحييدها وتطويع نقاط التقارب بين البلدين لدعم دعوات الوحدة السياسية بين البلدين بعد انفصال جنوب السودان عن شماله بعد الاستفتاء‏.‏
وحول حق تقرير المصير لجنوب السودان وأثره علي دول حوض النيل ومستقبل العلاقات المصرية السودانية يري الدكتور عبد القادر إسماعيل الباحث في الشئون الإفريقية أنه في الأغلب الأعم ينتهي حق تقرير المصير لكل القوي التي حصلت عليه في العالم بالاستقلال‏,‏ أما فيما يختص بالسودان فإن سيناريو جنوب السودان ورد في أدبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان بما يعكسه ذلك مستقبلا علي تغير توازنات القوي في منطقة القرن الإفريقي ودول حوض النيل‏,‏ بجانب أنه سيلقي بظلاله علي مستقبل العلاقات السودانية المصرية لذلك حرصت مصر منذ بدايات مفاوضات الحزمة والحركة علي حق تقرير المصير حرصا منها علي أن ذلك الأمر قد ينتهي بانفصال جنوب السودان خاصة أن القوي الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تسعي لذلك‏.‏
ولقد جاء توقيع بروتوكول ماشاكوس في‏20‏ يوليو‏2002‏ بالعاصمة الكينية نيروبي فيما بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية والدول الأخري في منظمة الإيجاد لكي يبرز علي سطح الحياة السياسية الدور الرئيسي لمواقف الدول الأساسية والفاعلة في المنطقة وعلي رأسها مصر التي تربطها علاقات أزلية مع السودان بجانب الجوار الجغرافي وتداعيات الأمن المصري الذي سينعكس حتما عليها عند انفصال جنوب السودان وبالتالي فلا يمكن إغفال ما يجري علي جنوب السودان من تداعيات قد تنتهي بإيجاد دولة إفريقية جديدة ضمن دول حوض النيل وإخراج السودان من المعادلة العربية‏,‏ وبالتالي سعت مصر خلال فترة الحكم الذاتي لجنوب السودان أن تجعل خيار الوحدة جاذبا للقوي الجنوبية‏,‏ فهل يمكن القول بأن مصر كدولة رئيسية وفاعلة في المنطقة نجحت في ذلك؟
وتطرح ورقة إسماعيل العديد من التساؤلات‏:‏ ماذا لو استقل جنوب السودان؟ ما أثر ذلك علي توازنات القوي في منطقة القرن الإفريقي؟ وما أثر ذلك علي إطار إيجاد دولة إفريقية جديدة في حوض النيل؟ وهلي ستوافق علي المعاهدات التاريخية لمياه النيل؟ ما أثر انفصال جنوب السودان علي العلاقات المصرية السودانية بشكل عام؟ هل يمكن القول بأن الدول الإفريقية سوف توافق علي الاتفاقيات التي عقدتها مصر خلال تاريخها الطويل مع السودان كاتفاقية مياه النيل‏1959‏ ؟ أم أن الدولة الوليدة سوف تدخل في مفاوضات جديدة؟ ماذا عن قناة جونجلي التي كان من المقرر أن ينتهي العمل منها خلال السنوات الماضية والتي كانت ستمد مصر بما يوازي‏9‏ مليارات متر مكعب من المياه؟ ماذا عن الدولة الإفريقية الجديدة من اتفاقيات مياه النيل؟ ماذا عن موقف الدولة الإفريقية الوليدة ودول الجوار السوداني؟ كيف يمكن أن تواجه وضعها الجغرافي كدولة حبيسة؟ الأمن القومي المصري وتأثير الدولة الوليدة عليه؟ كل تلك الإشكاليات تطرحها الورقة في محاولة لاستشراف المستقبل والسيناريوهات المطروحة في المنطقة وأثرها علي العلاقات المصرية السودانية‏,‏ وحول إمكانية العمل السوداني المصري المشترك لاحتواء تداعيات الأزمة في حوض النيل يقول الباحث السوداني نادر التيجاني إن المياه هي جزء من الأمن القومي لأنها أصبحت من العوامل الأساسية للنمو الاقتصادي وكذلك صارت هاجسا دائما لكل دول العالم واصطلح علي هذا الهاجس بما يعرف بالأمن المائي ثم صارت قضية أمنية ذات أبعاد متعددة تتمثل في‏:'‏ البعد الاقتصادي والبعد الجغرافي والبعد السياسي والبعد القانوني‏'.‏
والبعد الاقتصادي واضح في دور المياه في كل من الزراعة والطاقة والنقل والصناعة فالمياه هنا ضرورية ضرورة الوجود‏,‏ إذ أن غيابها يعني بالضرورة غياب التنمية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية ضرورة من ضرورات الحياة‏(‏ وجعلنا من الماء كل شيء حي‏),‏ أما البعد الجغرافي للمياه فيرتبط بالبيئة الطبيعية من ناحية‏,‏ وبمعدلات زيادة السكان من ناحية أخري وجود المياه أو ندرتها عامل من عوامل المناخ أي وجود الأمطار أو قدرتها ثم الحاجة للمياه تزداد بازدياد حجم السكان‏.‏ لأن الاهتمام بهذه الحسابات الدقيقة يشكل الهاجس الذي قد يصير قضية أمنية والقضية الأمنية هذه تتفاقم بالبعد السياسي للمياه ومن المسلمات عند الاستراتيجيين أن هناك علاقة وثيقة بين الأمن المائي والاستقلال الاقتصادي والسياسي فالأمر قد يتفاقم فيعيب السيادة العليا للدولة‏,‏ ثم البعد السياسي هذا قد يمتد ليضيف بعدا قانونيا للمياه‏,‏ فأهمية المياه وضرورتها جعلتها مصدرا للتوتر والصراع بين بعض الدول المشتركة في حوض واحد‏.‏
فاستراتيجية الأمن القومي وفلسفتها الحديثة لم تعد هي الاستراتيجية الأمنية العسكرية فقط‏,‏ فالأمن العسكري والأمن المائي صنوان متلازمان متي ما افترقا تلاشت قوة الدولة وهيبتها وأصبح وجودها في خطر ماحق‏,‏ إذن ليس من الغريب أن تعلن إسرائيل بأن السلام مع العرب هو المياه للأرض وذلك لأن الاتفاق علي الأرض يعتبر المياه يعني أنه ليس هنالك اتفاق حقيقي للسلام‏.‏
إن أهمية المياه تمثل أحد المصادر الأساسية للصراع في حوض النيل الذي يشمل اثيوبيا وأوغندا وكينيا والكونغوا وتنزانيا ورواندا وبورندي كدول منبع والسودان كدولة مجري ومصر كدولة مصب ويعتبر السودان الناقل الأساسي لمياه النيل إذ ما يقارب‏75%‏ من طول نهر النيل داخل الحدود السودانية وهكذا أصبح السودان جزءا من أمن مياه النيل والأمن الغذائي المصري وبالتالي أمنها القومي بهذا التصور اصطبغت طبيعة العلاقات السودانية المصرية ولا بد من المستحيل لامتداد تداعيات الأزمة في حوض النيل وعمل مشترك وجدي ووضع استراتيجية لمواجهة الاستراتيجية المعدة مسبقا من دول الاستكبار‏.‏
إن صراع المياه بين المجري والمصب بدأ في فجر القرن الماضي واستمر حتي اليوم لهذا كانت المياه محورا للعلاقات الدولية بين مصر والسودان منذ ذلك التاريخ بدأ الصراع صراع حقوق تاريخية للمياه بين الحكم التركي وبريطانيا المستعمرة للسودان واستمر هذا الصراع حتي عام‏1929‏ حيث وقعت اتفاقية للمياه بين الطرفين أخذت مصر نصيب‏55‏ ألف متر مكعب سنويا‏.‏
وحول تداعيات تقرير المصير يري الدكتور محمود أبو العينين عميد معهد البحوث والدراسات الإفريقية أن التقسيم والانفصال من أبغض الحلول لتجنب الصراعات عند الدول والحكومات‏.‏ وقد اضطرت الأطراف المتصارعة في السودان‏(‏ الشمال والجنوب‏)‏ إلي تبني حق تقرير المصير كمبدأ أو مرجعية قانونية وسياسية لإنهاء الحرب الأهلية الطويلة في البلاد‏,‏ في إطار‏'‏ اتفاقية السلام الشامل‏'‏ الذي توصل له الطرفان في يناير‏2005.‏ غير أن ممارسة هذا الحق في الدول التعددية مثل السودان يعني الاستفتاء علي المستقبل السياسي لجزء أو إقليم من الدولة المستقلة‏,‏ وتؤدي الممارسة في الأغلب الأعم من الحالات إلي اختيار الانفصال والاستقلال‏,‏ بمعني تقسيم الدولة علي أسس عرقية‏.‏ والأمر‏,‏ سواء في حالة الانفصال أو الوحدة‏,‏ سوف يثير تداعيات كثيرة محتملة علي المستوي الإفريقي بصفة عامة‏,‏ حيث تعتبر حالة‏'‏ جنوب السودان‏'‏ أول حالة تمارس حق تقرير المصير ضد الدولة المستقلة في إفريقيا‏.‏ منذ التحرير من الاستعمار الأجنبي‏(‏ إذ لا تعد الحالة الإريترية سابقة‏,‏ بل حالة خاصة بهذا الشأن كانت لها ظروفها‏).‏
وحول العلاقات السودانية الأوغندية يري الدكتور أسامة عبد الرحمن عميد كلية الدراسات التقنية بجامعة الزعيم الأزهري أن العلاقات بين السودان وأوغندا شهدت ازمات ومشاكل متعددة منذ استقلال البلدين‏,‏ فأوغندا الصغيرة التي تبلغ مساحتها‏37‏ الف كلم مربع حكمت عليها الجغرافيا بأنها تجاور السودان من الناحية الجنوبية‏,‏ والسودان البلد الشاسع المترامي الأطراف شهد جنوبه كما نعلم جميعا حربا أهلية طاحنة ابتداء من عام‏1955‏ م‏,‏ مع ملاحظة ان القبائل التي تقطن شمال أوغندا وجنوب السودان هي قبائل مشتركة لها جذور في كلا البلدين‏,‏ وعليه فان العلاقة بين السودان وأوغندا تكتسب أهمية خاصة وعلي البلدين إدراك أهمية العلاقات السلمية بينهما من اجل مصلحة البلدين وشعبهما بل ومصلحة المنطقة بأكملها‏.‏ويري أن مصرهي بكل تأكيد عاملا حيويا مساعدا في تقوية العلاقات السودانية الأوغندية وبالتالي ضمان استقرار وامن المنطقة‏,‏ وبغض النظر عن المواقف الآنية لأوغندا يجب ان يتصل السوداني المصري الأوغندي من اجل علاقات متينة مع أوغندا لتحقيق الاستقرار في أوغندا ولمصلحة البلدان الثلاثة والقارة الإفريقية اجمع‏.‏ وحول المواقف الإقليمية من انفصال جنوب السودان يري الدكتور أيمن السيد شبانة بمعهدالبحوث والدراسات الإفريقية أنه عندما يتوجه الناخبون الجنوبيون صوب صناديق الاقتراعللاختيار بين التصويت لصالح الوحدة أو الانفصال في الاستفتاء المزمع إجراؤه‏,‏ وفق بنود اتفاق السلام الشامل في نيفاشا‏(9‏ يناير‏2005).‏ ستمثل نتيجة هذا الاستفتاء أمرا شديد التأثير‏-‏ سلبا وإيجابا‏-‏ ليس بالنسبة لمستقبل الدولة في السودان فحسب‏,‏ وإنما بالنسبة للقارة الإفريقية ككل‏,‏ شعوبا ودولا وتنظيمات قارية وإقليمية فرعية‏.‏ ومن ثم يجتذب هذا الاستفتاء اهتمام الأطراف الإقليمية كافة في القارة الإفريقية‏,‏ حيث تتحسب دول الجوار الجغرافي للتداعيات المحتملة لنتائج هذا الاستفتاء علي أمنها القومي‏,‏ خاصة إذا ما جاءت نتيجة التصويت لصالح انفصال الجنوب السوداني‏.‏ إذ من المتوقع أن يلقي انفصال الجنوب بكثير من التداعيات السلبية علي السلامة الإقليمية والوحدة الإقليمية لتلك الدول‏,‏ وذلك نتيجة لما قد يرتبه ذلك من ازدياد نبرة الحركات الانفصالية في القارة في دول‏,‏ وخاصة إثيوبيا منها وأوغندا‏,‏ ونيجيريا‏,‏ وغيرها‏.‏ وكذا من المتوقع أن تكون هناك تداعيات سلبية بالنسبة لمسألة التعاون المائي بين دول حوض النيل‏,‏ لا سيما بالنسبة لشمال السودان ومصر‏.‏
أما علي مستوي التنظيمات الإقليمية‏,‏ فليس من شك في أن انفصال الجنوب السوداني‏,‏ من شأنه التأثير علي مستوي التماسك المؤسسي للتنظيمات الإقليمية التي تدخل السودان في عضويتها‏,‏ لا سيما الاتحاد الإفريقي‏,‏ وجامعة الدول العربية‏,‏ وإيجاد‏,‏ وكوميسا وغيرها‏.‏ فإلي أي تنظيم من المتوقع أن تنتمي دولة جنوب السودان حال إعلان قيامها‏.‏ وكيف ستواجه تلك التنظيمات التداعيات المحتملة للانفصال‏-‏ حال حدوثه‏-‏ علي التماسك المؤسسي لها‏,‏ وكذا علي الاستقرار السياسي والأمني في المحيط الإقليمي للتنظيم‏.‏ وتشمل تلك الأطراف كلا من الاتحاد الإفريقي‏,‏ والجامعة العربية‏,‏ وإيجاد‏.‏ كما تشمل كلا من‏:‏ إثيوبيا‏,‏ وكينيا‏,‏ وإريتريا‏,‏ وأوغندا‏,‏ ومصر‏,‏ وليبيا‏,‏ وتشاد‏,‏ وإفريقيا الوسطي‏,‏ والكونغو الديموقراطية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.