وزير التنمية المحلية يوجه المحافظات بتطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة بكل قوة وحزم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    أكاديمية الشرطة تواصل تنظيم ورش العمل التدريبية لطلبة الجامعات المصرية والكوادر الشبابية بوزارة الشباب والرياضة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    أسعار الذهب فى مصر.. عيار 21 يسجل 3100    «عايزة رجالة».. دعوات لمقاطعة البيض بالأقصر بعد ارتفاعه ل180 جنيها: «بلاها لمدة أسبوع» (صور)    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة المصرية    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات شرق النيل    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    مصدر رفيع المستوى: مصر حذرت مرارا من تداعيات عزم إسرائيل اقتحام رفح    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    الهدوء يسود انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة    القبض على لصوص الكابلات الكهربائية وبطاريات السيارات بعدد من المحافظات    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    الصحة: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باحثون وخبراء ومهتمون يؤكدون ضرورة البحث عن صيغة مثلي لتحقيق التقارب المصري السوداني

بحثت ندوة العلاقات المصرية السودانية التحديات الراهنة في علاقة البلدين علي ضوء التطورات والظروف الراهنة في السودان‏,‏ وطرح عدد كبير من الباحثين والخبراء والمهتمين آراءهم حول مستقبل وآفاق هذه العلاقة وسبل دعمها وتقويتها‏.‏
وحدة المصير
وقال الدكتور السماني النصري نائب مدير مركز الدراسات والبحوث السودانية بجامعة الزعيم الأزهري بالسودان الوحدة هي الامر الطبيعي والتلقائي والفصل هو المتغير أو المستحدث والمفروض‏,‏ بمعني أن وحدة وادي النيل هي أمر حتمي متي مازالت أسباب التجزئة وهي متعلقة بعوامل خارجية وأخري داخلية‏,‏ ومها كانت نتيجة استفتاء الجنوب في يناير‏2011‏ م‏,‏ سواء انفصل الجنوب أو ظل السودان موحدا فإن المستقبل يشير إلي أن وحدة وادي النيل أمر حتمي لضمان وجود شعب وادي النيل‏..‏ ففي عصر التكتلات الاقليمية والدولية تذوب الدولة الوطنية وتصبح مجرد ذيل لهذه المجموعة أو تلك‏.‏ إن وحدة التاريخ والمصير والهوية و‏...‏ إلخ تؤكد أن الحاضر بكل قتامته سيوصل إلي نهاية النفق المظلم حيث يطل النور من الجانب الآخر‏,‏ نعم نحن مازلنا في منتصف النفق ولكننا سائرون الي نهايته‏.‏علي الرغم من دعوات الانفصال أو التجزئة في الماضي والحاضر إلا أن ما يوحد شعب وادي النيل أقوي وأقدر علي الصمود‏,‏ عليه فإن المنطقة من البحر الأبيض وحتي الاقليم الاستوائي علي الشريط النيلي ستصبح دولة واحدة في زمن قادم‏,‏ ربما لا يعيش ابناؤنا أو أحفادنا هذا الحلم ولكنه يوما ما سيتحقق وعلينا أن ننزع عنا روح اليأس لنؤسس لأجيال الغد طريقا يسيرون فيه الي وحدة وادي النيل‏.‏
علاقات تعاونية
وحول جنوب السودان وخيارات المستقبل قالت الدكتورة أماني الطويل الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنها تنطلق من فرضية نظرية تقول بأن يسفر استفتاء جنوب السودان المزمع عقده في‏9‏ يناير المقبل عن تقسيم السودان إلي دولتين في سياق من التراضي والتوافق بين الشمال والجنوب علي هذا المسار‏,‏ وهو الافتراض الذي تعززه خطوة تأجيل الاستفتاء علي منطقة أبيي التي اقترحتها الإدارة الأمريكية ورعاية واشنطن لهذه الخطة‏.‏
كما تفترض الورقة أيضا وعلي عكس التوقعات السائدة أن تقوم علاقات تعاونية مابين الشمال وجنوب السودان علي المستويين القصير والمتوسط بينما تتحدد العلاقات المستدامة بين الطرفين طبقا لتفاعلات هذه المرحلة الأولي من العلاقات علي المستوي الداخلي وطبيعة التدخلات الخارجية وخصوصا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وتأثيرها علي العلاقات الثنائية بين الشمال والجنوب من جهة وشمال السودان منفردا من جهة أخري‏,‏
وتستند الطويل إلي عاملين‏,‏ الأول‏:‏ الأسباب الدافعة لفرضية العلاقات التعاونية بين شمال وجنوب السودان علي المستويين القصير والمتوسط
الثاني‏:‏ التحديات التي يفرضها استقرار الجنوب تحت مظلة التدخل الخارجي في النطاقين الإقليمي والمصري‏.‏
أولا‏:‏ أسباب العلاقات التعاونية
الدور المحوري للبترول الذي يلعبه في كل من اقتصادات الشمال والجنوب وحتمية التعاون خاصة في المرحلة الأولي‏.‏
‏-‏ توازنات القوي الجنوبية في جنوب السودان والتي تجعل الحركة الشعبية ذات وزن نسبي أعلي من باقي الفرقاء الجنوبيين لاعتبارات مرتبطة بطبيعة التسليح الذي حصلت عليه خلال الفترة الانتقالية‏,‏ وطبقا لذلك ستعزز قدراتها في حسم أي صراعات محتملة مدعومة من المجتمع الدولي الذي سيقوم بتحييد العامل الشمالي في إيجاد القلاقل بالجنوب وذلكعبر فتح ملفات دارفور والمحكمة الجنائية الدولية‏.‏
‏-‏ مقدمات الحوار السياسي بين القوي الجنوبية والذي تم في يوليو الماضي حيث لعبت الوحدة الإثنية الزنجية عاملا حاسما في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء التاريخيين وهو الأمر الذي يفتح امكانية إدارة الجنوب في مناخ سلمي رغم التقاطعات القبلية والسياسية‏.‏
‏-‏ الإسناد اللوجستي الذي تحظي به الحركة الشعبية من المجتمع الدولي خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ والذي يتضمن دعم القدرات في كافة المجالات وهو الأمر الذي سيترتب عليه دخول استثمارات أمريكية للجنوب لاسيما في مجال النفط وبالتالي دعم القدرات التنموية لدولة الجنوب الوليدة‏.‏
‏-‏ دور العامل الإسرائيلي في دعم الحركة الشعبية وإسنادها أمنيا وعسكريا ضد القوي الجنوبية الأخري بحسبان أن المصالح الاستراتيجية الإسرائيليةتقتضي جنوبا موحدا قادرا علي بلورة سياسات محددة خصوصا فيما يتعلق بنهر النيل في وقت لايملك الجنوبيون أسبابا أو دوافع أخلاقية لمعاداة إسرائيل والاستناد الي تقدير أن الصراع العربي الإسرائيلي لايخصهم‏,‏ وينسحب هذا التقدير تاريخيا علي معظم القوي الجنوبية‏.‏
ثانيا‏:‏ التحديات التي تفرضها دولة الجنوب علي النطاقين الإقليمي والمصري
وتري أن السياسات المصرية إزاء السودان اتجهت الي تحسب إمكانية انفصال الجنوب مستندة في ذلك في فهم ومتابعة لجذور المشكلة من جهة وتوازنات القوي المستجدةوالناتجة علي اتفاقية نيفاشا من جهة أخري‏.‏ وطبقا لذلك حرصت القاهرة علي بناء علاقات تعاونية منفصلة مع جنوب السودان مع تأكيدها دعم خيار الوحدة وذلك دون المساس باحترامها لخيارات شعب جنوب السودان سواء في الوحدة أو الانفصال‏.‏
ورغم هذا الموقف الاستباقي الا أن القاهرة تواجه إمكانية تخريب علاقاتها التعاونية مع جنوب السودان وذلك من قوي إقليمية متربصة خصوصا إسرائيل‏,‏ كما سوف تتكثف الضغوط ضدها خصوصا في ملف نهر النيل‏,‏ ومن المتوقع أيضا ان تواجه مشكلات متعلقة بمحاولة التوازن بين شمال وجنوب السودان في ضوء الانعكاس السلبي للعلاقات التعاونية مع الجنوب علي الشمال خلال الفترة الماضية‏.‏
مقومات دولة الجنوب
وفي بحثه المقدم للندوة تساءل الدكتور فرج عبد الفتاح فرج عن المقومات الاقتصادية لولايات الجنوب السوداني‏,‏ وهل تملك هذه الولايات المقومات اللازمة لاستكمال البناء الاقتصادي في حالة تقرير الانفصال؟ ومن ناحية أخري فإن الورقة تنبري للإجابة عن تساؤل أساسي‏,‏ ألا وهو ما هي فرص الاستثمارات المباشرة في الولايات الجنوب؟
وللإجابة علي هذه التساؤلات فاننا نفترض فرضا أساسيا نسعي لإثبات صحته وبالتالي قبوله‏,‏ أو اثبات عدم صحته وبالتالي رفضه ان فرضنا الأساسي في هذه الورقة أن ولايات الجنوب وعلي الأخص الهياكل المؤسسية التي أنشأتها حكومة الجنوب كفيلة بإقامة قوام اقتصادي في الجنوب يشكل دولة‏,‏ كما أننا ذهبنا أيضا لبحث فرض آخر يقوم علي أن هناك فرصا في جنوب السودان لجذب الاستثمارات المباشرة‏,‏ ويأتي في مقدمة هذه الاستثمارات‏,‏ الاستثمارات المصرية‏0‏
وعرض فرج وجهات النظر المختلفة في هذا الموضوع وهي وجهات نظر مختلفة اختلافا كليا‏,‏ ثم قمنا بتمحيص أسانيد كل فريق بهدف الوصول لنتائج منطقية للتدليل علي صحة الفرضية أو رفضها‏,‏ أما القسم الثاني من الورقة فقد خصصه لعرض فرص الاستثمارات ومجالاته في جنوب السودان حال قيام دولة الجنوب لننهي الورقة بخاتمة تشتمل علي النتائج الأساسية في ضوء الفروض التي وضعناها منذ البداية‏0‏
مياه الجنوب
وحول الموارد المائية في السودان في حالة انفصال الجنوب قال الدكتور عباس شراقي بقسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية ان الموارد المائية في السودان تتكون من مياه الأمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية‏,‏ وتقدر كمية المياه العذبة المتجددة السطحية في السودان بمقدار‏149‏ مليار متر مكعب سنويا‏,‏ منها‏80%‏ تأتي عبر الحدود من دول المنبع‏,‏ والباقي‏20%‏ داخليا من الأمطار التي تصل إلي‏1042‏ مليار متر مكعب سنويا‏,‏ ويتركزمعظمها في جنوب السودان‏.‏
وأضاف‏:‏ تقدر المياه الجوفية المتجددة بحوالي‏6‏ مليارات متر مكعب سنويا‏,‏ أهمها خزان الحجر الرملي النوبي في شمال السودان والذي يغطي‏28%‏ من مساحة البلاد‏,,‏ وأم روابا في وسط وجنوب السودان‏.‏ والمستخدم من المياه الجوفية لا يتعدي‏2,1‏ مليار متر مكعب سنويا‏.‏ وتصل مساحة جنوب السودان طبقا لاتفاق‏1956‏ إلي حوالي‏640‏ ألف كم‏2,‏ أي ما يعادل‏25%‏ من إجمالي مساحة السودان‏5,2‏ مليون كم‏2,‏ ويقدر عدد سكان الجنوب ما بين‏8‏ إلي‏10‏ ملايين نسمة من إجمالي‏2,43‏ مليون نسمة طبقا لمكتب المراجع السكانية لعام‏.2010‏
وناقشت ورقته توزيع المياه السطحية في السودان وعلاقته بالطبيعة الجيولوجية لكل من الشمال والجنوب‏,‏ ومدي احتياج كل منهما لهذه المياه‏,‏ وكذلك مناقشة التوزيع الجغرافي لمياه الأمطار ومدي الاستفادة منها‏.‏ وفي حالة انفصال الجنوب‏,‏ ما هو مدي احتياج الجنوب للمياه السطحية؟ وما هي الظروف الطبيعية خاصة الجيولوجية في منطقة الجنوب؟ وماهو مدي تحكم الجنوب في توزيع المياه‏,‏و أيضا تقييم السدود الحالية في السودان‏,‏ ومناقشة أهم المشروعات المائية المستقبلية في السودان والتي من شأنها زيادة كمية الموارد المائية والطاقة الكهربائية لكل من مصر والسودان‏(‏ شمالا وجنوبا‏).‏ وفي بحث الدكتور محمد سالمان طايع حول تأثير الانفصال المحتمل في جنوب السودان علي أزمة مياه النيل قال إنه وبقدر ما تنطوي عملية اتفاقات‏:‏ ماشاكوس ونيفاشا وتقاسم السلطة‏,‏ من بوادر لاستمرار وحدة السودان‏,‏ فإنها وفي الوقت نفسه تحمل في طياتها بذور الانقسام‏,‏ وتترك الباب مفتوحا أمام احتمالات الانفصال من خلال تأكيدها علي حق شعوب الجنوب في تقرير مصيرها في مدة انتقالية مدتها ستة أعوام من توقيع اتفاق السلام‏.‏ ومن ثم‏,‏ فإن مخاطر حدوث انفصال مبكر واردة بشكل كبير‏,‏ خاصة بعد خروج الجيش الحكومي السوداني من الجنوب خلال عامين ونصف بعد توقيع الاتفاق‏.‏ فضلا عن أن تلك الاتفاقات تساعد علي تعميق التباينات الجهوية والعرقية والإثنية بين الشمال والجنوب‏,‏ وتضيف بعدا جديدا إلي‏'‏ الصراع الاجتماعي الممتد‏'(‏ الذي كان دائرا بين الشمال والجنوب طيلة واحد وعشرين عاما‏,‏ ألا وهو البعد الاقتصادي‏,‏ من خلال النص في مواثيق تلك الاتفاقات علي صيغة محددة لتقاسم الثروة النفطية‏.‏ وهذه مسألة خطيرة‏.‏ إذ انها تنظر إلي موارد البلاد نظرة دون قومية‏.‏
التخلف والفقر
ويري الدكتور فيصل محمد موسي في بحثه عن استغلال فائض المياه والطاقة في حوض النيل ان تقسيم المياه في دول حوض النيل كان قائما علي اساس التعداد السكاني ومساحة الارض المزروعة فعلا ولذلك حظيت مصر والسودان بنصيب اكبر من المياه الذاهبة الي المصب حيث ان بعض الدول الافريقية الان تطالب باعادة النظر في مصب المياه ونسبة للتوتر القائم بين الشمال والجنوب في السودان فان امكانية العمل المصري السوداني المشترك لاحتواء تداعيات الازمة في حوض النيل لابد ان يراعي ظروف الدول الافريقية دول المنبع الاقتصادية والسياسية واري ان يقوم هذا العمل علي توثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول حوض النيل وخلق تعاون اقتصادي واجتماعي يقوم علي الاستفادة المشتركة من فائض المياه لحل ازمتي الغذاء والمياه بحيث يساعد ذلك في النهوض بشعوب تلك الدول واخراجها من حالة التخلف والفقر وتناولت ورقته سبل معالجة هذه النقاط
‏1‏ العلاقات الازلية بين دول حوض النيل‏.‏
‏2-‏ حصر الاراضي الزراعية المزروعة والتي هي قابلة للزراعة في كل من مصر والسودان واثيوبيا والاشارة الي زيادة التعداد السكاني بين البلدين‏.‏
‏3-‏ بروز مشكلة المياه والغذاء في العالم‏.‏
‏4-‏ الاشكالية بين دول المنبع والمصب والمناداة بزيادة حصص بعض الدول والاستفادة من مياه النيل حسب احتياجات الدول‏.‏
‏5-‏ توظيف جزء من عائدات البترول في مصر والسودان باعمار المشاريع الزراعية وخاصة مشروع الجزيرة مشروع الرهد ومشروع الزيداب ومشروع كنانة والمساعدة في رعاية وتربية المواشي بصورة اكثر حجما مماهو عليه‏.‏
‏6-‏ المساعدة في اقامة بعض السدود لانتاج الكهرباء التي تساعد في ري بعض الاراضي الصالحة في الزراعة وتوفير الغذاء‏.‏
‏7-‏ تأهيل مصانع السكر والنسيج في السودان ومصر‏.‏
‏8-‏ فتح مجالات للبحث العلمي لدول حوض النيل في الجامعات المصرية والسودانية وتقديم منح للمتقوقين وخاصة منح الازهر الشريف‏.‏
‏9-‏ انشاء سوق افريقية مشتركة وازالة الحواجز الجمركية
أما عن تأثير انفصال جنوب السودان علي مصالح مصر الاستراتيجية فتري الباحثة السودانية نازك عبد الحميد هلال أنهرغم كثرة الدراسات عن العلاقات الأزلية بين مصر والسودان‏,‏ والمصالح الاستراتيجية المشتركة لكلا البلدين‏,‏ إلا أن مساحة التداخل في دائرتي الأمن القومي في البلدين ترتكز علي عناصر مشتركة محددة كانت هي المحرك لاتفاقية الدفاع المشترك‏,‏ التي وقعها الطرفان في عهد الرئيسين محمد أنور السادات وجعفر محمد النميري‏,‏ ثم ألغيت في العهد الحزبي الثالث في السودان خلال الفترة من‏1986‏ م حتي‏1989‏ م‏,‏ وتتركز عناصر الأمن القومي المشترك بين البلدين في محاور محددة‏,‏ هي المياه والعمق الاستراتيجي الأرضي والفضائي والبشري المشترك بينهما‏,‏ فقد كانت مصر نشطة وفاعلة في تحريك هذه العناصر بما يخدم مصالحها الاستراتيجية‏.‏
وتضيف أن السودان بالنسبة لمصر يشكل أهمية استراتيجية خاصة‏,‏ حيث إنه ملتقي روافد نهر النيل القادمة من اثيوبيا عبر النيلين الأبيض والأزرق لتعبره في اتجاه مصر‏,‏ ولقد حظيت العلاقة المائية بين البلدين باهتمام خاص لاعتبارات الجغرافيا والتاريخ والدين واللغة والمصاهرة‏,‏ فضلا عن الموقع السياسي للسودان بالنسبة لمصر‏,‏ يضاف إلي ذلك كونهما دولتي مصب‏,‏وتري أن ما يواجهه السودان من حق تقرير المصير لجنوب السودان لن تتوقف مآلاته علي السودان فحسب بل علي دول الجوار الافريقي‏.‏
أطول حرب
وتري الباحثة السودانية إجلال عبد اللطيف حسن بمركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية بالخرطوم إن الاتفاق علي استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان كمبدأ اساسي نتج عن تسوية سياسية تمت عبر مراحل متعددة بين طرفي اتفاقية السلام الشامل بنيفاشا‏,‏ وبالتحديد حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان وذلك بهدف اقرار السلام ووقف نزيف الحرب التي استمرت علي مدي مرحلتين طويلتين وكانت اطول حرب في القارة الافريقية‏.‏ وقد ورد تقرير المصير في البند الثالث من الجزء‏(‏ أ‏)‏ الخاص بالمبادئ في بروتوكول مشاكوس وتم تفصيله في الجزء‏(‏ه‏)‏ من البرتوكول بحيث يتم تطبيقه في نهاية الفترة الانتقالية ومدتها‏(6)‏ سنوات من خلال التصويت علي خيار الوحدة او الانفصال‏.‏
وتناولت دراستها تأثير انفصال جنوب السودان علي مياه النيل من خلال دراسة استشرافية للمستقبل‏,‏ وما يحدث من تطورات وأحداث ذات تداعيات كبيرة علي مستقبل البلدين‏.‏
وتقول إن دراستها تهدف إلي توضيح أن اقامة دولة في جنوب السودان من شأنه أن يفاقم الأزمة تجاه مياه النيل بين دول المنبع والمصب ويفرز معطيات ومواقف جديدة‏.‏
وتنطلق الدراسة من فرضية مفادها‏:‏ إن انفصال جنوب السودان له تأثيرات كبيرة علي ملف المياه‏,‏ وتفترض الدراسة ان جنوب السودان كدولة من حقه أن يوقع علي اتفاقيات تخص مياه النيل‏,‏ وقد يتم استقطابه مع الدول التي ترفض اتفاقية مياه النيل ضد مصر والسودان‏.‏
إذا انفصل الجنوب في دولة مستقلة عن السودان فالأرجح أن التأثير المصري سيضمحل علي الدولة الجديدة وستضعف سيطرتها علي مصالحها المائية‏.‏
وحول مستقبل العلاقات المصرية السودانية في حالتي الوحدة والانفصال تري الدكتورة اعتدال محمد أحمد الأمين بكلية العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري أن العلاقات منذ التاريخ القديم وستظل ازلية لما للبلدين من إرث وتاريخ مشترك قام علي اساس الترابط والتأثير والتأثر‏.‏ وقد شهدت تلك العلاقات الكثير من الاحداث والتطورات الايجابية منها والسلبية ولكن يظل عمق العلاقة قويا في كل الاحوال‏.‏ والاحداث الحالية في الساحة السياسية السودانية المترتبة علي منح الجنوبيين حق تقرير المصير وفقا لاتفاق نيفاشا سيفرز الكثير من الاثار مما يستوجب النظر للعلاقات المصرية السودانية بعين المصالح المتبادلة وذلك في حالتي الوحدة والانفصال‏.‏ فالنظر الي الجوانب المختلفة لتلك العلاقات وعلي رأسها الجوانب الاقتصادية والسياسية والامنية والتي كانت دوما اساسا للعلاقة بين البلدين تصبح من الضرورة بمكان حيث ان التنسيق والتعاون في هذه المجالات يجنب البلدين الكثير من الاثار التي قد تترتب علي منح الجنوبيين حق تقرير المصير‏.‏ عليه تأتي هذه الورقة لتناول العلاقات المصرية السودانية في حالتي الوحدة والانفصال‏.‏
تركيبة هشة
وحول المشكلات السودانية وتداعياتها علي الأمن القومي المصري يري الدكتور خالد عبد الله أحمد درار من كلية الآداب بجامعة افريقيا العالمية أن السودان يواجه منذ فترة ليست بالقصيرة تحديات معقدة ومتداخلة من شأنها أن تؤدي إلي تجزئته إلي دويلات هشة متناحرة فيما بينها إما لأسباب داخلية تعودة إلي التركيبة الهشة لتلك الدويلات‏,‏ وإما لمحفزات خارجية سواء كانت إقليمية أو دولية‏.‏ وفي كل الأحوال لن تكون جمهورية مصر العربية بمنأي عن التداعيات السالبة للمشكلات السودانية بوجه عام ومشكلتي جنوب السودان ودارفور علي نحو خاص‏.‏
فاستفتاء شعب جنوب السودان ونتيجته سيكون له تأثيره الفاعل علي مصر علي المستوي البعيد خاصة فيما يتعلق بمياه النيل‏,‏ حيث سيتم استقطاب الدولة الجديدة في حال فوز خيار الانفصال الذي أصبح شبه مؤكد ما لم يحدث تغيير في مواقف القوي الدولية الفاعلة في المسرح السياسي الدولي خاصة الولايات المتحدة إلي جانب إسرائيل‏-‏ باتجاه دول شرق إفريقيا خاصة تلك التي وقعت علي اتفاق عنتيبي وسيكون موقف الدولة الجديدة مساندا لمواقف تلك الدول في مواجهة الموقف المصري والسوداني‏.‏
كذلك إذا سارت قضية دارفور علي غرار قضية جنوب السودان فإن مصر ستتأثر حتما لأن العدوي لن تتوقف عند دارفور وإنما ستتمدد إلي المناطق الأخري من السودان ودول الجوار التي تعيش أوضاعا معقدة أيضا‏,‏ وبالتالي فإن المنطقة الإقليمية برمتها سترتبط بمآلات الأوضاع في السودان تأثيرا وتأثرا‏.‏
ويقول‏:‏ مثلما لبعض دول الجوار مواقف مؤيدة لتقسيم السودان حاليا إلي دولتين بحكم مصالحها مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا فإن لدول أخري مصلحة استراتيجية في بقاء السودان موحدا خاصة مصر علي اعتبار أن السودان يمثل عمقا استراتيجيا لمصر وأن أي تغييرات عميقة فيها ستنعكس سلبا علي الأمن القومي المصري خاصة إلي كانت الرؤية بعيدة المدي‏,‏ لذلك كان يعول علي مصر في اتخاذ العديد من المواقف لمساعدة السودان خاصة فيما يتعلق باستثمار علاقاتها الايجابية مع الولايات المتحدة وتطبيعها مع إسرائيل‏,‏ ولكن يري كثير من الخبراء والمراقبين أن الدور المصري لم يرتق إلي مستوي التحديات والآمال المعقودة عليها في مساعدة السودان في مواجهة التحديات الماثلة خاصة تلك التي تحرك من قبل قوي إقليمية ودولية‏.‏
ويضيف‏:‏ إيمانا بأهمية الدور المصري في دعم السودان ومساعدته علي معالجة تلك القضايا بما يعود بالنفع علي البلدين‏,‏ تأتي هذه الورقة التي تتناول المشكلات السودانية وتأثيراتها علي جانب المصري بالتركيز علي قضية جنوب السودان‏(‏ الاستفتاء‏)‏والوقوف علي الجهود المصرية في تسويته‏,‏ وقوفا علي التأثيرات التي قد تنجم عن انفصال الجنوب خاصة فيما يتعلق بمسألة مياه النيل‏.‏ إضافة إلي المجهودات المصرية المتعلقة بتسوية قضية دارفور‏.‏ وستتناول الورقة أيضا المساعدات التي يمكن أن تقدمها مصر للسودان في سبيل مواجهة المشكلات والتحديات الماثلة‏,‏ والكروت التي يمكن أن يستفيد الجانب المصري منها في مساعدة السودان علي الصعيد الإقليمي والدولي‏.‏
بحث عن صيغة
ويري الدكتور مصعب عبد القادر وداعة الله بجامعة النيلين بالخرطوم أن مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل التحديات الحاضرة التي تفرضها معطيات الواقع الإقليمي والمحلي علي الكثير من المجتمعات في منطقتنا العربية والإفريقية‏,‏ أو حتي علي مستوي فضاء العالم النامي‏,‏ تتطلب تضافر الجهود ورفع مستوي التجاوب بين الدول والمنظومات الإقليمية للاستفادة من خصائصها الاقتصادية والجيوستراتيجية والتاريخية وغيرها في ظل واقع دولي تحركه مصالح شديدة الغموض والتعارض‏.‏ هذا ما يفرض علي السودان ومصر كدولتين تربط بينهما العديد من الروابط أن يستثمرا ولأقصي درجة مشتركاتهما ليستفيد منها شعب وادي النيل في التنمية والاكتفاء والرفاهية‏,‏ فضلا عن تعزيز أمنه واستقراره‏.‏
وأكدت الدراسة أن أهم الشروط التي يجب توافرها حتي تتكامل الجهود السودانية المصرية في الاقتصاد والسياسة والأمن والخدمات‏,‏ وبالتالي خلق واقع اقتصادي‏/‏ سياسي قوي ومتماسك وقابل للاستمرار‏.‏ يتطلب ذلك بالضرورة الاهتداء بإخفاقات‏/‏ قصور التجارب السابقة‏,‏ وكذلك استصحاب كثير من المتغيرات الإقليمية والمحلية التي تستوجب البحث عن سبل أنسب للتعاطي أكثر وبجدية أكبر مع تحديات الحاضر والمستقبل الذي يعيشه البلدان الشقيقان‏.‏
ويدعو الباحث إلي البحث عن صيغة مثلي لتفعيل نهج من التقارب السوداني المصري‏,‏ أكثر إيجابية وملامسة للتحديات بمعني الاستفادة القصوي من الدور الرسمي والشعبي لكلا البلدين لرسم ملامح التواصل بشكل عملي ومباشر‏.‏ فالتحدي الحقيقي الذي يواجه النخب ومنظمات المجتمع المدني وصناع القرار في البلدين هو كيفية تقديم مقترحات طموحة وقابلة للتطبيق قائمة علي التنسيق وإدراك المهددات المشتركة كخطوة أولي رئيسة في مسيرة التعاون المشترك وتحقيق النهضة والتنمية الشاملة وتبادل الخبرات والمصالح والمقدرات‏.‏
ويؤكد أن المشتركات التاريخية والدينية والثقافية التي تخلق أرضية مشتركة بين السودان ومصر‏,‏ فضلا عن الواقع الجيوستراتيجي والتحديات المحلية والإقليمية‏,‏ كلها عوامل تدفع باتجاه حتمية التقارب والتنسيق المشترك علي أسس جديدة‏/‏ متجددة يفرضها الواقع المحلي والإقليمي والدولي‏.‏ لذا تصبح عملية إعادة رسم السياسات ورفع سقوف التقارب والتنسيق هي أهم خطوات تعزيز الاستقرار الإقليمي والتنمية والأمن لكلا الكيانين‏.‏
في هذا السياق‏,‏ تحاول الدراسة إلقاء الضوء علي تاريخ العلاقات السودانية المصرية في مختلف مراحلها التاريخية بغية كشف الإيجابيات والسلبيات‏,‏ وتحليل المواقف المختلفة حتي يمكن الوصول من ذلك إلي صيغة موائمة لاستثمار هذه العلاقة لأقصي الدرجات التي تمكن شعبي البلدين من الاستفادة منها علي النحو الأمثل‏.‏ فكثير من المعلومات يمكن توظيفها في هذا المنحي منها ما اشتملت عليه الاتفاقيات والبروتوكولات والتقارير الرسمية إلي غير ذلك من الدراسات والابحاث والمؤلفات التي تناولت العلاقات السودانية المصرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.