منذ فجر التاريخ، ارتبطت حياة المصريين بنهر النيل، شريان الحياة ومصدر الخصوبة والرخاء، وقد انعكست قدسية النيل في الأساطير القديمة، حيث اتخذ المصريون له إلهًا خاصًا سموه "حعبي"، بينما عرّفه الإغريق والرومان باسم "نيلوس"، الذي حمل صورة النهر في خيالهم وأصبح رمزًا للوفرة. وبين المعتقد المحلي والأسطورة الوافدة، ظل النيل حاضرًا باعتباره المعجزة التي تهب مصر الحياة عبر فيضانه السنوي. - الأسطورة بين مصر واليونان المصريون القدماء جسدوا النيل في صورة الإله حعبي، الذي يمثل فيضان النهر وتجدد الحياة. مع دخول الحقبة اليونانية والرومانية، انتشرت عبادة نيلوس، أحد أبناء "أوقيانوس" و"تيثيس" وفق الأساطير اليونانية. لم يكن نيلوس معبودًا محليًا، لكنه أصبح رمزًا عالميًا مرتبطًا بمصر وخصوبة أراضيها. - ملامح نيلوس في الفنون القديمة غالبًا ما يُصوَّر الإله نيلوس مضطجعًا، يمسك بيمناه سنابل القمح، وباليسرى قرن الخيرات المليء بالثمار. يظهر أحيانًا محاطًا ب 16 طفلًا صغيرًا، في إشارة إلى الرقم المثالي لارتفاع مياه الفيضان (16 ذراعًا). بعض التماثيل تُظهره مستندًا على فرس النهر، رمز النهر وقوته الكامنة. - التماثيل والنماذج المعروضة يحتفظ المتحف المصري بالقاهرة بتمثال فريد مصنوع بطريقة القالب من مادة التراكوتا (CG26677). التمثال يجسد نيلوس مستلقيًا على جانبه، في مشهد يدمج بين الراحة والوفرة، كناية عن عطايا النهر الدائمة. - رمزية فيضان النيل الفيضان كان أساس الزراعة، فبدونه لا خصوبة ولا حياة في مصر القديمة. الرقم 16 ذراعًا لم يكن مجرد قياس مائي، بل رمزًا للتوازن بين الغرق والجفاف. لذلك، ارتبطت عبادة النيل بالخير والرخاء، وصار الاحتفال بوفائه عادة سنوية تعكس عمق العلاقة بين الإنسان والنهر. من حعبي المصري إلى نيلوس اليوناني، ظل النيل أكثر من مجرد نهر؛ إنه أسطورة حية، رمز للعطاء والخلود، ومرآة لحضارة جعلت من الماء لغة حياة وطقسًا مقدسًا. اقرأ أيضًا | مدبولي: لا تنازل عن حقوق مصر المائية