ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    اعرف تحديثات أسعار الذهب اليوم السبت.. وهذه نصائح ضرورية عند التعامل    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في ذهاب نهائي إفريقيا والقنوات الناقلة    الأهلي والترجي| المارد الأحمر يسعى لتقديم مهر الأميرة السمراء في رداس    27 ألفا و120 طالبا وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية أمام 302 لجنة بأسوان.. اليوم    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    ارتفاع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 18 مايو 2024    جسم مجهول يصيب سفينة في البحر الأحمر    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    ذروة الموجة الحارة ورياح شديدة، الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتقدم 3 نصائح عاجلة    الأرصاد توجه رسالة عاجلة للمواطنين: احذروا التعرض للشمس    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    عاجل - "تعالى شوف وصل كام".. مفاجأة بشأن سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم في البنوك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    حكايات| «نعمت علوي».. مصرية أحبها «ريلكه» ورسمها «بيكمان»    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    رقص ماجد المصري وتامر حسني في زفاف ريم سامي | فيديو    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهر النيل المقدس عند أجدادنا المصريين
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 07 - 2021


كتب : ‬حسين ‬عبد ‬البصير
كان ‬نهر ‬النيل ‬مقدسًا ‬للغاية ‬فى ‬مصر ‬القديمة. ‬وكان ‬النهر ‬محميًا ‬بشكل ‬عظيم ‬وكافٍ ‬وبكل ‬السبل ‬والوسائل ‬من ‬المصريين ‬القدماء ‬ومن ‬الأرباب ‬المسؤولين ‬عن ‬حمايته. ‬وحرص ‬المصرى ‬القديم ‬على ‬حماية ‬النهر ‬وصيانته ‬والإفادة ‬من ‬مياهه ‬من ‬خلال ‬إنشاء ‬السدود ‬وشق ‬القنوات ‬والترع ‬والمصاريف ‬واستخدام ‬كل ‬الوسائل ‬الممكنة، ‬مثل ‬السقاية ‬والشادوف ‬والطنبور ‬غيرهما، ‬للإفادة ‬من ‬مياه ‬النهر ‬الخالد ‬وترشيدها ‬واستهلاكها ‬على ‬النحو ‬الأمثل. ‬وكان ‬المصرى ‬القديم ‬يقسم ‬فى ‬كتاب ‬الموتى: ‬اأنا ‬لم ‬ألوث ‬ماء ‬النهر؛ ‬مما ‬يدل ‬على ‬المكانة ‬العظيمة ‬والحماية ‬الكبيرة ‬التى ‬كان ‬يكنها ‬المصرى ‬القديم ‬فى ‬ووجدانه ‬وضميره ‬ومخيلته ‬لشريان ‬الحياة ‬فى ‬مصر، ‬نهر ‬النيل ‬الخالد.‬
ولقد ‬صوّر ‬الفكر ‬الدينى ‬المصرى ‬القديم ‬أن ‬روحًا ‬تكمن ‬وراء ‬هذا ‬نهر ‬النيل ‬العظيم، ‬تدفع ‬مياه ‬الفيضان ‬حاملة ‬الخصب، ‬كما ‬جاء ‬فى ‬هذا ‬النص ‬من ‬أنشودة ‬النيل:‬
اتحية ‬لك ‬يا ‬حعبي، ‬اخرج ‬من ‬هذه ‬الأرض ‬واحضر ‬لتهب ‬مصر ‬الحياة، ‬إنك ‬تخفى ‬مجيئك ‬فى ‬الظلمات، ‬وتغطى ‬أمواهك ‬البساتين، ‬أنت ‬واهب ‬الحياة ‬لكل ‬ظمآن، ‬عندئذ ‬ارتفعت ‬أصوات ‬الأرض ‬مهللة، ‬البطون ‬فرحة ‬وسعيدة، ‬والزهور ‬تهتز ‬من ‬الضحك ‬والأسنان ‬تمضغب.‬
وتعددت ‬المظاهر ‬المعبرة ‬عن ‬الحياة ‬فى ‬الحضارة ‬المصرية. ‬وكان ‬يمثل ‬هذه ‬المظاهر ‬عدد ‬من ‬الآلهة ‬المصرية ‬القديمة، ‬والتى ‬مثلت ‬الحياة ‬المصرية ‬بكل ‬ما ‬بها ‬من ‬حيوية ‬وتفاعل ‬وتناغم. ‬لقد ‬أدرك ‬المصريون ‬القدماء ‬أهمية ‬النيل ‬منذ ‬أقدم ‬العصور، ‬فاجتهدوا ‬فى ‬ابتكار ‬طرق ‬للإفادة ‬من ‬مياه ‬النهر ‬وتنظيم ‬الرى ‬وحفر ‬الترع ‬لزراعة ‬أكبر ‬مساحة ‬ممكنة ‬من ‬أرض ‬الوادي؛ ‬وذلك ‬لأن ‬النيل ‬كان ‬الأساس ‬الذى ‬اعتمدت ‬عليه ‬الحياة ‬فى ‬مصر ‬القديمة. ‬وكان ‬الإله ‬حعبى ‬هو ‬إله ‬النيل ‬عند ‬المصريين ‬القدماء. ‬واعتبروه ‬جالب ‬السعادة. ‬وأطلق ‬المصريون ‬القدماء ‬على ‬نهر ‬النيل ‬فى ‬اللغة ‬المصرية ‬القديمة ‬صفة ‬اإيترو ‬عاب ‬بمعنى ‬االنهر ‬العظيمب. ‬وتشير ‬الأصول ‬اللغوية ‬لكلمة ‬النيل، ‬انيلوسب، ‬إلى ‬أنها ‬من ‬أصل ‬يوناني.‬ت
ولاحظ ‬المصريون ‬فيضان ‬النيل ‬وانحساره ‬فى ‬أوقات ‬مناسبة ‬على ‬نحو ‬يمكن ‬إفادة ‬أرض ‬مصر ‬منها؛ ‬إذ ‬كان ‬يفيض ‬فى ‬الصيف ‬والأرض ‬فى ‬أشد ‬الحاجة ‬إلى ‬الماء، ‬يغمرها ‬ويجدد ‬حياتها، ‬وكان ‬ينحسر ‬فى ‬وقت ‬يناسب ‬الزراعة، ‬فتُبذر ‬الحبوب، ‬فكانت ‬بداية ‬اهتداء ‬المصريين ‬لفكرة ‬التقويم. ‬وارتبطت ‬حياة ‬المصريين ‬القدماء ‬وأقدارهم ‬بنهر ‬النيل ‬منذ ‬القدم. ‬وقاموا ‬بتمجيد ‬النيل؛ ‬لأنه ‬كان ‬إله ‬الخصب ‬والنماء ‬الذى ‬كان ‬يمنع ‬عنهم ‬القحط ‬والجدب. ‬وكانوا ‬يذهبون ‬إلى ‬المعابد ‬كى ‬يقدموا ‬القرابين ‬إن ‬تأخر ‬الفيضان ‬عن ‬موعده ‬السنوي. ‬وكان ‬قدماء ‬المصريين ‬يحترمون ‬النيل ‬احترامًا ‬كبيرًا. ‬وذكروا ‬أن ‬النيل ‬مولود ‬من ‬الإله ‬رع؛ ‬أى ‬أنه ‬ابن ‬أعظم ‬الآلهة ‬المصرية ‬القديمة، ‬ويقترب ‬هذا ‬المعنى ‬مما ‬وجدناه ‬فى ‬إحدى ‬البرديات ‬التى ‬تقول: ‬اإنك ‬أيها ‬الراحل ‬فى ‬مقام ‬الخلود، ‬سيفيض ‬عليك ‬النيل ‬فى ‬مضجعك ‬الأخير ‬أثرًا ‬من ‬بركاته؛ ‬لأن ‬ماءَه ‬آتٍ ‬من ‬أسوان.‬س ‬وكانوا ‬يسمون ‬النهرسإيتِ ‬نتروس ‬أى ‬اأبى ‬الآلهةس. ‬وقال ‬هيرودوت: ‬اإن ‬النيل ‬تُعرف ‬بدايته ‬بعد ‬سفر ‬أربعة ‬أشهر، ‬سواء ‬كان ‬ذلك ‬برًّا ‬أو ‬بحرًا، ‬وهى ‬المدة ‬التى ‬كان ‬يستغرقها ‬المسافر ‬فى ‬وصوله ‬إلى ‬أسوانب.‬ت
وكان ‬قدماء ‬المصريين ‬يعتقدون ‬أن ‬النيل ‬الذى ‬تروى ‬منه ‬أقاليم ‬الصعيد ‬نيلًا ‬خاصًّا. ‬وأطلقوا ‬عليه ‬احعبى ‬رسيت، ‬أى ‬احعبى ‬الجنوبي، ‬والنيل ‬الخاص ‬بالدلتا ‬دعوه ‬احعبى ‬محيتس، ‬أى ‬احعبى ‬الشمالي. ‬وكانوا ‬يصورون ‬النيل ‬الدلتاوى ‬على ‬شكل ‬رجل ‬فى ‬قمة ‬الشباب، ‬ضخم ‬الجسم، ‬ثقيل ‬الكتفين، ‬كبير ‬الثديين، ‬يرتدى ‬رداءً ‬عليه ‬ثمار ‬النيل ‬فى ‬الصعيد ‬ولونها ‬أزرق، ‬وكانوا ‬يرسمون ‬تمثال ‬النيل ‬الصعيدى ‬على ‬شكل ‬رجل ‬يرتدى ‬رداءً ‬فوقه ‬ثمار ‬النيل ‬الممثلة ‬الدلتا، ‬ولونها ‬أحمر.‬تت
وكان ‬قدماء ‬المصريين ‬يتغنون ‬بهذه ‬الأنشودة ‬على ‬أوضاع ‬الآلات ‬الموسيقية. ‬وكانوا ‬يلقبون ‬الإله ‬المقدس ‬حعبى ‬بإله ‬الخصب ‬والأب ‬المربي. ‬وتم ‬تصوير ‬حعبى ‬فى ‬صورة ‬إنسان ‬يحمل ‬فوق ‬رأسه ‬نباتات ‬مائية، ‬ويظهر ‬جسده ‬معالم ‬الجنس ‬الذكرى ‬والأنثوى ‬فى ‬نفس ‬الوقت، ‬فتظهر ‬ملامح ‬الذكورة ‬فى ‬عضلات ‬أرجله ‬وذراعيه، ‬وتظهر ‬ملامح ‬الأنوثة ‬فى ‬الصدر ‬والبطن، ‬وهى ‬ترمز ‬إلى ‬الأرض ‬التى ‬كان ‬يتم ‬تخصيبها ‬بمياه ‬الفيضان؛ ‬فقد ‬كان ‬هو ‬سيد ‬النهر، ‬الذى ‬يجلب ‬النماء، ‬وسيد ‬أسماك ‬وطيور ‬المستنقعات ‬مما ‬يرمز ‬إلى ‬أنه ‬منح ‬المصريين ‬هذه ‬المخلوقات ‬مع ‬النيل ‬نفسه، ‬ولذلك ‬فقد ‬صُور ‬فى ‬المعابد ‬وهو ‬يحمل ‬القرابين ‬كتقدمات ‬للأرباب، ‬كأحد ‬أهم ‬أرباب ‬الخصوبة ‬الآخرين ‬التى ‬كانت ‬تحمل ‬التقدمات ‬للمعابد ‬كهبة ‬وإمدادات ‬لأصحاب ‬المعابد. ‬وكانت ‬تماثيل ‬حعبى ‬تظهره ‬وهو ‬يحمل ‬مائدة ‬التى ‬كان ‬عليها ‬مختلف ‬أنواع ‬القرابين. ‬وكان ‬من ‬تماثيل ‬النيل ‬ما ‬هو ‬مختلف ‬اللون؛ ‬فبعضها ‬أحمر، ‬وبعضها ‬أزرق ‬يحمل ‬على ‬رأسه ‬البردى ‬واللوتس، ‬رمزا ‬الدلتا ‬والصعيد. ‬وبعض ‬هذه ‬المناظر ‬مصور ‬على ‬جدارن ‬معبد ‬سيتى ‬الأول ‬بأبيدوس ‬ومعبدى ‬أدفو ‬ودندرة.‬
وظهر ‬حعبى ‬على ‬كرسى ‬العرش ‬وهو ‬يقوم ‬بربط ‬زهرة ‬اللوتس ‬ونبات ‬البردى ‬كرمز ‬لوحدة ‬البلاد، ‬ويرمز ‬هذا ‬إلى ‬دوره ‬فى ‬توحيد ‬الجزء ‬الشمالى ‬والجنوبى ‬للبلاد. ‬وكان ‬حعبى ‬يعيش ‬فى ‬الكهف ‬الذى ‬كان ‬يخرج ‬منه ‬فيضان ‬النيل، ‬وكانوا ‬يصورونه ‬على ‬هيئة ‬شخص ‬بدين ‬منبعج ‬البطن ‬ذى ‬ثديين ‬متدليين ‬ولونوه ‬بلون ‬أخضر ‬وأزرق، ‬أى ‬بلون ‬مياه ‬الفيضان ‬وكان ‬عارى ‬الجسم ‬طويل ‬الشعر. ‬وكان ‬حعبى ‬يُعبد ‬عادةً ‬فى ‬الأماكن ‬التى ‬يكون ‬فيها ‬النيل ‬عنيفًا، ‬مثل ‬منطقة ‬جبل ‬السلسلة، ‬وقرب ‬منبع ‬النهر، ‬حيث ‬كان ‬يفترض ‬أن ‬هذا ‬المعبود ‬يسكن ‬فى ‬كهف ‬بالقرب ‬من ‬أسوان، ‬وبخلاف ‬ذلك ‬قُدس ‬حعبى ‬فى ‬العديد ‬من ‬المعابد ‬الكبرى ‬خارج ‬أماكن ‬عبادته ‬الرئيسية. ‬ووردت ‬الإشارة ‬إليه ‬فى ‬العديد ‬من ‬الترانيم ‬الدينية ‬فى ‬الاحتفالات ‬المختلفة ‬على ‬مدى ‬العام. ‬ومن ‬الغريب ‬أن ‬قدماء ‬المصريين ‬شيدوا ‬المعابد ‬الكثيرة ‬لآلهتهم، ‬ولم ‬يقيموا ‬أى ‬معبد ‬للنيل.‬
وكانت ‬تُقام ‬سنويًا ‬أنواع ‬عديدة ‬من ‬الاحتفالات ‬والطقوس ‬الدينية ‬للإله ‬حعبى ‬عند ‬موقعين: ‬الأول ‬كهف ‬حعبى ‬فى ‬مضيق ‬قرب ‬أسوان، ‬والآخر ‬فى ‬بيت ‬حعبى ‬على ‬مقربة ‬من ‬القاهرة، ‬حيث ‬كانوا ‬يقذفون ‬فى ‬النيل ‬الكعك ‬وحيوانات ‬الضحية ‬والفاكهة ‬والتمائم ‬لتثير ‬قوة ‬الفيضان ‬وتحافظ ‬عليه، ‬وكذلك ‬تماثيل ‬الإناث ‬لتثير ‬إخصاب ‬النيل ‬العظيم ‬فيفيض ‬فى ‬أمواج ‬عاتية ‬معطيًا ‬الحياة ‬للأرض.‬
وذكر ‬عن ‬حعبى ‬فى ‬التراتيل ‬المصرية ‬القديمة ‬ما ‬يلي: ‬احعبي، ‬أبو ‬الآلهة، ‬الذى ‬يغذى ‬ويطعم ‬ويجلب ‬المئونة ‬للبلاد ‬كلها، ‬الذى ‬يهب ‬كل ‬فرد ‬الحياة ‬فى ‬اسم ‬قرينه ‬ويأتى ‬الخير ‬فى ‬طريقه ‬والغذاء ‬عن ‬أصابعه ‬ويجلب ‬مجيئه ‬البهجة ‬لكل ‬إنسان، ‬إنك ‬فريد، ‬أنت ‬الذى ‬خلقت ‬نفسك ‬من ‬نفسك، ‬دون ‬أن ‬يعرف ‬أى ‬فرد ‬جوهركب.‬ت
وجاء ‬فى ‬أنشودة ‬النيل ‬ما ‬نصه: ‬اأيها ‬الفيضان ‬المبارك، ‬قُدمتْ ‬لك ‬القرابين ‬والذبائح، ‬وأُقيمت ‬لك ‬الأعياد ‬العظيمة، ‬وذُبحتْ ‬لك ‬الطيور، ‬واقتُنصت ‬لتحيتك ‬الغزلان ‬من ‬الجبال، ‬وأُعدت ‬لك ‬النار ‬الطاهرة، ‬وقُدم ‬لك ‬البخور ‬والنعم ‬السماوية ‬والعجول ‬والثيران، ‬فتقبلها ‬هدية ‬شكر ‬واعتراف ‬بفضلك.‬بت
وكان ‬يُلقى ‬فى ‬النيل ‬بعجل ‬أبيض ‬وثلاث ‬إوزات ‬وهدايا ‬ثمينة (‬لا ‬بنت ‬عذراء ‬كما ‬زعم ‬البعض)‬، ‬ثم ‬الكتاب ‬الشامل ‬لتفصيلات ‬المهرجان، ‬وأنواع ‬الهدايا ‬للإله. ‬ويظهر ‬أن ‬سبب ‬هذه ‬الخرافة ‬قصة ‬رواها ‬المؤرخ ‬اليونانى ‬بلوتارك، ‬وتناقلها ‬عنه ‬غيره؛ ‬إذ ‬قال: ‬ااعتمادًا ‬على ‬وحى ‬أجيبتوس ‬ملك ‬مصر ‬قدم ‬ابنته ‬قربانًا ‬للنيل ‬ليخفف ‬غضب ‬الآلهة، ‬وأنه ‬بعد ‬فقد ‬ابنته ‬ألقى ‬بنفسه ‬فى ‬النيل.‬ب ‬وهذا ‬القول ‬هو ‬أصل ‬الاعتقاد ‬بتقديم ‬فتاة ‬عذراء ‬قربانًا ‬للنيل ‬كل ‬سنة. ‬أما ‬ذكر ‬عروس ‬النيل ‬بلفظة ‬اربيت ‬المشار ‬إليها ‬فى ‬بردية ‬اهريسب، ‬فهو ‬خرافة ‬وخطأ؛ ‬لأن ‬لفظة ‬اربيتب ‬هى ‬علم ‬على ‬أحد ‬أشكال ‬النيل ‬المؤنثة، ‬وليس ‬علمًا ‬على ‬عروس ‬كانت ‬تُلقى ‬فى ‬النيل، ‬كما ‬زعم ‬البعض. ‬وكان ‬قد ‬جاء ‬ذكر ‬أسطورة ‬اعروس ‬النيلب ‬فى ‬كتاب ‬افتوح ‬مصر ‬والمغربب ‬لعبد ‬الرحمن ‬بن ‬عبد ‬الحكم، ‬ونقلها ‬عنه ‬كثيرون ‬وترسخت ‬الأسطورة ‬فى ‬الأذهان، ‬على ‬الرغم ‬من ‬عدم ‬ذكر ‬النصوص ‬المصرية ‬القديمة ‬لها.‬ت
لقد ‬كان ‬النيل ‬هبة ‬الآلهة. ‬وكان ‬موسم ‬فيضانه ‬يبدأ ‬مع ‬ظهور ‬النجم ‬الساطع، ‬وعندما ‬يفيض ‬يجلب ‬الرخاء ‬والخصوبة، ‬والآلهة ‬تسيطر ‬على ‬النهر، ‬وكان ‬الإله ‬خنوم ‬هو ‬رب ‬الماء ‬يجلب ‬الرخاء ‬ويخلق ‬البشر ‬من ‬طمى ‬النيل. ‬وكان ‬الإله ‬حعبى ‬يسيطر ‬على ‬فيضان ‬النيل. ‬وساووا ‬بين ‬النيل ‬والحياة ‬نفسها. ‬ونظموا ‬حياتهم ‬اليومية ‬بالاعتماد ‬على ‬ارتفاع ‬وانخفاض ‬منسوب ‬مياهه، ‬فأصبح ‬النيل ‬يحدد ‬التقويم ‬المصرى ‬بمواسمه ‬الثلاث: ‬الفيضان، ‬والزراعة، ‬والحصاد. ‬وكان ‬الإلهان ‬الرئيسان ‬فى ‬هذا ‬الأمر ‬خنوم ‬وحعبي. ‬وكان ‬خنوم ‬هو ‬رب ‬الماء. ‬وكان ‬الإله ‬حعبى ‬المسيطر ‬على ‬فيضان ‬النيل.‬
ومن ‬بين ‬الأناشيد ‬التى ‬كان ‬يوجهها ‬المصريون ‬للإله ‬حعبى ‬ما ‬يلي:‬
افليحيا ‬الإله ‬الكامل، ‬الذى ‬فى ‬الأمواه، ‬إنه ‬غذاء ‬مصر ‬وطعامها ‬ومؤونتها، ‬إنه ‬يسمح ‬لكل ‬امرئ ‬أن ‬يحيا، ‬الوفرة ‬على ‬طريقه، ‬والغذاء ‬على ‬أصابعه، ‬وعندما ‬يعود ‬يفرح ‬البشر، ‬كل ‬البشرب.‬ت
ووضع ‬المصريون ‬ما ‬يعرف ‬اصطلاحًا ‬باالتقويم ‬النيلي، ‬الذى ‬يبدأ ‬ببداية ‬الفيضان، ‬عندما ‬تصل ‬المياه ‬إلى ‬منطقة ‬محددة. ‬كما ‬لاحظ ‬المصريون ‬القدماء ‬اقتران ‬الفيضان ‬بحدوث ‬ظاهرة ‬سماوية ‬وهى ‬ظهور ‬نجم ‬الشعرى ‬اليمانية ‬فى ‬السماء. ‬وكانت ‬هذه ‬هى ‬نقطة ‬الانطلاق ‬لتحديد ‬بداية ‬العام ‬الجديد، ‬وهى ‬قياس ‬ارتفاع ‬منسوب ‬مياه ‬الفيضان، ‬وما ‬يُسجل ‬عند ‬مستوى ‬مدينة ‬منف، ‬ويتفق ‬تمامًا ‬مع ‬ظهور ‬نجم ‬الشعرى ‬اليمانية. ‬وكانت ‬تحدث ‬هذه ‬الظاهرة ‬فى ‬يوم ‬19 ‬من ‬شهر ‬يوليو. ‬وأحصى ‬رجال ‬الفلك ‬المصريون ‬القدماء ‬عدد ‬الأيام ‬بين ‬كل ‬ظهور ‬للنجم ‬فوجدوها ‬365 ‬يومًا، ‬وقسموها ‬إلى ‬12 ‬شهرًا، ‬كما ‬قسموا ‬السنة ‬إلى ‬ثلاثة ‬فصول، ‬تحددت ‬بناءً ‬على ‬أحوال ‬النيل ‬وهى ‬فصل ‬اآختس، ‬وهو ‬فصل ‬الفيضان ‬وبذر ‬البذور، ‬من ‬منتصف ‬يوليو ‬إلى ‬منتصف ‬نوفمبر، ‬وفصل ‬ابرتب، ‬وهو ‬فصل ‬النمو، ‬ويوازى ‬فصل ‬الشتاء، ‬ويبدأ ‬من ‬منتصف ‬نوفمبر ‬إلى ‬منتصف ‬مارس، ‬وفصل ‬اشموب، ‬وهو ‬فصل ‬حصاد ‬الزرع، ‬من ‬منتصف ‬مارس ‬إلى ‬منتصف ‬يوليو.‬
ونظر ‬المصريون ‬إلى ‬النيل ‬بعين ‬القداسة، ‬واستخدموا ‬مياه ‬النهر ‬للتطهر ‬ولأداء ‬الطقوس ‬الدينية ‬وغسل ‬المتوفى. ‬وكان ‬الاغتسال ‬بماء ‬النيل ‬ضرورة ‬حياتية ‬مصرية ‬كنوع ‬من ‬النظافة ‬والتطهر ‬البدنى ‬والروحي، ‬وهى ‬عملية ‬تحمل ‬معنيين، ‬فعلى ‬ورمزي، ‬فى ‬وجدان ‬المصرى ‬القديم، ‬أما ‬الفعلى ‬فهو ‬يشمل ‬نظافة ‬الجسد ‬والملبس ‬والمأكل ‬والمسكن ‬فضلاً ‬عن ‬التطهر ‬كضرورة ‬لتأدية ‬الطقوس ‬الدينية، ‬أما ‬الرمزى ‬فيشمل ‬طهارة ‬النفس ‬روحيًا ‬من ‬كل ‬شائبة. ‬وبرز ‬تقديس ‬النيل ‬من ‬خلال ‬حرص ‬المصرى ‬على ‬طهارة ‬ماء ‬النهر ‬من ‬كل ‬دنس، ‬كواجب ‬مقدس، ‬ومن ‬يلوث ‬هذا ‬الماء ‬كان ‬يتعرض ‬لعقوبة ‬انتهاكه ‬غضب ‬الآلهة ‬فى ‬العالم ‬الآخر. ‬ويشير ‬نص ‬قديم ‬إلى ‬أن ‬امن ‬يلوث ‬ماء ‬النيل، ‬سوف ‬يصيبه ‬غضب ‬الآلهةس. ‬وأكد ‬المصرى ‬القديم ‬فى ‬اعترافاته ‬الإنكارية ‬فى ‬العالم ‬الآخر ‬ما ‬يفيد ‬عدم ‬منعه ‬جريان ‬الماء ‬درءًا ‬للخير، ‬كما ‬ورد ‬فى ‬الفصل ‬125 ‬من ‬نص ‬كتاب ‬الموتى: ‬الم ‬أمنع ‬الماء ‬فى ‬موسمه، ‬لم ‬أقم ‬عائقًا ‬أمام ‬الماء ‬المتدفقب. ‬وفى ‬نص ‬مشابه ‬على ‬جدران ‬أحد ‬النبلاء ‬عدّد ‬صفاته ‬أمام ‬الإله ‬من ‬بينها: ‬اأنا ‬لم ‬ألوث ‬ماء ‬النهر...‬لم ‬أمنع ‬الفيضان ‬فى ‬موسمه...‬لم ‬أقم ‬سدًا ‬للماء ‬الجاري...‬أعطيت ‬الخبز ‬للجوعى ‬وأعطيت ‬الماء ‬للعطشى.‬س ‬وكان ‬الماء ‬فى ‬الفكر ‬الدينى ‬المصرى ‬القديم ‬يمثل ‬عنصرًا ‬أساسيًا ‬منه ‬تخرج ‬الحياة ‬الجديدة، ‬وإلى ‬المحيط ‬الأزلى ‬تؤول ‬الشمس ‬وقت ‬الشفق، ‬لتبث ‬فيه ‬قوة ‬نشطة ‬جديدة.‬
وخصص ‬المصريون ‬القدماء ‬عددًا ‬من ‬الأرباب ‬ارتبطوا ‬بنهر ‬النيل، ‬كان ‬أشهرها ‬الإله ‬حعبي، ‬الذى ‬كان ‬يمثل ‬فيضان ‬النيل ‬سنويًا. ‬وكان ‬مصدر ‬الحياة ‬الأولى ‬عمومًا ‬وبداية ‬الخلق ‬ومصدر ‬الحياة ‬الأولى ‬للمصرى ‬القديم. ‬ووُصف ‬حعبى ‬ب ‬اسيد ‬القرابينب. ‬وكان ‬أهم ‬دور ‬له ‬كمعبود ‬هو ‬تجسيد ‬فيضان ‬النيل. ‬وورد ‬ذكره ‬كثيرًا ‬فى ‬اأناشيد ‬النيلس. ‬وضمن ‬فقرات ‬فى ‬امتون ‬التوابيتب، ‬كما ‬أُطلق ‬عليه ‬أيضًا ‬اسيد ‬الفيضانب ‬وارب ‬أزليب ‬واخالقب ‬وارب ‬الأربابب ‬واأقدم ‬الأربابب، ‬كما ‬وُصف ‬ب ‬اسيد ‬الكلب، ‬الذى ‬يُحدث ‬التوازن ‬فى ‬الكون.‬
ودأب ‬الكهنة ‬والمصريون ‬على ‬ترديد ‬أناشيد ‬النيل ‬عرفانًا ‬بقدره ‬ونعمه ‬على ‬الناس. ‬ومن ‬بين ‬هذه ‬الأناشيد ‬الدينية ‬نص ‬يعود ‬إلى ‬عصر ‬الدولة ‬الوسطى ‬يقول: ‬االمديح ‬لك ‬يا ‬حعبي، ‬الذى ‬يخرج ‬من ‬الأرض، ‬ويأتى ‬ليعيد ‬الحياة ‬للبلاد
واختص ‬قدماء ‬المصريين ‬النيل ‬بالكثير ‬من ‬مظاهر ‬الأفراح ‬عند ‬فيضانه ‬ومواسم ‬أعياده. ‬وخصوه ‬بأناشيد ‬رائعة ‬تعبر ‬عن ‬شعورهم. ‬ومن ‬بينها ‬الأنشودة ‬التالية:‬
االنيل ‬رب ‬السمك ‬المحبوب،
يأتى ‬به ‬من ‬عالم ‬الغيوب،
ويخصب ‬النبات ‬فى ‬الغيطان،
والزهر ‬والريحان ‬فى ‬البستان،
ينبت ‬قمحًا ‬وشعيرًا ‬جيدًا.‬
وفى ‬نص ‬آخر ‬يمدح ‬المصرى ‬القديم ‬النيل ‬ويدعوه ‬إلى ‬الفيضان ‬قائلاً:‬
ايا ‬مسبِّب ‬الخضرة، ‬ليتك ‬تأتي. ‬يا ‬حعبى ‬ليتك ‬تأتى ‬إلى ‬مصر ‬يا ‬خالق ‬القرابين، ‬يا ‬مسبِّب ‬خضرة ‬الضفتين ‬لتعطى ‬الحياة ‬للناس ‬والحيوانات ‬من ‬منتجاتك ‬من ‬الحقول، ‬يا ‬مسبِّب ‬الخضرة ‬ليتك ‬تأتيب.‬
وظهر ‬النيل ‬بكثافة ‬فى ‬تعبيرات ‬ومناظر ‬أدبية ‬كثيرة ‬فى ‬الأدب ‬المصرى ‬بكل ‬أنواعه، ‬خصوصًا ‬فى ‬أغانى ‬الحب ‬فى ‬عصر ‬الدولة ‬الحديثة. ‬وتوضح ‬أبيات ‬شعرية ‬الحضور ‬الكبير ‬للنيل ‬بقوة ‬فى ‬مشهد ‬عاطفى ‬بين ‬حبيبين ‬كما ‬يلي:‬
احبيبي، ‬كم ‬يحلو ‬لى ‬أن ‬أرحل، ‬أن ‬أنزل ‬إلى ‬النهر ‬واستحم ‬أمامك، ‬إنى ‬اتركك ‬تشاهد ‬جمالي، ‬وأنا ‬فى ‬ردائى ‬المنسوج ‬من ‬الكتان ‬الملكي، ‬من ‬أرقّه، ‬أنا ‬معطرة ‬بالطيب ‬الزكي، ‬أغوص ‬فى ‬الماء ‬بجوارك، ‬من ‬أجل ‬حبك، ‬أخرج ‬ممسكة ‬بسمكة ‬حمراء ‬بين ‬أصابعي، ‬يا ‬صديقي، ‬يا ‬محبوبي، ‬تعال ‬وشاهدنىب.‬
وتواصل ‬أغانى ‬الحب ‬تصويرها ‬الأدبى ‬الجميل ‬لتنتقل ‬إلى ‬المحبوب ‬فى ‬فقرات ‬تصويرية ‬جديدة ‬مدهشة:‬ت
اعشق ‬حبيبتى ‬على ‬الشاطئ ‬الآخر، ‬النهر ‬يفصل ‬بيننا، ‬المياه ‬تندفع ‬بشدة ‬فى ‬زمن ‬الفيضان، ‬والتمساح ‬واقف ‬رابض ‬فوق ‬شط ‬رملي، ‬لكننى ‬أنزل ‬إلى ‬الماء ‬وأغوص ‬وسط ‬الأمواج، ‬إن ‬قلبى ‬قوى ‬فوق ‬النهر، ‬والتمساح ‬يبدو ‬لى ‬كالفأر، ‬الماء ‬تحت ‬قدمى ‬أشبه ‬باليابسة، ‬إن ‬حبى ‬لها ‬هو ‬الذى ‬يمنحنى ‬القوة، ‬كأن (‬وجودها) ‬قد ‬سحر ‬الماء، ‬أنا ‬لا ‬أدرى ‬سوى ‬رغبة ‬قلبى ‬وهى ‬تقف ‬أماميب.‬
وساعد ‬النيل ‬خيال ‬المصرى ‬على ‬أن ‬يخلق ‬علاقة ‬تربط ‬بين ‬المرأة ‬والطبيعة ‬وتمتزج ‬امتزاجًا ‬مدهشًا ‬كى ‬تشكل ‬عنصريَّ ‬الخصوبة ‬فى ‬الكون. ‬فالمرأة ‬والزهور ‬والثمار ‬لا ‬تختلف ‬من ‬حيث ‬الجوهر، ‬فى ‬إنها ‬جميعًا ‬النموذج ‬والشاهد ‬على ‬الحياة ‬المتجددة، ‬البشرية ‬والنباتية، ‬على ‬حد ‬سواء.‬ت
لقد ‬آمن ‬المصريون ‬القدماء ‬بالنيل، ‬الضامن ‬لحياتهم ‬من ‬مهالك ‬القحط ‬والضيق، ‬واعتبروه ‬الفيض ‬السماوى ‬الذى ‬يهطل ‬على ‬أرضهم ‬بالخير، ‬وتغنوا ‬بأناشيده ‬على ‬آلاتهم ‬الموسيقية، ‬ورسموا ‬به ‬صورة ‬جميلة ‬شكلت ‬معنى ‬الحياة ‬وجوهر ‬الوجود ‬فى ‬مصر ‬القديمة.‬ت
هذا ‬هو ‬نهر ‬النيل ‬الخالد ‬الذى ‬قدسه ‬المصريون ‬القدماء ‬وحموه ‬بكل ‬الوسائل ‬الممكنة، ‬والذى ‬قال ‬عنه ‬أبو ‬التاريخ ‬المؤرخ ‬الإغريقى ‬الأشهر ‬هيرودوت: ‬اإن ‬مصر ‬هبة ‬النيلب. ‬ولقد ‬جانبه ‬الصواب ‬فى ‬تلك ‬المقولة؛ ‬لأن ‬مصر ‬اهبة ‬النيل ‬والمصريينب؛ ‬لأن ‬نهر ‬النيل ‬يمر ‬ببلاد ‬عديدة، ‬ولم ‬تنشأ ‬على ‬جوانبه ‬حضارة ‬ليس ‬لها ‬مثيل ‬مثل ‬الحضارة ‬المصرية ‬العظيمة ‬بفضل ‬سواعد ‬أبنائها ‬المصريين ‬العظام. ‬حفظ ‬الله ‬مصر ‬وأرضها ‬وشعبها ‬ونيلها ‬الخالد ‬أبد ‬الأبدين.‬
المصدر : جريدة اخبار الادب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.