النائبة هبة شاروبيم: هناك فجوة كبيرة بين واقع كليات التربية الحالية ومتطلبات إعداد المعلم    الدولار يلامس 51 جنيهاً في مصر مع تصاعد التوترات    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    مصر تستهل قيادتها للاتحاد الدولي للغاز كنائب رئيس تمهيدا لرئاستها المقبلة فى 2028    وحدة السكان بالمنيا تنفذ 40 دورة تدريبية لتأهيل 4000 شاب وفتاة بقرى "حياة كريمة"    السيسي يوجه بتعزيز الانضباط المالي ومخصصات الحماية الاجتماعية    مياه سوهاج: تجديد شهادة الإدارة الفنية المستدامة ل3 محطات مياه شرب وصرف صحي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي بمستشار الشئون الخارجية في بنجلاديش    منتخب مصر لكرة اليد للشباب يتأهل إلى الدور الرئيسي في بطولة العالم ببولندا    "زي النهاردة".. ليفربول يعلن التعاقد مع الملك المصري محمد صلاح    وزير التعليم: اتخاذ كافة الاجراءات بسرعة تجاه أي مخالفات يتم رصدها    حالة الطقس اليوم في السعودية.. أمطار رعدية وتقلبات بمكة والمدينة    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي بسبب خلافات مالية بمدينة نصر    بالفيديو.. وزير الثقافة يدشن تمثال مجدي يعقوب: رمز للقيم ورسالة إلهام متجددة لأبناء الأجيال    منها «7 تماثيل لأبو الهول».. «سياحة الإسكندرية» تستعرض اكتشافات أثرية ب6 مواقع (صور)    تأجيل دعوى هيفاء وهبي ضد نقيب الموسيقيين إلى 10 يوليو للاطلاع    اتحاد الكرة يعلن.. اخطار كاف بالأندية الأربعة المشاركة في دوري الأبطال والكونفدرالية    ستونز: مررت ببعض اللحظات الصعبة بالموسم الماضي.. وأريد البقاء في مانشستر سيتي    رئيس بورتو البرتغالي يتوعد بالفوز على الأهلي    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    أوبزرفر: خيارات إيران للرد على الضربات الأمريكية محدودة ومحفوفة بالمخاطر    وصول المتهمين الثلاثة بإنهاء حياة أدهم طالب كفر الشيخ للمحكمة استعدادًا لبدء جلسة محاكمتهم    إصابة عامل إثر انهيار عقار قديم في السيالة بالإسكندرية (صور)    3 طلاب يتسلقون طائرة هيكلية في الشرقية.. و«الداخلية» تكشف الملابسات (تفاصيل)    أمان القابضة تغلق الإصدار الثالث من سندات التوريق بقيمة 665.5 مليون جنيه    خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    تقارير: مدافع ليفربول يخضع للفحص الطبي في باير ليفركوزن    الليلة.. نانسي عجرم تغنى في موازين بعد غياب 7 سنوات    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    في ذكرى ميلاده.. عمرو الليثي يعرض أخر لقاء تلفزيوني أجراه أشرف عبدالغفور    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية جراحية للقلب المفتوح من خارج غرفة العمليات    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين لحيازتهم مواد ب50 مليون جنيه في أسوان    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    بدون تكييف.. حيل ذكية لاستخدام المروحة لتبريد منزلك بكفاءة في الصيف    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم الأحد 22-6-2025 في مصر وعيار 21 الآن    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة مبارك.. اختزال الاتهامات.. وملاحظات أخرى
نشر في أكتوبر يوم 21 - 08 - 2011

رغم أن القاضى لا يُمدَح ولا يُذَم، إلا أن ما تضمنته كلمة المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة فى بداية الجلسة الثانية لمحاكمة الرئيس المخلوع ونجليه الأسبوع الماضى من أن «للمدعين بالحق المدنى حق فى رقبتنا وكذلك المتهمون لهم حق أيضا فى رقبتنا».. يؤكد نزاهة وحيادية وعدالة هيئة المحكمة ورئيسها الذى يشهد له تاريخه القضائى بقدر ما يؤكد أيضا عدالة المحاكمة التى تجرى أمام القضاء الطبيعى، رغم مطالبات بإجرائها أمام محكمة ثورة استثنائية.
ولعله ليس تكرارا، فإن مصر بهذه المحاكمة وأمام القضاء الطبيعى تقدم مثالا حضاريا لمحاكمة رئيس أسقطه شعبه بثورة سلمية أذهلت ديمقراطيات العالم وصارت مصدر إلهام لشعوب المنطقة التى ترزح تحت أنظمة حكم مستبدة قمعية فاسدة، وفى نفس الوقت فإن المحاكمة فى حد ذاتها تؤكد مصداقية المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى انحاز منذ اليوم الأول للثورة لمطالب الشعب التى وصفها فى بيانه الأول بالمشروعة، وكان ولايزال الضامن للثورة والحامى لها ولمكتسباتها.
المفارقة هى أنه لو كانت الثورة قد فشلت وتمكّن مبارك من السيطرة على الأوضاع، فإنه كان سيفعل العكس تماما، ومن المؤكد أنه كان سيعدم العشرات بل المئات بتهم الخيانة وقلب نظام الحكم بأحكام عسكرية عاجلة، وهو نفس المصير الذى كان ينتظر قيادات الجيش ممثلة فى أعضاء المجلس الأعلى وهو ما أفصح عنه الفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس أكثر من مرة بقوله إنه «كان سيتم تعليقنا على باب زويلة»!
ذلك هو الفارق بين نهج حاكم ونظام حكم فاسدين وبين نهج وفلسفة ثورة شعبية بحماية جيش وطنى لإرساء قيم الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون حتى مع من أهدر القيم وانتهك القانون والدستور وقمع شعبه وأفقره وأمرضه وخان النظام الجمهورى الذى أقسم على الحفاظ عليه.
***
غير أنه تبقى بعد الملاحظات المهمة التى يتعّين التوقف أمامها مليا وبكل قوة باعتبار أنها وثيقة الصلة بالمحاكمة ذاتها.. أولها وأهمها: أن ما يجرى خارج قاعة المحكمة قبل دخول المتهمين قفص الاتهام وبعد رفع الجلسة يتنافى تماما مع عدالة المحاكمة داخل القاعة ومع العدالة بوجه عام.
إنه مما يتنافى مع العدالة وسيادة القانون أن يتمتع المتهمون.. مبارك ونجلاه والعادلى ومساعدوه بهذه الحظوة الخاصة والمعاملة الاستثنائية المتميزة وكأنهم مازالوا فى مناصبهم وليسوا متهمين محبوسين احتياطيا فى محاكمة جنائية.
كيف يسمح للمتهم علاء مبارك بالتجول حرا طليقا داخل أروقة وطرقات المحكمة ويقف فى انتظار وصول أبيه المتهم الأول ويضع يده على عدسة كاميرا التليفزيون ليحجب مشهد خروجه من سيارة الإسعاف، ثم كيف يحظى حبيب العادلى السجين بذلك الاستقبال الرسمى من جانب ضباط الشرطة وقيامهم بتأدية التحية العسكرية له رغم تعليمات منصور العيسوى وزير الداخلية بعدم تكرار هذه التصرفات!
هذه التصرفات التى تعد نوعا من الانفلات الأمنى مضافا إليها الإقامة الفندقية «الخمس نجوم» فى سجن طرة والتى لاتزال مستمرة رغم نقل مدير السجن وتعيين آخر.. هذه التصرفات تمثل خصما كبيرا من العدالة وانتهاكا لسيادة القانون وتمييزا مستفزا وصادما لمتهمين يحاكمون أمام محكمة جنايات!
***
ثم إن هناك التباسا كبيرا تتحمل مسئوليته النيابة العامة فيما يتعلق بلائحة الاتهام ومحاكمة مبارك بتهم التربح وقتل المتظاهرين وتصدير الغاز، بينما يحاكم نجلاه بتهمتى التربح واستغلال النفوذ.
وإذا كانت المحكمة قد وافقت على ضم قضيتى مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه، فإن من حق الرأى العام أن يسأل لماذا لم تقم النيابة العامة بإحالة مبارك وكل رموز وأركان نظامه المتهمين إلى محاكمة واحدة فى قضية واحدة على ما ارتكبوه من جرائم تزوير لإرادة الأمة فى الانتخابات وفساد مالى واقتصادى وأمنى وزراعى وصناعى وتعليمى وصحى ولا نقول وسياسى أيضا أننا لسنا بصدد محكمة ثورة، وباعتبار أن كل تلك الجرائم مجتمعة ارتكبها النظام السابق.. رئيسه وأركانه، وبسببها قامت ثورة 25 يناير.
***
وفى نفس الوقت فإن تقديم مبارك للمحاكمة الجنائية بتهم التربح وتصدير الغاز وقتل المتظاهرين حسبما جاء فى لائحة الاتهام التى أعدتها النيابة العامة.. بدا اختزالا كبيرا لمجمل الاتهامات الموجهة إليه من جانب الثوار وجموع المصريين بارتكاب قائمة طويلة من الجرائم فى حق الشعب والوطن طوال ثلاثين سنة.
ولذا فإن هذا الاخترال من شأنه أن يثير التوجّس من إفلات مبارك من العقوبة الجنائية وحصوله على البراءة فى تلك الاتهامات بفعل براعة محاميه فريد الديب المعروفة فى استغلال الثغرات القانونية وتضارب أقوال الشهود وغير ذلك من الحيل القانونية التى تشكك فى ثبوت أدلة الاتهام.
إن حدث ذلك وهو أمر وارد قانونيا وقضائيا فى حالة عدم ثبوت الأدلة القطعية، فإن صدمة الرأى العام وشباب الثورة وجموع المصريين ستكون قاسية، وهو الأمر الذى يؤكد خطأ تقديم مبارك للمحاكمة على تلك الاتهامات المختزلة وإغفال عشرات الاتهامات الأخرى فى لائحة الاتهام.
إن اختزال الاتهامات الموجهة لمبارك وتجزئة قضايا ومحاكمات أركان ورموز نظامه والمعاملة التمييزية لهم من جانب الشرطة وسجن طرة بالمخالفة للقانون مضافا إليها توجس الرأى العام من نتيجة المحاكمة.. كل هذه الملابسات التى تحيط بالمحاكمة من شأنها أن تدفع الكثير إلى القول بأنه كان يتعين محاكمة مبارك وأركان نظامه أمام محكمة ثورة مثلما يحدث بعد الثورات.
***
واقع الأمر فقد بدا أنه مثلما حدث الارتباك الذى تبدّى فى المشهد السياسى بعد إسقاط مبارك ونظامه ولاتزال بعض تداعياته قائمة ومستمرة، فإن هذا الارتباك حدث أيضا فى التعامل القانونى والقضائى من جانب النيابة العامة بشأن توجيه الاتهامات، وحيث بدا أيضا أن ثمة غيبة لخريطة طريق واضحة للمحاكمات أو على نحو أدق لتوجيه الاتهامات، وعلى النحو الذى اتضح فى لائحة اتهام مبارك وفى تجزئة المحاكمات وتشتتها بين عدة قضايا ودوائر قضائية.
ولست أدرى إن كان من الجائز قانونا ودون افتئات على اختصاصات وسلطات النيابة العامة مطالبتها بإزالة ما بدا من التباس وإعداد خريطة طريق واضحة لتلك المحاكمات بحيث تتلافى الاختزال والتجزئة وبحيث تتم محاكمة جميع المتهمين.. مبارك وأركان نظامه أمام محكمة واحدة وفى قضية واحدة.
***
تبقى ملاحظة أخرى ولعلها ليست أخيرة تتعلق بالمحامين عن المدعين بالحق المدنى من أهالى شهداء ومصابى الثورة الذين تبدىّ ضعفهم المهنى الشديد بقدر ما أفسدوا المشهد داخل قاعة المحكمة بتصارعهم العشوائى على الحديث وتقديم الطلبات أمام كاميرات التليفزيون.. طلبا للشهرة بأكثر من الحرص على أداء مهتهم، وهو مسلك يلحق أكبر الضرر بحقوق المدعين، وتسبب فى قرار المحكمة بوقف بث جلسات المحاكمة تليفزيونيا.
الأمر الآخر والمهم فى هذا الصدد هو ما نّبه إليه بعض كبار المحامين وأساتذة القانون من أنه لا ضرورة ولا داعى لحضور هؤلاء المحامين باعتبار أن القضية منظورة أمام محكمة الجنايات، ومن ثم فإن أطرافها ثلاثة فقط هم: المحكمة والنيابة والمتهمون ودفاعهم، أما الادعاء بالحق المدنى فمكانه محكمة مدنية وهو أمر لاحق لانتهاء المحاكمة الجنائية وفصل المحكمة فى الدعوى وإصدار أحكامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.