«المتربص» Le guetteur رواية ثانية للكاتب الفرنسي كريستوف بولتنسكي الذي فازت روايته الأولى «المَخبَأ» بجائزة فيمينا عن سنة 2015. وقد أثار الانتباه، حينئذ، باختياره موضوعاً سيرياً يتصل بأسرته اليهودية النازحة من بولونيا والتي تعرضت خلال الاحتلال الألماني للمطاردة والتفتيش، وبخاصة جدّه الذي كان متزوجاً من فرنسية وقفت إلى جانبه وأنقذته من المحرقة... وفي روايته الثانية «المُتربّص» (دار ستوك، 2018)، يعود الكاتب إلى سجلّ «رواية العائلة»، لكن من زاوية مختلفة وبحذاقة مرهفة أتاحت له أن يحول الأتوبيوغرافي إلى عالم روائي متشابك الغصون. ينبي النص في «المتربص» على خطين سرديين متوازيين، يتلامسان من حين لآخر استجابة لمقتضيات الحبكة والتأكّد من علاقة الخاص بما هو عام في تاريخ فرنسا خلال ستينات القرن الماضي. في الخط السردي الأساس الذي يأتينا على لسان الكاتب نفسه، بصفته ابن الأم فرانسواز الشخصية المحورية في الرواية، يحكي لنا عن علاقته بأمه في فترات مختلفة من حياتها وحياته، بخاصة بعد اعتزالها العالمَ وافتراقها عن زوجها ومحاولتها كتابة رواية بوليسية لا تنجح في إتمامها وتظل مقتصرة على بضع صفحات. وفي الخط الثاني، يتراوح السرد بين ضمير المتكلم وضمير الغائب، لأنه يحكي عن مجموعة من الشباب الفرنسي كانت تناضل في ستينات القرن الماضي إلى جانب جبهة التحرير الوطنية الجزائرية مؤيدة مطالبها في الاستقلال عن فرنسا، ومساعدة لها على ترسيخ تنظيماتها السرية على أرض الميتربول... ومن ضمن المناضلين الفرنسيين الشباب آنذاك، الأم فرانسواز التي راهنت على تلك القضية بكل كيانها، وأبو الكاتب الذي اعتبرها مرحلة عابرة.