انطلاقة نارية.. «المشروع X» يقترب من 9 ملايين جنيه في يومين    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو 2025 بأسواق دمياط    وزير البترول: تحويل الثروة المعدنية لهيئة اقتصادية أحد ثمار العمل التكاملي بين الجهات التنفيذية والتشريعية    البحر الأحمر.. قاطرة التنمية الشاملة ب189 مشروعًا واستثمارات ب5.7 مليار جنيه    وزير الزراعة: الانتهاء من حصاد 3.1 مليون فدان قمح حتى الآن بنسبة تتجاوز 98%    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لبحث تطورات القضية الفلسطينية    الأمم المتحدة: مدينة غزة تشهد تدفقا متزايدا للنازحين    سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة: شراكتنا الاستراتيجية مع مصر شهادة ثقة وجدارة مستحقة لما تحقق من إنجازات بقيادة الرئيس السيسي    الصحة العالمية: النظام الصحي على وشك الانهيار في غزة مع تصاعد الأعمال العدائية    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. مدرب وقائد بيراميدز في مؤتمر صحفي قبل مواجهة صن داونز    كلوب يحضر مباراة ليفربول وكريستال بالاس في ختام البريميرليج من الملعب    ريال مدريد يُعلن رحيل أنشيلوتي    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    رئيس بعثة الحج: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة    مقتل 4 عناصر إجرامية في مواجهة مع الشرطة وضبط باقي التشكيل بمخدرات وأسلحة    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    تصحيح فورى ودقيق لامتحانات النقل.. و"التعليم" تشدد على الالتزام بالنماذج    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    محمد رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    «بليغ ووردة» على المسرح الكبير بقيادة رئيس دار الأوبرا ويحييها 4 مطربين الجمعة    البيان الختامى للاجتماع الوزاري الافريقي-الأوروبي يشير لاعتماد الاتحاد الافريقي ترشيح خالد العناني لليونسكو    "عبدالغفار" يشارك في مائدة مستديرة حول التمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة ب«جنيف»    الصحة تعقد اجتماعا تحضيريا لتنفيذ خطة التأمين الطبي لساحل المتوسط خلال الصيف    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    محافظ سوهاج يفتتح ميدان سيتي بعد تطويره ويتفقد مشروعات التجميل بالمدينة    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    انطلاق قافلة دعوية إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    وزير الري: تحديات المياه في مصر وأفريقيا تتطلب مزيدًا من التعاون وبناء القدرات    «يد الأهلي» يواجه الزمالك اليوم في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية.. اعرف موعد المباراة    الهلال يفاوض أوسيمين    بروتوكول تعاون بين "الإسكان" و"الثقافة" لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    نبيلة مكرم تكشف لأول مرة عن أسرار خاصة بشأن أزمة نجلها "رامي"    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    الإفتاء توضح سنن يوم الجمعة .. أبرزها الإغتسال    النحاس يدرس استبعاد إمام عاشور من ودية الأهلى اليوم بسبب الوعكة الصحية    وزير الاستثمار يلتقي رئيس "أبوظبي للطيران" لاستعراض مجالات التعاون    وزير التعليم العالى يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين جامعتى إيست لندن إيست كابيتال    الرعاية الصحية: التعاون مع منظمة الهجرة الدولية في تقديم الخدمات للاجئين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديفين .. كوميديا سوداء تخترق الضواحي الباريسية
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 10 - 2016

في الكثير من الأفلام الفرنسية التي تتعرض للواقع الاجتماعي المرعب لسكان ضواحي المدن الفرنسية يتم قرع جرس الإنذار لواقع شباب وشابات هذه الضواحي التي تعيش على هامش الحياة والحلم ولا مستقبل لها.
هنا في فيلم ديفين للمخرجة هدى بنيامينا توجد عدة خيوط مهمة لعل من أهمها قصة الصداقة والحب الحقيقي الرابط بين الصديقتين (دنيا وميمونة)، دنيا الحالمة بالثراء والناقدة للتأهيل التربوي والمهني في ضاحيتها حيث تتعامل بسخرية مع مدرستها وتطرح عليها عدة أسئلة لتجيب مكانها، فالراتب 1200 يورو مثلا لا يكفل إلا فتات العيش وتبدو كزعيمة لتعلن رفضها أن تكون مجرد بائعة براتب بائس وتغني "ماني، ماني، ماني"، ميمونة تبدو محبة ومطيعة لدنيا وترافقها في خطواتها ومشروعها للعمل مع تاجرة المخدرات ربيكا، ونرى تحولات نفسية وجسدية وعاطفية سريعة لدى دنيا التي تتحول من شابة صغيرة مراهقة إلى فتاة جذابة ومثيرة ولديها الرغبة لخوض تجربة عاطفية، بينما تظل ميمونة مسكونة بطيبتها وطفولتها وروحها الصافي ووفائها لصديقتها أيضا.
نحن هنا مع مشاكل اجتماعية معروفة في وسط الضواحي المهمشة مثل العنف والمخدرات والبطالة والفقر والتفكك العائلي وجميع الأفلام تتخذها منطلقا لها وتطرح المخرجة أنها لا تحاكم شخصياتها وفيلمها فيلم شعبي وإنساني وترفض تسميته فيلم ضواحي، ولكن الضاحية أيضا كرصيف يمكن أن يوحي للفنان بالكثير من التفاصيل الروحية والإنسانية وهي حاولت البحث عن الحقيقة الإنسانية، فالصداقة والحب والحلم، وذكرت أن فيلمها ليس ترجمة لغضبها من الواقع البائس وليس مجرد تعاطف هو محاولة للمس الواقع برعبة وقسوته وكانت المساحة الكبرى لشخصيات نسائية مختلفة حتى الرجل الذي يرقص في الكباريه متشبه بالنساء.
وكشفت المخرجة أن فيلمها فيلم شعبي محاولة أن تكون مع هذه الشخصيات، تعيش ما يعيشونه، والفكرة تعلقت بذهنها منذ أحداث شغب 2005، ولكن دائما يوجد غضب من شباب الضواحي ويظل مجرد صيحات تعترض وتطالب بالتغيير ولم تتحول إلى ثورة، يجب أن لا نحكم على هؤلاء بسبب المكان الذي يسكنونه بل ننظر إلى الناس ونحاول فهمهم ومعرفة بؤسهم وأحلامهم.
كان الأداء مدهشا وصادقا للممثلتين علية عمامرا وديبورا لوكيموانا، وتتحدث علية عمامرا عن شخصية (دنيا) لتشرح أن الدور كان صعبا كونها ليست من هذه البيئة، وكان عليها أن تعطي الشخصية روحها لذا ذهبت إلى الضواحي وزارت إحدى المدارس هناك، ووجدت أنها لا تفهم لهجتهم وطريقة الحديث والمشي، ولكنها صممت على التقرب من شخصيتها التي أحبتها كونها ذكية وطموحة وكذلك مخلصة لصديقتها ومحبة لعائلتها وهذه القيم والمعاني بعض الناس لا تراها في سكان الضواحي، كون الكثير من الأفلام تصورهم شكليا وبشكل مجحف ويضعونهم في قفص الإتهام ولا يحاكمون الظروف التي تؤدي بهم لهذه النتائج، وهي ظروف لا تتغير ويبدو أنها قدرية، لذلك كانت النهاية صرخة موجعة.
شاهدنا تضامن سكان الحي مع الحالة حيث ميمونة عالقة في المخزن المحترق وترفض سيارة الإسعاف التقدم بسبب تأخر سيارة الشرطة، يتوسل الجميع لرجل الإطفاء لكنه يرفض، ينفجر المخزن، تصرخ دنيا، حالة من الصدمة تهزنا جميعا، تأتي الشرطة فتكون معركة شرسة مع شبان الحي وتظل دنيا مصدومة لهلاك صديقتها والنهاية معبرة وموحية ويبدو تأثر المخرجة بنهاية فيلم "ميديا" للمخرج العالمي بير باولو بازوليني مع وجود فروق ولكن التضحية موجودة، فميمونة سلمت بقدرها وحضت صديقتها على الهروب وفشلت هي ففضلت الهلاك مع تعبيرها بحبها المثالي والنظيف لصديقتها، فلم يكن هذا الحب مبنيا على عوامل مادية مستهلكة ولا علاقة جنسية، بل كان ساميا عن أي ماديات.
تظل ضواحي المدن الفرنسية الكبرى مصدرا للملهاة والكثير من الأفلام الفرنسية تستغل الضواحي وأهلها في بعض المشاهد للإضحاك أو عكس صورة سلبية أو السخرية ونادرا من يتوقف معهم كنماذج إنسانية، فهم مجرد مادة للضحك أو السخرية وهناك صورة مطبوعة ومكرسة تنظر للضواحي كوكر للإجرام والتطرف والإرهاب، وهذا خلق عزلة مخيفة وجعل هذا المناطق سجنا كبيرا وموحشا ومعزولا عن عوامل التحضر، لذلك فهذا الفيلم وغيره ينعش حالة اليقظة ويقرع جرس التحذير لعل هذه الحكومة تنفذ وعودها تجاه هذا الواقع الذي لم يتغير منذ نصف قرن.
كلما جاء رئيس يعد بحل مشاكل الضواحي ويعين سكرتير أو سكرتيرة دولة من أصل عربي أو أفريقي ثم لا يحدث أي شيء ويظل الكلام الإعلامي والتمنيات نشطة إلى أن تنتهي الفترة الرئاسية وهكذا يظل الحال خصوصا أن سكان هذه الضواحي لا يحبون السياسة ولا يشاركون في الانتخابات، فهم خارج الحسابات والمعادلات السياسية والاجتماعية والثقافية وكذلك والإنسانية ففرنسا تدعم دولا فقيرة بمساعدات سخية كدولة معروفة عالميا لكن هؤلاء لا حظ لهم وتصاب بالصدمة عندما تدخل مثل هذه الضواحي لتجد الفقر المدقع والخدمات المنهارة والبؤس المبتسم.
دنيا بطلة الفيلم تتحول لنموذج تراجيدي محزن فهي تخسر صديقتها وتخسر حبيبها والمال وعائلتها وتُطلق صرخة وجع من القلب، أم دنيا هذه المرأة السكيرة البائسة ينكحها الجميع، حقيقة مرة ولكنها واقعية يأتي الحديث التقريعي على لسان ربيكا لتخاطب دنيا قائلة: "جميع شبان ورجال الحي نكحوا أمك"، هذا النموذج حقيقي وغير مبالغ فيه، وشخصية ربيكا بائعة المخدرات أيضا نموذج واقعي ولا مبالغة فيه ويظل حبيب دنيا النموذج النادر، فالقليل ينجح ويغادر وكان الفن وسيلة هذا الشاب للخروج من فخ هذا الواقع.
لا أود المبالغة في مدح الفيلم ولم يجد شهرة شعبية كبيرة رغم فوزه بالكاميرا الذهبية بمهرجان كان 2016 وشاهدت الكثير من أحاديث المخرجة وفرحها بالجائزة ومبالغتها في وصف قدراتها ورغم تغاضي النقاد وقلة الكتابات عن الفيلم إلا إنه حاول رمي حجرة لتحريك جمود بحيرة التمني بالتغيير ورفع صوت فئة مهمشة تحلم بالحياة والحب، وعكس معاني وقيما إنسانية، وبذل طاقمه الفني والتمثيلي جهدا رائعا وهو ليس فيلما عبقريا خارقا لكنه عمل فني يستحق المشاهدة.
....
سينمائي يمني مقيم في فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.