إطلاق برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" بمسجد الشامخية ببنها    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    الوادي الجديد تورد 4000 طن قمح    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات التطوير بإمبابة والمنيرة الغربية والعجوزة    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    بحضور وزير الاتصالات.. ختام بطولة البرمجيات الدولية في الأقصر    جامعة جنوب الوادي توفر سكن فاخر لمرافقي مصابي الأشقاء الفلسطينيين    بلينكن يدعو جميع الأطراف إلى خفض حدة التصعيد.. ويؤكد: ملتزمون بأمن إسرائيل    معلومات عن نظام أذرخش للدفاع الجوي الإيراني.. تدمير الأهداف على ارتفاعات منخفضة    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة ل34012    بدء أكبر انتخابات في العالم بالهند.. 10% من سكان الأرض يشاركون    كارفاخال يغيب عن مران ريال مدريد قبل الكلاسيكو    الأهلي يختتم تدريباته في الكونغو استعدادا لمواجهة مازيمبي    «سلة الأهلي» يواجه أويلرز الأوغندي في بطولة ال«bal».. اليوم    تقارير: ليفربول يرفض رحيل محمد صلاح في الميركاتو الصيفي    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    ضبط 42،500 كيلو حشيش بقيمة 3 ملايين جنيه في الإسكندرية    غرق شابين بمياه النيل في بني سويف    «ابدأ» تشارك بعدد من التوصيات لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني    توافد نجوم الفن لحضور جنازة الفنان صلاح السعدني    «التنسيق الحضاري» ينهى المرحلة الخامسة من «حكاية شارع» بمصر الجديدة ومدينة نصر    ابن عم الراحل صلاح السعدنى يروى كواليس من حياة عمدة الدراما بكفر القرنين    مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط ينعي الفنان الكبير صلاح السعدني    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    النشرة الدينية.. أفضل الصيغ ل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. هذا العمل يجعلك جسرًا لجهنم    بعد شكوى مريض.. محافظ قنا يأمر بتزويد مستشفى دشنا المركزي ب12 ماكينة غسيل كلوي    الصحة: المجتمع المصري أصبح يعاني أمراضا نفسية بسبب الظروف التي مرت بالبلاد    لمحبي الشاي بالحليب.. 4 أخطاء يجب تجنبها عند تحضيره    الخشت: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية بجامعة القاهرة أصبح ال 64 عالميًا    إقبال جماهيري على جناح مصر في بينالي فينيسيا للفنون 2024    بحضور 400 طفل.. «أوقاف القليوبية» تدشن لقاء الجمعة بمسجد في بنها    ضبط مسئول محل لبيع المأكولات لحيازته كمية كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر    احذر الرادار.. رصد 8500 سيارة تجاوزت السرعة خلال 24 ساعة    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    محافظ أسيوط يعلن ارتفاع معدلات توريد القمح المحلي ل 510 أطنان    احذر| ظهور هذه الأحرف "Lou bott" على شاشة عداد الكهرباء "أبو كارت"    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    تجار العملة يتساقطون .. ضبط عدد من المضاربين بحوزتهم 29 مليون جنيه خلال 24 ساعة    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    اعتماد جداول امتحانات نهاية العام الدراسي في الوادي الجديد    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    1490 طنا.. وصول القافلة السادسة من مساعدات التحالف الوطني لأهالي غزة (صور)    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الشعبة الفرنسية بحقوق عين شمس تنظم يوما رياضيا لطلابها    للبقاء مدى الحياة؟ سكاي: بايرن يجهز عرضا لتمديد عقد موسيالا    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي محرم يكتب حياتي في السينما
نشر في القاهرة يوم 14 - 06 - 2011

مدير مهرجان برلين العنصري رفض فيلم «المجهول» وفاجأني ترحيب النقاد والأجانب في مهرجان القاهرة السينمائي بالفيلم العرض التجاري لم ينصف الفيلم لغرابة الموضوع وقسوته وقتامته.. ولكن الغريب أنه يحظي بإعجاب الجمهور عند العرض التليفزيوني المتكرر له رشحت فاروق الفيشاوي لبطولة فيلم «غدا سأنتقم» بعد أن شاهدته في مسلسل«أبنائي الأعزاء شكراً» وكانت أول بطولة سينمائية في حياته رفضت اقتباس فيلم «البطل» إخراج زيفاريللي رغم إعجابي الشديد بالفيلم لأنني لا أقتبس الأفلام التي ليست من أصل أدبي فشل فيلم «الحريف» جعل عادل إمام يهرب من التعامل مع محمد خان وبشير الديك وعاطف الطيب جاءني عاطف الطيب لكي أقوم بإصلاح السيناريو الذي كتبه محسن زايد لفيلم «الحب فوق هضبة الهرم» عن قصة نجيب محفوظ.. فأعدت كتابته من جديد برؤية مختلفة بعد فشل فيلم «الغيرة القاتلة» لم أكن أرحب بالعمل مع عاطف الطيب إلي أن حقق فيلمه الثاني «سواق الأتوبيس» نجاحه المدوي تصاعدت الخلافات العاطفية بين أشرف فهمي ونبيلة عبيد أثناء تصوير فيلم «الراقصة والطبال» فحمدت الله علي انتهاء التصوير لكي يتخلفي أشرف فهمي من عشقه لنبيلة عبيد تزوج بأخري.. وليته ما فعل فقد استعاذ من الرمضاء بالنار كانت مفاجأة كبيرة لي عندما أخبرتني نبيلة عبيد منذ وقت قريب بأن أشرف فهمي كان قد تزوجها وتعجبت كيف اخفي مني هذا الأمر وكان أعز الأصدقاء لي كنت أثناء التصوير فيلم المجهول أستمتع بأداء سناء جميل نادرا ما كان يعيد أشرف اللقطة التي تقوم سناء بتمثيلها إلا إذا كان هناك خطأ من التصوير أو من الممثل الذي أمام سناء، منذ أن بدأ التصوير وسناء تعيش في دور المرأة المصرية المهاجرة التي هربت بابنتها الوحيدة من زوجها القاسي إلي كندا وهناك امتلكت فندقا في بقعة نائية، وعندما اشتدت قسوة الحياة عليها وعلي ابنتها فإنها فكرت في قتل رواد فندقها القليلين بإلقائهم مخدرين في البحيرة بواسطة خادم اصم وأخرس، اكتست ملامح سناء بالقسوة وكانت طوال فترة التصوير قليلة الكلام وإذا تحدثت فإنها تبدو مثل صاحبة الفندق. سناء جميل تعادل في السينما المصرية الممثل العظيم زكي رستم فهي مثله تجيد جميع الأدوار فهي العانس الفقيرة التي تتحول إلي عاهرة وهي الفتاة البلهاء وهي المعلمة القوية الشخصية وهي المرأة الثرية الارستقراطية وهي المحامية المثقفة المتحررة في فكرها وفي علاقاتها مع الرجال إنها في كل فيلم امرأة مختلفة منذ أن شاهدتها في أفلام: سيدة القطار - بداية ونهاية - فجر يوم جديد - المستحيل - يا رب توبة - سواق الهانم وغيرها من الأفلام كانت هناك في الحقيقة كل يوم مباراة في التمثيل بين أبطال الفيلم. في الفندق الذي كنت اقيم أصبح كل من يقيم فيه يعرفني فهو فندق اعتاد أن يذهب إليه رواد دائمون كل عام ويقضون فيه شهور الصيف ليس لمجرد أنه علي بحيرة كبيرة وجوه غاية في الجمال فالطقس في كندا عامة حسب موقعها لا يشعر فيه المرء بالحرارة إلا نادرا جدا لكن ما يتميز به الفندق هو الهدوء التام فقلما تسمع صوتا إلا ليلا إذا ذهبت إلي بار الفندق الذي تم تصميمه وكأنه حانة من حانات أفلام رعاة البقر، كان رواد الفندق يجتمعون فيه ليلا بعد العشاء لتناول المشروبات الخفيفة والكحولية الباردة والساخنة فكنت أقضي الوقت معهم وكان معظهم من الكنديين والأمريكيين وكانوا يطلبون مني الحديث عن مصر والآثار الفرعونية فكانوا ينصتون باهتمام شديد وكنت اترجم لهم بعد النكت والنوادر المصرية فكانوا يغرقون في الضحك. ونشأت بيني وبين صاحب الفندق ستيفن وزوجته التي نسيت اسمها وأخت زوجته صداقة قوية، وكثيرا ما كان يدعوني ستيفن وهو شاب في حوالي الأربعين من عمره أو ربما أقل يتميز بالوسامة والحيوية إلي العشاء معه وزوجته وشقيقتها التي كانت تعمل في استقبال الفندق ونظل نسمر حتي وقت متأخر من الليل، وعرفت أنه من أصل انجليزي، ينقسم سكان كندا تقريبا إلي قسمين قسم من أصل انجليزي والقسم الآخر من أصل فرنسي وهذا لا يمنع أن هناك جالية عربية كبيرة وغالبيتهم من المصريين أكثرهم من الأقباط، وأذكر أنه في حفل زفاف الأمير شارل ولي عهد انجلترا والأميرة ديانا جلس كل رواد الفندق في أكبر قاعة لمشاهدة مراسم الزفاف في التليفزيون، وقام ستيفن بتوزيع كئوس الشمبانيا بنفسه علينا جميعا احتفالا بهذه المناسبة الملكية السعيدة. وكالة البلح بعد أن انتهيت من كتابة سيناريو فيلم «وكالة البلح»، دون أن يعلم أشرف فهمي بذلك وبعد أن لم يصبح هناك داع لبقائي خاصة أنني قد قضيت ما يقرب من الشهر استأذنت أشرف للسفر والعودة إلي مصر فوافق، كنت أعلم أن محمد مختار ونادية الجندي في انتظاري علي أحر من الجمر. لا أعلم لماذا كانت رحلة العودة من كندا إلي انجلترا في الطائرة هادئة هذه المرة ولم أشعر بوطأة المطبات الهوائية المرعبة إلي قليلا، وعندما هبطت الطائرة في مطار هيثرو تنفست الصعداء وقضيت في المطار ما يقرب من الساعتين قضيتهما في انتقاء مجموعة من أحدث الروايات الانجليزية والأمريكية. عندما أصبح فيلم «المجهول» جاهزا للعرض قامت إدارة المهرجانات في مؤسسة السينما باختياره لمهرجان برلين، وكان مدير هذا المهرجان يأتي كل عام إلي مصر ليختار فيلما أو فيلمين، عندما شاهد الرجل الفيلم أبدي إعجابه ولكنه اعترض علي أننا أخذنا عملا أدبيا فرنسيا وعالجناه وقدمناه في فيلم مصري فهو كان يفضل أن نختار موضوعا مصريا فأخبرته بأن الفيلم يتناول حياة المغتربين المصريين في الخارج فأخبرني بأنه كان يفضل أن يشاهد حياة المصريين في الداخل ولمست من حديثه ولهجته نوعا من التعالي واستنكاره بأن نتعرض لعمل أجنبي عالمي وكأننا لسنا أصلا لمعالجته، وكان الناقد سمير فريد حاضرا العرض والمناقشة معنا فأخبرنا بأنه يعرف هذا الرجل مدير مهرجان برلين عن قرب وهو رجل عنصري وينظر إلي الشعوب العربية علي أنه شعوب أقل بكثير من الشعوب الأوروبية. ترحيب النقاد اختار مهرجان القاهرة فيلم «المجهول» ليعرضه في حفل الافتتاح، لقي الفيلم استقبالا كبيرا من المدعوين الأجانب فطلب بعض النقاد منهم التعرف علي كاتب السيناريو ولقائي، ودارت بيني وبينهم المناقشات حول الفيلم ولاحظت الإعجاب علي وجوههم وفي كلماتهم وكأنهم لا يصدقون أن هناك كاتب سيناريو مصريا بهذا المستوي، وأخبرني أحدهم بأن هذه المسرحية فشل مخرجها جان لوي بارو في إخراجها علي المسرح وذلك لصعوبتها الشديدة وأنها تدور في مكان واحد ولم يفكر أي واحد في أوروبا أن يعالجها سينمائيا وأن معالجتي أبعدت الطابع المسرحي تماما عن الفيلم وأن الحوار كان قليلا لكن مكثف بشكل عميق. جري عرض الفيلم تجاريا بعد ذلك ولكنه لم يلق نجاحا كبيرا ربما لغرابة الموضوع وقسوته وقتامته ولكن الغريب أن الفيلم يلقي نجاحا كلما عرضته إحدي القنوات التليفزيونية وأن إعجاب الناس بأداء عادل أدهم ودوره في الفيلم يتزايد حتي أنه أصبح يطغي علي الإعجاب بسناء جميل وهذا ما يثير حيرتي وربما يعود ذلك إلي أن النجومية لها درجات عند الجماهير وقد لا يدخل فيها التميز الفني. روافد دنكيشوتية لا أذكر جيدا الوضع الزمني لفيلم «غدا سأنتقم» الذي أخرجه أحمد يحيي وقامت ببطولته نجلاء فتحي وربما كان أول فيلم يقوم ببطولته فاروق الفيشاوي وكنت قد قمت بترشيحه بعد أن شاهدته في مسلسل «أبنائي الأعزاء.. شكراً» الذي كتبه عصام الجمبلاظي وأخرجه محمد فاضل وشخصية عبدالمنعم مدبولي في هذا المسلسل هي أحد روافد الدونكيشوتية، لا أذكر أن هذا الفيلم تم إنتاجه قبل أو بعد فيلم «المجهول»، ولكن الذي أذكره أنه كان هناك صراع علي نجلاء فتحي بين أشرف فهمي وأحمد يحيي.. من المؤكد أنني كتبت فيلم «غدا سأنتقم» قبل فيلم «المجهول» فلم تكن نجلاء فتحي قد تزوجت بالأمير السعودي كما سبق وأن ذكرت أثناء الحديث عن فيلم «المجهول». جاءني أحمد يحيي في بيتي في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهرا هو وشقيقه شريف يرحمه الله وطلب مني أن أرتدي ثيابي علي عجل وأن أذهب معهما في مشوار لم يفصح أي منهما عنه رغم أن زوجتي ألحت علي لأخبرها إلي أين نحن ذاهبون فمن المعتاد أن تعلم دائما خط سيري حتي تكون مطمئنة ولكني أخبرتها وأقسمت بأنه لا أعلم فاضطرت إلي أن تسأل أحمد يحيي فأخبرها بأننا ذاهبون لمشاهدة فيلم. توقف أحمد يحيي بسيارته أمام العمارة التي يسكن فيها صديقنا المشترك المخرج أحمد ياسين في الدور التاسع فأدركت أننا ربما سنصعد إلي أحمد يسين، ولكن أحمد يحيي ضغط علي زر المصعد للطابق الرابع، وأمام إحدي الشقق أخرج من جيبه مفتاح الشقة ففتح حيث دخلنا إلي شقة فاخرة جدا وأمام جهاز التليفزيون والفيديو جلسنا لنشاهد فيلما، أدخل أحمد يحيي شريطا في الجهاز فإذا به فيلم «البطل» الذي أخرجه زيفريلي الإيطالي في أمريكا. لا للاقتباس كان الفيلم من بطولة فان دانواي وجون فويت، ولكن البطولة الحقيقية في رأيي كانت للصبي الصغير ريكي شرودر الذي يستولي علي مشاعر كل من يشاهد الفيلم بتمثيله العبقري. وأذكر أن دموعنا انهمرت في المشهد الأخير الذي يموت فيه البطل ويحاول الابن الصغير أن يوقظه ويصرخ فيه لينهض.. أخبرني أحمد يحيي عن رأيي فأخبرته بأن الفيلم رائع فأخبرني بأن نجلاء فتحي التي نحن جالسون في شقتها تريد مني اقتباس هذا الفيلم، في البداية تعجبت من وجودي في شقة نجلاء فقد سبق ان ذهبت إليها عندما كانت متزوجة بخالد أبو النجا أو بمعني أدق المهندس سيف أبو النجا وهو والد ابنتها الوحيدة ياسمين وكانت تسكن معه في شقة في الدور الأرضي في إحدي عمارات المهندسين، وعرفت بعد ذلك انها تملك شقة أخري في الميرغني بمصر الجديدة وقد ذهبت إليها بمصاحبة المخرجة إيناس الدغيدي وتناولنا عندها طعام الغداء وكان علي ما أذكر مكونا من فتة وكوارع ولحمة راس وسوف يأتي ذكر ذلك في حينه. المهم ان نجلاء كانت مشغولة ولذلك أعطت مفتاح شقتها في العجوزة التي تطل علي النيل وذلك من أجل ان أشاهد الفيلم وأقول رأيي. هروب الزعيم أخبرت أحمد يحيي بأنه رغم إعجابي الشديد بالفيلم إلا أنني لا أقتبس الأفلام التي ليست من أصل أدبي كما ان جمال الفيلم واتقانه يجعلاني لا أستطيع ان أضيف شيئاً جديداً، وأذكر ان محمد خان وعاطف الطيب وبشير الديك قدموا هذا الفيلم علي انه قصة محمد خان وسيناريو وحوار بشير الديك وإخراج محمد خان وشارك في الإنتاج عاطف الطيب وسعيد الشيمي معهما وذلك تحت اسم «الحريف» بطولة النجم الأكبر عادل إمام ولقي فشلا ذريعاً فلم يستمر في دور العرض سوي أسبوعين وقرر عادل إمام بعد ذلك ألا يقترب من صانعي الفيلم. بعد حوالي أسبوعين تقريبا جاءني أحمي يحيي مرة أخري واصطحبني إلي نجلاء فتحي حيث حكت لي موقفا درامياً عن فتاة أحبت شابا فقيرا ووقفت إلي جواره وتزوجته وعندما كان يقود سيارته المتهالكة وهي إلي جواره إذ به يصدم شخصاً ويقتله، وفي التحقيق تعترف بأنها هي التي كانت تقود السيارة ولم يكن معها ترخيص قيادة، ولذلك تدينها النيابة وتحكم عليها المحكمة بثلاث سنوات. وفي السجن تكتشف أنها حامل وتدريجياً يتوقف زوجها عند زيارتها، وتفاجأ بورقة الطلاق ويموت طفلها داخل السجن، وطلبت مني نجلاء ان أكمل هذا الموقف، وعلي الفور وافقت علي هذا الموضوع وسألت عن المنتج فأخبرني أحمد يحيي بأنه شقيق مصطفي العقاد الذي لا أذكر اسمه الآن، ولكني أذكر انه توفي قبل شقيقه، وعندما قام شقيق العقاد بتصفية الشركة ولم يكن الفيلم قد جري عرضه ولذلك باع كل ما عنده من أفلام إلي المنتج والموزع إيهاب الليثي. وقد جري اختيار الفيلم للعرض في بانوراما الأفلام المصرية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وكان عرضه في دار سينما أوديون حيث ذهبت وشاهدت الفيلم للمرة الأولي فخرجت راضيا عنه وعن ترشيحي لنجم جديد هو فاروق الفيشاوي وهذا الترشيح جعلني أتذكر شيئا مهما وهو ان مشروع هذا الفيلم قد بدأ قبل فيلم «الباطنية» لأنني كنت قد تعرفت علي فاروق الفيشاوي وقمت بترشيحه لفيلم «الباطنية» لكن يبدو أن الفيلم ظل في العلب سنوات حتي جري عرضه بنجاح في دار سينما كايرو. بعد منع فيلم «درب الهوي» جاءني المنتج عبدالعظيم الزغبي ومعه سيناريو فيلم مأخوذ عن قصة نجيب محفوظ «الحب فوق هضبة الهرم» وكان معه المخرج عاطف الطيب الذي كان يزورني للمرة الأولي، كان السيناريو قد كتبه محسن
زايد وذلك بعد بعض المحاولات عندما كان أشرف فهمي سيقوم بإخراجه وفشل بعض كتاب السيناريو في إرضاء أشرف وعبدالعظيم الزغبي ثم استولي اليأس علي أشرف وانصرف إلي مشروعات أخري، لجأ عبدالعظيم الزغبي إلي علي بدرخان الذي قام بترشيح محسن زايد لكتابة السيناريو ولكن محسن زايد لم يستطع هو الآخر ان يرضي المنتج وكذلك النجمة المرشحة لبطولة الفيلم وهي سعاد حسني ولا أعرف حتي الآن لماذا انصرف علي بدرخان عن هذا المشروع رغم ما لديه من صبر علي إعادة كتابة السيناريوهات مرة ومرات وكيف وصل هذا السيناريو إلي عاطف الطيب الذي رفض ان يقوم بإخراجه علي حالته التي أتي به إلي مكتبي وطلبا مني إصلاحه والقضاء علي التشابه بينه وبين فيلم سبق ان قمت بكتابته وهو «الحب وحده لا يكفي»، كان عاطف الطيب قد أخرج فيلمين وهما «الغيرة القاتلة» وفيلم «سواق الأتوبيس. الذي حقق دويا فنيا عاليا ولكنه لم ينجح علي المستوي التجاري وأرجع صانعوه هذا الفشل إلي تعطل التكييف في دار سينما كايرو، ورغم هذا الفشل أصبح لا حديث لنقاد اليسار المتطرف - وأخشي أن أقول الشيوعيين حتي لا يغضبوا- سوي فيلم عاطف الطيب «سواق الأتوبيس» جوهرة السينما المصرية مما آثار عادل إمام وأخذ يتندر عليهم وحتي الآن أحاول أن أجد في هذا الفيلم ما يميزه عن الأفلام التي جري عرضها في نفس العام الذي جري عرضه، ولكني تعودت ان احترم رأي الآخرين وأري ان أي فيلم يثير الخلاف بين النقاد الجادين يعد فيلماً جيداً لأن الكثير من الأفلام تمر مر الكلام لا تنال من المدح قسطا ولا من الذم قسطين، وأذكر تعليق المخرج العظيم حسين كمال عندما سألته عن رأيه في أحد الأفلام فقال لي: «ده حتي ما لحقش يسقط» دليل علي انه لم يشعر به أحد فما بالكم بفيلم «سواق الأتوبيس» الذي أقام نقاد اليسار ولا أعرف إذا كان أقعدهم أم لا. كان حلم عاطف الطيب ان أعمل معه وقد سبق ان ذكرت ذلك ربما في الجزء الثاني من «حياتي في السينما» أو في «أحمد زكي الأصل والصورة» ولم أكن أرحب به بعد فيلمه «الغيرة القاتلة» ولكن بعد ذلك النجاح الفني المدوي لفيلم «سواق الأتوبيس» رحبت بالعمل مه وألقيت بالسيناريو الذي كتبه محسن زايد وقمت بكتابة سيناريو جديد لقصة نجيب محفوظ الرائعة «الحب فوق هضبة الهرم» الذي أري انه من النماذج المضيئة التي تعالج مشاكل الشباب وهي المشاكل التي لم تقترب منها الأفلام التي صنعها شباب السينمائيين منذ عام 1995 حتي الآن، اختار مهرجان «كان» فيلم «الحب فوق هضبة الهرم «ليعرضن في مسابقة «نصف شهر المخرجين» ونال تقديرا عاليا من الصحافة الفنية الفرنسية -من يريد المزيد من التفاصيل عن هذا الفيلم يرجع إلي كتاب «أحمد زكي- الأصل والصورة». الراقصة والطبال كانت نبيلة تلجأ إلي إحسان عبدالقدوس من حين لآخر ليرشح لها إحدي قصصه لتقوم ببطولتها، بدأت معه بقصة «وسقطت في بحر العسل» ثم قصة «العذراء والشعر الأبيض» ثم قصة «ولا يزال التحقيق مستمرا» رشح لها إحسان عبدالقدوس قصة «الراقصة والطبال» وبالطبع بعد النجاح الفني والتجاري الساحق لفيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» كان أشرف فهمي هو المخرج المرشح لإخراج الفيلم وبالتالي أقوم أنا بكتابة السيناريو، ولا أريد أن أكرر ما قلته عن هذا الفيلم في كتابي «أحمد زكي الأصل والصورة، ولذلك سوف أتحدث عن أشياء علي هامش إنتاج هذا الفيلم. كان منتج فيلم «الراقصة والطبال» صاحب محلات مشهورة لبيع الأسلحة والذخيرة وهو فاروق فتح الله ويشاركه في هذه المحلات أخوه موسي فتح الله، كان فاروق يهوي التمثيل ولا أعلم من الذي أقنعه بأن يدخل مجال الإنتاج السينمائي وربما أقوي الاحتمالات أن جرجس فوزي هو الذي كان وراء ذلك فقد امتدت صداقتهما بعد ذلك وشاركه في إنتاج أفلام أخري لم يكن عليها اسم فاروق فتح الله. ولا أعلم لماذا يخشي بعض رجال الأعمال وضع أسمائهم عن الأفلام التي يقومون بإنتاجها ويضعون أسماء آخرين. وفي الحقيقة فإن معظم هذا النوع من رجال الأعمال لم تكن لهم أغراض دنيئة سوي حبهم للفن. ولم أسمع أن أحدهم قد أنتج فيلما من أجل علاقته أو محاولة اصطياد إحدي الممثلات إلا القليل جدا الذين كانت رائحة علاقاتهم تزكم أنوف العاملين في الحقل السينمائي، والحقيقة أن فاروق فتح الله لم تكن له أهواء سوي التمثيل وكان قنوعا بالأدوار الصغيرة ولا يفرض لنفسه دورا إلا ما يراه المخرج له، وكان شخصا دمث الأخلاق ومن النوع الذي لا تسمع صوته لأنه لا يعلو أبدًا. خلافات عاطفية تصاعدت الخلافات العاطفية بين أشرف فهمي ونبيلة عبيد أثناء تصوير الفيلم وصلت إلي أعلي درجة لها بعد الانتهاء من التصوير والانتهاء تقريبا من المونتاج فحمدت الله أن ما تبقي من خطوات أمره سهل. كان أشرف شديد الغيرة والعصبية ويبدو أنه لم يكن يحب نبيلة بل كان يعشقها فعندما يتحول الحب إلي عذاب فإنه يصل إلي مرحلة العشق والرغبة الجنونية في امتلاك المحبوب وحتي إذا استطاع أن يمتلكه فإنه لا يأمن له ويدفعه الشك إلي اتهامه بالخيانة وعدم الإخلاص. إن هذا الموضوع غاية في الصعوبة وقد لا يتسع المجال هنا للتحدث بإفاضة فيه وإنني بالفعل أفكر في كتابة بحث عن هذه العاطفة الجياشة التي تسمو وتدمس وترفع من شأن وتخفض من شأن آخر وذلك علي غرار الكتاب الذي كتبه الروائي الفرنسي العظيم ستندال تحت عنوان «الحب». كنت ألوم أشرف أحيانا علي سلوكه هذا الذي يشبه سلوك الصبية المراهقين، كان يبدو لي بالفعل وكأنه مراهق يدخل عالم المرأة لأول مرة رغم كثرة علاقاته النسائية وزواجه عندما كان بالفعل مراهقا في الثامنة أو التاسعة عشرة من عمره ولم يدم هذا الزواج سوي سنوات قليلة. والذي كنت أعلمه يقينا أنه لم يكن يرغب في الزواج بنبيلة عبيد ولم تكن هي الأخري تريد أن تتزوجه، كان يريد أن يمتلكها وكانت تريد أن تمتلكه ولكن كل واحد منهما علي طريقته، وأستطيع أن أقول إن العشق كان من طرف واحد وهو أشرف فهمي ولذلك كنت أدرك أن لومي له لن يأتي بنتيجة وأتذكر مطلع قصيدة أبي نواس الشهيرة: دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء وأتذكر بيت الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمي في معلقته الشهيرة ولكن استسمحه في أن أبدل كلمة «الحرب» بكلمة «الحب» فيصبح البيت كالآتي: وما الحب إلا ما علتم وذقتم وليس هو عنه بالحديث المرجم ولذلك كان يسمع استنكاري لما يفعله وأخبره بأنه يعلم جيدا إن كان هناك رجال قبله كما كانت هناك نساء قبلها فعليه أن يعقل الأمور، ولكنه لم يكن يدرك أن هناك مصالح بالنسبة للمثلة أو نجمة السينما تحرص عليها مع من حولها من العاملين في هذا المجال الذي هو أشبه بالجحيم، وكنت أنصحه بأن يكون فراقه دائماً فراق الأصدقاء، وقد يذكرني هذا بما كان يقوله لي صديق حسام الدين مصطفي بأنه كان دائماً ينهي علاقته بلا خلاف أو كراهية وتصبح العلاقة بعد ذلك مجرد صداقة، كنت أعارض حسام وأخبره بأن الصداقة بين الرجل والمرأة قد تتحول إلي حب ولكن الحب بينهما لا يتحول أبداً إلي صداقة بل يتحول في أغلب الأحيان إلي عداوة ويحدث هذا عندما لا يكون الحب عفيفا ولكن الجنس هو الذي يسيطر عليه، ولذلك كنت دائماً أقول في هذا الوسط اللعين ان الصداقة أقوي من الحب ولكن من يسمع ومن يجيب، كنت كمن يصرخ في وأدأو يحرث في البحر. كلام في الهواء وكان أشرف يستمع مني لما أقوله ويبدي اقتناعه ويقرر ان ينهي هذه العلاقة ولكن بعد أيام تذوب كلماتي في الهواء ويتسلل الضعف إلي نفسه ويتوهج العشق مرة أخري، ودائماً كنت أضحك عندما أذكر ما كان يفعله أشرف عندما كان يغضب ويثور علي نبيلة فيصيح بها مهددًا بأنه سوف يهدم الديكور ولن يصور الفيلم أو يهددها بأنه سوف يسند دورها إلي نجمة الجماهير نادية الجندي بدلا منها، وكانت نبيلة في كثير من الأحيان قاردة علي امتصاص غضبه هذا ويتحول بعد ذلك إلي مخلوق رقيق ووديع ويحدثني في التليفون من بيتها وهو يضحك ويخبرني بأنهما قد تصالحا. ويذكر هذا الحال بحال الصديق العزيز فريد شوقي عندما كان يعشق إحدي الراقصات وقرر ان يجاملها بأ ترقص في أحد أفلامه التي كان يقوم بكتابتها صديقي العزيز بهجت قمر والذي حكي لي هذه الحكاية الطريفة، كان لابد بالطبع لكي ترقص تلك الراقصة من مشهد يدور في أحد الكباريهات فكان إذا غضب فريد شوقي من الراقصة يقوم بالاتصال ببهجت ويصيح به: «شيل مشهد الكباريه»، ثم ما يلبث ان يعود الوفاق بينهما فيقوم بالاتصال ببهجت ويصيح به «حط مشهد الكباريه»، وأخبرني بهجت بأنه أصبح عندما كان يستيقظ كل يوم من النوم يقوم بالاتصال بالراقصة ويسألها عن أحوالها مع الملك فإذا أخبرته بالوفاق فانه يبقي علي مشهد الكباريه، وإذا أخبرته بالخلاف فإنه يلغي مشهد الكباريه. عذاب الحب المهم ان أشرف فهمي في النهاية لكي يتخلص من عذاب الحب تزوج بأخري وليته ما فعل فقد كان أشبه من يستعيذ بمن النار بالرمضاء. كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لي عندما أخبرتني نبيلة عبيد منذ وقت قريب بأن أشرف فهمي كان قد تزوجها فعجبت لهذا الأمر فكيف يخفي عني شيئاً مثل هذا وكان أعز الأصدقاء وكيف أخفت هي عني ذلك الأمر وهي أعز الصديقات هي ونادية الجندي بالطبع حتي لا تغضب مني. أيقنت ان فيلم «الراقصة والطبال» سوف يلقي الفشل الكبير وذلك بسبب الحرب الشعواء بين المخرج والنجمة وظل الفيلم مجرد نسخة عمل ما يقرب من العام وانتاب اليأس منتجه تاجر الأسلحة والذخائر فاروق فتح الله، وصرف الجميع النظر عن هذا الفيلم ولكن الموزع المحظوظ دائماً محمد رمزي اشتراه من المنتج بالطبع بثمن بخس وقام بإعداده للعرض. وأذكر أن في العرض الخاص حضر إحسان عبدالقدوس صاحب القصة وعدد كبير من أهل الفن والنقاد ولم يحضر أشرف فهمي لأنه أدرك ان نبيلة بالطبع سوف تكون موجودة وقام بالاتصال بي وطلب مني الذهاب إلي بيته بعد العرض. صفق الحاضرون طويلا بعد عرض الفيلم وقام إحسان عبدالقدوس بمصافحتي وأثني كثيرا علي السيناريو، وذهبت إلي أشرف فهمي في بيته وأخبرته بكل ما حدث فتهللت أساريره وأخبرني بما ينوي ان يقدمه وأن استعد لكتابة السنياريو لقصة «أرجوك أعطني هذا الدواء». عندما جري عرض الفيلم تجاريا إذ به يحقق نجاحاً ساحقا فكان ذلك مفاجأة لي ولأشرف وآثار هذا النجاح الحقد الأسود في قلوب نجمات السينما اللاتي كن علي رأس المنافسة، وبالطبع استثني منهن نجمة النجوم سعاد حسني التي لم تكن تعنيها هذه الأمور.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.