مفارقة مثيرة أن تشارك نبيلة عبيد للمرة الثانية في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بعد مشاركتها من قبل بفيلم "المرأة والساطور"، لكنها هذه المرة تحلم بأن تنجح في الحصول علي جائزة أفضل ممثلة في هذه الدورة، علي الرغم من الزوبعة التي أثارها أحد المنتجين ضد مشاركة فيلم "مفيش غير كده" في المهرجان ووصل به الأمر إلي حد رفع دعوي قضائية ضد وزير الثقافة بوصفه رئيس اللجنة العليا لمهرجان القاهرة السينمائي، ونقيب السينمائيين، ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي، ومخرج الفيلم، والممثل القانوني لشركة اتحاد الفنانين للسينما والفيديو، مطالبا بوضع اسمه علي "تترات" الفيلم، في البداية والنهاية، في لوحة مستقلة باعتباره المنتج المنفذ للفيلم، وعدم عرض الفيلم في المهرجان في حال عدم تعديل "التترات". نبيلة عبيد لم تستطع أن تكتم فرحتها بمشاركة فيلمها في الدورة الثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي، لكنها آثرت الرد علي المنتج أحمد غيث صاحب الدعوي القضائية، فقالت: أثناء تصوير فيلم "مفيش غير كده" أراد هذا المنتج أن يوقف التصوير لنبدأ العمل في مسلسل تليفزيوني يعرض في شهر رمضان، لكنني رفضت بشدة لأنني كفنانة أعيش في حالة يحتاجها الدور، ولا يمكن أن أخرج منها بسهولة لأدخل في أخري؛ إضافة إلي صعوبة الاستغناء عن الديكور وبنائه من جديد أو لم شمل عناصر العمل مرة أخري، وعندما فشل في إقناع فريق الفيلم بوجهة نظره انسحب وتولت شبكة راديو وتليفزيون العرب a.r.t إنتاج الفيلم، وسددت مستحقاته وأرباحه المتوقعة عن الفيلم. ولماذا رفضت شخصيا بطولة المسلسل التليفزيوني الذي عرض عليك؟ وهل كان لتعثر مسلسل "العمة نور" مع نفس المنتج دخل في هذا؟ لا أخفي عليكم أن جزءا من رفضي وعدم حماستي لتجربة العمل في مسلسل تليفزيوني جديد، أن التليفزيون يتطلب حرصا كبيرا، وعناية أكبر علي اختيار النص والإعداد الجيد والتحضيرات الكثيرة التي لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة حتي ندخل بيوت المشاهدين ونحن مطمئنين لنجاح العمل والفوز بثقتهم، بالإضافة إلي أنني معروفة بقدرتي الفائقة علي اختيار أعمالي، وأدواري، ولم أشأ أن أقارن بأخريات عجزن عن هذا في الفترة الأخيرة. ألم يكن لموقفك هذا علاقة بما جري لفيلم "قصاقيص العشاق"؟ لا أنكر هذا؛ فقد كان علي أن أتعلم من تجربة "قصاقيص العشاق" من مشاكل إنتاجية أدت إلي توقفه لمدة ست سنوات تقريبا فكان الفشل حليفه في النهاية، وكان سببا في نشوب خلاف مع صديقي حسين فهمي مازالت آثاره قائمة حتي يومنا هذا. في رأيك لماذا فجر المنتج هذه الأزمة في هذا التوقيت؟ في تصوري أن تفجير الأزمة له علاقة وثيقة باختيار الفيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي؛ إذ أيقن أن الفيلم علي درجة من الجودة، بحيث نال ثقة لجنة اختيار الأفلام المشاركة في المهرجان؛ بالإضافة إلي تفاؤله بأن الفيلم سينجح جماهيريا بإذن الله، ولهذا أراد أن ينسب له فضل إنتاج هذا الفيلم. وإذا كانت الجهة المنتجة الحالية قد رفضت الرد عليه، لكنني أود توضيح بعض الحقائق أمام الرأي العام؛ فهذا الرجل ليس منتجا للفيلم وليست هناك صلة من قريب أو من بعيد بإنتاجه. ما حقيقة العلاقة التي تربطك ومخرج الفيلم خالد الحجر؟ التقيته في إحدي المهرجانات الدولية في بلجيكا؛ حيث كنت عضوا في لجنة التحكيم، وشاهدت له فيلما اختير في المسابقة وأعجبني الفيلم، وتكنيك المخرج نفسه، واعتراني شعور جازم بأنه "خسارة نبدد مخرجا كهذا دون أن نستفيد منه ومن قدراته في السينما المصرية" في ظل إدراكه ووعيه لوظيفة السيناريو ودور الموسيقي وامتلاكه لأدواته الفنية، فكان اختياري له ليخرج فيلم "مفيش غير كده"، وبالفعل عقدنا جلسات أنا وهو والشاعرة كوثر مصطفي وكاتبة الفيلم عزة شلبي واتفقنا علي كل عناصر الفيلم وصورته النهائية. لماذا استغرقت فترة التحضير كل هذه المدة الطويلة قبل بدء التصوير، مما أوحي للبعض أن ثمة خلافات في "الكواليس" أو أن القلق من التجربة دائما يعصف بك؟ كل ما في الأمر أن المخرج انشغل بتصوير فيلم "حب البنات" بطولة ليلي علوي وسافر عدة مرات لحضور أكثر من مهرجان سينمائي عالمي. وفي رأيي أن التحضير لأي فيلم جيد ومتميز لابد أن يستغرق فترة طويلة ليخرج بالصورة التي تشرف أصحابه، وتقدم درسا في كيفية صنع الفيلم بمعناه الصحيح. لكن هناك من رأي أن استعانتك بالجيل الجديد من الوجوه الجديدة كان محاولة لمغازلة جمهور السينما الشبابية؟ كفنانة لست في حاجة لمن يعرفني دوري تجاه الجيل الجديد، وليس جديدا علي بالمرة أن أتبني الوجوه الجديدة في أفلامي؛ لكنني أحرص في نفس الوقت علي اختيار الأدوار التي تناسبني وتليق بي، والدليل علي هذا ما قالته الناقدة ماجدة خير الله بأنني "أم مُزة"، وهو تعبير أعجبني وطمأنني علي نفسي واختياراتي؛ فالنقاد والجمهور لهم اعتبار كبير لدي؛ فأنا لا أنسي أنني شاركت كممثلة شابة نجوما كبارا مثل مديحة يسري وأحمد مظهر في "خطيب ماما"، لهذا كانت سعادتي كبيرة عندما نجحت شركة "جود نيوز" في توظيف خبرات وقدرات الجيل الكبير والمخضرم مثل عادل إمام ونور الشريف ويسرا في فيلم "عمارة يعقوبيان" مثلما سعدت بعودة ليلي علوي وفاروق الفيشاوي إلي الشاشة الكبيرة بعد غياب. لماذا رفضت إذن المشاركة في "عمارة يعقوبيان"؟ لم يكن رفضا بهذا المعني، لكنني كنت أعيش حالة نفسية سيئة في أعقاب وفاة والدتي، ولم أكن أستطيع الوقوف أمام الكاميرا. وما سر حماستك لفيلم "مفيش غير كده"؟ لأنني أمتلك "بوصلة فنية خاصة" حسب تعبير الناقد أحمد صالح، واستهوتني فكرة تقديم فيلم موسيقي استعراضي في أول تجربة أخوضها من هذا النوع؛ بالإضافة إلي أن الفيلم يحمل مضمونا إنسانيا واجتماعيا في إطار شبابي خفيف ولطيف بحيث يخرج منه المتفرج، وقد ترسخت لديه فكرة ما. الأمر في حاجة إلي المزيد من التوضيح؟ "عاوزاني أحكي قصة الفيلم يعني؟" (تضحك) عموما الفيلم يتحدث عن أم تنتمي إلي طبقة اجتماعية متوسطة، لكنها تتمتع بخلفية ثقافية عالية تركها زوجها دون أن يطلقها أو يترك لها ما تنفقه علي تربية أولادها الثلاثة، وتتفق مع جارتها التي تعيش ظروفا مشابهة علي فكرة إعادة تصنيع وتجميل العاديات المستهلكة والقديمة، وتحلم بالثروة بعدما تشق ابنتها الصغري طريقها بنجاح في عالم "الكليبات"، وعندما تفاجأ بأن المخرج يسعي لاستغلال ابنتها بشكل سيئ تنتفض كأي أم وتدافع عن ابنتها. فيلم جديد ينتمي لما يسمي "سينما المرأة"؟ هذا التصنيف ولي زمانه وانتهي؛ فنحن كجيل الذين أبدعنا هذا المصطلح، عندما قدمنا أفلاما من هذه النوعية؛ سواء أنا أو نادية الجندي والمخرجات مثل إيناس الدغيدي ونادية حمزة، لكن اليوم لم يعد له وجود في ظل ما اصطلح علي تسميته بالسينما الشبابية فقط. هل صحيح أن جيلكم يتعمد اختيار مخرجين شبان ليسهل عليكم قيادتهم والسيطرة علي العمل؟ ربما يحدث هذا مع فنانين آخرين غيري، لكنني لم أعرف يوما بأنني ألجأ إلي مثل هذا الأسلوب، ومنذ بداية مسيرتي أعرف حدودي، واحترم دور ومكانة المخرج، ولا أتردد لحظة في تنفيذ تعليماته، طالما ارتضيت العمل معه، وربما لهذا السبب ارتحت للعمل مع مخرجين بعينهم، ولم انضم يوما إلي مدرسة "التمثيل مسئولية كل ممثل"؛ فهناك رؤية للمخرج ومسئولية تفرض نفسها علي كل العاملين في الفيلم، ومازلت علي قناعة بهذا الأسلوب حتي يومنا هذا. أليست مفارقة أن تتخلين فجأة عن حبك لروايات إحسان عبدالقدوس وتلجئين للموضوعات الشبابية؟ إحسان عبدالقدوس كاتب عظيم وكبير، وأثبتت الأيام أنه صاحب بعد نظر، وقدرة علي استشراف المستقبل في كل رواياته، لكن بكل أسف فإن أعماله لا تصلح في ظل "الهوجة الشبابية" للتقديم في السينما. لكن حبي له لم ينته بدليل تقديمي لمسلسل إذاعي في العام الماضي من أعماله، ونجح نجاحا كبيرا، وكلما أردت أن أقدم له عملا تليفزيونيا أخاف حتي لا تطوله المحاذير الرقابية، لأنه كاتب جريء. بصراحة.. هل تحلمين بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي عن دورك في فيلم "مفيش غير كده"؟ هذه ليست المرة الأولي التي أشارك فيها بفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، فقد سبق لي هذا من خلال دوري في فيلم "المرأة والساطور" إخراج سعيد مرزوق، الذي فاز عنه الفنان القدير أبو بكر عزت بجائزة التمثيل الأولي "رجال"، ولا أنكر أنني لم أطمح دائما للفوز بجائزة التمثيل، وعيناي دائما علي الجوائز منذ نجاحي في هذا من خلال فيلم "مازال التحقيق مستمرا"؛ الذي حقق جوائز عديدة محليا ودوليا؛ ففي اعتقادي أن الجوائز تمنح صاحبها شعورا رائعا وتعد مكافأة ثمينة علي مجهوده. وبالتالي ليس غريبا أن أطمح إلي جائزة من مهرجان القاهرة السينمائي؛ لأنه واحد من المهرجانات الدولية المهمة، وجائزته تمثل إضافة لصاحبها.