محافظ الغربية يتفقد احتفالات مولد «السيد البدوي» بطنطا    إصابة خمسة أشخاص في تحطم مروحية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية    «زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    سعر الذهب اليوم في السعوديه وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأحد 12 أكتوبر 2025    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الأحد 12-10-2025    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 12 أكتوبر    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن اليوم 12 أكتوبر    هل يتجاوز صندوق النقد عن بند الطروحات الحكومية خلال المراجعة المقبلة؟ محمد معيط يجيب    محمد معيط: رفع التصنيف الائتماني لمصر يقلل تكلفة التمويل.. والتحسن الاقتصادي أدى لانخفاض التضخم    رئيس الوزراء البريطاني يؤكد حضوره «قمة شرم الشيخ للسلام»    الولايات المتحدة توجه دعوة إلى إيران لحضور قمة السلام بشرم الشيخ    اشتباكات عنيفة على الحدود الأفغانية الباكستانية    عضو المكتب السياسي ل حماس: استقرار المنطقة لن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة    عضو مجلس السيادة السوداني: الحرب ستتوقف عندما تُثبَّت أركان الدولة السودانية    الاعتراض وحده لا يكفي.. نبيل فهمي: على الدول العربية أن تبادر وتقدّم البدائل العملية لحماية أمنها القومي    سفارة قطر: نشكر مصر على اهتمامها بحادث شرم الشيخ.. ونقل الضحايا إلى الدوحة اليوم    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    قراءة فنجان وصديق مشترك.. كيف تزوجت إيناس الدغيدي من «سوكارنو» ؟    بحضور أمير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا .. أسرة فيلم أوسكار عودة الماموث تحتفل بالعرض الخاص..صور    تفاصيل ظهور «رونالدينيو» في كليب عالمي لمحمد رمضان    مسلسل «لينك» الحلقة 1.. سيد رجب يتعرض لسرقة أمواله عبر رابط مجهول    صعود جماعي في قطاعات البورصة المصرية يقوده المقاولات والبنوك خلال أسبوع التداول المنتهي    عاجل - "حالتهما حرِجة".. آخر تطورات وضع مصابي حادث شرم الشيخ    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الحلقة الأولى على قناة atv التركية.. والقنوات العربية الناقلة وترددها    حقوق عين شمس تُكرم رئيس هيئة قضايا الدولة بمناسبة اليوبيل الماسي    بهدف زيدان.. العراق يفوز على إندونيسيا ويخوض مواجهة نارية أمام السعودية    أحمد حسن: أبو ريدة طالبنا بالتتويج بكأس العرب بسبب العائد المادي    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    المؤبد لأب ونجليه.. قتلوا جارهم وروعوا المواطنين بالخصوص    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    مفاجأة.. مستقبل وطن يتراجع عن الدفع بمالك النساجون الشرقيون في بلبيس (خاص)    مصادر: قائمة «المستقبل» تكتسح انتخابات التجديد النصفي ل«الأطباء»    «القومي للبحوث»: مصر بعيدة عن الأحزمة الزلزالية    نبيل فهمي: لابد من تحصين خطة ترامب للسلام دوليًا حتى تُفضي إلى الدولة الفلسطينية    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    انتشال 5 جثث احتجزوا داخل سيارة في حادث بطريق قفط - القصير بقنا    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025-2026 وإجازة نصف السنة    ضبط منافذ بيع الحيوانات.. قرارات عاجلة من النيابة بشأن تمساح حدائق الأهرام    سراج عبدالفتاح: «الزراعي المصري» يستهدف زيادة حصته بالتوسع في التجزئة المصرفية    «شاف نفسه».. أسامة نبيه يكشف تفاصيل أزمة محمد عبدالله وعمر خضر مع منتخب الشباب    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    «مخيتريان»: «مورينيو» وصفني بالحقير.. و«إنزاجي» منحني ثقة مفرطة    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    حالة من الحيرة لكن لأمر جيد.. حظ برج العقرب اليوم 12 أكتوبر    18 معلومة عن مي فاروق: الرئيس السيسي كرمها و«تأخير» حرمها من المشاركة بمسلسل شهير وخضعت ل«عملية تكميم»    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    ملخص ونتيجة مباراة إسبانيا ضد جورجيا بتصفيات كأس العالم 2026    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    لو خلصت تشطيب.. خطوات تنظيف السيراميك من الأسمنت دون إتلافه    أمر محوري.. أهم المشروبات لدعم صحة الكبد وتنظيفه من السموم    هاتريك تاريخي.. هالاند الأسرع وصولا إلى 50 هدفا دوليا مع النرويج    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصدقاء القطط
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 08 - 2016

أشهر شاعر عشق القطط وكتب عنها قد يكون شارل بودلير، لدرجة أن القطط كانت تلهمه أكثر من المرأة. وفي مجموعته «أزهار الشر» – التي أعتقد أن ترجمتها خاطئة بهذا الشكل وأنها ربما من المفروض أن تكون «أزهار الألم» كتب الكثير عن القطط، وصف جمالها ودلالها وكمية العاطفة المنبعثة منها، بل إنه وصف أيضا كبرياءها وكأنها كائنات بشرية ارستقراطية.
تحدث أيضا عن قططه المغرومة ببعضها بعضا، وعن ممارستها فن التلامس. ويبدو أنّه قضى وقتا طويلا وهو يتأملها، ويمتلئ بكل حركاتها الجميلة.
وبودلير لم يكن الشاعر الوحيد الذي عشق القطط، فقد أطلق على القطط في القاموس اللغوي للفنانين والشعراء أنها «صديقة الشعراء».
وفي تاريخ هؤلاء حضرت القطط بقدر حضور المرأة وقضايا إنسانية أخرى. ولا أدري لماذا لم نهتم نحن العرب بهذا الموضوع، مع أن الغزلان أخذت مكانة مهمة في الشعر العربي، كما الفرس والنّاقة فكثيرا ما اتهمنا أننا شعوب لا تحترم الحيوان وهذا غلط. في تراثنا مشاعر إنسانية هائلة لكن إن لم نكتشفها فالعتب على من لم يقرأ وليس على من قرض الشعر.
بودلير الذي قال «إنّه يتجوّل في مخيلتي.. إنه يهدئ أقوى الآلام».
كان يقصد أحد هررته، حتى أنّه لا يكتفي بوصف شكله الخارجي ولكنّه يخبرنا أن قطه يعالج أعمق آلامه.
بول إيلوار، جاك بريفير، بابلو نيرودا، موريس كاريم وآخرون كتبوا نصوصا شعرية عميقة عن قططهم، وفي الحقيقة الشعر ليس أكثر من مرآة للنفس، ما يعني أن هؤلاء الشعراء وغيرهم وجدوا ما يمص حزنهم وتعبهم النفسي في القطط باكرا قبل أن تثبت الدراسات العلمية أن للقطط قدرة على امتصاص الطاقة السلبية من حولهم. وأن البيوت التي تعيش فيها القطط مع الإنسان يكون أفرادها أكثر سعادة، وأكثر قدرة على الإبداع.
نظرية ربما اكتشفها إنسان ما قبل العلم من خلال التجربة، واكتشفها العلم اليوم بعد أن انفصل الإنسان عن الحيوان في حياته اليومية فزادت متاعبه.
البحث فيما يجلب السعادة للمكتئبين والمحزونين والمهمومين أصبح موضة العصر، لكنه كان المبحث الأول للشعراء والفنانين الذين حملوا قلوبا حساسة وهشة، وتفاعلوا مع كل الظروف المحيطة بهم ومع من حولهم وعاشوا أحزان ومتاعب غيرهم تماما كما عاشوا متاعبهم الشخصية.
في كتاب أشك أن يكون القارئ العربي قد اطلع عليه، للصحافية الأمريكية أليسون ناستازي نشرت فيه المؤلفة أكثر من خمسين صورة لفنانين وكتاب وشعراء أخذوا صورا مع قططهم وقامت بدراسة هذه الصور، حسب معطياتها.
كتاب جد ممتع يروي في لقطات فريدة جزءا مهما من حياة مبدعين ملأوا الدنيا بقصصهم وإبداعاتهم، منهم سلفادور دالي، آندي وارهول، فريدا كاهلو، هنري ماتيس وآخرون كسرت القطط عزلتهم بحكم عملهم الإبداعي الذي يفرض عليهم أن يكونوا في أمكنة منعزلة عن النّاس.
استجوبت أليسون ناستازي المبعدين الذين على قيد الحياة وعكفت على تحليل الصور للراحلين، بالاستعانة بكل الوثائق والدراسات وأحيانا بآراء الأطباء النفسيين لقراءة تلك العلاقة الغريبة والإيجابية بين القطط وأولئك المتميزين. تروي مثلا حكاية بابلو بيكاسو مع هرّه «بابو» الذي يرافقه في كل تنقلاته، حتى أنه يأخذه معه إلى المطاعم، لتناول العشاء برفقته.
أما الرسام الفرنسي هنري ماتيس الذي عانى من مرض السرطان، فقد ظلّ هرّه معه، يلازمه في فراشه، وقد اعترف أن السعادة التي ظل يشعر بها سببها هرُه. معلومة تنسف تماما فكرة أن الهرّ ليس وفيا لصاحبه مثل الكلب.
رغم أنّ القطط لا تتكلّم وحضورها أحيانا يرافقه الصمت الكامل لكنها تثرثر بعينيها وحركاتها وملامساتها الساحرة لمن تحب. وما لا يمكن إنكاره هو أنها مجهّزة بشكل إلهي لتقوم بهذه الوظيفة وإلا لماذا تحب أن تعيش مع الإنسان أو في محيطه.
زمان، حين كانت القصص المروية سيدة الليالي الشتوية الطويلة، وسيدة حكايات المسكوت عنه تكلمت الحيوانات وأخذت أدوارا بطولية، وتألقت القطط كما في قصص لافونتين، وشارل بيرو، وعلى مدى خمسة قرون تقريبا حفظت الأجيال قصة «الهر أبو جزمة» مثلا وهذا بشكل ما يكشف حضور الهر في حياة الكُتّاب، فلا القصة ملّ منها الناس ولا القطط ملت من الناس ولا الأدباء ملوا من القطط…
إميل زولا في «جنّة القطط» يجعلنا نكتشف الحرية، حتى إن لم نكن، نحن المجتمعات العربية، نعرف ما معنى «هرّ صالون» إلاّ أن الحكاية فيها مغزى قوي جدا، وتصوير جدي وجيد للطبقة المخملية التي تسبح في النّعم ولا تعرف معنى الطيران فوق القصور وتنفس هواء الأعالي من القمم. وهي نفسها غاية الكاتب روديارد كيبلينغ في قصّته «القط الذي ذهب لوحده» ذات الأبعاد الفلسفية العميقة عن الحرية والاستقلال.
وإن صنفت هذه القصص أنّها قصص للأطفال، إلاّ أنها اللبنات الأساسية لبناء عقل الإنسان في عمر مبكّر. وفي حياة بعضنا، كانت القطط تلعب والأمهات والآباء يترجمون سلوك القطط بشكل تربوي، وقد ترسّخت تلك القصص في أذهانهم لأن للقطط أصلا حضور عجيب في أنفسهم.
ثم من لا يعرف كوليت؟ التي كتبت الكثير عن القطط وقالت: «لا مخاطرة في معاشرة القطط، فهي مصدر حقيقي للثراء» وحكايتها مع القطط أغرب من قصصها هي التي قضت نصف قرن من عمرها تبحث عن صديق إيجابي في حياتها ولم تتوقع أبدا أن تجده على شكل قط!
أما الأغرب على الإطلاق فهو الكاتب بول ليوتو الذي كتب الكثير عن القطط، وقال إنه في إمكانه أن يكتب المزيد، هو المحاط بأكثر من ثلاثمئة هرّ.
وغيرهم عُرف مونتانيْ بقطته «مدام فانيتي»، مالارميه وقطته السوداء «ليليت»، جورج صاند وقطها «مينو» الذي لا تفطر صباحا بدونه، مارك توين كان لديه قطه المشهور «زوروستر».
أمّا همنغواي فكانت لديه مقولة شهيرة: «كل هر يقود إلى هر آخر» ذلك أن الهررة في حياته مسلسل لم ينته بانتهاء هرّ معين، وعشقه لها كان مستمرا بتوالدها أيضا..
ولنختم إن شئتم بالكاتب الإنكليزي العبقري ألدوس ليونارد هاكسلي الذي لديه قاعدة خرافية لكل من يريد أن يكون كاتبا بقوله: «إلى الذين يريدون أن ينغمسوا في تجربة الكتابة إبدأوا بتربية القطط» .
والآن إن اعتبرتم هذا المقال غير جاد، فما عليكم سوى أن تقوموا بمزيد من الأبحاث حول الموضوع لأنه واسع وذو تفرعات لا تنتهي، وإن كنتم تعتقدون أن الفكرة مجرّد قائمة عن هوس شعراء وكتاب وفنانين أنصاف مجانين فابحثوا في الجانب العلمي للموضوع، ستصابون بصدمة فكرية قوية فوجود هر في بيتكم يعالج الأرق، والقلق ويطرد الأفكار السوداء التي تملأ رؤوسكم أحيانا وله قدرات عجيبة أخرى لمعالجة كل أمراضكم النفسية.
أخبركم بهذا من باب التوفير حتى لا تحتاجوا لطبيب نفسي ذات يوم، ومن باب أن تقتحموا تجربة الكتابة بقلب قوي.
أراكم تبتسمون وهذا في حد ذاته من تكرار كلمة قطط في مقالي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.