يبدو أن أزمة حجاب فاروق حسني وزير الثقافة لن تمر بهدوء علي إثر فشل جميع محاولات التهدئة التي شهدتها الأيام الماضية ففي الوقت الذي واصل المستشار مصطفي النجار بنيابة استئناف القاهرة الاستماع للأقوال في البلاغات المقدمة من محامين إسلاميين تواصل أيضا فشل قيادات الحزب الوطني في إقناع بعض نوابه الغاضبين بالتصالح مع الوزير. وما دعم فكرة تأجيل جلسة المحاكمة البرلمانية التي كان مقررا عقدها أمس أمام لجنتي الثقافة والشئون الدينية إلي الأسبوع المقبل، أن المؤسسة الدينية أعلنت رسميا عن دخولها كطرف أساسي في المعركة ضد الوزير وبدا هذا واضحا في التصريح المتأخر للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والذي قال فيه "إنه لا رأي شخصيا في الدين وهو ما يعني صراحة إبطال حجج المدافعين عن الوزير بأنه كان يعبر عن رأيه الشخصي". وجاء تصريح شيخ الأزهر ليضيف ضلعا جديدا إلي أضلاع المعركة ما بين الإخوان وبعض نواب الوطني إضافة إلي قطاع عريض من المواطنين الذين بدأت تلوح بوادر غضبهم من خلال المظاهرات الحاشدة التي نظمت أمس الأول بالقاهرة والإسكندرية الأمر الذي أكد لقادة الحزب الوطني أن القضية لن تحل بالسهولة التي كانوا يتصورونها وأن الجلسة المشتركة للجنتي الثقافة والشئون الدينية قد تتحول إلي مذبحة لفاروق حسني. ويبذل الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية جهودا مضنية لتهيئة الأجواء حتي تصبح مناسبة للمصالحة.وفي هذا السياق أكدت مصادر بالحزب الوطني أنه تم الاتفاق علي عقد لقاء مصالحة بين الوزير والنواب الذين هاجموه في مقر الحزب بعيدا عن البرلمان، لوضع استراتيجية واقعية لتطويق المعركة خاصة أن الإخوان عادوا للإمساك بزمام المبادرة التي سحبها منهم نواب الوطني الاثنين الماضي. وبعد إتمام الصلح سيتم الاتفاق علي أن يذهب فاروق حسني للبرلمان يوم الأحد القادم وربما تكون النفوس قد هدأت والزوبعة قد وضعت أوزارها قليلا ومثلما أشرنا في عدد أمس من نهضة مصر فإن تلك الجلسة ستشهد حضورا كثيفا من الهيئة البرلمانية العليا للحزب الوطني وتحييد بعض النواب الذين تسببوا في إحراج الحزب بوقوفهم إلي جانب الإخوان. علي الجانب المقابل يرفض الإخوان حتي الآن بشكل قاطع جميع الحلول الوسط لكن مساعي دءوبة مازالت قائمة لإقناعهم بصيغة لا تحرج الوزير وتحقق لهم في الوقت نفسه جزءا مما يريدونه أي أنه سيكون اعتذارا ضمنيا وليس صريحا. وعلي الجانب الثالث وربما لأول مرة منذ أزمة رواية "الوليمة" التي جرت وقائعها عام 2000 عاد المثقفون ليتكتلوا بقوة بجوار الوزير حيث زاد عدد الموقعين علي بيانهم الذي يستنكر محاولات تيار ديني بعينه احتكار الحديث باسم الإسلام إلي نحو 370 مثقفا وبينهم مواطنون عديدون وسيدات محجبات ولاتزال التوقيعات مستمرة. وفي السياق نفسه أصدر أساتذة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة بيانا مماثلا يعتبرون فيه أن ردود الفعل العنيفة تجاه تصريحات فاروق حسني حول الحجاب تمثل تراجعا خطيرا ونكوصا عن كل ما أنجزته النخبة المصرية طوال قرنين من التنوير وأن هناك من يريد العودة إلي العصور المظلمة في حضارتنا واتهموا بعض التيارات الدينية بالإرهاب الفكري والسعي لتحقيق مكاسب سياسية زائفة... وبلغ عدد الموقعين علي البيان 30 أستاذا جامعيا بينهم محجبات وعلي رأس الموقعين الدكاترة عبدالوهادي الوشاحي ورضا عبدالسلام وصبري منصور وناجي شاكر وسوزان طنطاوي وجلال الشايب. إضافة إلي ذلك تواصلت بيانات المثقفين العرب والأجانب وبرقياتهم المساندة لفاروق حسني وآخرها برقية جاك لانج وزير الثقافة الفرنسي السابق.