جاء خطاب الرئيس بوش عن "حالة الاتحاد"، الذي ألقاه الأسبوع الماضي في سياق خاص تميز بتدني معدلات الشعبية، وتراجع السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، فضلاً عن سلسلة من الفضائح التي هزت ثقة الرأي العام بالحزب "الجمهوري" والإدارة الأمريكية وقد أدرك المحللون أن بوش في حاجة ماسة إلي إلقاء خطاب متميز، يعيد الزخم إلي جهوده في توجيه وصياغة النقاش العام في الساحة الأمريكية وفي هذا الإطار، انكب مساعدو بوش طيلة الأسابيع التي سبقت الخطاب علي تهييء الأجواء العامة لاستقبال كلمة بوش علي نحو إيجابي، حيث اجتمعوا بالصحافة واستعرضوا القضايا التي سيتطرق إليها بوش في خطابه وبكل المقاييس كان يفترض أن يدلي الرئيس بإحدي أهم خطبه منذ اعتلائه للرئاسة، خصوصاً في ظل معدلات الشعبية المنخفضة التي وصلت نسبتها إلي 39%، والتدني اللافت في ثقة الرأي العام بالحزب "الجمهوري" وقد بات واضحاً أنه ما لم يباشر بوش بإصلاح ما، فإن حزبه سيتعرض للهزيمة في انتخابات الكونجرس المقبلة ولاشك أن سيطرة الحزب "الديمقراطي" علي الكونجرس الأمريكي ستضعف من قدرة الرئيس علي تمرير التشريعات، ومع ذلك أجمع معظم المراقبين علي أن الخطاب جاء مخالفاً للتوقعات فقد حاول الرئيس أن يظهر تفاؤله وثقته بنفسه، متمسكا بهدوئه ورباطة جأشه مع إضفاء روح الفكاهة عليه وبينما ركز بوش في الجزء الأول من الخطاب علي القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي خصص الجزء الثاني للحديث عن المواضيع الداخلية هذا ولم تستطع مسحة الثقة التي سعي الرئيس بوش إلي تقمصها في خطابه حجب نبرة التواضع التي ميزت الخطاب، حيث خلا من التصريحات الجريئة، أو الزهو بتحقيق الانتصارات الكبيرة وبالتمعن قليلا في خطاب "حالة الاتحاد"، نجد أن أهم ما جاء فيه هو إعلان بوش أن "أميركا أصبحت مدمنة علي النفط" وإذا كان الحل واضحاً ويكمن في التكنولوجيا الجديدة، إلا أن بوش أدرج جميع الأفكار والمبادرات تحت عنوان واحد أطلق عليه اسم "مبادرة الطاقة المتقدمة"، حيث تعهد الرئيس من خلال مبادرته العمل علي "استبدال أكثر من 75% من واردات النفط من الشرق الأوسط بحلول 2025 لنجعل من اعتمادنا علي نفط الشرق الأوسط في عداد الماضي" وبالنظر إلي أهمية الموضوع لاقي الإعلان ترحيباً غير مسبوق من قبل الحاضرين لكن عند إلقاء نظرة فاحصة، يتبين أن تعهد بوش لا يعدو كونه كلاماً يطلق في المناسبات العامة