جورج بوش.. بالأشعة المقطعية

.. وهو في نوبات "احتضاره السياسي"!

الدنيا في أمريكا خراب سياسي ويباب.. العام 2005 كان سنة كبيسة بالنسبة لجورج بوش، رغم انها حسابيا ليست كذلك!..: فرغ صبر الشعب الأمريكي علي طغيان اَلام حرب العراق، وتمرد عليها!.. انهكت أسعار الوقود النارية جيوبه وبطاقات ائتمانه!.. أصاب الهريكين كاترينا مساكنه في ولايات الجنوب بدمار اعصاري شامل!.. انهار نظام الضمان الاجتماعي فوق رؤوس ملايين المستمتعين بالفقر المدقع!.. وفوق كل هذه الماَسي والهموم الشعبية، أصر بوش علي أن يواصل معايشة شعبه داخل غرف النوم ليتنصت علي ما يدور فيها، بدعوي تمديد "قانون المواطن" المواطن الأسير!!
انها السنة السادسة في عمر رئاسة بوش.. وهي سنة نحس بالنسبة له ولكل اسلافه الذين تمتعوا بالحبس وراء جدران البيت الأبيض لفترتين رئاسيتين.. في تلك السنة حوكم بيل كلينتون بتهمة اليمين الكاذب.. وأجبر ريتشارد نيكسون علي الاستقالة من منصبه.. وواجه رونالد ريجان ودوايت ايزنهاور أسوأ فضائح الحكم! ويتميز بوش بسجية أخري فريدة يكشف عنها مارك ماكينن المستشار الاعلامي لحملاته الرئاسية: "هذا رئيس يتمتع بنموذج لا يحتذي، لكيفية تحدي الحكمة السائدة"!!
أعيا نفسه وأعيا شعبه.. وان بدا متأملا لورطته حين صارح الصحفيين الاسبوع الماضي..: "فكرت طويلا وعميقا في أحوال العام 2006" ثم عيي لم يزد بعد ذلك حرفا.. لحقه سكوت ماكيلان المتحدث الصحفي باسمه موضحا: "الخطة الاساسية للعام الجديد بسيطة: الاقتصاد.. والتقدم في مسألة العراق"!
أعتي مستشاريه والرجل الذي نظم حملته الانتخابية الأخيرة التي مدت عمره في الرئاسة.. كارل روف.. بادر لنجدته عندما دعا عددا من المحللين السياسيين وفقهاء علم السياسة إلي ندوة فكر في البيت الأبيض لعلهم يخرجون بأفكار تدعم خطة بوش للداخل المنهار.. إلا أن الندوة لم يتسرب عنها خبر واحد يشفي الغليل!
في الأفق السياسي الأمريكي غيم داكن، وأحداث متوقعة تخرج عن سيطرة البيت الأبيض.. التيار العلماني في العراق الذي أعاق تشكيل الحكومة بعد انتخابات ديسمبر الماضي ووضع وجه العراق الديموقراطي المصطنع أمام حائط مسدود! محاكمة لويس ليبي مدير مكتب ديك تشيني والتي قد تكشف مزيدا من الاسرار المدمرة لنائب الرئيس وكارل روف مستشار الرئيس الأثير! التحقيق الأخلاقي الخطير الذي تجريه وزارة العدل في قضية اليهودي جاك أبراموف ورشاه السخية للمسئولين وأعضاء الكونجرس والتي قد تطال رموزا مهمة من الادارة الأمريكية والحزب الجمهوري الحاكم! أعضاء الكونجرس بمجلسيه من الحزب الجمهوري الذين رفعوا راية العصيان علي الادارة وأصبحوا يتحدثون بصوت عال عن أوجه الاسراف في الانفاق الحكومي والعسكري وعجز الميزانية الذي يتضخم بمتوالية هندسية!
عالم السياسة توماس مان بمؤسسة بروكنجز يرفع راية الخطر في وجه بوش.. بكلماته: "هذا العام مشحون بالمتاعب والاخطار.. إنه أسوأ سنوات حكمه"!!
المؤخرة.. هي المشكلة!
في الربع الأخير من العام الماضي، بدأ مسئولو البيت الابيض سلسلة من الاجتماعات المكثفة لوضع تصور جديد لمهام الادارة الأمريكية في العام 2006.. جريدة (usatodoy) حصلت علي خريطة هذا التصور.. من معالمها الاساسية:
** البدء فورا: تجسيما لرؤية بوش بضرورة تسجيل ضربة نصر مبكرة في مطلع هذا العام، ثم الاتفاق علي التعجيل بتمرير ترشيح القاضي صمويل أليتو كرئيس للمحكمة العليا.. الاسبوع الماضي بدأت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ مناقشات التصديق علي الترشيح.. حتي الاَن يمتنع الشيوخ الديموقراطيون بالمجلس عن اتخاذ إجراءات واساليب لتعطيل التصديق (filibuster)! لكنهم ينشطون بهمة بالغة لعقد جلسات استماع مضادة لمد أجل تطبيق "قانون المواطن" الذي يسمح بالتنصت علي خلق الله دون إذن قضائي، وهو أمر يخالف أحكام القانون الاتحادي والدستور الأمريكي!
تم تخصيص ساعة زمن يلقي فيها الرئيس بوش خطاب "حالة الاتحاد" أمام انعقاد مشترك للكونجرس بمجلسيه.. وفي الخطاب قالوا مفاجاَت ترفع الهمة!
** سوق عكاظ الأمريكي: حلفاء أمريكا يتهمونها بالتقاعس عن الرد علي هجمات نقاد حرب العراق.. دان بارتليت خبير الاستراتيجية بالحزب الجمهوري يعلن: "سوف نرد بعدوانية أكبر، وبسرعة ومباشرة، علي كل من يهاجم شرعية حرب العراق".. إذاً هي سوق عكاظ أخري، علي الطريقة الأمريكية.