من الحياة زوجه تطلب الخلع..والدفء!! يكتبها: سيد الهادي لا أجد ونحن نلج معا الأيام الأولي من السنة الجديدة.. الا ان أدعو الله سبحانه وتعالي ان يجعل قادم أيامنا بركة وسرور.. ويزيح عنا الغم والهموم.. وتكون سنة تجديد في كل شئ.. نعاود فيها حساب انفسنا.. قبل ان نحاسب غيرنا.. ونتذكر قوله عز من قائل. .إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيرو ما بأنفسهم. وصدق الله العظيم.. ويبقي رغم كل شئ ان نقول الحمد لله رب العالمين.. فقد باتت هذه الزاوية من الحياة تمس نفوس الكثير من الناس.. وحدثني عنها الكثيرون.. وكتب لي بعضهم بعض حكاياتهم وصور معاناتهم.. منهم من ينشد الفضيحة.. ومنهم من يكتفي بالفضفضة عن نفسه بالكتابة. ومن بين هذه الحكايات الكثيرة.. إحترت.. وصدقوني.. في إختيار القصة التي أقصها عليكم هذه المرة.. ولكن واحدة منها.. شدتني.. وجعلتني في حيرة من أمري.. لا اعرف ان كان من حقي أن أعرضها عليكم لتشاركوا صاحبتها الرأي.. وتأخذ منكم المشورة.. وصك إبراء الذمة قبل أن تقف امام القضاء لطلب حقها في الإنفصال والحرية.. وبين عهد أخذته علي نفسي من سنين طويلة..ألا أغامر بقص حكاية بعض اطرافها لا يملكون الرد.. ولكن عذري ستر أشخاص حكاياتي لكم.. فلم يحدث طوال الثلاثين عاما التي ظللت أقص عليكم فيها حكايات الحياة.. أن هتكت ستر أحد أو كشفت شخصه للناس.. وصدقوني.. بدأت حيرتي منذ اللحظة الأولي التي اتصلت بي علي المحمول.. لا أعرف من أين حصلت علي رقمي.. وعندما سمعت نبرات صوتها.. وقصت علي طرفاً يسيراً من حكايتها..مع طلب وبالحاح أن اسمح لها بزيارة مكتبي.. لتستكمل رسم أبعاد الصورة كاملة.. وتقص في مواجهتي تفاصيل المآساة التي تعيشها مع اولادها وزوجها. وجاءتني.. وقصت حكايتها.. ومع حديثها لم أعد أدر ان كنت أقف في مقام التعاطف معها.. مع المرأة التي شاء لها قدرها أن تكون زوجة مع إيقاف التنفيذ.. وحقها في طلب الحرية.. والطلاق.. وبين إنكاري عليها أن تطلب حقها وتتخلي عن زوجها ,ووالد أطفالها في المحنة التي يمر بها ,والذي هو في حاجة اليها اكثر من أي وقت صبرت فيه عليه معه. وتحدثت.. وافاضت في الحديث.. وتعمدت أن تسكت فيه عن الخوض في الكثير.. فليس كل ما يلاقيه الانسان في الدنيا يمكن أن يحكي أو يوضح للآخرين وحتي ولو كانوا اقرب الأقربين. كما تقول - يبدو عليه أنه تجاوز هذا العمر بكثير. منها عرفت.. أنها نشأت وكبرت وسط أسرة متوسطة الحال في حي شعبي عريق.. مع خمسة أشقاء.. ثلاثة من الصبيان وبنتين.. وترتيبها الثاني بين الجميع.. لايكبرها سوي شقيقها البكر.. وبينهم كبرت.. ولم تفكر مثل صاحباتها وزميلاتها ممن هن في مثل عمرها في الحب.. ولم تستطع أن ترسم في منامها فارساً للأحلام تحلق معه في دنيا وردية يصبغها الخيال والوهم.. ولكنها تمنت في قرارة نفسها أن يجيئها أي رجل ليخلصها من العذاب الذي كانت تشعر به منذ أن فتحت عيناها علي الدنيا.. شجار دائم في البيت.. ودموع أمها لاتجف.. وصراع خفي بينها وبين امها لا تعرف له سبباً.. ولكن كل ما تعرفه أن أمها كانت تحاصرها بسياج من الممنوعات.. كل شئ تطلبه مرفوض وممنوع لاصداقة مع البنات.. ولا تسمح بالزيارات أواستقبال الزوار في البيت الذي أصبح سجنا , وسجانتها أمها.. وكل ذنبها كما كانت تقول أمها.. إنها حلوة.. ورغم إحكام الحصار تمكنت من مواصلة مشوارها في التعليم وحصلت علي الثانوية العامة بمجموع كبير.. وتمكنت ايضاً أن تفلت بخيالها وأحلامها وطموحاتها بعيداً عن اسوار سجن البيت. كان عمرها قد تجاوز الثامنة عشرة.. عند ما لاحت لها فرصة تحقيق الأمل الذي ظل طويلا يراودها.. عندما جاء من يخطبها.. زائر كان في زيارة لعمه المتزوج من جارة لهم.. وعلي الدرج رآها.. وتبعها بنظرة.. وبعد أقل من الساعة كان يطرق الباب يخطبها مع زوجة عمه.. جارتها.. وخلال شهر واحد تم كل شيء.. تزوجها.. واصبحت زوجته علي سنة الله ورسوله. سامحها الله - بقسوة فاقت قسوة أمي.. جعلت البيت تماماً مثل بيت أمي.. سجن كبير.. تغلق الهاتف حتي لا أتصل بأحد.. ولا حتي زوجي. ولكن.. واشهد الله كانت الايام التي يجيء فيها زوجي تنسيني هذا العذاب.. نخرج ونتنزه ونرتاد كل مكان.. كنت أحبه وكان هو الوحيد الذي اشعر معه بالأمن والاطمئنان.. وعلي هذا الحال عشت.. وحملت.. ووضعت أنثي جميلة.. ومع مجييء البنت تغير حال شقيقة زوجي.. وانقلب كل شيء لديها.. لأول مرة اشعر بالحب والحنان معها تولت اموري وأمور ابنتي.. كانت في شوق أن تشعر بالأمومة.. وكان مجيء ابنتي هو الذي فجر نبع الأمومة في قلبها.. شعرت انها جاءتها إبنتي لتكون ابنة لها.. ومن أجل ابنتي.. تحولت حياتها معي.. أعطتني من الحب ما جعلني في حيرة. لكن.. سبحان مغير الأحوال.. ويغمر وجهها حزن وانكسار يبدو غريباً عليها وتغيب عن وجهها الصبوح ابتسامتها.. وألمح بريق دمعة تتدحرج من عينيها.. وهي تقول.. وفي هذه الاثناء اكتشفت الحقيقة التي نجح زوجي في إخفائها عني طوال فترة زواجنا.. عرفت أن زوجي مدمن خمر وميسر.. وبعدها تحول إلي الزفت الأبيض الذي اسمه الهيروين.. كان زوجي يلعب في القمار بأي شيء.. حتي أنه في يوم من الايام راهن في القمار علي سيارته وخسرها.. وعاد سيراً علي قدميه. واكتشفت أيضاً.. وهذا هو الأهم.. أن زوجي فوق أنه مدمن ايضاً مريض.. مرضه ليس معديا.. ولكنه يعذب من حوله.. لايكتوي به وحده ولكن ينقل عذابه للآخرين.. كان مريضاً نفسياً.. وللأسف مازال حتي هذه اللحظة.. رغم كل سنوات عمري معه.. مريضاً يتعذب.. ويعذبني معه. تقول.. بحثت وتقصيت حتي عرفت سر مرضه.. فوراء مثل هذه الامراض عادة أسباب.. وحالته بدأت قبل أن يتزوج مني بسنوات.. عندما سافر لإستكمال دراسته في الخارج حيث غرق في حكاية حب مع زميلة له, لايزال حتي الآن طيفها يزور خياله كل ليلة فيهرب منه بالإنغماس في الخمر أو الإنكماش في وهم الهيروين. فتزيد صورتها تجسيداً في باله.. ست سنوات عاشها معها في أحلام الحب.. كثيراً ما قص علي سمعي دون أن يدري ما كان منها معه.. وكيف بنيا سوياً قصوراً وأوهاماً.. وعندما تقدم بطلب يدها رفضته.. وتزوجت غيره.. وعندما عاتبها.. عايرته أيامها بفقره.. فإنهار.. وظل الحب داخله جمراً لا تطفئه الأيام.. ولم ينسها حتي بعد أن تزوجني.. تزوجني فقط لأنه كان قد بلغ من العمر ما جعل الناس تظن به الظنون.. حتي التقي بي عندما جاء مع عمه لبيتنا.. فتزوجني.. ولكنه لم يحبني. تؤكد انه لم يحبني.. بل دائما يحب من رفضته.. حتي أنه أصر أن يسمي إبنته الكبري علي اسم من كانت محبوبته التي هجرته..لم أكن أدري ذلك إلا بعد أن اكتشفت مرضه.. وصارحني هو بنفسه بذلك متفاخراً بانه مازال متمسكا بعهد محبوبته.. وأنه لابد عائد اليها ليحققا معاً أحلامهما.. ومرت الايام.. والفوارق تزداد بينه وبيني.. حاولت قدر جهدي أن أهدمها وأن أنقذه من خياله المريض فلم أستطع.. وإزداد غرقه في الادمان.. ومرات عديدة دخل المستشفي للعلاج يخرج منها ليلتقي بأصدقائه..رفاق السوء.. الشلة التي يسهر معهم في العمل..يشاركهم مرة أخري الشم والحقن.. ويعودالي المصحة مرة أخري بعد عدة شهور... وكل مرة يؤكد عليه الأطباء بضرورة الابتعاد عن الأصدقاء... ولكنه لا يحفل بنصائحهم ليعود إليهم من جديد في نكسة أشد من سابقتها..وتحملته.. تحملت هذا العذاب سنوات طويلة. تواصل الحكي وتقول:حتي كان اليوم الذي خرج فيه زوجي من المستشفي.. سليماً مثل كل مرة. أقسم أمامي علي كتاب الله الا يعاود تعاطي المخدرات أو الخمور.. وإنه إن فعلها أكون محرمة عليه.. وبعد يومين فقط.. جاء الي المنزل يحمله بعض أصدقائه فاقد الوعي من كثرة ما عبأه في جوفه من خمر. وعندما أفاق.. عاتبته.. وذكرته بما أقسم عليه.. ويمين الطلاق.. ببرود نظر نحوي وقال إنه شرب الخمر خصيصاً لينفذ يمينه بالطلاق.. سألته لماذا.؟؟. أجابني هكذا.. وفي هذه اللحظة كما تقول صاحبة الحكاية تداعت كل سنوات عمري أمام عيني.. واجهت حجم التضحيات التي عشتها معه.. وسنوات الصبر عليه. وبكشف حساب.. أدركت إنني الخاسرة.. خسرت كل شئ.. ومنذ هذا اليوم إعتبرت نفسي مطلقة منه.. ولم يكن الامر غريباً علي.. فأنا مطلقة منه.. منذ سنوات بعيدة.. مرات قليلة ومعدودة هي التي شعرت فيها إنني فيها معه زوجة.. وطيلة العام وكل الأعوام مطلقة من روحه وقلبه.. فهو في غيبوبة مع طيف من غدرت به فترات فقره...حتي الأيام التي يقضيها في البيت.. يحرص ان ينام بعيدا عن فراشي.. تقول بعد مرور ثلاثة أشهر قررت الإنفصال عن زوجي بعد أن صارحني بطلاقي بشربه الخمر.. وبدأت إثبات طلاقي بعد إنتهاء فترة العدة.. والتي لا يجوز له بعدها أن يردني الا بعقد جديد..وطلبت إثبات هذا الطلاق.. رفض. لجأت لمحكمة الأحوال الشخصية.. وأمام القاضي فجر ما زلزل كياني.. أخبر القاضي انها ليست المرة الأولي التي يطلقني فيها.. فقد سبق ان طلقني دون أن يخبرني.. أي إنني عشت معه طوال سنين في الحرام.. قال هذا وهو يضحك حتي يكاد يستلقي علي قفاه.. أدرك القاضي ان زوجي مريض.. فرفض الأخذ بهذا الكلام أو الحكم به.. فهو غير مسئول عما يبدر منه.. ولا يستطيع ان يفصل في أقواله وهو في غير وعيه من تأثير حالته المرضية.. بعد ان قدم محاموه ما يثبت ذلك.. وهو ما جعل جهة عمله لا تسند اليه أي أشغال رغم مركزه الرفيع فيها. ليس هذا هو المهم.. هكذا تقول صاحبتنا.. لكن الأهم.. هو ما حدث هذه الايام بعد ان تدهورت حالة زوجي الصحية والنفسية.. فقد أصبح أسير وهم أنه ضحية مجموعة من الناس يريدون قتله.. وقتل أولاده.. وأنهم يتجسسون عليه ويقرأون أفكاره.. ويعرفون عنه كل شئ. وتفصل صاحبتنا الأحداث التي ترسم صورة المعاناة الحقيقية للإنسان الذي يحكم عليه قدره, ان يعايش انساناً مريضاً بعقله. كأي محارب في الدنيا - ان أستريح , وان أعود مثل اي إمرأة في العالم زوجة.. أليس من حقي ان أكون زوجة وأستريح.. وأشعر بالدفء؟!.. تسألني - وتسألكم معي - هذا السؤال... وان كنت لا أملك لها رداً.. فهي تنتظر مني ومنكم الرأي والمشورة قبل أن تلجأ للقضاة طلباً للخلع.. كوسيلة مضمونة للطلاق.. وقبل ان تتركني.. تضع بين يدي تقريراً طبياً يفيد ان زوجها يرقد حالياً.. ومنذ ما يزيد علي الشهر في مستشفي للعلاج من حالة متدهورة لمرض عقلي لازمه منذ سنوات طويلة.. ولا أجد ما أقوله لها... سوي لك كل الحق أن تستريحي وتكوني زوجة.. ولكن ألم تفكري.. في الأولاد..وردة فعلهم بعد الإنفصال؟؟