مصر تحاصر الحمى القلاعية |تطعيم الحيوانات ب 1.5 مليون جرعة منذ أواخر أكتوبر.. والمستهدف 8 ملايين    «الداخلية» تكشف حقيقة الادعاء بتزوير الانتخابات البرلمانية بالمنيا    أطعمة تزيد حدة نزلات البرد يجب تجنبها    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    الاتحاد الإفريقى: المؤسسة العسكرية هى الكيان الشرعى المتبقى فى السودان    كولومبيا توقع صفقة تاريخية لشراء مقاتلات سويدية من طراز «Gripen»    تريزيجيه: اتخذت قرار العودة للأهلي في قمة مستواي    سويسرا تكتسح السويد 4-1 في تصفيات كأس العالم 2026    البنك الأهلي يقود تحالف مصرفي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "Zag East" بقيمة مليار جنيه    الطفل عبدالله عبد الموجود يبدع فى تلاوة القرآن الكريم.. فيديو    أخلاق أهل القرآن.. متسابق فائز يواسى الخاسر بدولة التلاوة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    المتسابق محمد وفيق يحصل على أعلى الدرجات ببرنامج دولة التلاوة    الأمم المتحدة: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة إلى مساعدات    وزارة العمل تسلّم 36 عقد عمل لشباب مصريين للسفر إلى الأردن ضمن خطة فتح أسواق جديدة للعمالة    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    البرازيل: الرسوم الأمريكية على البن واللحوم والفواكه الاستوائية تبقى عند 40% رغم خفض ترامب لبعض الضرائب    الأهلي يكرر فوزه على سبورتنج ويتأهل لنهائي دور مرتبط السلة    أسامة ربيع: أكثر من 40 سفينة تعبر قناة السويس يوميًا    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية الوطنية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    برلماني: مهرجان الفسطاط نموذج حضاري جديد في قلب القاهرة    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    موعد مباراة تونس ضد النمسا في كأس العالم تحت 17 عام    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد السبت يكتبة‏:‏ أحمد البري
الليالي الحالكة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2010

أنا مهندس في الأربعين من عمري‏,‏ نشأت في أسرة بسيطة بإحدي قري الأقاليم لآبوين لم ينالا اي قدر من التعليم‏,‏ ومع ذلك يتميزان برجاحة العقل وحسن تصريف الامور‏..‏ أبي يبدأ يومه مبكرا في فلاحة قطعة الأرض. التي نملكها‏,‏ وأمي تنخرط في شغل البيت ومضت الحياة بنا علي ما يرام‏,‏ فتفوقت في دراستي وكنت أحصل علي المركز الأول دائما‏,‏حتي صرت حديث الناس في المنطقة التي نعيش فيها والقري المجاورة‏,‏ والتحقت بكلية الهندسة‏,‏ وواظبت علي تفوقي‏,‏ ولكن إنتابتني فجأة حالة إكتئاب شديدة‏,‏ صاحبها وسواس قهري أفسد علي حياتي‏,‏ فانزويت بعيدا عن الناس‏,‏ وخضعت لجلسات العلاج النفسي والأدوية المهدئة التي جعلتني أقضي اليوم كله نائما غير واع بما حولي‏.‏
ومع مرور الأيام زاد تعبي‏,‏ وكاد كل من حولي يفقدون الأمل في أن أعود كما كنت وحاولت جاهدا أن أتغلب علي هذه العقبة التي كنت مدركا تماما أنها ستقضي علي مستقبلي ولن أنسي أبدا دموع ابي وأمي وهي تنهمر حزنا علي ما وصلت إليه‏..‏ ولقد وقف الطبيب المعالج لي إلي جانبي واصر علي أن يظل إلي جواري حتي النهاية ولم يجد بدا من أن يخضعني لجلسات العلاج بالكهرباء كحل أخير ولن أستطيع أن أصف لكم مدي قسوة هذا العلاج‏,‏ لكني استسلمت تماما لأقداري قانعا بان الله سوف يزيح عني الغمة وقتما يشاء فأنا واع بكل شئ ومدرك أن ما اعانيه عارض سيزول بإذن الله‏.‏
وكان لمرضي تأثير علي دراستي فتراجع مستواي ورسبت في السنة الإعدادية‏,‏ ووجدتني ابتهل إلي الله وأدعوه أن يخلصني بما أنا فيه‏..‏وركزت جهدي في المذاكرة‏,‏ وأيقنت أن الأمور كلها بيده سبحانه وتعالي ووصلت إلي قناعة بأن ما قدره للإنسان سوف يراه‏,‏ وزادني ذلك أطمئنانا ويقينا بأنه عز وجل لن يخذلني‏..‏ وأعدت هذه السنة ونجحت‏,‏ وتحسنت حالتي النفسية قليلا‏,‏ ومع مواظبتي علي العلاج‏,‏ وبفضل الطبيب المعالج استعدت حيويتي‏,‏ وثقتي في نفسي‏,‏ وعدت إلي التفوق من جديد وتخرجت مهندسا‏,‏ واختلفت الدنيا تماما معي‏.‏
ونحن في غمرة الفرحة بتخرجي اقترحت علي والدتي تزويجي من احدي بنات العائلة فظروفنا المادية ميسورة والحمد لله ولا ينقصنا شئ فوافقتها وتركت لها مسألة الاختيار من بين من أعرفهن‏..‏لكن ماحدث لم يكن في الحسبان‏..‏ هل تتصور يا سيدي ما حدث ؟
لقد رفضني الجميع‏,‏ ولم يوافق أهل أي منهن علي ارتباطي بإبنتهم لأنني مريض نفسي‏,‏ ولست طبيعيا مثل كل الشباب‏,‏ وان من ستتزوجني لن تستمر معي طويلا‏.‏
فقلت لوالدتي‏..‏ دعي هذا الأمر لي‏,‏ وسوف أتزوج من ترضي بي بعد أن أتعرف عليها وجها لوجه وتعلم بكل ظروفي وطبيعة مرضي‏..‏ ومرت الأيام والتحقت بإحدي الشركات‏,‏ وتعرفت فيها علي زميلة لي شرحت لها تاريخي كله منذ ولادتي وحتي لحظة لقائي بها‏..‏ وإذا بها تقول لي تكفيك صراحتك‏..‏ أنا لن أجد من هو أفضل منك‏,‏ فتعال نبني حياتنا من جديد‏,‏ وسأكون لك الزوجة والطبيب وكل شئ‏..‏ وقتها لم تسعن الفرحة وسجدت لله أمامها شاكرا فضله الذي من علي بمثلها‏,‏ والذي شفاني من الكابوس الذي كان جاثما فوق صدري‏.‏
وتزوجنا‏,‏ وأقبلت علي العمل والحياة بحب وطمأنينة‏,‏ ونسيت الليالي الحالكة التي مررت بها‏,‏ وها أنا اكتب إليك لأنصح كل شاب بألا ييأس إذا صادفته عقبة‏,‏ أو ألم به مرض‏,‏ فكلها ابتلاءات من الله إذا صبر العبد عليها أثابه سبحانه وتعالي من فضله وكرمه‏,‏ وأزاح عنه الهم والحزن والكوابيس التي تهدد حياته‏,‏ فكونوا مع الله وثقوا تمام الثقة أن لنا ربا كريما فرجه قريب‏,‏ والحمد لله رب العالمين‏.‏
‏{{‏ إذا كان الصبر مرا فإن عاقبته حلوة‏..‏ فصبرك علي ما ابتليت به ويقينك في أن الله عز وجل سوف يشفيك هو الذي خفف آلامك‏,‏ ودفعك إلي أن تواصل مسيرتك بنجاح‏.‏
ويخطئ البعض حين يتصورون أن المريض النفسي فقد عقله أو أنه غير واع بتصرفاته ولذلك يخشون من تزويجه إبنتهم‏,‏ فهذا المرض مثل كل الأمراض يكتب الله سبحانه وتعالي الشفاء منه لمن يريد وحين يأذن‏..‏ والمهم دائما ان نأخذ بالأسباب بزيارة الطبيب النفسي الذي لايقل دوره بأي حال من الأحوال عن غيره من الاطباء في مختلف التخصصات الأخري‏.‏
وأرجو أن تكون قصتك عبرة وعظة لمن يستسلمون لعثرات الطريق‏,‏ فيراوحون مكانهم إنتظارا للنهاية‏,‏ فبالعزيمة والإرادة القوية تتحقق الأحلام وينال المرء ما يريده ويبتغيه‏..‏ أما الاستسلام فيزيد الأوجاع ويدفع بالإنسان إلي حافة الهاوية‏..‏
وأراك قد أدركت من تلقاء نفسك مقولة هنري فورد‏:‏ إن الفشل المؤقت هو مجرد فرصة لبداية ثانية اكثر ذكاءفرحت تذاكر دروسك من جديد بعد أن تعثرت في السنة الإعدادية بكلية الهندسة‏.‏ وبرغم قسوة الأدوية والعلاج بجلسات الكهرباء استطعت تحصيل دروسك ونجحت بفضل الله‏..‏ ولو تأمل من حولك من الأقارب والجيران قصة صمودك لما رفضوك زوجا لإحدي بناتهم فلو أنك مجنون أو غير عاقل علي حد تصورهم لما اجتزت هذه الدراسة الصعبة بنجاح كبير ولما وصلت إلي ما أنت فيه الآن‏.‏
وهذا هو أروع دروس قصتك‏,‏ وهو ما إستشفته زميلتك في العمل فوافقت علي الارتباط بك‏.‏ وهي علي يقين من أنها اتخذت القرار الصحيح‏,‏ فإسعد بحياتك يا سيدي‏,‏ وحول الليالي الحالكة التي مررت بها إلي ليال مضيئة كلها سعادة وسرور‏,‏ وواظب علي تعاطيك الأدوية في مواعيدها‏,‏ وزيارة الطبيب بإنتظام حتي تتعافي تماما‏..‏ وإنني أهدي قصتك لكل الناقمين علي الحياة ومحدودي النظرة الذين لا ينظرون إلي الدنيا ابعد من موضع أقدامهم‏,‏وأقول لهم الصبر مفتاح الفرج والأخذ بالاسباب طريق النجاة‏..‏ والاستعانة بالله هي الضمان الحقيقي للتغلب علي العقبات‏,‏ وشكرا لك‏,‏ والله المستعان‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.