اختلفت التعليقات علي نتائج الانتخابات بين مؤيد ومعارض ومرحب ومستنكر.. يعتمد كل تعليق علي موقف صاحبه.. وأين كان موقعه فأبناء الحزب الوطني معظمهم سعداء بما تحقق وبعضهم مع المستقلين والمعارضة علي النقيض من ذلك تماماً ولكل أسبابه. 1 لم يكن أداء الأحزاب عدا الوطني وسنعود إليه إيجابياً ولم تمارس الانتخابات وهي تدرك أن المواطن العادي لازال مرتبطاً بشخصية المرشح ولم يرتبط بعد بحزب، لذا واجهت صعوبة وهي تبحث عن من تطرحه لنيل ثقة المواطن حاملاً اسمها ومقدماً برامجها للمواطنين، حتي أن بعضها قبل ترشيح أسماء لم تكن يوماً من بين أعضائه إلا لحظة التقدم للانتخابات، وكأن الأحزاب باتت في موقف من يقدم رخصة باسمه لمن يريد ولكن كلاهما ليس شريكاً في فكر أو ممارسة مع استثناء بعض الأحزاب التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، والتي سيرد ذكرها في موضع آخر من هذا المقال. 2 يعود ضعف أداء تلك الأحزاب في المنافسة الانتخابية بالأساس لضعف الحزب ذاته القائم علي بنيان شكلي، فقد اكتفت للممارسة السياسية بالحصول علي موافقة لجنة الأحزاب وتأجير مقر وتشكيل هياكل تنظيمية عليا أو دنيا علي الورق فقط ولا أثر لها في الواقع، وعاشت نشوة الوجود والبريق الإعلامي من خلال صحفها التي قد تترك غيرها من القيادات السياسية يديرها وكأنه مشروع يدار من الباطن مع اكتفاء واحد أو اثنين من كل حزب غالباً رئيسه بالتواجد عبر منابر الفضائيات أو بعض الصحف المستقلة والقومية في المناسبات ولكننا لم نستشعر وجوداً لأي منها في الشارع من خلال مفهوم العمل العام الذي يعني في أبسط تعريفاته تقديم الخدمة للمواطن. 3 كثر الحديث عن صفقات عقدتها الأحزاب مع الحزب الوطني قبل بدء الانتخابات حتي قرأنا ذات يوم ما اعتبره صاحبه سبقا تفاصيل عن صفقة بين حزب الوفد والحزب الوطني ثم جاءت النتائج تشير لعدم وجود صفقات، ولكن المتابع قد يلحظ أن البعض يهاجم النتائج بمنطق أن اتفاقاً كان قد تم عقده ولم ينفذ ونري أن تناول أمر الصفقات السياسية بتلك النظرة الضيقة يحتاج لإعادة نظر من أصحابه فالممارسة العملية لا تمنع أبداً من التنسيق بين الأحزاب لإخلاء دائرة لحزب معين دون غيره لأننا وبعد ظهور النتائج في كل الدنيا نري الأحزاب بعد الانتخابات قد تلتقي بغرض تشكيل أغلبية تسمح بتشكيل الحكومة وهو تعاون بعد الانتخابات. 4 إن الانسحاب من الانتخابات في مرحلتها الثانية أو الإحجام عن التقدم لها مهما كانت الأسباب هو سلبية مؤكدة لأن الانتخابات تقدم فرصة عظيمة للالتقاء بالجماهير ومناسبة لا تتكرر إلا في مواعيدها المحددة قانوناً لعرض البرامج والأفكار بغية تحقيق مكاسب سياسية تراكمية تجني الأحزاب ثمارها.. إما علي الفور أو مستقبلا ولذا كانت مشاركة بعض الأحزاب خاصة في المرحلة الأولي وبعض المستقلين الجادين موضع ترحيب لما يؤدي لمنافسات حقة تنعكس بالإيجاب علي ساحة العمل السياسي، ومن هنا نري أن الانسحاب الذي أعلنه حزب الوفد والتزم به بعض أعضائه ولم يلتزم البعض الآخر لم يكن إيجابياً وكان الأجدي مواصلة الانتخابات في المرحلة الثانية دون التوقف. 5 قد يقول قائل إن الحكومة تدعم الحزب الوطني وتعوق الأحزاب الأخري عن الحركة وقد يكون ذلك صحيحاً في بعض الأحيان لكنها الممارسة السياسية التي تتطلب من تلك الأحزاب أن تمارس بلا خوف فهي تنظيمات شرعية تواجدت بموجب القانون. 6 أدار الحزب الوطني المعركة الانتخابية بشكل مختلف عن معاركه السابقة وحقق تقدماً في الممارسة داخل الحزب من خلال زيادة عمليات استطلاعات الرأي التي قام بها عدة مرات بين المواطنين، وكذلك القيادات المحلية علي مستوي قواعده في الوحدات الحزبية عبر فترات زمنية مختلفة، كما أجري لأول مرة انتخابات داخلية موسعة علي مستوي كل أعضائه إلي جانب إجراء الاختيارات عبر المجمعات الانتخابية مع تطبيق قاعدة فتح الدوائر لأكثر من مرشح من أعضائه في تكتيك انتخابي جديد يضمن إتمام التصويت لأي من أعضائه فلا يتيح الفرصة للمستقلين أو المعارضة بالحصول علي أصوات تخصه عند إجراء الانتخابات. لكن تنفيذ الحزب لإجراءات العملية الديمقراطية داخله لم تخل من بعض السلبيات، فقد كان الراغبون في الترشيح يعلمون أحياناً بموعد القيام باستطلاعات الرأي، كما مارست بعض القيادات الوسطي الانحياز لمرشح دون الآخر ومارست ضغوطاً في اتجاه التصويت لصالحه. 7 إن الكثير من المخالفات التي أشار إليها متابعو العملية الانتخابية يمكن التخلص منه نهائياًَ أو منعه ليصبح استثناءً نادراً بتنفيذ بعض الاجراءات التي كفلها القانون.. وأهمها: إتاحة الفرص لمندوبي المرشحين للتواجد داخل اللجان الفرعية، مع تمكين مراقبي المجتمع المدني من التواجد لمتابعة عمليات التصويت، كما أننا نقترح دراسة إتاحة الفرصة لوجود قاض مشرف علي كل لجنة ليكون قريباً من مواقع التصويت.