شعار تقرأه كثيراً علي لافتات الدعاية أو المطبوعات الخاصة بالمرشحين للانتخابات سواء كانت انتخابات المحليات أو انتخابات مجلس الشعب أو الشوري، بل قد يمتد استخدام الشعارات فيرفعه البعض خلال الانتخابات الخاصة ببعض النوادي أو النقابات أو حتي مراكز الشباب التي باتت مطمعا للراغبين في استخدام بطاقات التعريف التي تبدأ في العادة بكلمة عضو وتستكمل بمجلس إدارة جمعية أهلية أو مركز شباب أو نقابة أو ناد أو مجلس محلي ولتصبح بوابة العبور لأن تكون عضو مجلس نيابي. شعار لم تتغير كلماته منذ قرأته أول مرة في طفولتي ومراحل الصبا وحتي الآن وأنا أتقدم نحو منتصف العقد السادس، وتأملته أحياناً في الصغر بدون تركيز أو استيعاب كامل ووقفت أمامه كثيراً وأنا مهتم بالشأن العام لأقول لنفسي لو أن كل من رفع هذا الشعار كان مخلصاً وصادقاً فيما دونه من كلمات علي وسائل دعايته واعياً بها ويقصدها كما تعني حروفها ما شاهدنا وقابلنا وتابعنا حكاوي وقصص نواب القروض أو المخدرات أو نواب سميحة، أو نائب القمار والمحمول أو نواب قرارات العلاج علي نفقة الدولة أو حتي في أفضل الأحوال السلبية ما اصطلح علي تسميته بأبي الهول أي النواب الصامتون طوال عمر المجلس بالكامل لمدة خمس سنوات لم يتحدثوا بالمشاركة في المناقشات أبداً تحت القبة أو من خلال أعمال اللجان!! نكتب هذا ونحن نتابع استعدادات الراغبين في الترشح لانتخابات مجلس الشعب القادمة بعد أسابيع قليلة، حيث لابد وأن تطالع هذا الشعار في كل الدوائر يستخدمه البعض، ويقوله البعض الآخر. وحيث تتفحص المشتاقين للحصانة والراغبين في النيابة البرلمانية والمشاركين بصدق للمساهمة في العمل العام بغرض التعبير عن هموم المواطن وتقديم ما يحتاجه من خدمات عبر برامج قابلة للتنفيذ، والمتابعة تستطيع أن تفرز نماذج بعضها يدعو للعجب ويدفعك لضرورة التأني حتي تحسن الاختيار حتي لا تقع فريسة لاختيار نماذج متكررة تحمل نفس الجينات في كل الدوائر وهي في كل الأحوال لم تكن متسقة أبداً مع الشعار التاريخي، .من أجلكم رشحت نفسي.. أشهر نماذج .عبده مشتاق. وذلك الذي يظهر فجأة، وفي أحسن الأحوال قبل الانتخابات بفترة زمنية لا تتجاوز العامين متخماً بالأموال - وقد تسأل: من أين له هذا - التي يبدأ في إنفاقها بحثاً عن الظهور وتحقيق الشهرة وإحداث الجلبة والصوت العالي، لا بالإنفاق علي مشروعات مفيدة للدائرة وإنما بالتخصص بالاتصال بفئة معينة تخصصت في احتراف السمسرة الانتخابية والقيام بدور الراديو وخلق .صيت. للرجل علي قدر ما دفع ليتحول من شخص عادي، بل أحياناً أقل من العادي، إلي رجل أعمال - ولا تحاول أن تعرف أية أعمال - ورجل البر والإحسان باستخدام حاجة محدودي الدخل لشنط رمضان أو ما شابه وعليه أن يتزود بطقم بدل شيك وبعض من السيارات لزوم الوجاهة أثناء التجوال في الدائرة والانتقال من مقهي إلي آخر وتقديم واجب العزاء في أناس لا يعرفونه ولا يعرفهم والمشاركة في الأفراح وتقديم .النقطة.. ورغم أن تلك الأعمال ليست البرنامج الحق للنائب الذي ينبغي له أن يتواجد بين أبناء دائرته ويتقدم من بين صفوفهم إلا أنه لن يقدم تلك الأعمال ثانية نجح أم لا، لأنه يمارسها لزوم الشيء وعن غير قناعة. النموذج الآخر والمتكرر تجده حولك أيا كانت الدائرة في الحضر أو الريف يتقدم للترشح دون النظر للإمكانات الشخصية من علم ومعرفة وخبرة وقدرة علي القيام بدور النائب وإنما يتقدم لأن غيره ومن كان مثله تقدم ونجح فيما يسميه الخبراء والمهتمون من أبناء تلك الدوائر .نواب الصدفة.، مما يدفع هذا النموذج للقول ولم لا .هو فلان أحسن مني.. قدم يا راجل جت.. جت.. مجتش.. مجتش الدنيا مش هتخرب.. هذا النموذج العبثي لا يعرف قدر نفسه وحدود إمكاناته ويردد دون وعي في غير هذا الظرف .رحم الله امرأ عرف قدر نفسه. وحين يطاله الأمر فهو عن جهل يعرف قدر نفسه ويري فيها نائباً ممتازاً أو حين يحقق نتيجة فاشلة يمكن تسجيلها في موسوعة جينيس للأرقام القياسية للفشل نجده يردد مليون سبب للفشل. لكن الأغلب أن تجد من يتقدم للترشح وهو يعتقد اعتقاداً يصل إلي حد اليقين أن المسألة لقمة عيش وهو يسعي لها جاهداً من أجل أولاده كمن يسافر للخارج دون أن يعي الفرق بين من يسافر ويسعي للكسب الحلال وعبر قنوات شرعية وإلا كان مصيره الفشل والعودة بخفي حنين، أما هذا فيتقدم للترشح وباله مشغول بالمكاسب التي يمكن أن يفوز بها إن أصبح من أصحاب الحصانة عبر الاستيلاء علي ما ليس من حقه أو الحصول علي ما لا يستحقه وهو لا يقابل صعوبة نفسية في ذلك أو مرارة الإحساس. مثل هذه النماذج تتقدم رافعة شعار .من أجلكم رشحت نفسي. وهو شعار بريء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وإنما هو رشح نفسه من أجل نفسه لذا يصبح واجباً علينا أن ندقق النظر ونحن نتصدي لتلك المسئولية لنختار من نثق في حبه لهذا الوطن وصدقه في التعبير عن أبنائه وانشغاله بما يهمهم وكان أهلا لحمل تلك المسئولية. إن الاختيار شهادة وسيسأل كل منا عن شهادته أحق أراد أم باطلاً أراد.